18 Jul
18Jul


" ومما لايعقل ان هذه البلاد الغنية جدا في تقاليد الكتاب المقدس والتي هي ذات اهمية عظمى في ستراتيجيتها تترك بدون عمل انجيلي فعال ولان العمل فيها عظيما جدا يتطلب اكثر من طائفة واحدة للقيام به لهذا دعيت الكنائس المشيخية والمصلحة عبر البحار ليشكلا ارسالية متحدة للعمل داخل العراق. واستجابت لهذه الدعوة  الكنيسة المشيخية عام 1924 في الولايات المتحدة الامريكية والكنيسة الانجيلية والمصلحة والكنيسة المصلحة في الولايات المتحدة الامريكية الامريكية تودي الشهادة بواسطة الارسالية المتحدة في العراق والتي تالفت من عشرة اعضاء وكانت اقامتهم في بغداد والموصل وكركوك والحلة ودهوك" .

ولان دراسة التاريخ والثقافة البريطانية - الاميركية حول تشكيل الافكار في تاسيس دولة العراق الحديثة قد اختفت من المدارس ومناهج الثقافة العامة اليوم ونتيجة لذلك، فإن الكثير من القارئين لا يعلمون مدى الصلة العميقة بين البلدين حول هذا الموضوع والذي يعد من اكبر المواضيع من حيث الاهمية الاستراتيجية او التنسيق المشترك او من حيث بعده التاريخي او بعده الجيو- سياسي في العصر الحديث.

ان العالم الحديث بشكله الحالي هو من صناعة كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الامريكية - وهذا ما كتب في الميعاد - وان الولادة، والارتفاع، والانتصار، والدفاع، والنمو المستمر والتجدد في السلطة يجب ان تكون نحو الاتجاه الانجلو- امريكي على الرغم من الاستمرار في المعارضة والصراع. وانه يجب ان تسود ارادتهم على المستويات العسكرية والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، أولا مع المملكة المتحدة الرائدة، ثم مع الولايات المتحدة الامريكية بتولي تقدير طبيعة صياغة العالم وانها قد خلقت للتعامل مع هذه المشاكل .

ولوصف الانغلو- ساكسوني في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الامريكية نرى ان الوصف لا يشير الى التركيب العرقي ولكن الى ثقافة الانغلو - ساكسون والتي تختلف في  ذلك عن العالم اجمع وحتى عن بقية دول الغرب. " فالميعاد" يرى ان الثقافة الانغلو- ساكسونية ونجاحها في جميع أنحاء العالم كانت بسبب احتوائها على عناصر مختلفة والتي منها : ببطء تطور النظام السياسي الليبرالي وقابليتها للتوافقية، والتكيف، والابتكار؛ ومسامحة التقاليد الدينية البروتستانتية والتي اصبحت بما فيه الكفاية داعية لاستيعاب مختلف الطوائف الدينية الاخرى وقبولها الفصل بين الكنيسة والدولة مع الاحتفاظ بشعور ديني قوي.

وان النظام الراسمالي المشغول بالثروة المادية ليس في حد ذاتها فحسب وانما بسبب "الشغف" من اجل تحقيق النمو، ومن اجل الانجاز، ومن اجل التغيير. وكذلك الاستراتيجية التي اخترعتها  في البداية البحرية الهولندية في استخدمها كلا من حرية العمل التي قدمتها والوصول بسهولة الى بقية العالم للتلاعب بتوازن القوى. جعلت من هذه العناصر السالفة في حد ذاتها قد شكلت قوة من اجل التغيير. ودعمت وعززت الاشكال الاخرى من الديناميكية وازدهار الذات.

وخلال ألاربعة قرون الاخيرة من التاريخ، من اليزابيث واوليفر كرومويل ولوول مارت الى جورج دبليو بوش فقد ميز الانغلو-ساكسوني صاحب الحساب في الغنى والمثير للاعجاب على نطاق واسع الاطلاع ببعض الاشياء كاستخدامهم الالفاظ المشتركة ومن كرومويل الى رونالد ريغان امثال "الرب الحامي" وبنفس القدر بالنسبة للعمل والدافع للمشاريع المشتركة.

       من الاشياء الاخرى المثيرة والمتميزة في الثقافة الانغلو- ساكسونية انها تقلل من السمات المشتركة للبلدان الغربية في الوقت الذي تركز فيها على اعتراف الغرب بنصيبه في الميراث الاغريقي والروماني. كذلك الحال بالنسبة للتعليم والذي كان له سطوة  خلال قرون في المملكة المتحدة، فتعليم الطبقة الحاكمة البريطانية قد تألفت بصورة ساحقه من الدراسة بعلوم اللغات اليونانية واللاتينية والثقافة السامية واللغة العربية. كما انه يعطي اهتماما ضئيلا لاي بصمة ايجابية لها، ويركز على النواحي السلبية والمعقدة للحداثة والتنوير ومن قبل على الثورة الفرنسية على عقول المثقفين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الامريكية وألمانيا واوروبا ككل, والتأثير الضار الذي نتج بعد ذلك في تحديد معالم تاريخ العالم الحديث .

ان نقاط الضعف هذه لا يستهان بها امام ما تم من بناء للديمقراطيات الراسمالية الرئيسية المشكلة للعالم الحديث اليوم وتبين طريقة تعامل كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الامريكية مع النظام والسلوك الدولي، ومن دون اوهام او عاطفة. وازدهرت في السياسة التي اتبعت مصطلحات تطلق على دول بعينها والتي منها "الطمع والجبن والغطرسة والرضا والكسل، والاستقامة" لم تكن تستخدم في فنون السياسة من قبل وقابلها بعد وما نتج من اعمال تجاهها مارسها هذا الحلف الانغلو – ساكسوني باقل ما يقال عن اعمال ناتجة عنها بالحماقة والجريمة لتلك الاخطاء والجرائم التي ارتكبوها في العالم بشكل عام وفي منطقتنا والعراق بشكل خاص.

هذه القسوة كما يتضح في تعاملات البلدين مع بعضها البعض وفي علاقاتهما مع بقية العالم, فوقوف المملكة المتحدة والولايات المتحدة الامريكية الى جانب الحلفاء او شركائهم الاوربيين الاخرين كان يقومون به بشكل غير لائق تماما، وعلى اساس حسابات تحكمها فقط المصلحة الذاتية والمعروفة بالخطب الاعلامية بما تسمى "العلاقة الخاصة". فنجد مثلا ان العلاقة الخاصة تلك جمعت الولايات المتحدة وبريطانيا والتي تمثلت باكمل صورها في الحرب العالمية الثانية حينما كان البلدان على نحو اوثق من أي وقت مضى وقد جمعتهما انذاك الصداقة الشخصية بين فرانكلين روزفلت وتشرشل وعلى الرغم من الجهود العظيمة التي بذلتهما اطراف كثيرة في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا الا انه كان تفكيك الامبراطورية البريطانية هو الهدف الامريكي المهم اثناء ومباشرة وبعد الحرب.

ان عواقب انتصار الانجلو- سكسون في خلق النظام الراسمالي ليشمل العالم كله. ينظر اليه اساسا كانتصار ناتج عن تطبيق وجذب بعض المبادئ والقيم ولكن في هذه الحالة - حالة المنتصر وفقدان الذاكرة- ينظر بقية العالم الى النجاح والسلطة الانغلو- ساكسونية على انها استندت على نتائج "معارك طويلة ومريرة لرسم مستقبل العالم" وان الحضارات في العالم تعيش معا في حالة من الالفة لم يسبق لها مثيل بسبب هذا " المجتمع الليبرالي الرأسمالي" الذي يفرض افضلياته على بقية العالم. الا انه في كثير من المجتمعات في انحاء العالم ينظر الناس بمرارة واستياء الى هذا النظام الخطير الذي زعزعت به. اذ بعد فرض الالفة بالقوة، فان الولايات المتحدة الامريكية ستواجه ادارة نتائجها كاولوية مهمة بالنسبة لسياستها الخارجية للمستقبل المنظور.

هذه القوة بتطبيق تلك السياسة في منطقتنا العربية وفي العراق بشكل خاص سيرسم مستقبل العلاقة الاشمل بين الاسلام وبين الجماعات الاصولية البروتستانتية المتطرفة والتي تحمل تشابه لافتا لبعض الجماعات الاصلاح في المنطقة من حيث العودة الى المصادر الاصلية للايمان، والتنديد بالانحرافات والإسهاب والتاؤيل كمصادر اخرى للايمان.  فالبروتستانتية حركة الواقع وبعد فشلها المتكرر وبمرور الزمن اصبحت وستكون القوة الحاسمة في تطوير الليبرالية والديمقراطية الانجلو- امريكية في الأجلين المتوسط والطويل، وربما ان نفس عملية التكيف هذه قد تحدث في الحركات الاسلامية في منطقتنا ولعل التجربة الايرانية ومحاولة تجديدها وخلقها في العراق ولبنان ابرز دليل على هذه النظرة.

ولكن للتاريخ ربما سيكون له راي اخر اذا ما نظرنا اليه من زاوية اخرى في هذه العلاقة التي تريد رسما جديدا للعراق الحديث اذ لايمكن باي حال من الاحوال نسيان او تجاهل المشاعر الاسلامية بشكل عام خلال القرون الثلاثة الماضية وكيف عمل خلالها الغرب النصراني القوي على قتل الوحدة الاسلامية والمتمثلة بالخلافة الاسلامية العثمانية وواد كل محاولات النهوض المادي والعقلي وتدمير كل جهود التجديد الفكري والثقافي الشرقي الإسلامي.

ان وتيرة التغيير التي سادت على السياسة الانغلو – ساكسونية الجديدة تجاه منطقتنا ستكون اكبر وأسرع واكثر بكثير من تلك التي تحاول ان تتخذ مواقف اكثر وسطية واعتدالا فالمملكة المتحدة والولايات المتحدة الامريكية خلقت هذا العالم الحديث بمسببات عدة الا انه ينبغي على الولايات المتحدة اليوم ان تعتمد سياسة اخلاقية وان تكون استراتيجيتها واقعية، وعلى اساس من التفكير اللاهوتي الذي يجمع بين القلق الاخلاقي وقبول واقع السلطة والحصافة في ممارسته.

ان اعتماد الواقعية الاخلاقية في السياسة الخارجية، واعتماد نهج الفئات البروتستانتية الانجيلية الاميركية الطموح في "مستقبل السلام والازدهار للبشرية" لها جذور تاريخية تعود الى زمن فتح العثمانيين القسطنطينية عام 1453 حين عين السلطان محمد الثاني كينادوس بطريرك الارثوذكس اليونانيين وسيطا بينه وبين الرعايا المسيحيين واصبح مسئولا عنهم وعن دفع الجزية واخلاصهم للسلطان.

مع توالي الزمان اعترف الباب العالي بموجب فرمانات كان يصدرها بالطوائف الكاثوليكية والارثوذكس القائمة في دولته . لقد أتاح هذا النظام ونظام الامتيازات التي كانت تتمتع به فرنسا ودول أوربية أخرى فرصة للتدخل في شؤون الدولة العثمانية تارة بدافع سياسي وطورا بحجة حماية الاقليات غير الإسلامية واصبح لفرنسا الحق في إيفاد المرسلين الكاثوليك للتبشير بين مسيحي الدولة بينما انتهجت السلطات العثمانية سياسة عرقلة نشاط الإرساليات البروتستانتية ولكن بسبب مساندة الدول الأوربية الكبرى للدولة العثمانية في قهر محمد علي ، اخذت الدولة العثمانية تغمض عينيها عن النشاط البروتستانتي.

إذا كانت فرنسا قد دعمت الكنائس الشرقية الكاثوليكية وشجعت روسيا الكنائس الارثودكس فأن إنجلترا ليكون لها دور في التسابق الدولي رعت الطوائف البروتستانتية رعت المبشرين البروتستانت الوافدين من إنجلترا وأمريكا هذا وبجهود السفير البريطاني في اسطنبول ـ السر سترافورد كاننج ـ حصل البروتستانت المنشقون من الطائفة الأرمينية الغريغورية على الاستقلال عام 1849 وانضم إليهم فيما بعد البروتستانت السريان واليونان وكونوا الطائفة البروتستانتية " بروتستانت جماعتي " ثم حصلوا في عام 1850 بجهود ممثلي بريطانيا وبروسيا والولايات المتحدة الاميركية على الاعتراف الرسمي بالطائفة التي شملت أتباع جميع الكنائس البروتستانتية كالمشيخية والأسقفية والميثودستية والابرشانية.

في العقد الثالث من القرن التاسع عشر تجول في بلاد الشرق الأوسط مبشرون موفدون من جمعيات وهيئات بروتستانتية إنجليزية وأمريكية لدراسة أحوال السكان وتوزيع الكتاب المقدس والقيام بالوعظ ثم أخذت هذه المؤسسات تنشئ لها مراكز ومحطات رئيسية وفرعية في هذه المنطقة بهدف تحويل أبنائها إلى البروتستانتية ولتحقيق أهدافها استخدمت الوسائل التبشيرية التقليدية كافتتاح المدارس للبنين والبنات وإنشاء المكتبات والمستوصفات والمستشفيات وتشييد دور العبادة وغير ذلك من الفعاليات الدينية والثقافية .

ففي العراق كان هنالك مسيرة طويلة من العمل الانجيلي حيث بدأت الكنائس الحديثة والتي هي حصيلة حركة الاصلاح الانجيلي بالعمل في الداخل العراقي وكان اول من زار شمال العراق مرسلون من قبل المجمع الامريكي للمفوضين وكانوا مرتبطين بعملهم هذا في سوريا وتركيا وغربي ايران.

ففي عام 1833 أوفد مجلس الوكلاء الأمريكي للإرساليات الأجنبية المبشرين جوستن بركنز والدكتور اساهل جرانت مع زوجتيهما الى اورميا في غربي إيران حيث أسسا فيها محطة رئيسية ومنها امتد نشاط الإرسالية ليشمل جبال كردستان والموصل. فبدأ مجمع الارساليات الامريكي عمله في ارمي عام 1835. وقبل 1840 بدأ القس تشليز عمله في الموصل من الجمعية الارسالية المسيحية حيث كان ترجمانه انذاك السيد رسام المشهور والذي اصبح فيما بعد القنصل البريطاني في الموصل.

في 1841 تسلمت إرسالية المجلس الأمريكي محطة الموصل حين قابل د. جرانت المار شمعون مرات عديدة كما زار الموصل مع بركنز وبناء على توصيتهما افتتح المجلس الأمريكي محطة في الموصل في 1841, وفي عام 1842 وصل الموصل القس جورج برس بادجر ممثل رئيس أساقفة كانتربري ـ ومطران لندن للعمل بين النساطرة والكلدان وراح يبذل أقصى جهوده لجذب الكنيسة الاثورية الى الانكليكانية وأبعادها عن المنشقين الأمريكان والكنيسة الكاثوليكية وكذلك لأحداث انشقاق بين صفوف الكلدان الذين تحولوا الى الكنيسة الكاثوليكية إلا انه فشل في جميع محاولاته.

وبعد اربع سنوات زار د. جرانت الموصل وراى ماوصلت الية جهود التبشير فيها وفي نفس الوقت قررت الجمعية الارسالية المسيحية انسحابها من الموصل عام 1842. وحلت محلها إرسالية الكنيسة الأسقفية في الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت بإشراف القس هوراتيو ساوت كيت المقيم في استنبول ولفشلها في مهامها عاد المجلس الأمريكي ليؤسس في 1850 الإرسالية الاثورية التي شملت منطقة عملها ولايات الموصل وماردين وديار بكر وقد ظلت هذه الإرسالية التركية الشرقية وبذلك أصبحت الموصل " محطة بالاسم والزيارة " وخلت من مبشرين مقيمين يزورها مبشرون متواجدون في المنطقة بين حين وآخر.

أما الأسباب التي عرقلت مساعي المبشرين البروتستانت فعديدة منها ان فرمان صدر عام 1850 وقضى باعتراف الدولة العثمانية بالطائفة البروتستانتية اعترافا رسميا الا إن أهالي الموصل لم يستفدوا منه إذ استمرت الطوائف التي كان البروتستانت ينتمون إليها سابقا تقاومهم بحرمانهم من الكنيسة وتفرض عليهم جزية باهظة الى ان صدر فرمان 1854 الموجه الى باشا الموصل والقاضي بوجوب حماية البروتستانت كما ان أقارب المتحولين إلى البروتستانتية وأصدقائهم كانوا يقاطعونهم اجتماعيا وكذلك كانت الخلافات بين أبناء الطائفة البروتستانتية حافزاً الى عودتهم الى كنائسهم السابقة كما كانت مثبطة لعزائم الراغبين في الانتماء الى البروتستانتية .

واستمرت منطقة الموصل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر مسرحا لصراع البعثات التبشيرية البروتستانتية وتعرضت محطة الموصل الى انتقالها من إرسالية الى أخرى في فترات زمنية قصيرة اذ إن الموصل كانت تعد اول مدينة وجد فيها العمل الانجيلي فيها تربة خصبة للعمل حيث جعل المرسلون الاولون قاعدة لهم لتادية الرسالة المسيحية وتوطد العمل الانجيلي فيها ووضعوا اول نظام للكنيسة الوطنية عام 1851.

ولا تزال اقدم كنيسة بروتستانتية موجودة في العراق هي كنيسة الموصل فمنذ 1840 اقام فيها البروتستانت مكانا للعبادة ولذلك اعتبروها عام تأسيس الكنيسة في العراق ولكن انتظام الكنيسة لم يتم الا بعد ان انتمى الى الكنيسة تسعة أشخاص في 3 / 11/ 1851 وبدأ المبشرون بتدوين أسماء أبناء الطائفة وتواريخ ولادتهم و زواجهم و وفاتهم في سجل يدلنا على ان نمو الكنيسة كان نموا بطيئا فبعد خمس سنوات أصبحت الكنيسة تتألف من (12) عضوا و (57) نفسا هذا ولم يكن عدد أعضاء الكنيسة في ازدياد مطرد بل كان متذبذبا بين ارتفاع وانخفاض وان عددهم حتى عام 1896 لم يزد على (60) شخصا معظمهم من السريان الارثوذكس والكلدان . وان الدوافع التي حملت هؤلاء الأشخاص الى التحول الى البروتستانتية متنوعة فمنهم من فضل معتقداتهم على معتقدات كنائسهم السابقة ومنهم من غضب على رجال الدين التابعين لكنائسهم السابقة ومنهم من ركض وراء الاغراءات الشخصية والمادية وغير ذلك من الأسباب الشخصية.

وقد بذلت عائلتا مكدويل وانسلي محاولة جديدة في اواخر القرن التاسع عشر ليقيموا في الموصل ولكن وبسبب المقاومة المحلية التي اخذت تبدو على شكل كبير من التنظيم والتهيئة ضد اي عمل تبشيري انجيلي في الموصل فكر المجمع الارسالي الامريكي بانه من الافضل تحويل قاعدتهم من الموصل إلى جبال الاكراد في ارمي.

حينها شرعت الإرساليات التبشيرية بتأسيس دور العبادة والمدارس وغيرها من المشاريع كانت تقوم بإدارتها وبالصرف عليها وبتقديم المنح للبروتستانت المعوزين ولكن بعد الاعتراف بالبروتستانت كطائفة في الموصل صدرت فرمانات بتعيين الوكيل المالي ورئيس لإدارة الطائفة وكثيرا ما كانت الإرساليات تساهم بدفع رواتب لمثل هؤلاء الأشخاص وتقدم المساعدات المالية لبناء دور العبادة ومشاريع الطائفة فمثلا قدمت إرسالية المجلس الأمريكي مساعدات قيمة لبناء الكنيسة المعروفة بأسم " مار سماق " وملاحقها في الموصل.

وظل هذا الوضع قائما حتى عام 1892 حينما تسلم مجلس الكنيسة المشيخية في الولايات الأمريكية إدارة المحطة وذلك لغاية عام 1898 ويجدر بنا هنا أن نشير الى ان منطقة نشاط الإرساليات البروتستانتية الوارد ذكرها كانت محصورة بالمنطقة الشمالية من العراق وما جاورها ولا تشمل المنطقتين الوسطى و الجنوبية .

اذ كانت في بغداد الارساليات اليسوعية السبتية وشهود يهوة وتعمل بنشاط في بعض المناطق المحيطة ببغداد وفي داخلها ايضا. حيث ساعدت هذه الارساليات بالاعمال الخيرية إلى جانب عملها التبشيري والذي كان ممزوجا بالتاكيد بالنشاط الطبي والتعليمي. فالى أواخر القرن التاسع عشر كانت الإرساليات العاملة في المنطقة الشمالية أمريكية تتبع النظام المشيخي بينما الإرساليات التي وفدت الى بغداد كانت من إنجلترا تتبع الكنيسة الانكليكانية .

ابتدأ العمل الإنجيلي في بغداد في نهاية 1829 بوصول المبشر الذائع الصيت " انتوني غروفز "وهو من جماعة الاخوة البليموتيين. وحقق هذا المبشر بعض النجاح إذ افتتح مدرسة لأبناء الأرمن وبناتهم وباشر بعلاج أمراض الأسنان والعيون دون أن يلاقي مقاومة من السلطات الرسمية ولكن سرعان ما ساءت الامور من حوله اذ تفشى مرض الطاعون في 1831 بشكل مروع لم يسبق له مثيل وقضى على ثلثي سكان بغداد بما فيهم زوجة غروفز وابنه وعدد من منتسبين الإرسالية بحيث اضطر بعد فترة قصيرة الى غلق الإرسالية ومغادرة بغداد

خلت بغداد من المبشرين البروتستانت حتى عام 1844 حينما وصلها أحد المبشرين الموفدين من جمعية لندن لنشر المسيحية بين اليهود هذا ولم يقتصر نشاط هذه الجمعية على بغداد بل امتد ليشمل المدن التي كان يسكنها اليهود مثل الحلة والبصرة والموصل . وافتتحت هذه الجمعية معهدا في بغداد لتلقين اليهود مبادئ الديانة المسيحية البروتستانتية أنشأت مكتبة و مطبعة ومصلى ولكن بالرغم من العمل المتواصل لمدة تزيد على عشرين عاما فان عدد اليهود الذين تم تحويلهم إلى البروتستانتية لم يتجاوز عدد أصابع اليد .

لكن نواة الكنيسة الانجيلية في بغداد تكونت بفضل استعانة المرسلون ببعض افراد الطائفة في الموصل ومن هؤلاء تكونت هذه الكنيسة حيث كانوا يمارسون نشاطهم في حقول التبشير إلى جانب التعليم والتطبيب وهكذا فتحت جمعية الارسالية الكنسية  C M S  في اواخر القرن التاسع عشر كنيسة بغداد الانجيلية. فالنازحون إليها من الموصل وماردين وسعرت وديار بكر شكلوا مع العوائل الأرمينية الساكنة فيها نواة كنيسة بغداد البروتستانتية وكان يرعاها القسس الإنجليز أو نوابهم الوطنيون ويقيمون الخدمة الدينية وفقا للطقس الأسقفي في مجمع الإرسالية. لقد عززت هذه الإرسالية موقف البروتستانت في الموصل وبغداد باستقدام معلمين من ماردين لخدمة الكنيسة والمدارس وأيتام الى ميتم الإرسالية في الموصل .

في عام 1883 بدأت الجمعية الإرسالية الكنسية عملها في بغداد وبعد مضي خمس سنوات أسست " الإرسالية العربية التركية التي بالإضافة الى بغداد، تسلمت الموصل من الإرسالية المشيخية وقد واصلت نشاطها الى أن أبعدت السلطات الحكومية منتسبي هذه الإرسالية الى خارج القطر لنشوب الحرب العالمية الاولى واشتراك الدولة العثمانية بالحرب ضد الحلفاء. وكانت قد أنشأت هذه الإرسالية مشاريع متعددة في مناطق عملها ففي بغداد افتتحت مدرسة مدة الدراسة فيها أربع سنوات عرفت بـ " المكتب البروتستانتي " وكانت تدرس فيها العربية والإنجليزية والتركية والعلوم العامة وكانت هيئتها التعليمية تضم نخبة من حملة الأقلام ومعلمين قديرين ومبشرين أفاضل .

وقد تخرج فيها طلاب تسنى لهم مواصلة الدراسات العليا واصبحوا أطباء أو صيادلة أو تقلدوا مناصب مرموقة في الدولة. وبلغ عدد طلابها عند غلقها في 1915 (120) طالباً اغلبهم من أبناء الجالية البروتستانتية والباقي من الطوائف والأديان الأخرى .

       وافتتحت الإرسالية مدرسة ابتدائية للبنات في بغداد كما افتتحت مدرسة للبنين وأخرى للبنات في الموصل وأنشأت مكتبة لبيع الكتب المقدسة في الموصل علما بأن في بغداد كانت المكتبة تملكها جمعية الكتاب المقدس أما نشاط الإرسالية في حقل الطب فمنذ 1886 افتتحت عيادة خارجية طورتها الى مستشفى صغير اصبح في 1915 يضم 33 سريرا وعيادة خارجية. ولقد كان في نية الإرسالية بناء مستشفى صغير اصبح في1915 يضم 32 سريرا وعيادة خارجية. كذلك كان في نية الإرسالية بناء مستشفى واسع وحديث الا انه نشوء الحرب العالمية الأولى اوقف المشروع . وعلى غرار هذا المستشفى افتتحت الإرسالية في الموصل مستشفى ذات 24 سريرا خدم فيه أطباء وصيادلة وممرضات عراقيون بالإضافة إلى الأجانب .

وزيادة إلى نشاطهم التبشيري السابق ذكره فقد أولت هذه الإرسالية التعليم اهتمامها البالغ. فبعد إن أسس الدكتور ستاوت 1924 مدرسة تضم ستة صفوف ابتدائية وخمسة صفوف ثانوية اضيف اليها فيما بعد قسم داخلي نالت هذه المدرسة شهرة واسعة واعتبرت من أرقى مدارس عصرها حتى أن الجامعات الأمريكية في أمريكا أو في الشرق الأوسط اعترفت بشهاداتها وقبلت خريجيها في الدراسات العليا إليها ولكن لظروف طارئة اضطرت إلى غلق أبوابها في 1949.

 أما مدرسة البنات فقد تم افتتاحها في 1925 وعهدت ادارتها إلى السيدة تومس التي ظلت في منصبها ثمانية عشر عام طورت خلالها المدرسة من ابتدائية إلى متوسطة إلى إعدادية الفرع الأدبي وفي عهد خليفاتها انتقلت المدرسة إلى بناية حديثة في المنصور أضيفت إليها دراسة الفرع العلمي.

    اما بالنسبة إلى الفرائض الدينية فان الجالية البروتستانتية في بغداد كانت تؤدي بعد الحرب العالمية الأولى في كنيسة سانت جورج الانكليكانية في الباب الشرقي ولكن بعد أن تسلمت الإرسالية المتحدة في العراق حقل بغداد أخذت هذه الجالية تصلي مع المرسلين الأمريكان أما في دور سكناهم أو في جمعية الشبان المسيحيين إلى أن تسنى لهم بمساعدة هذه الإرسالية بناء كنيسة لهم في السنك في 1930 وكان يرأس الصلاة أما أحد القسس الأمريكان أو أحد شيوخ الطائفة. هذا وبعد تهديم كنيسة السنك لغرض تنظيم شوارع المنطقة، أهدت الحكومة العراقية أرضا واسعة في بارك السعدون شيدت عليها الطائفة كنيسة واسعة ومرافق اخرى وقد تم افتتاحها في 1954 وتسلم شؤون الطائفة الدينية القس المصري حليم توفيق جيد إلى 1995 وذلك بإشراف مجلس الطائفة المنتخب

      في المنطقة الجنوبية للعراق والتي فيها انفردت بالتبشير البروتستانتي، الإرسالية العربية المؤسسة في ولاية نيوجرسي الأمريكية ، فمنذ 1891 أسست محطة في البصرة ومنها انطلقت إلى مدن أخرى. وفي السنوات اللاحقة افتتحت محطة في العمارة وأخرى في الناصرية كما امتد نشاطها ليشمل البحرين والكويت ومطرح ومسقط وقطر وقد ظلت هذه الإرسالية عاملة في جنوبي العراق حتى عام 1962.

ولم تكن مهمة المرسلين في أول عهدهم سهلة الاداء إذ لاقوا معارضة شديدة من الآهلين ومقاومة عنيفة ومن قبل السلطات التركية ولكن بعد نجاح الاتحاديين في الاستيلاء على الحكم في 1908 تحسنت أوضاعهم ولذا اخذ عددهم يزداد ونشاطاتهم تتنامى في المجالات المختلفة وفيما يلي موجزها :

1. دور العبادة : حتى عام 1913 كان المرسلون يقومون بالفرائض الدينية أما في منازلهم أو في إحدى مؤسساتهم إلا أنهم شيدوا في تلك العام كنيسة صغيرة على أرض الإرسالية التي امتلكوها. وفي 1945 أقاموا كنيسة صغيرة أيضا في مدينة العمارة ظلت قائمة حتى 1959 .

2. بعد أن قدم بعض المرسلين الخدمات الطبية البسيطة أنشاؤا في 1911 مستشفى لنسنج التذكاري ولكن بعد اندلاع الحرب العالمية الاولى واحتلال بريطانيا للبصرة والعمارة توجه المرسلون للعناية بالجنود البريطانيين الى ان وضعت الحرب اوزارها.

وبعد البصرة في الجنوب العراقي افتتح المرسلون المصلحة في امريكيا عام 1889 كنيستين واحدة في البصرة وواحدة في البحرين امتد العمل إلى العمارة والكويت وتمركز العمل في البصرة والكويت والعمارة والبحرين ومسقط , حيث افتتحت ثلاث كنائس في مسقط – عمان عام 1887 واسس زويمر عام 1910 اول مستشفى في الكويت , وفي عام 1931 بنيت اول كنيسة مسيحية في الكويت ولم يكن فيها اي مسيحي واحد .

اما في البصرة  فكان عدد النفوس المسيحية التي اعتنقت المذهب الانجيلي عام 1931 يبلغ عددهم حوالي 350-340 واكثرهم مهاجرون من ديار بكر وماردين والبلدان العربية الاخرى وبنيت لهم كنيسة عظيمة لهم عام 1931؟.

لقد ازدهرت الطائفة البروتستانتية في العراق في مستهل القرن العشرين وأخذت لا سيما بعد أن نزحت إليه عائلات بروتستانتية من ماردين والمناطق المجاورة لها كما نزحت إليه عائلات اثورية وارمنية حلت في مخيمات اللاجئين في بعقوبة

كانت كنيسة الموصل كما سبق وان ذكرنا تتبع الطقس المشيخي ولكن بعد أن تسلمت الجمعية الإرسالية شؤونها أصرت على إتباع الطقس الأسقفي وبما ان راعي الكنيسة رفض ذلك وعينت أحد البروتستانت الوطنيين ليقوم بالخدمة الدينية والإشراف على شؤون الطائفة الرسمية والمكتبة ثم عهدت هذه المهمة الى المس مارتن التي اضطلعت بها الى أن غادرت العراق بسبب نشوء الحرب العالمية الأولى .

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى واحتلال العراق من قبل الإنجليز ونشوب ثورة العشرين قررت الكنيسة الانكليكانية عدم استئناف نشاطها في العراق لئلا تتعرض مؤسساتها الى الفشل بسبب تنامي الشعور الوطني المعادي لبريطانيا .

وفي عام 1922 شعرت "جمعية الارسالية المسيحية الأمريكية" بانها مضطرة ايضا إلى الانسحاب مرة اخرى وهكذا بقي العمل الارسالي الانجليكاني في العراق إلى ارسالتين هما "الارسالية العربية للكنيسة المصلحة في امريكيا" في البصرة والتي بدات نشاطها قبل عام 1900 وامتدت إلى العمارة عام 1910 وفي الخليج العربي والارسالية المتحدة التي تقرر في نيويورك في 1923 تأسيسها باسم " الإرسالية المتحدة فيما بين النهرين" التي عرفت فيما بعد بـ " الإرسالية المتحدة في العراق " والتي تعمل لحساب الكنيسة الارسالية اللوثرية الشرقية والتي تعتبر المسؤلة عن العمل التبشيري الانجيلي في شمال ووسط العراق حيث لديها مقرات في شقلاوة واربيل. وتشكلت لجنة فعالة للتعاون بين الارسالية المتحدة والارسالية العربية واتفقتا على تبادل وتدارك الامور والبرامج المشتركة وتوثيق الوحدة الروحية بين هذه الكنائس.

لقد شهدت الإرسالية خلال عملها في العراق أحداثا اقتصادية وسياسية جساما وتغييرات اجتماعية وثقافية على الصعيدين العالمي والوطني آثرت على خططها وفعالياتها منها الأزمات الاقتصادية والكساد العالمي في الولايات المتحدة الأمريكية في (1929 ـ 1933 ) التي أدت الى انخفاض المساعدات المالية التي كانت تتلقاها لتنفيذ برامجها ومخططاتها. فقد ادى الدور التخريبي والفتنة التي كانت للارساليات البروتستانت دور كبير في قيام ثورة وعصيان بعض الاثورريين في شمال العراق عام 1933 وفشلها قد وضع أعضاء الإرسالية في موقف حرج.

وبعد تنامي الشعور القومي بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية وقيام ثورات مايس 1941 و14 تموز 1958 و17 ـ 30 تموز 1968 اصبح هناك فتورا في شعور العراقيين تجاه المرسلين, لا بل تولد بعد ذلك رايا معاديا لتلك البعثات التبشيرية, فالإرسالية المتحدة في العراق والتي تاسست في  مطلع القرن العشرين تغير اسمها  بعد ثورة 14 تموز 1958 إلى اسم " الزمالة العراقية " هذا وقد أسس أعضاء الإرسالية تنفيذا لمتطلبات القوانين العراقية " الجمعية الخيرية الأمريكية في شمال العراق " وكان هدف الإرسالية التبشير بين سكان المنطقتين الشمالية والوسطى.

وافتتحت الإرسالية محطة في كل من بغداد والموصل ثم امتد نشاطها الى كل من كركوك ودهوك وبعشيقة واربيل والحلة وبعد ان انسحبت الإرسالية العربية التي سيأتي ذكرها من جنوبي العراق تسلمت الإرسالية المتحدة أعمالها من 1/ 1/ 1962 وأصبحت مسئولة عن العمل الإنجيلي في العراق بأجمعه الى أن أغلقتها الحكومة العراقية في 1969 في اوائل قرارات ثورة تموز باغلاق كافة الهيئات والنشاطات التبشيرية في العراق.

وكذلك الحال كان بالنسبة إلى مدرسة البنات التي تم افتتاحها من قبل الجمعية الإرسالية الكنسية في 1925 وعهدت ادارتها إلى السيدة تومس التي ظلت في منصبها ثمانية عشر عام طورت خلالها المدرسة من ابتدائية إلى متوسطة إلى إعدادية الفرع الأدبي وفي عهد خليفاتها انتقلت المدرسة إلى بناية حديثة في المنصور أضيفت إليها دراسة الفرع العلمي إلا أنه في عام 1968 تم تعريقها. واصبح في العراق ثلاث طوائف بروتستانتية إنجيلية معترف بها وهي :

1. الطائفة البروتستانتية الإنجيلية الوطنية

  2. الطائفة الإنجيلية البروتستانتية الاثورية

3. طائفة الادفنتست السبتيين

ولقد أوفدت الإرساليات خلال اعمالها في العراق اكثر من مائة مرسل ونيف توزعوا على مراكز نشاطاتها وقدموا خدمات ثقافية وطبية وإنسانية كما قدموا المساعدات القيمة الى الكنائس الإنجيلية في العراق إلى أن استقلت هذه الكنائس إداريا وماليا .

ففي الموصل افتتحت الإرسالية روضة ومدرسة ودار ضيافة للبنات وبعد أن شيدت بناية حديثة خصصت لمدرسة الفنون البيتية وقد ساعدت هذه الارساليات من خلال توزيعها الالات الزراعية في الحلة وبعشيقة والموصل وعمل المرسلون وزملاؤهم من العراقيين بكل هدوء على نشر الانجيل عن طريق صفوف الدرس الكتاب المقدس والعمل الشخصي وفي مخازن الكتب وغرف المطالعة في كل مركز من مراكز عملهم.

حيث ساعدت المدارس التي ارسلتها الارساليات على ترويج العمل الانجيلي بصورة فعالة فكما ذكرنا سابقا فتحت مدرسة للبنات في الموصل عام 1922 والصبيان في بغداد عام 1924 والبنات في بغداد عام 1924 وهي تحوي عام 1960 على 250 طالبة اتين من المجتمعات المسيحية والاسلامية واليهودية وتجاوز عمل الارساليات إلى الشباب وانعقدت صفوف ومؤتمرات ومخيمات للشباب وكانت ترجوا هذه المنظمات بانضمام الالوف من الشباب في العراق وإن يروا عملهم إن يحقق كل نتيجة ممكنة لخدمة العمل الانجيلي في العراق .

غير إن الكنيسة في العراق كانت بامس الحاجة إلى زعامة مسيحية وطنية مدربة ترعى الكنيسة الانجيلية ففي بغداد كان هنالك قس مصري وفي كركوك هناك فقط قس وطني واحد. لكنه بعد ذلك شُكلت هيئة مشتركة من الوطنيين لإدارة المنبر وشؤون الطائفة والقيام بالفرائض الدينية ولكن بعد أن أخذ الآهلون يهجرون الموصل لاسيما بعد ثورة الشواف اذ تضاءل عدد البروتستانت في الموصل أغلقت الكنيسة أبوابها بينما في كركوك ازدادت عوائلهم وانتعشت الكنيسة في العقد الثامن من هذا القرن وفي بعشيقة حققت الإرسالية نجاحا طفيفاً باشرافها على أعمال الإرسالية الدانماركية إلى الشرق وتحويل بعض اليزيديين إلى البروتستانتية وافتتحت محطة لتدريب القرويين والمزارعين على أساليب الزراعة الحديثة .

وفي اربيل عملت الإرسالية اللوثرية الشرقية ومن العراقيين الذين خدموا فيها القس صادق شامي (1942 ـ 1977) وهو من اصل يزيدي وبعد انفكاكه من الإرسالية واصل عمله الكنسي بصفته الشخصية.

وفي عام 1954 عقدت الكنائس الانجيلية في العراق مؤتمرا يمثل ثلاث عشر كنيسة جمعت بين هيئات دينية وانجيلية متنوعة وخاصة بين اعضاء من الكنائس القديمة ومن عرب متنصرين وخرج هذا المؤتمر بمقترحات مهمة جعلته بداية لتاسيس كنيسة متحدة انجيلية بين سكان العراق. وفي عام 1956 صوت مجمع الارساليات العالمي للكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة الأمريكية بالاشتراك في عمل هذه الارسالية وجاء اتحاد الكنيسة المشيخية المتحدة والكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة الأمريكية بعضو جديد اليهم وهو العراق.

غير إن النجاح الحقيقي للعمل الانجيلي في بلاد ما بين النهرين كان في الكويت فبالرغم انه لم يكن هنالك انجيلي أو مسيحي واحد في بداية القرن العشرين نجد إن هناك المئات من العائلات الكويتية المسيحية بينهم عدد من الانجيليين غير قليل.

  واما شيخ الامارة فهو صديق حميم للمرسلين الانجيليين ويقدر خدماتهم العظيمة عاليا لانهم " ادخلو نور المعرفة إلى بلادهم حين كانت في ظلام دامس" وتقوم الكنيسة بخدمة المسيحيين الذين يعملون في منطقة البترول وهذا القطر – اي الكويت – هو الجنة بالنسبة إلى باقي الدول العربية بالنسبة إلى العمل الانجيلي والجالية المسيحية هناك هي اقوى جالية[1].

     

Copyright © 2006 . All rights reserved to N A S R , Nothing in this publication may be reproduced without the permission of the publisher

 
  
 


[1] EVANGELICAL WORK IN ARAB EAST, the christian writers fellowship, book no; V .Beirut.1960. 

   

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.