15 Jul
15Jul

                         

المدرسة الأمريكية للابحاث الشرقية  ودورها في العراق


      لا يمكن لاحد أن ينكر أن الدين هو العنصر الرئيس في تشكيل الشخصية والثقافة ، وهو روح الحضارة ، وإن الحضارة هي شكل للدين[1] . وقد وصفت المحكمة العليا في الولايات المتحدة نظرتها الضمنية للمفهوم الديني في الحضارة الأمريكية ,على أن المجتمع المدني يجب ان يكون  (حيادي بشكل مأمون ) ليمنع خلق قانون ديني يحكم البلاد أو يمنع من ممارسته إلا انه يحافظ على عقيدة الأمريكيين الذين يريدون أن يكونوا متدينين  أو ان يفكروا بأنفسهم كاملة ( تحت رعاية الرب ) 

 

       والمجتمع الأمريكي يقدر بشكل عال القوة الدينية في الولايات المتحدة ، ويجتمع عاملا الاحترام والخوف من الدين بشكل ظاهر في تشكيل الشخصية الأمريكية كونه نظام يحفز اقصى استجابةَ للإنسان، على الرغم من أن المظهر الأكثر تميزاً في الديانة الأمريكية هو تعدد المعتقدات والأشكال الدينية ، والتي وصلت إلى 1200 مجموعة دينية في امريكيا ، والتي هي في غالبها اندماج بين الأحزاب والحركات السياسية وبين الطوائف والعائلات الدينية [2] .

 

      ولعل ابرز تلك التيارات هو التيار البروتستانتي ، الذي رسخ فيه ( الانكليكاني المتطهر ) صورة الشخصية الصامدة والثابتة والرغبة القوية في الحروب الدينية وهو الميال إلى البحث والتجربة ، فالرب دعاهم ليكونوا منتجين ويتكاثروا للسيطرة على الأرض إلى جانب احساسهم بالميثاق وهو العهد بين رب موثوق يمكن الاعتماد عليه وبين أناس مسئولين ومتجاوبين وما فعلوه للطبيعة من تحويلها لخدمتهم . والشيء الأهم المساهمة في التنوير وهي نوع من العقيدة المسيحية المتقدمة التي تقوم على غير القيم الإنجيلية الموروثة [3] . فالعقيدة التدبيرية [4] والتي هي من أكبر العقائد الموجودة في الانجيليين / البروتستانت – وهو نظام لاهوتي يفسر الانجيل حرفياً – يؤمن أن الأرض ملك للشعب اليهودي ويقسم التاريخ لسبعة أقسام – بحسب تقسيمات العهد الجديد – وهي تختلف مع الكنيسة المسيحية الانجليية التطهيرية – البيوريتارنية – في تعميم الفكرة الصهيونية في التفسير السياسي لنهاية العالم [5] .

 

وقد كان للمدارس التي أقامها المبشرون البروتستانت دوراً كبيراً في بث الثقافة والنفوذ الفرنسيين في الأوساط الإسلامية والمسيحية بشكل عام في كل من تركيا والعراق وبلاد الشام ، والتي ، فقد كانت مناهج تلك المدارس تركز أولاً على تدريس اللغات الأجنبية الفرنسية والإيطالية واللاتينية كما كانت تدرس إلى جانبها اللغة العربية .

 


ولا شك أن المدارس الابتدائية والثانوية والكليات التي افتتحتها الارساليات البروتستانتية ، قد أنشأت جيلاً من الشباب تربوا في أحضانها ، الأمر الذي ولد في داخلهم ولاءً وإخلاص كبيرين للدولة الامريكية [6]. فقد قام المبشرون ومن أجل تأكيد الخصائص الطائفية وتعميقها بإصدار الكتب والنشرات الثقافية في العراق باللغات الفرنسية والعربية والسريانية والكلدانية . وقد كان دأب هذه النشرات التأكيد على المذهب البروتستانتي وربط المسيحيين به ، فإنها كذلك تؤكد على تقديم المادة الثقافية التي تؤكد على ثقافة الغرب المسيحي والثقافة الامريكية .

 

كذلك ركز البروتستانت على ضرورة إقامة المدارس والمعاهد العلمية والدينية ، بعد أن شاهدوا أثرها واضحاً على المسيحيين الكاثوليك وقوة النفوذ الفرنسي . لذلك عملوا على إنشاء المدارس والمعاهد التعليمية لجذب أنباء السكان إليهم من خلالها .

 


وقد ساعد على انتشار المدارس التبشيرية في وقتها قيام الحكم المصري في بلاد الشام الذي تساهل كثيراً مع المبشرين البروتستانت والكاثوليك ، ومنحهم الكثير من الحرية ، حتى تنافسوا فيما بينهم على إقامة المدارس والمعاهد في المدن والقرى النائية في بلاد الشام[7].

 

لقد افتتح المبشرون الأميركان كذلك عدد من المدارس في المدن التركية وسط الأناضول وبدأ هذا النشاط منذ منتصف القرن التاسع عشر ،  وتشير الإحصائيات الرسمية لعام 1914 إلى وجود 675 مدرسة أمريكية في تركيا العثمانية والتي بلغ عدد طلابها حوالي 35 ألف .

 


وكان يوجد بينهم عدد قليل من الأطفال المسلمين الأتراك والأكراد بدرجة أقل .فقد أسس المبشر جوستن بركنز مدرسة داخلية للأولاد في عام 1838 ، ثم أعقبها بإقامة أخرى للبنات . كما جلبت البعثة الأميركية مطبعة خاصة لها بحروف سريانية وقام بيركنز بترجمة العهد الجديد للغة السريانية في عام 1846 وبعد عشر سنوات قام بترجمة العهد القديم إلى هذه اللغة ، وكتب المبشر أستودارد لأول مرة قواعد اللغة السريانية ( بالإنجليزية ) . ومنذ سنة 1837 وحتى سنة 1873 صدر في إيران 110 الألف مطبوع دعائي بلهجة النساطرة . كما قام المبشرون بإصدار مجلة تعني بشؤونهم باسم ( انزيري ديارا ) أي أشعة النور[8]. لقد كانت هذه المدارس التي انتمى إليها الكثير من أبناء ( الأقليات المسيحية ) والأقليات الطائفية والقومية من الكلدان والسريان والمارونيين والأرمن والنساطرة الأثوريين والأقباط وحتى الدروز ، حيث كانت تلك المدارس بؤرة لبث الفكر الغربي الأوربي ، والثقافة الأوربية ولغاتها الفرنسية والإيطالية واللاتينية والإنكليزية ، حيث كانت تلك المدارس تدرس لغات بلدانها جانب اللغة العربية ، فانتشرت هذه اللغات في المناطق التركية والعربية ، وإلى جانبها لغات أوربية أخرى حسب المدرسة ووطنها المنبثة منه[9].

 

إلا أن هذه الطوائف يجتمعون – ولأسباب مختلفة – حول التوجه نحو الخدمة الاجتماعية والتعليمية ذات الاهتمامات الأكاديمية البحتة حتى من خلال أبحاث ودراسات , وأنشأت مراكز ومؤسسات تعليمية ذات قدرات واسعة لتعزيز تلك العقائد التي كانت منها المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية (ASOR)[10] والتي اسست عام 1900 وخضعت للقانون الأمريكي عام 1921 وتعد هذه المؤسسة الكبيرة من أهم المراكز البحثية في الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع القرن العشرين,والتي أنشئت في مدينة ويستون – ماساشوستس ، وبرئاسة ( جيمس مونتغمري ) J- Montgomery  من فيلادلفيا, وهي جزء من المعهد الآثاري الأمريكي ,ويشير تقريرها الصادر عام 1927 إلى أن عدد أعضائها المنتمون إليها يبلغ 55 عضواً يمثلون أغلب الجامعات والهيئات الأكاديمية الأمريكية ,وكذلك من بعض المؤسسات الدينية غير البروتستانتية كالمعهد اليهودي للاديان ويمثله ( ستيفن ويس)و(كريس ادلر),وكذلك استاذ من الجامعة الكاثيولوكية الأمريكية وهو ( رومان بوتن ) ويدير هذه المؤسسة 15 استاذ من جامعات عدة إلى جانب 7 موظفين[11] .

 

      وفي وقت مبكر من القرن العشرين اسست المدرسة فروع لها في مدن الشرق الإسلامي كالقاهرة وبيروت – والتي تطورت فيما بعد واصبحت نواة للجامعة الأمريكية فيهما – والقدس [12].

 

وأما في بغداد فبعد أن افتتحت القنصلية الأمريكية فيها في خريف 1918 من قبل ( أوسكار هيزرز )والذي يعدَ أول قنصل أمريكي في بغداد اسس لإدارة مكتب ارتباط مع المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية بإدارة ( كلاي ) وذلك في 20 ايار 1920 [13], وحين عين ( توماس أوين ) قنصل أمريكيا في بغداد قام بتخصيص بناية مستقلة بجانب القنصلية[14] ,إذ افتتحت رسمياً من قبل ( كلاي ) عام 1923 بمشاركة أساتذة من ( ASOR ) من القدس برئاسة (جيمس مونتغمري) وعضوية كل من ( جورج بارتون ) و( لفريد سجوف ) .وقد تعاقب على رئاسة المدرسة في بغداد أشهر رؤساء بعثات التنقيب في العراق إذ كان كلاي وهو المتخصص بالدراسات البابلية في جامعة يال أول مدير للمدرسة لعام 1923 – 1924 ، ثم جاء بعده أدوار شيرا من جامعة بنسلفانيا للعام 1924 – 1925 ، ثم ريموند دوغارثي من كلية غروشر بلتيمور للعام 1925 – 1926 ثم افرايم سبايسر للعام 1926-1927 ثم ليوري ويسترمان من جامعة ميتشغان للعام 1927 – 928 [15].

      وقد ارتبطت المدرسة في بغداد بشكل مباشر مع فرعها في القدس إذ كان ( رومان بوتين ) R. Buten  من الجامعة الكاثيولوكية الأمريكية مديراً لها من عدة جوانب سواء كانت بحثية أم علمية وفي تبادل المدرسين والباحثين بينهما وكذلك الجوانب المالية[16] .

      ولم يكن نشاط تلك المدرستين مقتصراً على فلسطين والعراق فحسب وإنما تعدى ذلك إلى إرسال رحلات استكشاف إلى الأردن وسوريا ، ومصر ، وكذلك إلى إرسال بعثات للاتصال المباشر مع السكان المحليين في القرى والبلدات الصغيرة في تلك البلاد [17].

وفي تقرير صادر عن القنصلية الأمريكية في بغداد اجمل مهام المدرسة هناك والتي تبدا بزيارة المواقع التاريخية والآثارية فيه كمنطقة بابل – تل عبيد – واور – الكلدان ، ونيبور وسيبار ، وتل الدير ، وشيشبار وكذلك المرور بطيفون وسيلسيا . كما أشار التقرير إلى تقديم المساعدات الأثارية في شمال العراق والتي تشمل على المواقع الأثارية في كركوك ، والسليمانية ، وآربيل ونمرود وخسروآباد ، وسنجار ومواقع اخرى كثيرة [18] .

      وكانت من المهام المتعلقة بالمدرسة كذلك الاهتمام بالأمور التعليمية في بغداد حيث التحق عدد من الطلاب في المدرسة وكرست المدرسة جهودها في بـناء المكتبة وجلب المصادر التاريخية المختلفة [19] .

      إلا ان نشاط المدرسة لم يقتصر على النشاط الأثاري فحسب وإنما تعدى ذلك إلى دراسة واقع المجتمع العراقي المتعدد بطوائفه وقومياته [20].

فقد بدأت المدرسة في 20 كانون الثاني 1926 بدراسة واقع المجتمع في مناطق العراق المختلفة والتي تعد تلك الدراسات الاجتماعية واللغوية مكملة للبحث الأثاري إذ بدأت بدراسة المنطقة الشمالية والتي تبدأ من خانقين في الشرق وحتى الحدود التركية السورية في الشمال .

فكانت المدرسة في أول نشاط لها في هذه المنطقة إن بدأت بالاتصال مع الشيخ محمود الحفيد, والذي قام بأكثر الاضطرابات قوة ضد الحكومة المركزية في بغداد بمساعدة من السلطات العسكرية والمدنية البريطانية في المنطقة ( والتي بذلت كل ما يمكن للذهاب اليه مع جورج بارتون مدير المدرسة في هذا العمل) [21], بعد موافقة المندوب السامي آنذاك في العراق ( هنري دوبس ) الذي أظهر اهتمامه الكبير بنشاطات المدرسة والتعاون والمشاركة معها في منطقة السليمانية وحتى الحدود الفارسية ( والتي تعد أكثر المناطق إهمالاً من الأمريكان) .

      كذلك كان تعاون ( A.S.O.R ) مع جهات أمريكية أخرى عاملة في العراق في مجالات الإغاثة والتعليم بارزاً في تلك الحقبة ولاسيما في منطقة الموصل . ففي 7 نيسان 1927 تم الاتفاق بين المدرسة ( البعثة البيورتانية الأمريكية ) The American Presbyterian mission  في حملات الإغاثة المتاخمة لمنطقة سنجار إذ توجد أهم الأماكن المثيرة للبحث الأثاري في العراق ، وكذلك التعاون معاً في تلك المجالات في فارس ، ومن ثمَ إلى تدخلهم المباشر في مناطق الأثوريين والذي تعدى دور المدرسة الثقافي والاجتماعي إلى دور سياسي مباشر في الأحداث التي وقعت آنذاك [22]. كما تعددت نشاطات المدرسة التعليمية إلى دراسة اللغات الحية والبحث عن أصولها ولاسيما اللغة الكردية ، إذ قال د.بارتسون ( إن اللغة الكردية والتي هي قريبة من اللغة الفارسية تعود أصولها إلى اللغة الهندو- أوربية ومنها تفرعت لهجات كثيرة ميزت فيها لغة أهل السليمانية عن باقي المناطق الكردية وكذلك لهجات المناطق شمال الموصل وبذلك تكون المدرسة في كتابة قواعد اللغة الكردية من أوائل من سيعطي للأكراد قواعد لغتهم وبشكل منهجي) [23].

      ونظمت ( A.S.O.R ) رحلات منتظمة في انحاء العراق كافة كوجه من أوجه نشاطاتها حين بدأت بلقاء شيوخ الأكراد والعرب واليزيديه وغيرهم من طوائف العراق ، وكتبت تفاصيل دقيقة حول المجتمع العراقي واقتصاده وجغرافيته وحتى علاقات العراق مع جيرانه .

كما شملت بعثات المدرسة البحث عن جمع ودراسة المخطوطات الإسلامية واقتناء النميات والأثار الإسلامية فضلا عن دراسات وافية للأديان والعقائد الموجودة في العراق, ولا يمكن لنا أن نحيط بكل تلك النشاطات لمدرسة الأبحاث الشرقية في العراق إلا إذا أدركنا أن حجم الميزانية الانفاق السنوية ولسنة واحدة في عام 1927 على سبيل المثال كانت 25.240.82 $ إلى جانب المنح المقدمة من الجامعات الأمريكية والأفراد والتي كانت تنفق من أجل الرحلات عدا التمويل المباشر لبعثات الآثار المشتركة التي كانت تقوم بها المدرسة مع جامعة هارفرد في كركوك وسواها[24] .غير أن ذلك الدعم والتمويل لم يكن مقتصراً على الأفراد أو بعض الهيئات التعليمية الأمريكية فحسب بل أن الحكومة الأمريكية كانت وراء دعم تلك المدرسة وبشكل مباشر أيضاً إلى الحد الذي نعتقد فيه أن مدراء الهيئة التعليمية للمدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية في بغداد هم في الأساس موظفون لدى الحكومة الأمريكية

ففي وثيقة صادرة عن المؤسسة الأمريكية للأبحاث الشرقية ويستون ماستشوتس – تشير إلى طلب جورج بارتون الذي عين مديراً لفرع المدرسة في بغداد بالاستئذان من وزارة الخارجية الأمريكية للسفر إلى بغداد والطلب منها بتزويده بكافة متطلبات سفره [25] , وعند موافقة وزارة الخارجية الأمريكية على طلبه تطلب منه التنسيق التام مع السلطات البريطانية في شأن عمله في العراق ، مع التأكيد على إرسال تقارير دورية إلى وزارة الخارجية حول عمله [26] ..

أما من جانب السلطات البريطانية في العراق وعلاقتها مع المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية , فمع أن البريطانيين كانت لهم مدرسة خاصة للآثار تعني بحملات التنقيب في العراق إلا ان السلطات البريطانية كانت علاقتها مع ( A.S.O.R ) تتجاوز الدعم المعنوي والتعاون التعليمي بين الجهتين وإنما تعدى ذلك إلى حد الدعم المادي البريطاني لها ، وهذه سابقة كبيرة لما عرف عن البريطانيين من تحديد لمصاريف وجودهم المالية في العراق .

      فقد تبرع السيد ( كوك ) المستشار في وزارة الأوقاف العراقية بمبلغ 10.000$ إلى المدرسة الأمريكية للابحاث الشرقية فضلا عن دعم مالي آخر صرفت للنشاطات العلمية [27] ، وكذلك خلفت ( المس بل ) لسكرتيرة الشرقية في دار المعتمد السامي البريطاني عند وفاتها 30.000 $ إلى المدرستين البريطانية والأمريكية في بغداد [28] .

أما بالنسبة إلى التعاون التعليمي بين المدرسة الأمريكية والسلطات البريطانية فكان التنسيق بينهما قد وصل إلى أعلى المستويات حيث طلب ( ريلي ) المستشار البريطاني في وزارة التربية والتعليم العراقية من الخارجية الأمريكية بالسماح لإرسال عدد من الطلبة العراقيين ليكونوا مدرسين للمرحلة الثانوية في المدارس العراقية – إلى فروع المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية في بيروت وباقي الجامعات الأمريكية المشاركة في تلك المؤسسة لسد النقص الكبير الحاصل في المدارس العراقية [29].

      أما علاقة ( A.S.O.R ) مع الفرنسيين فلم تكن العلاقة بالمستوى الكبير رغم توحد عقيدتهم الدينية واتجاههم السياسي ، ذلك لأن الفرنسيين عدَوا أنفسهم أنهم حماة المسيحيين في الشرق وأنهم في العراق تحت الحماية الفرنسية ، وكانت لهم بعثات في بغداد كجمعية الأخوان الدومنيكان ، وفي البصرة من أكبر البعثات في منطقة الخليج العربي ، وفي الموصل بعثة الأدباء الدومينكان والتي كانت تلك البعثات تتبع قواعد محدودة تنص على أن البعثات الرومانية الكاثيوليكية يجب أن تكون فرنسية ، وهي ذات تفويض خاص من الحكومة الفرنسية .

 ورغم أن القنصلية الملكية الإيطالية في بغداد وكانت أيضاً راعية للكنيسة الكلدانية  ( الكاثوليكية ) إلا انها كانت ذا أهمية أقل بالنسبة إلى الفرنسيين الذين احتفظوا بالدور المميز للكاثوليك [30], وهذا ما ساعدهم في إرسال بعثات تعليمية وأخرى ( سياسية ) وكذلك ( لأعمال أخرى ) تحت دعم وحماية  من الحكومة الفرنسية – وكانت بعثة الأباء الدوميكان في الموصل من أكثر ما أرسلت من تلك البعثات – الأمر الذي جعل تلك النشاطات مستقلة عن النشاطات الأمريكية التي كانت تقوم بها في العراق وكذلك لعب الدور السياسي بين الحكومتين البريطانية والفرنسية في نزاعها حول النفوذ في المنطقة إلى عدم التوافق والتنسيق في نشاطاتهم التعليمي والاجتماعي في العراق [31] .وبالمقابل كانت القنصلية الفرنسية في بغداد تقوم بتقديم مساعدات مالية كبيرة إلى مدارس الأليانس الإسرائيلية[32] والتي مقرها في باريس إذ كانت تقدم أكثر من 2000 دينار عراقي سنوياً وقدمت منحاً كبيراً إلى مدارس الأليانس في البصرة والموصل كما زودتها بالهدايا العينية على شكل أثاث مدرسية وقرطاسيه وتجهيز مكتبات المدرسة بمختلف أنواع الكتب.

 واصلتْ المدرسةُ التنقيبَ في Yorghan Tepe تحت رعاية جامعةِ هارفارد في 1927-28, 1928-29, 1929-30 و1930-31.

 وقبل الحرب العالمية الثانيةِ، إشتركتْ المدرسة في مجالات دراسية اخرى غير التنقيب الاثاري، مثل flood plain الجنوبي مِن قِبل Dougherty، ألاستاذ السنوي في 1925-26، والشماليِ مِن قِبل إي . أي . سبايسر، ألاستاذ السنوي في 1926-27، بالإضافة إلى التنقيبِ مع جامعة بنسلفانيا في Tepe Gawra (1927, 1931, 1931-32, 1932-33, 1934-35, 1935-36, 1936-37 و1937-38) و (1930-31, 1931-32, 1932-33, 1936-37 Billa)، وفي  (1937-38  في تل خفاجة).

 دَعمتْ المدرسةُ ليروي أيضاً كأستاذ سنوي في 1927-28، لبَدْء سلسلة من التنقيبِ في تل عمر، وفي Seleucia القديمة، وتَعاونتْ مع جامعة بنسلفانيا في تنقيبها عامِ 1931َ بعد ان عَمَل كأستاذَ سنويَ، وبعد ان أصبحَ " سبايسر مديرَا للمدرسةِ في 1934 وكَانَ قد اثبتَ انه مدير قادر جداً أثناء الوقتِ الصعبِ الذي تَلى.

ساهمت الحرب العالمية الثانيةُ الى توقّف عملَ المدرسةَ في العراق واشار  سبايسر ، رئيس مدرسةِ بغداد، بشكل بارز في تقريرِه عام 1941, بانه "أثناء الفصل الماضي كَانَ العمل ميداني في بلاد ما بين النهرينِ تحت إشراف الجنرالات بدلاً مِنْ علماءِ آثار.

كان كلوك  Glueck، مدير المدرسة الامريكية للابحاث الشرقية في القدس، والذي إستمرَّ بإستكشافاته عبر الأردن أثناء الحربِ، ومثّلَ المدرسةَ في الإتصالاتِ بقسمِ العصور القديمةِ في بغداد. كَانَ كلوك أستاذَ مدرسةِ بغداد السنوي في 1933-34، عندما أوقفَ المنقّبي ألاجانب العملَ بشكل مؤقت في العراق بانتظار تغيير في القوانينِ لعصور البلادَ القديمةِ.

بعد ان إنتهتْ الحربِ بفترة قليلة, إستأنفتْ مدرسةَ بغداد نشاطاتها. وسُمّى صموئيل نوح كرايمر Kramer كأستاذَ سنويَ في 1946-47 وكَانَ متخصصا في المتاحفِ في إسطنبول وبغداد.

في 1946 أَسّستْ المدرسةِ مجلّةَ الدِراساتِ المسماريةِ، بمجموعة تحريريةِ تَشْملُ Goetze، Thorkild Jacobsen ,,Sachs.

 في 1947 أصبحَ غوتز  Goetze مديرَ مدرسةِ بغداد، وخِدْمَها لعشْرة سَنَواتِ ولعب فيها دورا بارزا في مدرسةِ بغداد حتى موتِه في 1971.

في الخمسيناتِ والستّيناتِ، لَعبتْ مدرسة بغداد مرةً أخرى دور مهما جداً في إسناد العمل الميداني في العراق. ودَعمَ روبرت جْي  مشروع بريدوود لما قبل التأريخ، وسمّي بروس Howe كزميل في 1950-51 وأستاذ سنوي في 1954-55, 1959-60 و1963-64.

ودَعمتْ المدرسةُ ما بَعْدَ الحرب العالمية الثّانية بفصول في Nippur، وتُعيّنُ ستيل  Steele في حقلَ epigrapher حيث كان أستاذ سنوي في 1949-50 و1951-52.

وعندما إنسحبتْ جامعة بنسلفانيا مِنْ تنقيبِ Nippur بعد فصل 1950-51 ، إنضمَّت مدرسةُ بغداد إلى المعهدِ الشرقيِ في شيكاغو في تَبنّي التنقيبِ في العراق . حيث دعمت و شاركَت في دعم تنقيبَ Nippur حيث كَانتْ معبدَ Inanna، الذي أنتج المستويات السلاليةَ المبكرة في هندسة معماريةَ فريدةَ وموجوداتَ غنيةَ مِنْ النحتِ.

كَانَ ثوكلاند جاكبسون، أستاذاً سنوياً في 1953-54 وGoetze، epigrapher بين عامي (1955-56) و فصل (1957-58) ، وكَانَ أستاذاً سنوياً في السَنَةِ السابقةِ. ريتشارد سي . هانسن ، والذي دعمَ التنقيبَ، وكَانَ هانسن أستاذاً سنوياً في 1960-61، ، وهو عالم آثار قضى معظم عمله في الاستكشافات الحقلية ، وفي 1962-63. بَدأَ Hansen التنقيب في تل أبو صلبيخ، حيث عَملَ على اكتشافه المهم من النصوصِ السلاليةِ المبكّرةِ والمتأخّرةِ، ونَشرَت مِن قِبل روبرت دي . Biggs،

بعد فترة قليلة من نهايةِ 1962-63. دَعمتْ مدرسةُ بغداد تنقيب Hansen في حقلِ Nippur , وفي لكش Hiba (Lagash) ,  وبَدأَ يُسلّطُ في 1968 مَع فوجن كراوفورد، الذي تَرأّسَ متابعة المدرسةِ بعد Goetze.

بالأضافة إلى التنقيبَ، لَعبتْ مدرسة بغداد دور بارز في الإستطلاعاتِ السطحيّةِ الآثاريةِ الإبداعيةِ والتي أجريتْ مِن قِبل Thorkild Jacobsen، وفوجن كراوفورد وروبرت ماك McC. أدامز. وتَبنّتْ المدرسةُ مع أدامز في عام 1956-57 مسح العراق السطحي لمنطقةِ اكد Akkad. وكان أدامز الأستاذَ السنويَ لعام 1966-67، وبعد ذلك مديرا مقيما في مدرسةِ بغداد في عام 1968-69، عندما إستعملَ بيتَ المعهدِ الشرقيِ في Nippur كقاعدة لمسحِه في المنطقةِ، بالإضافة إلى التنقيبِ في تل ابو صريفة وهو المشروع الذي هدفَ لحَلّ لغز الساسانيين وتأريخ الابداع الفن الخزف إلاسلامي المبكر.

بعد حرب 1967 العربية إسرائيليةِ وثورة يوليو/تموزِ 17, 1968 التي وَضعتْ حزب البعثِ الاشتراكي العربيِ في السلطة، تَدهورت الحالة لعلماءِ الآثار الأجانبِ في العراق. وكان مكغواير جيبسن، أستاذ المدرسةَ السنويَ ل1969-70، قد وَصلَ الى بغداد، لكن لَمْ يُعطى الرخصةَ للعَمَل.

 وبعد ان كان اسم هذه المؤسسة مدرسةِ بغداد، منذ ان وَجدتْ عام 1921، غيّرتَ اسمَها إلى مفوضية حضارة ما بين النهرين في ديسمبر/كانون الأولِ 1969 وجَعلَت الأستاذيةَ السنويةَ إلى رخصة لدراسة حضارةِ ما بين النهرين سواء كان عِلْم فقه او لغة، اوعِلْم آثار، أَو تأريخ فنّ وفي لبنان، سوريا، تركيا، العراق، إيران، أَو أيّ بلاد أخرى حيث العلاقة الوثيقة الصلة ومتوفرة , و كان يُدوّنُ من قبل مجلس أمناء ، ديسمبر/كانون الأول 29, 1969). اما المستلمون الأوائل لزمالةِ ما بين النهرين فقد كَان ستيفن ليبرمان (1970-71)، وإليزابيث كارتر (1971-72)، ونورمان يوفي (1972-73 ؛ و جينيفر بورنيل (2001-02، ساره كراف (2002-03  وحاليا بيكر كروديل.2003-04 .

بالأضافة إلى مَنحَ رخصة مفوضية حضارة بلاد ما بين النهرين على حضارةِ بلاد ما بين النهرين تحديدا  فقد واصلتْ نشر ودَعْم مجلّةِ الدِراساتِ المسماريةِ.

وبعد موتِ Goetze في 1971, أصبحَ Erle Leichty  محرّراً وخَدمَ لعشرين سنةِ، ُسَاهَمَ لَيس فقط بوقتَه، لكن بتَزويد الدعم المالي أيضاً. وعندما تَنازلَ في 1991، الى وليام إل . موران، كان فقط بعد ان تَقاعدَ من جامعةِ هارفارد.

قوائم المدراءِ والأساتذةِ السنويينِ مِنْ مدرسةِ بغداد متوفرة تحت قائمة رخصة التنقيب في بلاد ما بين النهرين.

مدراء مدرسةِ بغداد

جورج أي . بارتن (1923-1934)

إي. أي سبايسر. 1946 - 1935)

ألبريتشت  - 1947  1956)

فوجن كراوفورد (1956-1968)

روبرت ماك أدامز. مدير المقيم (1968-69)

بعد مدّةِ خدمة كراوفورد، كرئيس لجنةِ بغداد، وهي لجنة إستشارية وَجدتْ منذ تأسيس المدرسةِ، أصبحَ الرئيسَ الواقعيَ لمدرسةِ بغداد / مفوضية حضارةِ بلاد ما بين النهرين .

رؤساء لجنةِ بغداد

صموئيل نويل كرايمر (1964 - 1955-)

دونالد بي هانسن. 1964 - 1970)

جون أي بنكمان 1971- 1985)

مكغواير جيبسن (1985-1986)

جيرولد كوبير (1987-1993)

إليزابيث كارتر (1994-96)

بول زمنسكي -1997 2002)

ريتشارد إل زاتلر. (2002 .

الأساتذة السنويون

البرت تي . كلاي (1923-24)

إدوارد شيرا  (1924-25)

رايموند دو غارثي  (1925-26)

إي. أي سبيسر. (1926-27)

ملاح لوري (1927-28)

روبرت إتش بفايفر. (1928-29)

هنري إفلوتز. (1929-30)

تي. جْي . وديع (1930-31)

نيلسنكلويك  1933-34)

ألبرت تي . أولمستيد (1936-37)

إلياهو جرانت (1937-38)

تي. جْي . وديع (1938-39) مُرَشَّح

صموئيل إن كرايمر. (1946-47)

ألبريتشت تي كوتز. (1947-48)

جورج جي . كاميرون (1948-49)

فرانسيز آر ستيل. (1949-50)

لا أستاذَ سنويَ (1950-51)

فرانسيز آر ستيل. (1951-52)

ألكساندر هيدل  (1952-53)

 ثوكلاند جاكبسون   (1953-54

بروس هو  (1954-55)

ألبريتشت تي كوتز  . (1955-56)

فوجن كراوفورد (1956-57)

فريد مقابل وينيت (1958-59)

بروس هو (1959-60)

ريتشارد سي هايبس. (1960-61)

ستيفن دي سيمسون  . (1961-62)

دونالد بي هانسن. (1962-63)

بروس هو  (1963-64)

تي. إتش . كارتر (1965-66)

روبرت ماك. أدامز (1966-67)

ريتشارد إس . أليس (1967-68)

جون أي برينكمان. (1968-69)

 ثوكلاند جاكبسون  1968-69)

مكغواير جيبسن (1969-70)



1) Luther S. Lued , the Making America , op cit, P- 325 .

2) Ib id , P- 330 .

1) رسخت العقيدة البروتستانتيية مفاهيم كالطبيعة بدلاً من التاريخ والعلم بدلاً من الأيمان والمنطق بدلاً العقيدة .                                     Luther S. Lued  ,the Making America , op cit

2) تؤمن هذه الكنيسة بأن كل شيء مدبر في المعركة الاخيرة للعودة الثانية للمسيح المخلص وتؤمن بحتمية معركة هرمجدون في آخر الزمان .

3) محمد السماك،البعد الديني في السياسة الخارجية الأمريكية ، بيروت،مركز دراسات الوحدة العربية، 1996، ص 86

[6]- محمد طاهر العمري ( تاريخ مقدرات العراق السياسية ) المجلد الثاني ، مطبعة الفلاح ، بغداد 1924, ص5 .

     

[7]- أنطونيوس ( المصدر السابق ) ص97 ، البرج ( المصدر السابق ) ص 49 .

     

[8]- د. أحمد سوسة ( ملامح التاريخ القديم ليهود العراق ) ط/1 ، مطبعة أسعد ، بغداد 1978 ، ص122 .

     

[9]- فقد قامت الكثير من المدارس التي تنتمي إلى جنسيات أخرى ساعدت على انتشار لغات بلدانها وخاصة المدارس التي أقامتها الإرساليات الألمانية والسويدية والهولندية والبلجيكية وغيرها من الإرساليات ، أنظر  المرجة ( المصدر السابق ) ص165 ، شائلية ( الغارة على العالم الإسلامي ) تعريب محب الدين      

 

    الخطيب مساعد اليافي ، المطبعة العربية ، بغداد 1384 ، ص15-18 .

     


[10](  America Schools of Oriental Research .

     

[11] ( NARA , A.S.O.R , No:28 , Dec 1927 , Reports 1926 – 1927 , P-5 .

   

1) تم افتتاح المدرسة في القدس عام 1900

 

2 NARA , America Consulate , Baghdad , No:125/1571/24 , May 20 , 1920 .

كان من المفترض أن يفتح فرع المدرسة في بغداد عام 1913 وبموافقة من الحكومة العثمانية إلا أن اندلاع الحرب العالية الأولى حالت دون ذلك .

NARA, ASOR , Aug 20 , 1922 .

 

3) NARA , America Consulate , Baghdad , March 19,1921.

 

4)NARA , America Consulate ,Baghdad , Randolph Reports ,Dec 5,1927, P-3-5.

 

1) Ibid,P-6.

 

2) America Consulate ,Baghdad , Randolph Reports ,Dec 5,1927,P-9

 

3NARA , America Consulate , Baghdad , March 16,1928

 

4 Ib id , P- 3 . 

 

5) NARA , A S O R, Report of the Director of the School in Baghdad , Nov 1 , 1927 , P-13 .

 

1) NARA ,ASOR, Report of the Director of the School in Baghdad ,Nov 1,1927  –p 13 .

 

2)  Ibid, P15 – 17 .

 

1) Ibid , P15 – 16 

 

2) NARA , America Consulate , Baghdad ,No :698 March 16,1928 ,p- 23 .

 

3) NARA , America School of Oriental Research to Secretary of  State , Aug 29 , 1929 .

 

1) NARA Department of State , Sep 12 , 1922 .

 

2) NARA , America Consulate , Baghdad , Department of state  No:943 , Aug 23,1929 , P-3-5 .

 

3) NARA , America Consulate , Baghdad ,No :947 Aug 27,1929

 

4) NARA Department of State Division of Near Eastern Affairs , Nov 13 , 1924 , P-3

 

1) NARA ,America Consulate , Baghdad to Department of state , No: 582, Nov 30 , 1927 ,P-22

 

2) Ibid , P-23

 

3) مدارس الأليانس ( الاتحاد الإسرائيلي ) من أقدم المدارس التي قدمت أكبر خدمة للطائفة الإسرائيلية في العراق ، حيث تم انشاؤها لليهود عام 1864 على يد البارون روتشيلد وأخذت بإعطاء الدروس التعليمية والكتب الدينية لليهود والتبشير بمفاهيمها الخاصة بالتلمود ، كما خصصت دروساً أخرى لتدريس التوراة وأخذت بجلب المعلمين لأجل ذلك من العالم وفلسطين خاصة .

ودأبت  تلك المدارس على تدريس اللغات والعلوم وكانت تدعم من قبل الجمعيات اليهودية في فرنسا والجمعية الانكليزية اليهودية في لندن وكذلك اليهود من أصحاب التوراة في العراق, وقد سمح لغير اليهود الانضمام إليها فدخلها شباب من المسلمين والمسيحيين على حد سواء, وقد خرجت تلك المدارس أعداداً كبيرة من الطلبة كان لأكثرهم دوراً بارزاً في المجتمع العراقي حيث بلغ عدد التلاميذ الذين تضمهم هذه المدارس في العراق 8228 تلميذ موزعين على ستة وعشرين مدرسة في خمس مدن عراقية للعام الدراسي 1920 – 1921فقط . لزيادة المعلومات ينظر : فاضل البراك ، المدارس اليهودية في العراق ، بغداد ، وزارة الثقافة والاعلام ، 1980 .

 
 


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.