فاعلية منظمات المجتمع المدني في العراق
غيلان الجبوري
المجتمع العراقي وإشكاليات تأسيس المجتمع المدني: المجتمع العراقي مر بعدد من التحولات الثقافية الحادة خلال العقود السابقة, حيث انتقل من الدولة المركزية الى التعددية السياسية بطريقة مفاجأة دون أن تتهيئ البنى التحتية المرافقة لعمليات الانتقال, وتفككت العديد من البني الاجتماعية وخصوصا الطبقة الوسطى والطبقة المثقفة, الامر الذي أدى الى غياب دور حقيقي للمجتمع المدني, والتأخر في نموه بالوقت الذي دخل على المجتمع العراقي ممارسة المنافسات السياسية الحادة, مما أحدث تراجعا ثقافيا اجتماعيا خطيرا حيث شكلت الهوية (الطبيعية) المتمثلة بالعرق والطائفة والعشيرة الأساس في التنافس السياسي, وتبلورت تلك الصراعات لتتسبب بعدد كبير من الكوارث الامنية والصراعات العنفية, الحالة القائمة أدت الى تشكيل الثقافة والممارسة السياسية المبنية على أساس صراع المكونات كما وشكلت الخطاب السياسي والاعلامي لدى العديد من تلك النخب, ووسط أرقام هائلة للكوارث الإنسانية المرافقة ( الحروب وجرائم الابادة الجماعية, والتهجير والتغيير الديمغرافي, والاستيلاء على الممتلكات وغيرها). نستطيع ان نميز ملامح عامة لابد من مراعاتها: الاولى العجز عن تشكيل هوية وطنية, والثانية غياب العقد الاجتماعي اضافة الى غياب الرؤية المستقبلية الواعدة وكل تلك ناتجة عن غياب للمجتمع المدني في العراق.
كما يواجه المجتمع العراقي معضلات في ميادين التنمية البشرية والاقتصادية اضافة الى الأزمات الأمنية فقدان الاستقرار, كما ويواجه المجتمع والنخب ضغوطا وحراكا باتجاهات متعددة, وكون ان جزء كبير من المجتمع اليوم يعيش حالة حرب ومدنهم ساحة للقتال فان هناك جزءا اخر من المجتمع يعيش في بعد آخر منعزل تماما عن تلك الاحداث, ويعد التطرف الحالة الثقافية السائدة والمتداولة في الوسط الاجتماعي ومن اخطر الاسباب التي يمكن من خلالها تفسير المشكلة العراقية, وبالطبع ان العديد من العوامل التي تتفاعل لتشكل البيئة الاجتماعية العراقية.
يتناول البحث موضوع فاعلية منظمات المجتمع المدني في العراق ومناقشة المعوقات في محاولة لتقديم التوصيات التي تعيين هذا القطاع من القيام بالدور المطلوب في هذه المرحلة, ورغم الاعداد الكبيرة للمنظمات في العراق الا ان فاعليتها محدودة جدا ولعوامل عديدة منها داخلية تخص المنظمات ومنها خارجية متعلقة بالبيئة الاجتماعية او البيئة السياسية وبعض العوامل تتعلق بالتواصل مع منظمات عالمية وبالذات منظمة الامم المتحدة في العراق.
يحاول البحث تسليط الضوء على هذا القطاع وتحديد العوامل المؤثرة على فاعلية المنظمات ومن ثم الخروج بتوصيات تتعلق بتفعيل هذا القطاع, ويقدم البحث التوصيات لكل الجهات التي تهتم بهذا القطاع وتحاول التواصل معه او تفعيله فضلا عن المنظمات العراقية نفسها.