جاءت الدولة الوطنية الحديثة في أوروبا لتشكل أهم التحديات أمام سلطة الكنيسة, حيث كان للكنيسة الكاثوليكية سلطة مطلقة في أوربا الغربية في القرون الوسطى، وكانت دولة أضخم من الدولة الزمنية، ويتمتع رجال الدين المسيحي بالكثير من المميزات والحقوق المدنية، والتي لم يكن يتمتع بها سائر أفراد المجتمع، كالإعفاء من الضرائب وعدم المثول أمام محاكم الدولة الزمنية، حيث كان للكنيسة محكمتها الخاصة بها وكان من وظائف الكنيسة، فرض الضرائب على بقية طبقات المجتمع، فضلاً عن كون الكنيسة تملك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المعفاة من الضرائب كما كان لها، كل ما كان للدولة الزمنية، حتى كان الملوك والأباطرة والأمراء يخشون سلطة الكنيسة من إصدار الحرمان بحقهم.
إلا أن الأمر لم يستمر بهذا الاتجاه، وذلك نتيجة لانتعاش التجارة في غرب أوربا ووسطها، وكان لظهور المدن التجارية، أثراً خطيراً على الإقطاع والكنيسة وهز وجودهما هزاً عنيفاً. وكان ذلك طبيعياً لظهور الحرف التي أدت بالتالي لظهور المدن ، وقد أدى ذلك بطبيعة الحال إلى ضعف النظام الإقطاعي ، وضعف السلطة السياسية والإدارية للكنيسة التي كانت تتربع على هرم النظام الإقطاعي.
إن تطور الأوضاع في أوربا في هذا الاتجاه أدى إلى ظهور حكومات قوية في المدن ، وأرادت فرض سيطرتها ودعمها في تلك المدن ، ومن هنا وقع الاختلاف بين البابوية والإمبراطوريات الأوربية وملوكها [1].
لقد دفع هذا النزاع بعض الباباوات مثل جويجوري السابع وأنوسنت الثالث وبونيغاس الثاني إلى تعديل ( النظرية المسيحية البابوية ) في الحكم الثنائي للدولة والكنيسة، إلى القول بأن على المدنيين جميعاً حكاماً ومحكومين الخضوع للبابوية، حيث أرادت البابوية أن تستخدم نفوذها الروحي لتأييد حقها في الحكم المطلق، لكن نمو السلطة المدنية، لم يتح لهذه النظرية النجاح. حيث تولى عروش أوربا في عصر النهضة ملوك أقوياء كما حدث في فرنسا وأسبانيا وإنجلترا ، حيث أخذ هؤلاء الملوك على عاتقهم معارضة سلطة البابا في بلادهم ونجحوا إلى حد كبير في تحدي سلطانه ونفوذه[2].
أدت هذه التطورات إلى انحسار سلطة البابا، وتهديد هيمنة الكنيسة على المجتمع المسيحي الغربي، وأدى إلى قوة سلطة الدولة، كما هدد ذلك بضياع هيبة البابوية والكنيسة معاً من الناحية السياسية أو محاولة التدخل في شؤون الأوربية[3].
أما الدولة الوطنية التي نشأت في أوربا فعلى الرغم من أنها استقلت بشكل تدريجي عن الكنيسة الكاثوليكية وسلطتها البابوية، إلا أنها لم تهمل الكنيسة الكاثوليكية وعدتها جزءً منها، وقد ظلت سياسة الدولة تحاول الاستفادة من الدوافع الروحية في وظائفها السياسية، وعلاقاتها الدولية، ومطامحها الاقتصادية والتي شكلت بالتالي الظاهرة الاستعمارية. فقد كانت الدولة الحديثة تطمح أن تمد سلطان نفوذها إلى خارج القارة الأوربية.
إن توافق أهداف الكنيسة الكاثوليكية التي كانت ترمي إلى مد نفوذها خارج أوربا، مع أهداف الدولة الحديثة في هذا الإطار، اضافة إلى اعتزاز الدولة الوطنية بقوميتها واعتدادها بصلاحية حضارتها ، وأخذها على عاتقها نشر أصول هذه الحضارة إلى جانب مذهبها دفع الى تعاون الكنيسة في هذا الاتجاه تعاوناً وثيقاً ، وأصبحت سياسة الدول الكبرى الأوربية سياسة صليبية متعصبة ولذلك كانت المناطق التي وطأتها الدول الكاثوليكية مثل أسبانيا وفرنسا والبرتغال أصبح فيها للكنيسة الكاثوليكية فروعاً فيها، ولقد كانت الكنيسة تعمل على توطيد مصالح الدول الأوربية الاستعمارية عن طريق الإرساليات التبشيرية التي كانت جنباً إلى جنب مع الحملات الاستعمارية التي تجوب البحار وكانت طبيعة التكافؤ بين الدولة الحديثة والكنيسة الكاثوليكية يتمثل في طبيعة الأهداف المزدوجة التي كانت تسعى إليها كل من الدولة والكنيسة [4].
فقد كانت الحركات الإصلاحية ترى، أن الشؤون المدينة من اختصاص الدولة بل أنها رأت في سبيل التخلص من المفاسد الإدارية للكنيسة، وأن للدولة حق التصرف في كثير من الشؤون الكنيسة، وجاءت هذه الأفكار الإصلاحية كردة فعل عنيفة إزاء سلطة البابا المطلقة الأثوقراطية، والتي كانت تحتكر كافة السلطات الدينية العليا والتي كان يمارسها على المجتمع الأوربي والتي أدت إلى الكثير من المفاسد والشرور[5] .
وفي نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر ، و بعد الثورة الأمريكية ( 1775 – 1783 ) تجددت نهضة مماثلة عرفت ( باليقظة العظمى الثانية) وقد بدأت هذه اليقظة في الكنائس الابريشانية في نيو انكلند ثم انتشرت بين المشيخية والميتودست والمعمدانيين وسائر أنحاء أمريكا ودعا قادتها إلى نبذ العاطفة المفرطة والقيام بالأعمال المسيحية الخيرية الفعالة.. [6].
كان تأثير الحركة الإصلاحية بطيئاً في بدايته ، إلا أنه سرعان ما تشكل تحدياً واسعاً للكنيسة الكاثوليكية ، خاصة حينما جاهروا بأفكارهم حول بطلان عبادة الأيقونات وصكوك الغفران وعصمة البابا ، في الوقت الذي كانت فيه الكنيسة تواجه النتائج القاسية التي أطاحت بالكثير من سلطتها وهيبتها التي تمخضت عن نشوء الدولة الوطنية.
انتشرت أصداء الحركة الإصلاحية في كل مكان من أوربا ، في فرنسا وألمانيا وإنكلترا حتى وجدت الكنيسة الكاثوليكية أنها أمام تحدٍ كبير على زعامتها الروحية للعالم المسيحي الغربي الذي بات مهدداً بخطر الانقسام [7].
أقام المحتجون أو المصلحون والذين أطلق عليهم فيما بعد (البروتستانت ) للتدليل على هذا المعنى ، فقد انشاوا كنيسة خاصة بهم ، وكانت لهم أفكارهم التي أوحت لهم عقيدتهم المسيحية الجديدة ، والتي لا تدين للبابا بالولاء والطاعة ، والتي رفضت الكثير من أصول العقيدة الكاثوليكية ، فقد رفضوا عقيدة عصمة البابا ، ونادوا بحرية القسوس بالزواج ، ولم يعد هناك رهبان أو راهبات من البروتستانت ، وأصبحت لغة الكنيسة هي اللغة القومية بدلاً من اللغة اللاتينية ويعلنون أن المصدر الوحيد للدين المسيحي هو الكتاب المقدس[8].
لذلك اتخذت الكنيسة خطوات لتكثيف جهودها في مجال التبشير في خارج أوربا في العالم الجديد، والشرق العربي الإسلامي، وقد أدت هذه التطورات إلى نشوء تنافس حاد بين الكاثوليك والبروتستانت الأمر الذي أدى إلى نشوء ( التبشير المذهبي ) أو التنافس والصراع المذهبي، حيث كان كل مذهب يدعو لكنيسته، ففي حين كان المد الديني البروتستانتي يجتاح الكنائس الأميركية والبريطانية منذ القرن الثامن عشر، والذي كان بصدد تأصيل الفكر الإصلاحي الديني ، وتنظير فلسفته ، إزاء التحديات التي فرضها نجاح التبشير الكاثوليكي في العالم الجديد والأماكن الأخرى، بدأ لدى البروتستانت يؤكدون على ضرورة كسب الأتباع ونشر الكنيسة الإصلاحية .
غير ان التبشير البروتستانتي لم يبدو واضحاً في منطقة الشرق العربي الإسلامي في ذلك الوقت إلا في مناطق نائية في صحرائه، وكانت محاولات فردية واستطلاعية، وكان تأثيرها محدوداً جداً[9] .
لكن بنهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، أخذ الحماس الديني في إنكلترا والولايات المتحدة الأمريكية يتصاعد وبدات الحركة التبشيرية تتكون بواكيرها مع هذا الاتجاه الداخلي [10]، والذي كان تعبيراً ، عن الارتباط بين النشاط الديني البروتستانتي وبالتطورات التي صاحبت النزعة الأوربية الاستعمارية .
إن الدافع الديني الذي انتعش في تلك الغضون ، كان يوجه تلك النزعات ، حيث تغلغل بعيداً في عمق العقلية الأوربية، التي راحت تستثمر تطوراته الداخلية في أوربا، كذلك كان في الاتجاه البروتستانتي تأثيراً واضحاً للكتاب المقدس في ان يتمسك البروتستانت بحرفيته دوراً في لفت أنظار الغرب إلى ثروات الشرق الغنية وكنوزه وحضارته الراقية الغابرة فمن الملاحظ أن الكثير من المبشرين والسياسيين الذين دخلوا الشرق العربي الإسلامي يذكرون كيف أن الكتاب المقدس ( العهد القديم ) كان يتحدث عن آشور وبابل، وغيرهم من الأقوام وما أنجزوه من حضارات ومدنيات[11].
خلقت هذه الأحداث التي شهدتها إنكلترا والولايات المتحدة الأمريكية الشعور بضرورة التبشير، إلا أن البروتستانت لم يكن لديهم رهبانيات تبشيرية مثلما كان للكاثوليك فاضطروا إلى تكوين الجمعيات التبشيرية لمواكبة التنافس بين القوى الأوربية لتتولى تعزيز مصالحها عن طريق كسب الأقليات المسيحية إلى مذهبها الديني .وقد زاد من تأكيد هذه الاتجاهات، هو وجود الإسلام والذي عد خصماً عبر الواقع التاريخي وتكريساته في الواقع الأوربي وخاصة في المجال التاريخي والمعرفي .
ويؤكد المؤرخون الكنيسيون بأن القرن التاسع عشر هو القرن العظيم لنشر المسيحية في العالم، في إشارة إلى كثافة الجهود التبشيرية التي بذلتها الكنيسة الكاثوليكية والكنائس البروتستانتية في هذا القرن. والحقيقة أن تصاعد المد الديني باتجاه الشرق الإسلامي، جاء متزامناً مع تنامي المصالح والأطماع الغربية في المنطقة، ومعبراً عن تصاعد المد الاستعماري الغربي بجناحيه الكاثوليكي والبروتستانتي، وفق ظروف ساهم في صنعها وصياغتها عبر ثلاثة قرون من استثمار الدافع الديني والسياسة الكنيسة، في السياسة الغربية الأوربية اتجاه العالم الإسلامي [12].
فقد كان لفرنسا الكثير من الإرساليات الدينية العاملة في تلك الفترة، كما أنشأت تلك الإرساليات على الكثير من المؤسسات الدينية التي عكست وجوده، أما بريطانيا فلم يكن لديها أي مصالح دينية تبشيرية في المنطقة تستطيع بها أن تنافس النفوذ الفرنسي والذي اصبح عميقاً في المنطقة ، وكان من الضروري على بريطانيا أن تفكر في إرسال بعثات تبشيرية تعمل على منافسة التبشير الكاثوليكي الفرنسي . خاصة بعد أن اصبح احتلال فرنسا لمصر، واتخاذها قاعدة للانطلاق نحو الشرق تهديدا مباشرا للمصالح البريطانية وكان من الأسباب التي دفعت باتجاه دخول البروتستانت إلى المنطقة [13].
إلا أن اتجاه التبشير البروتستانتي قد جاء إلى منطقة الشرق العربي الإسلامي، بحكم عدد من الأسباب والاعتبارات منها التنافس البريطاني الفرنسي على المنطقة، وكذلك محاولة فرنسا العمل على احتلال الأماكن التي تربط الطريق البري بالطريق البحري مما شكل تهديداً للمصالح البريطانية في المنطقة وخاصة في منطقة الخليج العربي والهند [14].
فأخذ المد الديني يتصاعد حتى كان من مظاهره بروز المؤسسات الدينية وتكوين الإرساليات الدينية التبشيرية والهيئات. فقد تشكلت مجموعة من الجمعيات التبشيرية في إنكلترا، مثل ( الجمعية المعمدانية الإنكليزية)The English Baptist Society ) عام 1792 وكذلك ( جمعية لندن الإرسالية)The London Missionary Society ) عام 1795 وكذلك( الجمعية الإرسالية أو جمعية التبشير الكنيسة) Society Missionary The Church عام 1799 وكذلك ( جمعية الكتاب المقدس البريطانية الأجنبية)The British hand Foreign Bible Society ) عام 1804 و (جمعية لندن لنشر المسيحية بين اليهود)London Society For promoting chrisnanty among Jews عام 1809[15].
وتعود بدايات فكرة إرسال بعثات تبشيرية إلى خارج الولايات المتحدة إلى بدايات القرن التاسع عشر، عندما تأسست (الهيئة الأمريكية للإرساليات التبشيرية الخارجية) Missions American Board of commissioners for Foreign في عام 1810ومقرها في مدينة بوسطن .وفي عام 1813 ثم إرسال مبشرين إلى الهند[16].
ولم يمض وقت طويل على تأسيس الجمعيات التبشيرية البروتستانتية، حتى أخذت تمارس نشاطاتها ، وكانت باكورة تلك الأعمال ، قيام الكنيسة الإنكليكانية ( البريطانية ) بإرسال (هنري مارتن) Henry Martin عام 1805 إلى كلكتا كقسيس في شركة الهند الشرقية ، ثم توجه إلى بلاد فارس ، وقام بترجمة العهد الجديد إلى الفارسية والهندوسية وأعد ترجمة للعربية والأرمينية. وبعد ذلك اخذ يتجول في بلاد الشرق الأوسط لدراسة أحواله والقيام بالوعظ وتوزيع الكتاب المقدس ولتأسيس الإرسالية فيها بعد أن تدرب على العمل التبشيري في أمريكا.
وفي عام 1818 قرر المجلس الوكلاء الأميركي للإرساليات الأجنبية إيفاد كل من المبشر ليري بارسنز Parsons Lery وبليني فيسك Pliny Fisk إلى الأراضي المقدسة لتأسيس إرسالية تبشيرية فيها. وقد قام هذا المجلس بتأسيس محطة تبشيرية في مالطا في العقد الثاني من القرن التاسع عشر ، وأخرى في بيروت عام 1825. وأوغر هذا المجلس إلى المبشر (أيلي سميت) D. Eli Smith و (دوايت) O. Dwight أن يتوجها إلى أوروبا لدراسة أحوال النساطرة هناك. حيث قررت الهيئة الأميركية بدء العمل التبشيري بين النساطرة شمال بلاد فارس[17].
وقد وجهت الهيئة الأميركية اهتمامها منذ البداية إلى الأقليات الدينية في الدولة العثمانية لاسيما اليونانية الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس وكذلك النساطرة لأنهم جاءوا متأخرين إلى المنطقة ووجدوا أن المبشرين الكاثوليك قد نجحوا في كسب أعداد كبيرة من المسيحيين إلى العقيدة الكاثوليكية ، كما لم يتردد المبشرين البروتستانت من محاولة كسب أفراد الطوائف المسيحية المرتبطة بالكنيسة الكاثوليكية في روما مثل المارونيين في لبنان والكلدان في شمال العراق [18].
وبالنظر لما أحرزته هذه الإرسالية من نجاح تحفزت فرق تبشيرية أخرى للعمل في المنطقة حيث عين المجلس الإرسالي الأجنبي للكنيسة الأسقفية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1835 القس (هوراتيو ساوث كيث) gate South Horatio مبعوثاً إلى الشرق الأدنى لدراسة إمكانية العمل التبشيري في بلاد فارس والدولة العثمانية وبالأخص الولايات العربية.
ولقد ركز البروتستانت على ضرورة إقامة المدارس والمعاهد العلمية والدينية، بعد أن ادركوا أثرها الواضح على المسيحيين الكاثوليك وقوة النفوذ الفرنسي. لذلك عملوا على إنشاء المدارس والمعاهد التعليمية لجذب أنباء السكان إليهم من خلالها. وقد ساعد على انتشار المدارس التبشيرية في ذلك الوقت قيام الحكم المصري لمحمد علي باشا في بلاد الشام والذي سمح للمبشرين البروتستانت والكاثوليك، ومنحهم الكثير من الحرية، حتى تنافسوا فيما بينهم على إقامة المدارس والمعاهد في المدن والقرى النائية في بلاد الشام.
حيث كان فيها التنافس التبشيري والاستعماري قد بلغ اعلى مراحله فقد أولى المبشرون البروتستانت عناية فائقة ، وقد حاولوا بكل الوسائل منافسة الجهود التبشيرية الكاثوليكية التي كان يقوم بها اللعازريون واليسوعيون والتي تمثلت بإقامة المؤسسات التعليمية [19].
فقد قام أيلي سميث منذ وصوله من مالطا إلى بيروت بإنشاء مدرسة للبنين وأخرى للبنات أعانته زوجته على إدارتها وذلك عام 1834. بعد ان كانت أول مدرسة أميركية في الشرق افتتحها ( إسحاق بيرد) pird وغودل W.Gödel في بيروت عام 1824 في منزلهما. وفي عام 1862 أقيمت مدرسة أخرى للبنات، وقد جعل الأمريكيون على إدارتها الآنسة (ماسون) Miss Mason . وقد نشطوا في فتح عدد من المدارس ففي عام 1875 قاموا بافتتاح الكلية السورية البروتستانتية عام 1866 في بيروت[20].
وقد نشطوا في بلاد الشام كذلك في جلب المطابع ، حيث جلبوا المطبعة الأمريكية عام 1834 والتي جلبت من مركزهم في مالطا والتي كانت تعمل على طبع المنشورات التبشيرية منذ عام 1822[21].
أما في مصر فقد بدأت الإرساليات البروتستانتية نشاطاتها في منتصف القرن التاسع عشر حيث أنشأ أولى مدارسها في القاهرة عام 1855 ، رغم أن الكنيسة القبطية القديمة لم تعرهم أذاناً صاغية غير أن جورج لانسج وفد إلى مصر عام 1857 ليفتتح اول مركزاً للتبشير بالبروتستانتية في الإسكندرية وليتولى المسؤولية عن مدرسة للبنات التي أنشأت عام 1856 وكان المبشرون (البرسبتيريون ) الاسكتلنديون ينفقون عليها [22].
فقد بلغت عدد المدارس سنة 1896 حوالي ( 169 ) مدرسة
تابعة بطريقة مباشرة للإرساليات و( 133 ) مدرسة للبنين و( 35 ) مدرسة للبنات. وقد بلغ عدد تلاميذها ( 11014 ) تلميذ وتلميذة.
وقد اشترت البعثة مقراً لها في الإسكندرية، كما أنشؤوا لهم مراكز في الفيوم وأسيوط لتسهيل العمل في الداخل المصري . وحين أبدى بطريرك الأقباط مقاومته الشديدة لنشاط البعثة تدخل الإنكليز والقنصلية الأمريكية لحماية المبشرين وخلال سبعينات القرن التاسع عشر بنيت الكنائس وأنشأت المدارس الداخلية للبنات، كما أنشأت الجمعيات الدينية وازداد عدد التلاميذ في المدارس الإرسالية زيادة ملحوظة. وكان المبشرون البروتستانت يستعينون بإنشاء الكنائس في المدن والقرى والمناطق النائية في الريف بالسكان المحليين وقاموا كذلك بطبع وتوزيع الإنجيل البروتستانتي وغيره من المطبوعات المسيحية، وفي مصر ضمت الإرساليات الأميركية شبكة واسعة من المدارس الابتدائية والثانوية في كل من الصعيد - بما في ذلك كلية أسيوط - ومنطقة الدلتا المجاورة لكل من القاهرة والإسكندرية[23] .
ولقد افتتح المبشرون الأمريكان كذلك عدد من المدارس في المدن التركية وسط الأناضول وبدأ هذا النشاط منذ منتصف القرن التاسع عشر، حتى بلغ عدد تلك المدارس خمسة وعشرين مدرسة في مدينة صغيرة مثل سيواس، والتي كان فيها حوالي ألف وخمسمائة تلميذ كان معظمهم من الأرمن، وتشير الإحصائيات الرسمية لعام 1914 إلى وجود 675 مدرسة أمريكية في تركيا العثمانية وقد بلغ عدد طلابها حوالي 35 ألف[24] .
كذلك أسس المبشر جوستن بركنز مدرسة داخلية للأولاد في عام 1838 ، ثم أعقبها بإقامة أخرى للبنات . كما جلبت البعثة الأميركية مطبعة خاصة لها بحروف سريانية وقام بيركنز بترجمة العهد الجديد للغة السريانية في عام 1846 وبعد عشر سنوات قام بترجمة العهد القديم إلى هذه اللغة ، وكتب المبشر أستودارد لأول مرة قواعد اللغة السريانية ( بالإنجليزية ). ومنذ عام 1837 وحتى عام 1873 صدر في إيران 110 الألف مطبوع دعائي بلهجة النساطرة . كما قام المبشرون بإصدار مجلة تعني بشؤونهم باسم (زانزيري ديارا ) أي أشعة النور[25].
كما أنهم توجهوا في بداية الأمر إلى الأقلية من الأقليات التي لم ترتبط مع كنيسة روما، وانتبهوا إلى النساطرة في جبالهم في كردستان وأورمية، كذلك اتصلوا بالدروز، وحاولوا العمل في أوساطهم ، وتمكنوا من جذب أعداد منهم إلى المسيحية البروتستانتية، كما توجهوا للاهتمام بالطائفة اليزيدية الموجودة في بعض ولايات الدولة العثمانية مثل الموصل وحلب وماردين. كما اهتموا من أجل توسيع نفوذهم بشؤون الطوائف المسيحية التي تضررت جراء التبشير الكاثوليكي، وحتى مع الكاثوليك الذين وقعوا بعدة مشاكل مع المبشرين الكاثوليك أنفسهم .
وكذلك فقد اهتموا بمنطقة الخليج العربي، فقد قام هنري مارتن بتقديم ترجمة عربية للإنجيل عام 1861 وفي عام 1889 أنشأ جيمس كانتين وصموئيل زويمر الإرسالية العربية Arabian Mission بالتعاون مع لانسنج أستاذ اللغتين العربية والعبرية في كلية اللاهوت التابعة للكنيسة الهولندية، ودشنت الإرسالية أول مركز تبشيري لها في البصرة وذلك في عام 1893 .
وافتتح لها فرعين الأول في البحرين والثاني في مسقط ، وقبل نهاية السنة بيع أكثر من مئة نسخة من الإنجيل. وافتتحت مدرسة اخرى في البصرة من قبل زويمر عام 1911 ، وكان لها نشاط طبي في الكويت عام 1910 وكذلك في الأهواز، وقد اقتصر النشاط التبشيري البروتستانتي في تلك المنطقة على تقديم الخدمات الطبية للسكان. إلا إنهم قاموا بتوزيع الكتاب المقدس وعدد من النشرات في عام 1892 ، كذلك فانهم وزعوا اكثر من 4000 نشرة في عام 1905[26] .
كما قام المبشرون في مجال التعليم بفتح مدارس تبشيرية في منطقة الخليج العربي، فقد افتتحت مدرسة تبشيرية للبنات من قبل المبشر زويمر وذلك عام 1892 في البصرة، وكانت زوجته تعمل بين النساء المسلمات, وافتتحت كذلك عام 1905 مدرسة للبنين في البحرين، وأخرى في القطيف. كما افتتحت عام 1912 مدرستين أولاهما للبنات والأخرى للبنين في البحرين وكانت تدعى مدرسة ( الرجاء الصالح ) [27].
وقد اسست في الكثير من الولايات العربية جامعات بروتستانتية وكاثوليكية ومعاهد امتدت من اسطنبول والقاهرة وحلب ودمشق ولبنان والخرطوم في السودان حيث قامت فيها جامعات التبشير البروتستانتي ، وتولى فيها المبشرون تدريس العلوم النظرية والتطبيقية من الهندسة والطب والحقوق والأدب واللغات وأصبح الانتماء إلى هذه الجامعات ميزة كبيرة لأبناء الشرق، وغالباً ما كانت تستقبل تلك الجامعات خريجي المدارس التبشيرية المنتشرة في كافة الولايات العثمانية، والتي كانت تعطي إلى جانب الدروس الدينية واللغات الأجنبية كانت تعطي فصولاً من العلوم الصرفة، وقد أصبحت هذه المدارس مراكز جذب لأبناء المسلمين، والذين أقبلوا على الدراسة فيها بشكل محدود ولأبناء الطبقات الثرية منهم [28].
ففي بلاد الشام أعطت (التنظيمات) التي فرضتها بريطانيا وفرنسا على الدولة العثمانية، للمسيحيين تطلعات إلى وضع اجتماعي ممتاز، بل أن هذه التطلعات تجاوزت حدوود الإطار الاجتماعي في ظل الحماية الأجنبية (المسيحية) وقد استغل الكثير من مسيحي الشام في ظل التعبئة التي كان يمارسها المبشرون اليسوعيون، إلى التمادي في سلوكهم وإلى التجاوز على المسلمين، وإلى منافسيهم تجارياً، ذلك أن الأوربيون كانوا يعطونهم الأموال فيشترون لهم ما يحتاجونه من الشام ويرسلونها لهم، وبذلك أصبحت مصالحهم مرتبطة مع الفرنسيين خاصة[29].
وكذلك فان اليسوعيين استغلوا اشتعال الفتنة الكبيرة بين طائفة الدروز، والمسيحيين في حصبيا عام 1860 والتي كان يقطنها الكثير من المبشرين اليسوعيين ، وكان لهم فيها مباني ومنشآت دينية كثيرة. حيث قام الدروز بعد عدة معارك بينهم وبين الموارنة، وإلى مهاجمة دير الرهبان اليسوعيين. كما قاموا بمهاجمة الأديرة الأخرى، والاعتداء على الرهبان وتخريب الكنيسة. وقد أثارت هذه الأعمال القناصل الأوربيين في بيروت، وهو ما أدى إلى التدخل لدى الوالي العثماني ، لكف الاعتداء على المسيحيين[30].
على أن تلك الفتنة طالت مقرات القنصليات في بيروت فقد هاجم اللبنانيون القنصلية الروسية ودمروا القنصلية وقتلوا ترجمانه وكل من وجوده من الموظفين، كذلك مضت الجماهير غاضبة على مقر القنصليات الأمريكية واليونانية والبلجيكية وغيرها من القنصليات، اعتقاداً منهم أنهم أعوان المسيحيين عليهم ، لكنهم لم يجدوا سوى القنصل الأمريكي الذين أصابوه بجراح خطيرة ، كما هاجموا الكثير من الرهبان الفرنسيسكان وقتلوهم[31] .
أما فرنسا ، فإنها أنزلت قواتها واحتلت لبنان حيث تعجلت فرنسا التدخل بحجة أن الدول تباطأت في تنفيذ مقررات باريس وأعدت حملة قوامها سبعة آلاف جندي تحت قيادة الجنرال (بوفور دوتبول) ومما ابتكرته الدبلوماسية الغربية خطبة لنابليون لهذه القوات قائلاً لهم ( لستم ذاهبين لشن حرب على أحد، ولا لغزو بلد ولكن لمساعدة السلطان ضد رعاياه المتعصبين المفسدين لذلك فإن مهمتكم ليست إلا لنصرة العدالة والإنسانية )[32].
وقرروا المؤتمرين ووكلاء الدول الأوربية ، أن تكون إدارة الجبل بواسطة متصرف مسيحي من طرف الدولة العثمانية وبرضا من الدول الأوربية ، وعلى ان يكون هذا المتصرف – كما اقره المؤتمرون - أن يكون نصرانياً أوربياً ومن أتباع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، وليس وطنياً سورياً، مسلماً أو مسيحيا[33].
ثم انها استولت بعد ذلك على ميناء العقبة على البحر الأحمر . ثم وضعت يدها على فلسطين ومنطقة شرق الأردن، وقامت باحتلال الخليج العربي، ثم العراق ، ثم ربحت البحر المتوسط عن طريق صحراء سيناء وفلسطين .
ومنذ أن أقدمت إنكلترا على احتلال الخليج العربي، أصبح ما يقارب من مجموعة السواحل جنوبي الخليج تحت الاحتلال البريطاني، وكانت سلطنة عمان، أول منطقة فرضت عليها إنكلترا ( حمايتها ) ومنها استولت على( صحار ) حيث القاعدة الجوية البحرية. ثم كانت الكويت تحت ( الحماية ) الإنكليزية منذ أواخر القرن التاسع عشر ، حينما طلب أمير الكويت حمايته من الباب العالي [34].
وكان احتلال العراق بعد ذلك في بداية الحرب العلالمية الاولى قد ضمن لها طريق الهند بشكل كبير اضافة الى سلامة طريقها إلى البحر المتوسط ويؤمن لها غلق الطريق على أي عدو من جهة بغداد – خانقين – عبادان [35].
الا ان ذلك كله لم يكن كافيا امام المخطط الاستراتيجي النصراني الاوربي في بسط هيمنته على منطقة الشرق المسلم منطقة الهلال الخصيب والذي اخضعه إلى إدارات استعمارية مختلفة المنهج والأسلوب، وانما سعى الى الاتفاق حول مسالة في غاية الخطورة وهي ان الدولة الإسلامية وكيانها السياسي ستشكل على الدوام خطر داهم على قيادات الغرب الإيديولوجية والسياسية ، وانه لابد من العمل على منع نهوض ذلك الكيان مرة اخرى من خلال أن الكيان الإسلامي الممزق يجب ان يخضع لعدة إدارات أوربية، وانه لابد من وضع الحدود لتلك الكيانات الهزيلة، والتي تأخذ أبعاداً جغرافية وإقليمية وفصل آفاق التفكير والشعور بين تلك الآفاق الضيقة المحدودة سياسياً وإدارياً .
كان العمل الاخر والذي تولى التبشير مهمته ، فهو العمل على تنصير اليهود فقد فكر المبشرون بهذا الأمر ووجدوه ممكنا، ومن هذا المنطلق قام البريطانيون بتأسيس ( الجمعية اللندنية لنشر النصرانية بين اليهود ) وتشجيعهم على الهجرة إلى فلسطين، وكان ذلك منذ أيام محمد علي باشا، لما وجد المبشرون منه تساهلاً بهذا الشان أسسوا كنيسة صهيون، وهي أول كنيسة بروتستانتية في الدولة العثمانية، وبعد انسحاب جيوش محمد علي من الشام، أسس الملك( فردريك الرابع) ملك بروسيا ( الأسقفية البروسية ) في القدس لإصلاح الكنائس الشرقية عامة ولتنصير اليهود خاصة. وقد بلغ عدد ما أقامه مبشروا الصليبية سبعة وعشرين كنيسة تبشيرية لليهود في فلسطين. وكان من مصلحة الدول الاستعمارية والداعمة لحركات التبشير أن تقدم التسهيلات المطلوبة لليهود في فلسطين، حتى أن مدارس التبشير بالقدس كانت تعمل على تهيئة الطلاب الدارسين بها مسلمين ونصارى ليقبلوا نزول اليهود في الأراضي المقدسة [36].
كما أعلن الجنرال اللبني[37] بعد دخوله القدس عام 1917 مستعلياً بانتصاراته العسكرية بقوله ( الآن انتهت الحروب الصليبية ). وقد اضاف الى ذلك اللورد البريطاني ولبخنتون ( إن الإمبراطورية العثمانية ليست كغيرها من الدول الأخرى فانها إذا غزيت اراضيها وأخذت عاصمتها وقامت ثورات في ولايتها لا تلبث أن تنهض بعد خروج القوات الغازية منها وحينذاك يكون إعادتها كما كانت أمراً شاقاً يصعب تحقيقه) . ومن اجل ذلك تصرف الحلفاء بطريقة ساعدت فيه جمعية الاتحاد والترقي في تركيا من القيام بثورتها، وزحفها إلى العاصمة اسطنبول مدعومة بالجيش لتعلن نهاية الدولة الإسلامية وإقالة السلطان عبد الحميد الثاني من الحكم ، وقد أعلن أسماً لهذه الثورة بـ ( الدستورية ) عن قصد وتخطيط .
وهكذا ضمن الغرب الصليبي نهاية القوة السياسية والعسكرية للإسلام بإسقاط الخلافة ، وإنهاء دولتها ، وعزل تركيا عن العالم الإسلامي وقيام نظام حكم وطني علماني بديلاً عن الإسلام وشريعته. وكذلك بتمزيق الولايات العربية وجعلها خاضعة للحكم الأوربي الصليبي المباشر وتمرير المناهج الغربية فيه على كل مناحي الحياة فيه و من خلال الفصل بين العروبة والإسلام [38].
ومن خلال إقامة وطن قومي لليهود في قلب المنطقة العربية الإسلامية . وتهيئة كافة السبل والأساليب لإنجاح هذا الكيان والوطن وقد تولت السياسة البريطانية والأمريكية تلك السبل والوسائل، وقد كان للكنيسة البروتستانتية في ذلك الوقت الدور الكبير في خلق هذا الاتجاه وتكوينه في حين تولى التبشير البروتستانتي دعم هذه السياسة بكل الوسائل والسبل[39] .
فقد كان التبشير البروتستانتي يستند إلى نشاطات وإنفاق الدولة في تلك الفترة، الا انه لم يكن لديه قيادة مركزية، أو مرجعية ينتهي إليها- كما كان للتبشير الكاثيولوكي - فقد انقسمت البروتستانتية إلى عدد كبير من الكنائس والطوائف تبعاً لإفهام معينة لحرفية الكتابة المقدس, لذلك كان من الصعوبة الوقوف على خطة عمل تبشيرية فيما بينهم في منطقة الشرق العربي الإسلامي ، كما أنهم جاءوا إلى المنطقة في أوقات متأخرة استجابة للدواعي السياسية والدينية التي اقتضاها التنافس البريطاني – الفرنسي على المنطقة[40] .
الا ان هذه المحاولات في توظيف الجانب الديني للأغراض السياسية كانت هي المرة الاولى في القرن العشرين التي نجح فيها في ذلك , رغم ان التبشير البروتستانتي نجح إلى حد بعيد في الجانب التعليمي والمدرسي ، فقد انتشرت مؤسساته التعليمية المتوسطة والابتدائية والثانوية والعالية في أماكن مختلفة من الشرق العربي الإسلامي، وخاصة في مصر وبلاد الشام وتركيا والعراق
For more question or explanation stay with the web site, www.nasr-i.org
Or call: Info@nasr-i.org
Copyright © 2006 . All rights reserved to N A S R , Nothing in this publication may be reproduced without the permission of the publisher.
[1] محمد فؤاد شكري. محمد أنيس, أوربا في العصور الحديثة, ج1 ، ط2 ، القاهرة 1961,ص244 .
[2] محمد فؤاد شكري ,مصدر سابق ,ص 246.
[3] فرنسي المخلصي, مصدر سابق, ص54.
[5] جرانت ، هارولد تمبرلي , مصدر سابق ,ص 245.
[6]- حارث يوسف غنيمة ( البروتستانت الإنجيليون في العراق ) مطبعة الناشر المكتبي ، بغداد 1998 ، ص22 .
[8] حارث يوسف غنيمة, مصدر سابق , ص 54.
[11] يوسف كرم , تاريخ الفلسفة الأوربية في العصر الوسيط, القاهرة, 1968, ص177 .
[12] فرنسي المخلصي, مصدر سابق, ص 153.
[13] طلال عتريسي, البعاث اليسوعية, الوكالة العالمية للتوزيع ،لبنان 1987 ، ط 1, ص196.
[14] - Zaki salih, op cit, p-54.
[15] - Gabriel Joseph Op cit . P 74.
[17]- Finnie , op cit, P 202 .
[18]- John Joseph , the Nestorians and their Muslim neighbor ( princeton-1961 ) p,41 .
[19] طلال عتريسي, مصدر سابق, ص 145.
[20] وجيه كوثراني, مصدر سابق , ص 230.
[21] خليل صابات , تاريخ الطباعة في الشرق العربي, دار المعارف ، مصر , 1958, ص 176.
[23] Field, James, op cit, p-233.
[25] أحمد سوسة , ملامح التاريخ القديم ليهود العراق , ط/1 ، مطبعة أسعد ، بغداد 1978 ، ص122
[27] Gordon: Leland James, op cit, p-271.
[28] نذير حمدان, مصدر سابق, ص 180.
[30] Marlowe John, op cit, p-71
[31] وجيه كوثراني, مصدر سابق, ص 166.
[33] وجيه كوثراني, مصدر سابق ,ص 170.
[34] Sachar, M Howard. Europe Leaves The Middle East 1936 -1954 New York: Knopf, 1972, p-22.
[36] أحمد سوسة, مصدر سابق, ص 270.
[38] علي محمد الصلابي , مصدر سابق , ص 270