15 Jul
15Jul


جاءت الدولة الوطنية الحديثة في أوروبا لتشكل أهم التحديات أمام سلطة الكنيسة, حيث كان للكنيسة الكاثوليكية سلطة مطلقة في أوربا الغربية في القرون الوسطى، وكانت دولة أضخم من الدولة الزمنية، ويتمتع رجال الدين المسيحي بالكثير من المميزات والحقوق المدنية، والتي لم يكن يتمتع بها سائر أفراد المجتمع، كالإعفاء من الضرائب وعدم المثول أمام محاكم الدولة الزمنية، حيث كان للكنيسة محكمتها الخاصة بها وكان من وظائف الكنيسة، فرض الضرائب على بقية طبقات المجتمع، فضلاً عن كون الكنيسة تملك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المعفاة من الضرائب كما كان لها، كل ما كان للدولة الزمنية، حتى كان الملوك والأباطرة والأمراء يخشون سلطة الكنيسة من إصدار الحرمان بحقهم.

إلا أن الأمر لم يستمر بهذا الاتجاه، وذلك نتيجة لانتعاش التجارة في غرب أوربا ووسطها، وكان لظهور المدن التجارية، أثراً خطيراً على الإقطاع والكنيسة وهز وجودهما هزاً عنيفاً. وكان ذلك طبيعياً لظهور الحرف التي أدت بالتالي لظهور المدن ، وقد أدى ذلك بطبيعة الحال إلى ضعف النظام الإقطاعي ، وضعف السلطة السياسية والإدارية للكنيسة التي كانت تتربع على هرم النظام الإقطاعي.

إن تطور الأوضاع في أوربا في هذا الاتجاه أدى إلى ظهور حكومات قوية في المدن ، وأرادت فرض سيطرتها ودعمها في تلك المدن ، ومن هنا وقع الاختلاف بين البابوية والإمبراطوريات الأوربية وملوكها [1].

 

لقد دفع هذا النزاع بعض الباباوات مثل جويجوري السابع وأنوسنت الثالث وبونيغاس الثاني إلى تعديل ( النظرية المسيحية البابوية ) في الحكم الثنائي للدولة والكنيسة، إلى القول بأن على المدنيين جميعاً حكاماً ومحكومين الخضوع             للبابوية، حيث أرادت البابوية أن تستخدم نفوذها الروحي لتأييد حقها في الحكم المطلق، لكن نمو السلطة المدنية، لم يتح لهذه النظرية النجاح. حيث تولى عروش أوربا في عصر النهضة ملوك أقوياء كما حدث في فرنسا وأسبانيا وإنجلترا ، حيث أخذ هؤلاء الملوك على عاتقهم معارضة سلطة البابا في بلادهم ونجحوا إلى حد كبير في تحدي سلطانه ونفوذه[2].

 

كان من العوامل الأخرى التي أدت إلى قوة سلطة الدولة الوطنية، وتماسكها ظهور الحركات الإصلاحية في غرب أوربا، والتي كانت في صراع مع البابوية ، وكانت بحاجة إلى مساندة الأمراء والملوك، لذلك نادت بضرورة أن يكون للدولة سلطاناً قادراً على فرض هيبتها وأرادتها، بينما أكدت على أن وظيفة الكنيسة مقتصرة على نشر الإنجيل ورسالته، وممارسة الأسرار
المقدسة.

 

أدت هذه التطورات إلى انحسار سلطة البابا، وتهديد هيمنة الكنيسة على المجتمع المسيحي الغربي، وأدى إلى قوة سلطة الدولة، كما هدد ذلك بضياع هيبة البابوية والكنيسة معاً من الناحية السياسية أو محاولة التدخل في شؤون الأوربية[3].

 

إلا أن هذه الأحداث أدت من طرف آخر إلى تركز سلطة البابا والكنيسة في الشؤون الدينية والاجتماعية بشكل مكثف، ورأت الكنيسة أن تشد قبضتها في هذه الأمور لإنعاش سلطتها الروحية لدى الشعوب الأوربية، وكان الاتجاه نحو تنمية النزعة الصليبية من جديد وتغذيتها وتوظيفها باتجاه الشرق المسلم لتعويض التدهور الذي تعرضت له إبان تلك الأحداث ولسد الفراغ في السلطة السياسية البابا والكنيسة، كذلك لتكون صاحبة قرار مع السلطة السياسية للدولة فيما تتخذه تجاه الشرق المسلم من مخططات وبرامج .

 

أما الدولة الوطنية التي نشأت في أوربا فعلى الرغم من أنها استقلت بشكل تدريجي عن الكنيسة الكاثوليكية وسلطتها البابوية، إلا أنها لم تهمل الكنيسة الكاثوليكية وعدتها جزءً منها، وقد ظلت سياسة الدولة تحاول الاستفادة من الدوافع الروحية في وظائفها السياسية، وعلاقاتها الدولية، ومطامحها الاقتصادية والتي شكلت بالتالي الظاهرة الاستعمارية. فقد كانت الدولة الحديثة تطمح أن تمد سلطان نفوذها إلى خارج القارة الأوربية.

 

إن توافق أهداف الكنيسة الكاثوليكية التي كانت ترمي إلى مد نفوذها خارج أوربا، مع أهداف الدولة الحديثة في هذا الإطار، اضافة إلى اعتزاز الدولة الوطنية بقوميتها واعتدادها بصلاحية حضارتها ، وأخذها على عاتقها نشر أصول هذه الحضارة إلى جانب مذهبها دفع الى تعاون الكنيسة في هذا الاتجاه تعاوناً وثيقاً ، وأصبحت سياسة الدول الكبرى الأوربية سياسة صليبية متعصبة ولذلك كانت المناطق التي وطأتها الدول الكاثوليكية مثل أسبانيا وفرنسا والبرتغال أصبح فيها للكنيسة الكاثوليكية فروعاً فيها، ولقد كانت الكنيسة تعمل على توطيد مصالح الدول الأوربية الاستعمارية عن طريق الإرساليات التبشيرية التي كانت جنباً إلى جنب مع الحملات الاستعمارية التي تجوب البحار وكانت طبيعة التكافؤ بين الدولة الحديثة والكنيسة الكاثوليكية يتمثل في طبيعة الأهداف المزدوجة التي كانت تسعى إليها كل من الدولة والكنيسة [4].

 

      غير ان حركات الإصلاح الديني كانت من أخطر التحديات التي واجهت الكنيسة الكاثوليكية وأشدها تأثيراً على مستقبل تاريخها في داخل أوربا وخارجها، ذلك لأن تلك الحركات لم تكتف بتوجيه الانتقادات إلى المساوئ التي كانت تعاني منها الكنيسة الكاثوليكية في النواحي الأخلاقية والإدارية والمالية، فحسب ، بل أنها وجهت نقدها واتهاماتها إلى قمة الكنيسة المتمثلة بالبابا ونفت عصمته ، بل ووجهت نقدها إلى العقيدة الكاثوليكية ذاتها ، وانتقدتها انتقاداً لاذعاً دفعت لصراعات واسعة استمرت لقرنين من الزمان، كما أنها طعنت في سلطات الكنيسة الزمنية وأنكرت عليها وظائفها ، واعتبرتها قد تجاوزت حدود سلطتها .

 

فقد كانت الحركات الإصلاحية ترى، أن الشؤون المدينة من اختصاص الدولة بل أنها رأت في سبيل التخلص من المفاسد الإدارية للكنيسة، وأن للدولة حق التصرف في كثير من الشؤون الكنيسة، وجاءت هذه الأفكار الإصلاحية كردة فعل عنيفة إزاء سلطة البابا المطلقة الأثوقراطية، والتي كانت تحتكر كافة السلطات الدينية العليا والتي كان يمارسها على المجتمع الأوربي والتي أدت إلى الكثير من المفاسد والشرور[5] .

 

فاجتاح الشعورً الديني العارم أوربا منذ نهاية القرن السابع عشر، واستمر حتى تمثل في الثلث الأول من القرن الثامن عشر بالحركة التي قامت عام 1727 والتي عرفت باسم ( اليقظة العظمى الأولى  Great a wakening ) والتي اتسمت بهياج ديني عام وكبير، ولم يعرف حدووداً اجتماعياً أو جغرافياً، إذ شملت الريف والحضر، كما شملت جميع طبقات المجتمع ، وكانت بداية الحركة بين أتباع الكنائس المصلحة في نيوجرسي في الولايات المتحدة ، ثم امتدت لتشمل المشيخيين والجمهوريين ووصلت ذروتها عام 1740 في نيو أنكلند ، وكان من أبرز الوعاظ في هذه الحركة ( يوناثان ادواردز Jonatnen Edwards ) وجورج وايتفيلد وقد تميزت بمطالبتها بأن يتغير الإنسان تغييراً فورياً وجذرياً، وعندئذ كما يقال يرى النور.

 

 وفي نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر ، و بعد الثورة الأمريكية ( 1775 – 1783 ) تجددت نهضة مماثلة عرفت ( باليقظة العظمى الثانية) وقد بدأت هذه اليقظة في الكنائس الابريشانية في نيو انكلند ثم انتشرت بين المشيخية والميتودست والمعمدانيين وسائر أنحاء أمريكا ودعا قادتها إلى نبذ العاطفة المفرطة والقيام بالأعمال المسيحية الخيرية الفعالة.. [6].

 

كذلك هوجمت الكنيسة بعنف وقسوة على أيدي المصلحين ، في أغلب البلدان الأوربية الغربية وخاصة في ألمانيا ، وكان الهجوم قد استهدف عقيدتها وتعاليمها وقيادتها الروحية المتمثلة بالبابا وطبقة الاكليروس وأعضاء المجمع المقدس .

 

كان تأثير الحركة الإصلاحية بطيئاً في بدايته ، إلا أنه سرعان ما تشكل تحدياً واسعاً للكنيسة الكاثوليكية ، خاصة حينما جاهروا بأفكارهم حول بطلان عبادة الأيقونات وصكوك الغفران وعصمة البابا ، في الوقت الذي كانت فيه الكنيسة تواجه النتائج القاسية التي أطاحت بالكثير من سلطتها وهيبتها التي تمخضت عن نشوء الدولة الوطنية.

 

انتشرت أصداء الحركة الإصلاحية في كل مكان من أوربا ، في فرنسا وألمانيا وإنكلترا حتى وجدت الكنيسة الكاثوليكية أنها أمام تحدٍ كبير على زعامتها الروحية للعالم المسيحي الغربي الذي بات مهدداً بخطر الانقسام [7].

 

أقام المحتجون أو المصلحون والذين أطلق عليهم فيما بعد (البروتستانت ) للتدليل على هذا المعنى ، فقد انشاوا كنيسة خاصة بهم ، وكانت لهم أفكارهم التي أوحت لهم عقيدتهم المسيحية الجديدة ، والتي لا تدين للبابا بالولاء والطاعة ، والتي رفضت الكثير من أصول العقيدة الكاثوليكية ، فقد رفضوا عقيدة عصمة البابا ، ونادوا بحرية القسوس بالزواج ، ولم يعد هناك رهبان أو راهبات من البروتستانت ، وأصبحت لغة الكنيسة هي اللغة القومية بدلاً من اللغة اللاتينية ويعلنون أن المصدر الوحيد للدين المسيحي هو الكتاب المقدس[8].

 

إن هذه التحديات التي واجهتها الكنيسة الكاثوليكية في الغرب ، وعلى المستوى الدولي أثرت تأثيراً قوياً وواضحاً في التطور التاريخي للتبشير ، ووظائفه الفكرية، وخاصة بعد أن انقسام الوحدة الكنيسة المسيحية الغربية، حيث أضافت كنيسة جديدة إلى مجموعة الكنائس الأخرى، وتقهقر سلطان البابا وضعف نفوذه في الأحداث السياسة في عموم أوربا والعالم المسيحي، بل وأصبح نفوذه لا يشتمل الكثير من المسيحيين الغربيين .

 

لذلك اتخذت الكنيسة خطوات لتكثيف جهودها في مجال التبشير في خارج أوربا في العالم الجديد، والشرق العربي الإسلامي، وقد أدت هذه التطورات إلى نشوء تنافس حاد بين الكاثوليك والبروتستانت الأمر الذي أدى إلى نشوء ( التبشير المذهبي ) أو التنافس والصراع المذهبي، حيث كان كل مذهب يدعو لكنيسته،  ففي حين كان المد الديني البروتستانتي يجتاح الكنائس الأميركية والبريطانية منذ القرن الثامن عشر، والذي كان بصدد تأصيل الفكر الإصلاحي الديني ، وتنظير فلسفته ، إزاء التحديات التي فرضها نجاح التبشير الكاثوليكي في العالم الجديد والأماكن الأخرى، بدأ لدى البروتستانت يؤكدون على ضرورة كسب الأتباع ونشر الكنيسة الإصلاحية .

 

غير ان التبشير البروتستانتي لم يبدو واضحاً في منطقة الشرق العربي الإسلامي في ذلك الوقت إلا في مناطق نائية في صحرائه، وكانت محاولات فردية واستطلاعية، وكان تأثيرها محدوداً جداً[9] .

 

لكن بنهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، أخذ الحماس الديني في إنكلترا والولايات المتحدة الأمريكية يتصاعد  وبدات الحركة التبشيرية تتكون بواكيرها مع هذا الاتجاه الداخلي [10]، والذي كان تعبيراً ، عن الارتباط بين النشاط الديني البروتستانتي وبالتطورات التي صاحبت النزعة الأوربية الاستعمارية .

 

إن الدافع الديني الذي انتعش في تلك الغضون ، كان يوجه تلك النزعات ، حيث تغلغل بعيداً في عمق العقلية الأوربية، التي راحت تستثمر تطوراته الداخلية في أوربا، كذلك كان في الاتجاه البروتستانتي تأثيراً واضحاً للكتاب المقدس في ان يتمسك البروتستانت بحرفيته دوراً في لفت أنظار الغرب إلى ثروات الشرق الغنية وكنوزه وحضارته الراقية الغابرة فمن الملاحظ أن الكثير من المبشرين والسياسيين الذين دخلوا الشرق العربي الإسلامي يذكرون كيف أن الكتاب المقدس ( العهد القديم ) كان يتحدث عن آشور وبابل، وغيرهم من الأقوام وما أنجزوه من حضارات ومدنيات[11].

 

وبدات طلائع وتوافد الإرساليات التبشيرية البروتستانتية في أوائل القرن التاسع عشر بالوصول الى منطقة الشرق المسلم بعد ان اشتد التنافس الاستعماري على نحو واضح بين كل من فرنسا وبريطانيا فيها. وكان من مظاهر هذا التنافس، توافد الإرساليات التبشيرية، والتي حاولت أن تجد لها موطئ قدم في مناطق النفوذ الحيوية في الولايات العثمانية.

 

خلقت هذه الأحداث التي شهدتها إنكلترا والولايات المتحدة الأمريكية الشعور بضرورة التبشير، إلا أن البروتستانت لم يكن لديهم رهبانيات تبشيرية مثلما كان للكاثوليك فاضطروا إلى تكوين الجمعيات التبشيرية لمواكبة التنافس بين القوى الأوربية لتتولى تعزيز مصالحها عن طريق كسب الأقليات المسيحية إلى مذهبها الديني .وقد زاد من تأكيد هذه الاتجاهات، هو وجود الإسلام والذي عد خصماً عبر الواقع التاريخي وتكريساته في الواقع الأوربي وخاصة في المجال التاريخي والمعرفي .

 

ويؤكد المؤرخون الكنيسيون بأن القرن التاسع عشر هو القرن العظيم لنشر المسيحية في العالم، في إشارة إلى كثافة الجهود التبشيرية التي بذلتها الكنيسة الكاثوليكية والكنائس البروتستانتية في هذا القرن. والحقيقة أن تصاعد المد الديني باتجاه الشرق الإسلامي، جاء متزامناً مع تنامي المصالح والأطماع الغربية في المنطقة، ومعبراً عن تصاعد المد الاستعماري الغربي بجناحيه الكاثوليكي والبروتستانتي، وفق ظروف ساهم في صنعها وصياغتها عبر ثلاثة قرون من استثمار الدافع الديني والسياسة الكنيسة، في السياسة الغربية الأوربية اتجاه العالم الإسلامي [12].

 

فقد كان لفرنسا الكثير من الإرساليات الدينية العاملة في تلك الفترة، كما أنشأت تلك الإرساليات على الكثير من المؤسسات الدينية التي عكست وجوده، أما بريطانيا فلم يكن لديها أي مصالح دينية تبشيرية في المنطقة تستطيع بها أن تنافس النفوذ الفرنسي والذي اصبح عميقاً في المنطقة ، وكان من الضروري على بريطانيا أن تفكر في إرسال بعثات تبشيرية تعمل على منافسة التبشير الكاثوليكي الفرنسي . خاصة بعد أن اصبح احتلال فرنسا لمصر، واتخاذها قاعدة للانطلاق نحو الشرق تهديدا مباشرا للمصالح البريطانية وكان من الأسباب التي دفعت باتجاه دخول البروتستانت إلى المنطقة [13].

 

إلا أن اتجاه التبشير البروتستانتي قد جاء إلى منطقة الشرق العربي الإسلامي، بحكم عدد من الأسباب والاعتبارات منها التنافس البريطاني الفرنسي على المنطقة، وكذلك محاولة فرنسا العمل على احتلال الأماكن التي تربط الطريق البري بالطريق البحري مما شكل تهديداً للمصالح البريطانية في المنطقة وخاصة في منطقة الخليج العربي والهند [14].

 

وقد اخذ التبشير البروتستانتي في القرن التاسع عشر يتوسع بتوسع المستعمرات الأوربية مع الأسواق الخارجية. والحقيقة أن بعث الحياة الدينية البروتستانتية منذ أواخر القرن الثامن عشر في أوربا وأمريكا ارتبط بشكل وثيق مع الحركات الاقتصادية والإمبريالية الجديدة. وساهمت الثورة الصناعية في تسهيل النقل والمواصلات، بحيث لم تعد عائقاً أمام المبشرين.

 

فأخذ المد الديني يتصاعد حتى كان من مظاهره بروز المؤسسات الدينية وتكوين الإرساليات الدينية التبشيرية والهيئات. فقد تشكلت مجموعة من الجمعيات التبشيرية في إنكلترا، مثل ( الجمعية المعمدانية الإنكليزية)The English Baptist Society ) عام 1792 وكذلك ( جمعية لندن الإرسالية)The London Missionary Society ) عام 1795 وكذلك( الجمعية الإرسالية أو جمعية التبشير الكنيسة) Society Missionary The Church عام 1799 وكذلك ( جمعية الكتاب المقدس البريطانية الأجنبية)The British hand Foreign Bible Society ) عام 1804 و (جمعية لندن لنشر المسيحية بين اليهود)London Society For promoting chrisnanty among  Jews  عام 1809[15].

 

أما في الولايات المتحدة الأمريكية ، فقد كانت في القرن التاسع عشر تمر كذلك بمرحلة من الانتعاش الديني والذي تمثل بإنشاء الجمعيات الدينية ونشر الأدب الإنجيلي وإنشاء الهيئات التبشيرية، وازدياد حدة الجدل الديني فيها، وقد جرى تأكيد المعتقدات والممارسات المسيحية من الداخل ، كما اشتد الحماس للتبشير في الخارج.

 

وتعود بدايات فكرة إرسال بعثات تبشيرية إلى خارج الولايات المتحدة إلى بدايات القرن التاسع عشر، عندما تأسست (الهيئة الأمريكية للإرساليات التبشيرية الخارجية)   Missions American Board of commissioners for Foreign في عام 1810ومقرها في مدينة بوسطن .وفي عام 1813 ثم إرسال مبشرين إلى الهند[16].

 

والحقيقة فأن المطامح التجارية الأمريكية كانت في تلك الفترة تتجه إلى المنطقة الإسلامية وربما كانت البدايات منصبة على المناطق الناشطة تجارياً واقتصادياً مثل الهند وطريقها البحري. والتي كانت تعد قمة المصالح البريطانية انذاك، وقد جلب البريطانيون معهم بعض الأفراد من المبشرين
البروتستانت. واما اتجاه المصالح الأمريكية في المنطقة، وقيام علاقات تجارية مع الدولة العثمانية فقد اقتضى أن تقيم الولايات المتحدة الامريكية علاقات اقتصادية وتجارية مع السكان وخاصة مع الأقليات المسيحية .

 

ولم يمض وقت طويل على تأسيس الجمعيات التبشيرية البروتستانتية، حتى أخذت تمارس نشاطاتها ، وكانت باكورة تلك الأعمال ، قيام الكنيسة الإنكليكانية ( البريطانية ) بإرسال (هنري مارتن) Henry Martin عام 1805 إلى كلكتا كقسيس في شركة الهند الشرقية ، ثم توجه إلى بلاد فارس ، وقام بترجمة العهد الجديد إلى الفارسية والهندوسية وأعد ترجمة للعربية والأرمينية. وبعد ذلك اخذ يتجول في بلاد الشرق الأوسط لدراسة أحواله والقيام بالوعظ وتوزيع الكتاب المقدس ولتأسيس الإرسالية فيها بعد أن تدرب على العمل التبشيري في أمريكا.

 

وفي عام 1818 قرر المجلس الوكلاء الأميركي للإرساليات الأجنبية إيفاد كل من المبشر ليري بارسنز Parsons Lery وبليني فيسك Pliny Fisk إلى الأراضي المقدسة لتأسيس إرسالية تبشيرية فيها. وقد قام هذا المجلس بتأسيس محطة تبشيرية في مالطا في العقد الثاني من القرن التاسع عشر ، وأخرى في بيروت عام 1825. وأوغر هذا المجلس إلى المبشر (أيلي سميت) D. Eli Smith و (دوايت)  O. Dwight أن يتوجها إلى أوروبا لدراسة أحوال النساطرة هناك. حيث قررت الهيئة الأميركية بدء العمل التبشيري بين النساطرة شمال بلاد فارس[17].

 

الا ان أول ظهور للمبشرين الأمريكان في الشرق كان في عام 1820 ، ونظراً لعدم وجود علاقات دبلوماسية بين أمريكا والدولة العثمانية لغاية 1831 فإن أولئك المبشرون كانوا تحت حماية الدبلوماسيين الإنكليز، ذلك أن فرنسا كانت ترعى الكاثوليك وروسيا كانت ترعى الأرثوذكس بينما لم يكن لبريطانيا طائفة مسيحية ترعاها.

 

وقد وجهت الهيئة الأميركية اهتمامها منذ البداية إلى الأقليات الدينية في الدولة العثمانية لاسيما اليونانية الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس وكذلك النساطرة لأنهم جاءوا متأخرين إلى المنطقة ووجدوا أن المبشرين الكاثوليك قد نجحوا في كسب أعداد كبيرة من المسيحيين إلى العقيدة الكاثوليكية ، كما لم يتردد المبشرين البروتستانت من محاولة كسب أفراد الطوائف المسيحية المرتبطة بالكنيسة الكاثوليكية في روما مثل المارونيين في لبنان والكلدان في شمال العراق [18].

 

فقد قام المبشران أيلي سميث وهاريسون دوايت بالتوجيه إلى ديار النساطرة وقاما بجولة في أوروبا. وبعد أن أنجزا عملية الاكتشاف والدراسة غادرا المنطقة عام 1831 ، حيث قام أيلي سميث برفع تقرير إلى الهيئة الأميركية للإرساليات الأجنبية ، وبناءً على ذلك التقرير الذي تضمن عدد من التوصيات ، أوفد المجلس عام 1835 المبشر ( جوستن بركنز) Justin Perkins  و( أساهيل جرانت ) Asahel Grant  مع زوجيتها لتأسيس إلارسالية في أوروبا.

 

وبالنظر لما أحرزته هذه الإرسالية من نجاح تحفزت فرق تبشيرية أخرى للعمل في المنطقة حيث عين المجلس الإرسالي الأجنبي للكنيسة الأسقفية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1835 القس (هوراتيو ساوث كيث) gate South Horatio مبعوثاً إلى الشرق الأدنى لدراسة إمكانية العمل التبشيري في بلاد فارس والدولة العثمانية وبالأخص الولايات العربية.

 

ولقد ركز البروتستانت على ضرورة إقامة المدارس والمعاهد العلمية والدينية، بعد أن ادركوا أثرها الواضح على المسيحيين الكاثوليك وقوة النفوذ الفرنسي. لذلك عملوا على إنشاء المدارس والمعاهد التعليمية لجذب أنباء السكان إليهم من خلالها. وقد ساعد على انتشار المدارس التبشيرية في ذلك الوقت قيام الحكم المصري لمحمد علي باشا في بلاد الشام والذي سمح للمبشرين البروتستانت والكاثوليك، ومنحهم الكثير من الحرية، حتى تنافسوا فيما بينهم على إقامة المدارس والمعاهد في المدن والقرى النائية في بلاد الشام.

 

حيث كان فيها التنافس التبشيري والاستعماري قد بلغ اعلى مراحله فقد أولى المبشرون البروتستانت عناية فائقة ، وقد حاولوا بكل الوسائل منافسة الجهود التبشيرية الكاثوليكية التي كان يقوم بها اللعازريون واليسوعيون والتي تمثلت بإقامة المؤسسات التعليمية [19].

 

فقد قام أيلي سميث منذ وصوله من مالطا إلى بيروت بإنشاء مدرسة للبنين وأخرى للبنات أعانته زوجته على إدارتها وذلك عام 1834. بعد ان كانت أول مدرسة أميركية في الشرق افتتحها ( إسحاق بيرد) pird  وغودل W.Gödel في بيروت عام 1824 في منزلهما. وفي عام 1862 أقيمت مدرسة أخرى للبنات، وقد جعل الأمريكيون على إدارتها الآنسة (ماسون) Miss Mason . وقد نشطوا في فتح عدد من المدارس ففي عام 1875 قاموا بافتتاح الكلية السورية البروتستانتية عام 1866 في بيروت[20].

 

وقد نشطوا في بلاد الشام كذلك في جلب المطابع ، حيث جلبوا المطبعة الأمريكية عام 1834 والتي جلبت من مركزهم في مالطا والتي كانت تعمل على طبع المنشورات التبشيرية منذ عام  1822[21].

 

وقد قام تنافس شديد بين التبشير البروتستانتي والكاثوليكي في بلاد الشام ، خاصة بعد نهاية الثلث الأول للقرن التاسع عشر، حيث انتعش التبشير الكاثوليكي إلى حد بعيد، وكان ذلك ماثلاً في عدد المدارس التي أقامتها الإرساليات الكاثوليكية، وهذا لا يعود إلى وجود الحكم المصري في بلاد الشام فحسب بل لأن فرنسا كانت تدعم محمد علي باشا الذي كانت لديه ميولاً نحو تقليد الغرب، ورغبة لإقامة دولة تتخذ الغرب الأوربي نموذجاً لها. وحيث نشأت هذه العلاقة بين الطرفين للعمل على إضعاف الدولة العثمانية .

 

أما في مصر فقد بدأت الإرساليات البروتستانتية نشاطاتها في منتصف القرن التاسع عشر حيث أنشأ أولى مدارسها في القاهرة عام 1855 ، رغم أن الكنيسة القبطية القديمة لم تعرهم أذاناً صاغية غير أن جورج لانسج وفد إلى مصر عام 1857 ليفتتح اول مركزاً للتبشير بالبروتستانتية في الإسكندرية وليتولى المسؤولية عن مدرسة للبنات التي أنشأت عام 1856 وكان المبشرون (البرسبتيريون ) الاسكتلنديون ينفقون عليها [22].

 

ثم افتتحت مدرستان عام 1860 واحدة للبنين وأخرى للبنات ، وأخذت أعداد المدارس في تزايد مستمر مع زيادة النشاط التبشيري . حيث قام المبشرون البروتستانت بشراء سفينة على نهر النيل عام 1860 وقامت بتوزيع المقالات الدينية على طول مجرى النهر ، وفي عام 1862 أهدى سعيد باشا للمبشرين البروتستانت نزلاً في القاهرة وبعد أن حصلوا على هذه التسهيلات ازداد عدد التلاميذ والمدارس التي أنشئوها.

 

فقد بلغت عدد المدارس سنة 1896 حوالي ( 169 ) مدرسة
تابعة بطريقة مباشرة للإرساليات و( 133 ) مدرسة للبنين و( 35 ) مدرسة للبنات. وقد بلغ عدد تلاميذها ( 11014 ) تلميذ وتلميذة.

 

وقد اشترت البعثة مقراً لها في الإسكندرية، كما أنشؤوا لهم مراكز في الفيوم وأسيوط لتسهيل العمل في الداخل المصري . وحين أبدى بطريرك الأقباط مقاومته الشديدة لنشاط البعثة تدخل الإنكليز والقنصلية الأمريكية لحماية المبشرين وخلال سبعينات القرن التاسع عشر بنيت الكنائس وأنشأت المدارس الداخلية للبنات، كما أنشأت الجمعيات الدينية وازداد عدد التلاميذ في المدارس الإرسالية زيادة ملحوظة. وكان المبشرون البروتستانت يستعينون بإنشاء الكنائس في المدن والقرى والمناطق النائية في الريف بالسكان المحليين وقاموا كذلك بطبع وتوزيع الإنجيل البروتستانتي وغيره من المطبوعات المسيحية، وفي مصر ضمت الإرساليات الأميركية شبكة واسعة من المدارس الابتدائية والثانوية في كل من الصعيد - بما في ذلك كلية أسيوط - ومنطقة الدلتا المجاورة لكل من القاهرة والإسكندرية[23] . 

 

وكانت النشاطات التي مارسها المبشرون الأمريكان مختلفة عن النشاطات الاخرى التي مارسها المبشرون الاخرون في مصر فمنها انهم أنشؤوا معهدا لاهوتيا في أسيوط عام 1865 واقامة  36 مدرسة إنجيلية ومدرسة تبشيرية بريطانية ، وسبعة مدارس لليونان و 25 مدرسة للأقباط ، وكان عدد الطلبة في تلك المدارس 18916 طالباً.

 

ولقد افتتح المبشرون الأمريكان كذلك عدد من المدارس في المدن التركية وسط الأناضول وبدأ هذا النشاط منذ منتصف القرن التاسع عشر، حتى بلغ عدد تلك المدارس خمسة وعشرين مدرسة في مدينة صغيرة مثل سيواس، والتي كان فيها حوالي ألف وخمسمائة تلميذ كان معظمهم من الأرمن، وتشير الإحصائيات الرسمية لعام 1914 إلى وجود 675 مدرسة أمريكية في تركيا العثمانية وقد بلغ عدد طلابها حوالي 35 ألف[24] .

 

وكان يوجد بينهم عدد قليل من الأطفال المسلمين الأتراك والأكراد بدرجة أقل. وقد أدى ذلك إلى انتشار المذهب البروتستانتي بين الأرمن والأثوريين ( النساطرة )، فلم يمض على وجود المبشرين سوى سنوات قليلة حتى بلغ أتباع المذهب البروتستانتي بين الأرمن وحدهم أكثر من مئة ألف شخص تتبعهم 198 كنيسة خاصة مع 356 مدرسة وقد حقق المبشرون البروتستانت نجاحاً نسبياً بين النساطرة حيث اعتنق قسماً منهم البروتستانتية ، وكان معظمهم يقيم في المناطق الكردية.

 

كذلك أسس المبشر جوستن بركنز مدرسة داخلية للأولاد في عام 1838 ، ثم أعقبها بإقامة أخرى للبنات . كما جلبت البعثة الأميركية مطبعة خاصة لها بحروف سريانية وقام بيركنز بترجمة العهد الجديد للغة السريانية في عام 1846 وبعد عشر سنوات قام بترجمة العهد القديم إلى هذه اللغة ، وكتب المبشر أستودارد لأول مرة قواعد اللغة السريانية ( بالإنجليزية ). ومنذ عام 1837 وحتى عام 1873 صدر في إيران 110 الألف مطبوع دعائي بلهجة النساطرة . كما قام المبشرون بإصدار مجلة تعني بشؤونهم باسم (زانزيري ديارا ) أي أشعة النور[25].

 

لقد كان التبشير البروتستانتي مختلفا في طريقة عمله عن التبشير الكاثوليكي حيث كان الكاثوليك منظمون ويعتمدون المؤسسات في عملهم والتي كانت بإشراف وقيادة الكنيسة ، أما البروتستانت ، فقد كانت جمعياتهم وهيئاتهم التبشيرية تابعة وخاضعة للدولة، أو جمعيات ومؤسسات قائمة، وتابعة للكنائس البروتستانتية المتعددة الاتجاهات داخل المذهب نفسه والتي عرفت بالكنائس المفتوحة، مما جعل لكل إرسالية أو بعثة أهدافها ووسائلها الخاصة بها، ولم تكن تعمل ضمن إطار المركزية والقيادة الواحدة وهذا الذي جعلها نركز جهودها في مجالات التعليم بمراحله المتعددة .

 

كما أنهم توجهوا في بداية الأمر إلى الأقلية من الأقليات التي لم ترتبط مع كنيسة روما، وانتبهوا إلى النساطرة في جبالهم في كردستان وأورمية، كذلك اتصلوا بالدروز، وحاولوا العمل في أوساطهم ، وتمكنوا من جذب أعداد منهم إلى المسيحية البروتستانتية، كما توجهوا للاهتمام بالطائفة اليزيدية الموجودة في بعض ولايات الدولة العثمانية مثل الموصل وحلب وماردين. كما اهتموا من أجل توسيع نفوذهم بشؤون الطوائف المسيحية التي تضررت جراء التبشير الكاثوليكي، وحتى مع الكاثوليك الذين وقعوا بعدة مشاكل مع المبشرين الكاثوليك أنفسهم .

 

وكذلك فقد اهتموا بمنطقة الخليج العربي، فقد قام هنري مارتن بتقديم ترجمة عربية للإنجيل عام 1861 وفي عام 1889 أنشأ جيمس كانتين وصموئيل زويمر الإرسالية العربية Arabian Mission بالتعاون مع لانسنج أستاذ اللغتين العربية والعبرية في كلية اللاهوت التابعة للكنيسة الهولندية، ودشنت الإرسالية أول مركز تبشيري لها في البصرة وذلك في عام 1893 .

 

وافتتح لها فرعين الأول في البحرين والثاني في مسقط ، وقبل نهاية السنة بيع أكثر من مئة نسخة من الإنجيل. وافتتحت مدرسة اخرى في البصرة من قبل زويمر عام 1911 ، وكان لها نشاط طبي في الكويت عام 1910 وكذلك في الأهواز، وقد اقتصر النشاط التبشيري البروتستانتي في تلك المنطقة على تقديم الخدمات الطبية للسكان. إلا إنهم قاموا بتوزيع الكتاب المقدس وعدد من النشرات في عام 1892 ، كذلك فانهم وزعوا اكثر من 4000 نشرة في عام 1905[26] .

 

 كما قام المبشرون في مجال التعليم بفتح مدارس تبشيرية في منطقة الخليج العربي، فقد افتتحت مدرسة تبشيرية للبنات من قبل المبشر زويمر وذلك عام 1892 في البصرة، وكانت زوجته تعمل بين النساء المسلمات, وافتتحت كذلك عام 1905 مدرسة للبنين في البحرين، وأخرى في القطيف. كما افتتحت عام 1912 مدرستين أولاهما للبنات والأخرى للبنين في البحرين وكانت تدعى مدرسة ( الرجاء الصالح ) [27].

 

وقد اسست في الكثير من الولايات العربية جامعات بروتستانتية وكاثوليكية ومعاهد امتدت من اسطنبول والقاهرة وحلب ودمشق ولبنان والخرطوم في السودان حيث قامت فيها جامعات التبشير البروتستانتي ، وتولى فيها المبشرون تدريس العلوم النظرية والتطبيقية من الهندسة والطب والحقوق والأدب واللغات وأصبح الانتماء إلى هذه الجامعات ميزة كبيرة لأبناء الشرق، وغالباً ما كانت تستقبل تلك الجامعات خريجي المدارس التبشيرية المنتشرة في كافة الولايات العثمانية، والتي كانت تعطي إلى جانب الدروس الدينية واللغات الأجنبية كانت تعطي فصولاً من العلوم الصرفة، وقد أصبحت هذه المدارس مراكز جذب لأبناء المسلمين، والذين أقبلوا على الدراسة فيها بشكل محدود ولأبناء الطبقات الثرية منهم [28].

 

وهكذا كانت المنطقة الإسلامية عامة ومنطقة الشرق العربي الإسلامي والهلال الخصيب خاصة قد انتشرت فيها الإرساليات التبشيرية ومؤسساتها وهيئاتها وأساليبها ووسائلها الخاصة بها، والتي كان أثرها واضحاً على ابناء هذه المنطقة ليس بالنسبة الى مستوى الوسط المسيحي، والذي اشتمل على فك ارتباطهم بكنائسهم القديمة ومذاهبهم الاعتقادية، وربطهم بالكنائس الغربية فحسب، بل كذلك بفك ارتباطهم بالمجتمع الإسلامي الذي عاشوا فيه، وفك ارتباطهم السياسي بسلطته، وقد أدى هذا الأمر بالتالي إلى اضطراب المسيحية الشرقية وتبعيتها للغرب. كما ان تأثيرها في الوسط الإسلامي العام، فإنها شكلت غزواً ثقافياً خطيراً من خلال مؤسساتها التعليمية والذي ادى ذلك إلى فك الروابط الفكرية والثقافية بتراثهم وثوابتهم العقائدية وقيمهم المتوارثة.

 

ففي بلاد الشام أعطت (التنظيمات) التي فرضتها بريطانيا وفرنسا على الدولة العثمانية، للمسيحيين تطلعات إلى وضع اجتماعي ممتاز، بل أن هذه التطلعات تجاوزت حدوود الإطار الاجتماعي في ظل الحماية الأجنبية (المسيحية)  وقد استغل الكثير من مسيحي الشام في ظل التعبئة التي كان يمارسها المبشرون اليسوعيون، إلى التمادي في سلوكهم وإلى التجاوز على المسلمين، وإلى منافسيهم تجارياً، ذلك أن الأوربيون كانوا يعطونهم الأموال فيشترون لهم ما يحتاجونه من الشام ويرسلونها لهم، وبذلك أصبحت مصالحهم مرتبطة مع الفرنسيين خاصة[29].

 

وقد كانت القنصلية الفرنسية في لبنان تنسق أعمالها مع المبشرين اليسوعيين في ذلك الوقت، وقد كان لهؤلاء علاقة متينة بالمسيحيين في بلاد الشام ولبنان، وكانوا يحرضونهم ويعبئونهم ضد المسلمين، وكانوا باستمرار يثيرون الفزع والرعب في قلوب المسيحيين عن طريق بث الإشاعات والأكاذيب، والتي أثارت الهلع والخوف من هذه الإشاعات قلوب المسيحيين الأمر الذي حدا بهم إلى ترك مواطن سكانهم للتجمع في المدن والقرى التي تكثر فيها القوى المسيحية المحلية مثل جزين ودير القمر وزحلة حيث كانوا يأمنون على أرواحهم.

 

وكذلك فان اليسوعيين استغلوا اشتعال الفتنة الكبيرة بين طائفة الدروز، والمسيحيين في حصبيا عام 1860 والتي كان يقطنها الكثير من المبشرين اليسوعيين ، وكان لهم فيها مباني ومنشآت دينية كثيرة. حيث قام الدروز بعد عدة معارك بينهم وبين الموارنة، وإلى مهاجمة دير الرهبان اليسوعيين. كما قاموا بمهاجمة الأديرة الأخرى، والاعتداء على الرهبان وتخريب الكنيسة. وقد أثارت هذه الأعمال القناصل الأوربيين في بيروت، وهو ما أدى إلى التدخل لدى الوالي العثماني ، لكف الاعتداء على المسيحيين[30].

 

والحقيقة أن هذه الفتنة والتي راح ضحيتها الكثير من الابرياء، قام بصناعة أحداثها القناصل الأوربيين في بيروت، وخاصة القنصل الفرنسي الذي كانت مهمته حماية المارونيين في لبنان، والقنصل البريطاني الذي كان الدروز تحت حمايته. الا ان فرنسا كانت حريصة على خرق أنظمة الحماية الامتيازية على المسيحيين من قبل الأهالي المسلمين، أو من الدروز أو حتى من السلطة العثمانية في الولاية للتدخل العسكري في لبنان ومستغلة الفتن الطائفية لتقسيم لبنان على أسس طائفية بين الدروز والموارنة ومستغلين (التنظيمات) لكي يكون باستطاعة هؤلاء من خلال ( التحريض – والتعبئة ) وقوع الفتنة الطائفية .

 

على أن تلك الفتنة طالت مقرات القنصليات في بيروت فقد هاجم اللبنانيون القنصلية الروسية ودمروا القنصلية وقتلوا ترجمانه وكل من وجوده من الموظفين، كذلك مضت الجماهير غاضبة على مقر القنصليات الأمريكية واليونانية والبلجيكية وغيرها من القنصليات، اعتقاداً منهم أنهم أعوان المسيحيين عليهم ، لكنهم لم يجدوا سوى القنصل الأمريكي الذين أصابوه بجراح خطيرة ، كما هاجموا الكثير من الرهبان الفرنسيسكان وقتلوهم[31] .

 

لقد كانت فرنسا تنظر باهتمام للأحداث في لبنان لاستغلالها وكانت أحداث المذابح التي وقعت عام 1860 فرصة مهمة لاستغلالها لذلك انعقد مؤتمر في باريس في نفس العام من شهر آب وتقرر فيه تكوين (قوة دولية أوربية) للحفاظ على (النظام) في سوريا ولبنان، على أن يقوم إمبراطور فرنسا (نابليون الثالث) بإرسال نصف هذه القوات وعلى الفور ، ثم وضعت لجنة من الدول الأوربية ضمت ( النمسا – فرنسا – بريطانيا – بروسيا ) للبحث في أسباب المذابح .

 

أما فرنسا ، فإنها أنزلت قواتها واحتلت لبنان حيث تعجلت فرنسا التدخل بحجة أن الدول تباطأت في تنفيذ مقررات باريس وأعدت حملة قوامها سبعة آلاف جندي تحت قيادة الجنرال (بوفور دوتبول) ومما ابتكرته الدبلوماسية الغربية خطبة لنابليون لهذه القوات قائلاً لهم ( لستم ذاهبين لشن حرب على أحد، ولا لغزو بلد ولكن لمساعدة السلطان ضد رعاياه المتعصبين المفسدين لذلك فإن مهمتكم ليست إلا لنصرة العدالة والإنسانية )[32].

 

وقرروا المؤتمرين ووكلاء الدول الأوربية ، أن تكون إدارة الجبل بواسطة متصرف مسيحي من طرف الدولة العثمانية وبرضا من الدول الأوربية ، وعلى ان يكون هذا المتصرف – كما اقره المؤتمرون -  أن يكون نصرانياً أوربياً ومن أتباع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، وليس وطنياً سورياً، مسلماً أو مسيحيا[33].

 

في حين كانت بريطانيا تهدف من سياستها في المنطقة ومنذ وقت مبكر إلى تأمين وحماية تجارتها ومصالحها الاقتصادية، ولذلك كانت سياستها تحاول الإبقاء على الدولة العثمانية ضعيفة من خلال اقتطاع مناطق اسلامية بعيدة عن مركز الخلافة. فقد انطلقت إلى عدن التي دخلتها عام 1831 بحجة أن بريطانيين قد نكل بهم فيها، ثم بسطت نفوذها على جميع شواطئ جنوبي الجزيرة لعربية. وقد توجت مشروعها عام 1838 باحتلال حضرموت ، وفي الشمال الشرقي لرأس جيبوتي، واحتلت بعد ذلك جزيرة ( سومطرة ) قبالة الساحل اليمني واستولت على مضيق باب المندب بواسطة الجزيرة الصغيرة ( بربمة ) ذات المركز الممتاز .

 

ثم انها استولت بعد ذلك على ميناء العقبة على البحر الأحمر . ثم وضعت يدها على فلسطين ومنطقة شرق الأردن، وقامت باحتلال الخليج العربي، ثم العراق ، ثم ربحت البحر المتوسط عن طريق صحراء سيناء وفلسطين .

 

ومنذ أن أقدمت إنكلترا على احتلال الخليج العربي، أصبح ما يقارب من مجموعة السواحل جنوبي الخليج تحت الاحتلال البريطاني، وكانت سلطنة عمان، أول منطقة فرضت عليها إنكلترا ( حمايتها ) ومنها استولت على( صحار ) حيث القاعدة الجوية البحرية. ثم كانت الكويت تحت ( الحماية ) الإنكليزية منذ أواخر القرن التاسع عشر ، حينما طلب أمير الكويت حمايته من الباب العالي [34].

 

وكان احتلال العراق بعد ذلك في بداية الحرب العلالمية الاولى قد ضمن لها طريق الهند بشكل كبير اضافة الى سلامة طريقها إلى البحر المتوسط ويؤمن لها غلق الطريق على أي عدو من جهة بغداد – خانقين – عبادان [35].

 

ثم ان مسألة الأماكن المقدسة ، كانت لها جديتها فنتيجة للامتيازات والسياسة التبشيرية فانها قد خلقت مشكلة إدارة تلك الأماكن ولاسيما الكنائس والأديرة القبرصية القديمة وخاصة كنيسة بيت لحم، فقد كانت فرنسا تدعي أن لها حقاً تقليدياً يرجع إلى زمن الصليبيين في أن تعتبر حامية المسيحيين في الشرق، أما الروم الأرثوذكس الذين كان لهم قدمهم في المدينة المقدسة ، فقد أخذ الروس يتقدمون بدعواهم منذ تنامي نفوذهم بهذا الصدد في ضوء المعاهدات التي تناولت هذا الشأن . وأثارت مسألة حيازة مفاتيح كنيسة بيت لحم ووضع نجمة في مغارة المزود المقدس أشد العواطف تأججاً.

 

الا ان ذلك كله لم يكن كافيا امام المخطط الاستراتيجي النصراني الاوربي في بسط هيمنته على منطقة الشرق المسلم منطقة الهلال الخصيب والذي اخضعه إلى إدارات استعمارية مختلفة المنهج والأسلوب، وانما سعى الى الاتفاق حول مسالة في غاية الخطورة وهي ان الدولة الإسلامية وكيانها السياسي ستشكل على الدوام خطر داهم على قيادات الغرب الإيديولوجية والسياسية ، وانه لابد من العمل على منع نهوض ذلك الكيان مرة اخرى من خلال أن الكيان الإسلامي الممزق يجب ان يخضع لعدة إدارات أوربية، وانه لابد من وضع الحدود لتلك الكيانات الهزيلة، والتي تأخذ أبعاداً جغرافية وإقليمية وفصل آفاق التفكير والشعور بين تلك الآفاق الضيقة المحدودة سياسياً وإدارياً .

 

كان العمل الاخر والذي تولى التبشير مهمته ، فهو العمل على تنصير اليهود فقد فكر المبشرون بهذا الأمر ووجدوه ممكنا، ومن هذا المنطلق قام البريطانيون بتأسيس ( الجمعية اللندنية لنشر النصرانية بين اليهود ) وتشجيعهم على الهجرة إلى فلسطين، وكان ذلك منذ أيام محمد علي باشا، لما وجد المبشرون منه تساهلاً بهذا الشان أسسوا كنيسة صهيون، وهي أول كنيسة بروتستانتية في الدولة العثمانية، وبعد انسحاب جيوش محمد علي من الشام، أسس الملك( فردريك الرابع) ملك بروسيا ( الأسقفية البروسية ) في القدس لإصلاح الكنائس الشرقية عامة ولتنصير اليهود خاصة. وقد بلغ عدد ما أقامه مبشروا الصليبية سبعة وعشرين كنيسة تبشيرية لليهود في فلسطين. وكان من مصلحة الدول الاستعمارية والداعمة لحركات التبشير أن تقدم التسهيلات المطلوبة لليهود في فلسطين، حتى أن مدارس التبشير بالقدس كانت تعمل على تهيئة الطلاب الدارسين بها مسلمين ونصارى ليقبلوا نزول اليهود في الأراضي المقدسة [36].

 

لقد أدرك الغرب الصليبي حقيقة الدولة الإسلامية ، ومقومات القوة فيها لذلك اتفق الحلفاء الصليبيون على تقسيم الموقع الحساس لتلك الدولة الاسلامية وهو ما كان يعرف بمنطقة الهلال الخصيب والأكثر أهمية للمصالح الحيوية للغرب الصليبي . ولذا تبنت إنكلترا القيام بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وادعي لورانس بروان بقوله ( إننا وجدنا اليهود أصدقاء لنا ، لكن الخطر الحقيقي في نظام الإسلام وفي قدرته على التوسع والإخضاع ، إنه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوربي) .

 

كما أعلن الجنرال اللبني[37] بعد دخوله القدس عام 1917 مستعلياً بانتصاراته العسكرية بقوله ( الآن انتهت الحروب الصليبية ). وقد اضاف الى ذلك اللورد البريطاني ولبخنتون ( إن الإمبراطورية العثمانية ليست كغيرها من الدول الأخرى فانها إذا غزيت اراضيها وأخذت عاصمتها وقامت ثورات في ولايتها لا تلبث أن تنهض بعد خروج القوات الغازية منها وحينذاك يكون إعادتها كما كانت أمراً شاقاً يصعب تحقيقه) . ومن اجل ذلك تصرف الحلفاء بطريقة ساعدت فيه جمعية الاتحاد والترقي في تركيا من القيام بثورتها، وزحفها إلى العاصمة اسطنبول مدعومة بالجيش لتعلن نهاية الدولة الإسلامية وإقالة السلطان عبد الحميد الثاني من الحكم ، وقد أعلن أسماً لهذه الثورة بـ ( الدستورية ) عن قصد وتخطيط .

 

وهكذا ضمن الغرب الصليبي نهاية القوة السياسية والعسكرية للإسلام بإسقاط الخلافة ، وإنهاء دولتها ، وعزل تركيا عن العالم الإسلامي وقيام نظام حكم وطني علماني بديلاً عن الإسلام وشريعته. وكذلك بتمزيق الولايات العربية وجعلها خاضعة للحكم الأوربي الصليبي المباشر وتمرير المناهج الغربية فيه على كل مناحي الحياة فيه و من خلال الفصل بين العروبة والإسلام [38].

 

ومن خلال إقامة وطن قومي لليهود في قلب المنطقة العربية الإسلامية . وتهيئة كافة السبل والأساليب لإنجاح هذا الكيان والوطن وقد تولت السياسة البريطانية والأمريكية تلك السبل والوسائل، وقد كان للكنيسة البروتستانتية في ذلك الوقت الدور الكبير في خلق هذا الاتجاه وتكوينه في حين تولى التبشير البروتستانتي دعم هذه السياسة بكل الوسائل والسبل[39] .

 

فقد كان التبشير البروتستانتي يستند إلى نشاطات وإنفاق الدولة في تلك الفترة، الا انه لم يكن لديه قيادة مركزية، أو مرجعية ينتهي إليها- كما كان للتبشير الكاثيولوكي - فقد انقسمت البروتستانتية إلى عدد كبير من الكنائس والطوائف تبعاً لإفهام معينة لحرفية الكتابة المقدس, لذلك كان من الصعوبة الوقوف على خطة عمل تبشيرية فيما بينهم في منطقة الشرق العربي الإسلامي ، كما أنهم جاءوا إلى المنطقة في أوقات متأخرة استجابة للدواعي السياسية والدينية التي اقتضاها التنافس البريطاني – الفرنسي على المنطقة[40] .

 

وكانت النهاية صريحة في هذا المجال حين صرح الجنرال غورو قائد الاحتلال الفرنسي لسوريا، وحيث وقف عند قبر صلاح الدين الأيوبي قائلاً  قولته المشهورة، " ها قد عدنا ياصلاح الدين " .

 

الا ان هذه المحاولات في توظيف الجانب الديني للأغراض السياسية كانت هي المرة الاولى في القرن العشرين التي نجح فيها في ذلك , رغم ان التبشير البروتستانتي نجح إلى حد بعيد في الجانب التعليمي والمدرسي ، فقد انتشرت مؤسساته التعليمية المتوسطة والابتدائية والثانوية والعالية في أماكن مختلفة من الشرق العربي الإسلامي، وخاصة في مصر وبلاد الشام وتركيا والعراق

 
                      

For more question or explanation stay with  the web site, www.nasr-i.org

 

Or call:  Info@nasr-i.org

 

Copyright © 2006 . All rights reserved to N A S R , Nothing in this publication may be reproduced without the permission of the publisher.

 

  
 

[1]  محمد فؤاد شكري. محمد أنيس, أوربا في العصور الحديثة, ج1 ، ط2 ، القاهرة 1961,ص244 .  

   

[2] محمد فؤاد شكري ,مصدر سابق  ,ص 246. 

   

[3]  فرنسي المخلصي, مصدر سابق, ص54.

   

[4]  جرانت ، هارولد تمبرلي , أوربا في القرنين التاسع عشر والعشرين, ترجمة بهاء فهمي ، أحمد عزت عبد الكريم, ط/6 دار الكتاب العربي ، القاهرة (د .ت),ص232.

    

[5]  جرانت ، هارولد تمبرلي , مصدر سابق ,ص 245.

   

[6]- حارث يوسف غنيمة ( البروتستانت الإنجيليون في العراق ) مطبعة الناشر المكتبي ، بغداد 1998 ، ص22 .

   

[7]  أعلن البروتستانت انفصالهم عن كنيسة روما الكاثوليكية ، في ألمانيا وكذلك في إنكلترا عندما عزم الملك هنري السابع الانفصال عن كنيسة خاصة للملك والدولة وتدين بالديانة الإصلاحية ، ويكون الملك الرئيس الأعلى فيها ، وأطلق عليها فيما بعد ( الكنيسة الانجليكانية ) وهكذا انتهى الحال بهذه الأحداث إلى شق الوحدة المسيحية الغربية إلى شطرين الكاثوليك والبروتستانت وقامت جراء ذلك حروباً طاحنة بين الطائفتين في غرب أوربا ووسطها ، استمرت العقود عدة ، وكان للعوامل السياسية دوراً كبيراً في هذه الصراعات.

    

[8]  حارث يوسف غنيمة,  مصدر سابق , ص 54.

   

[9]  المصدر نفسه, ص 76.

   

[10]   Gabriel, L Joseph, Protestant Diplomacy and The Near East, Missionary      Influence on American Policy 1914 – 1937, University of Minnesota Press, 1971  p-32. 

   

[11]   يوسف كرم , تاريخ الفلسفة الأوربية في العصر الوسيط, القاهرة, 1968, ص177 .

   

[12]  فرنسي المخلصي, مصدر سابق, ص 153.

   

[13]  طلال عتريسي, البعاث اليسوعية, الوكالة العالمية للتوزيع ،لبنان 1987 ، ط 1, ص196.

    

[14]  -  Zaki salih, op cit, p-54.

   

[15]  -  Gabriel Joseph Op cit . P 74. 

   

[16] - David H. Finnie pioneers east, the Early American Experience in the Middle East, Massachusetts – Harvard University press, 1967, p 114.

   

[17]- Finnie , op cit, P 202 .

   

[18]- John Joseph , the Nestorians and their Muslim neighbor ( princeton-1961 )   p,41 . 

   

[19] طلال عتريسي, مصدر سابق, ص 145.

   

[20] وجيه كوثراني, مصدر سابق , ص 230.

   

[21]  خليل صابات , تاريخ الطباعة في الشرق العربي, دار المعارف ، مصر , 1958, ص 176.

   

[22]  Field, James, American and Mediterranean World, 1776 – 1882, Princeton N.J , Princeton University Press, 1969, p-238.

   

[23]  Field, James, op cit, p-233.

   

[24]    Finnie, op cit, P 202.

   

[25]  أحمد سوسة , ملامح التاريخ القديم ليهود العراق , ط/1 ، مطبعة أسعد ، بغداد 1978 ، ص122 

   

[26] Gordon: Leland James , American Relation With turkey 1830 – 1930 , Philadelphia university of Pennsylvania Press , 1932 ,p-235..

   

[27] Gordon: Leland James, op cit, p-271. 

   

[28]  نذير حمدان, مصدر سابق, ص 180.

   

[29] Marlowe John. Arab Nationalism and British Imperialism. A study in Power Politics. London: Cresset Press 1961, p-68.

    

[30]   Marlowe John, op cit, p-71

   

[31]  وجيه كوثراني, مصدر سابق, ص 166.

   

[32]   المصدر نفسه , ص .168.

  

 [33] وجيه كوثراني, مصدر سابق ,ص 170.

  

[34]  Sachar, M Howard. Europe Leaves The Middle East 1936 -1954 New York: Knopf, 1972, p-22.

   

[35]  Khadduri, Majid. The Problem of Regional Security in the Middle East. An Appraisal. Middle East Journal XI, 1957.

    

[36]  أحمد سوسة, مصدر سابق, ص 270. 

   

[37]  الجنرال ادموند اللنبي 1861 –1936 جنرال بريطاني قائد الجيش البريطاني الذي زحف نحو فلسطين واحتل القدس 1917 وعين مندوب سامي في مصر 1919-1925 . 

   

[38]   علي محمد الصلابي , مصدر سابق , ص 270

   

[39]     يقول صموئيل زويمر المبشر البروتستانتي الأمريكي " إن التبشير قد وصل إلى أسمى غاياته في مهاجمة العالم الإسلامي ، فأدى مهمته على أكملها ، وانتهى إلى نتائج لم يكن أحد يحلم بها، منذ الحروب الصليبية "

   

[40]   حارث يوسف غنيمة , مصدر سابق, ص 140.

   

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.