18 Jul
18Jul


حينما تدرك المقاومة العراقية إن المعركة في بلادها هي معركة ذات إرادة إيديولوجية واقتصادية ومن ثم سياسية وان أساس انتصارها في هذه الحرب تكون باستمرارية إيديولوجيتها المتمثلة بتحرير بلادها وبتوسيع قاعدتها الداخلية قبل أن تكون خارجية فحين ذاك يمكن للحرب أن تنتهي. من جانب آخر إن أدرك الأمريكان إن النجاح في الحرب على العراق يعني أن النصر لن يتحقق إلا حينما تنجح واشنطن في تشويه سمعة المقاومة 'الإيديولوجية وتقويض دعمها. وبالتالي القبول بان التهديد المقاوم لا يمكن أبدا استئصاله تماما، وإنما يمكن فقط الحد من خطره أو المنع من جعله أكثر سوءا. حينذاك فقط يمكن القول إن النصر في الحرب على العراق ممكنابالمفهوم الامريكي وبالتالي تنتهي الحرب.

بعد اقل من 12 ساعة من هجمات  9 / 11 أعلن جورج دبليو بوش بدء الحرب العالمية على الأصولية الإسلامية في العالم بشكل عام وعلى العراق بشكل خاص وان لم يعلن عنه بشكل صريح آنذاك. ومنذ ذلك الوقت كانت هناك مناقشات حول كيفية النصر عليه. فبوش وأنصاره، شددوا على الحاجة إلى الذهاب نحو الهجوم ضد العراقيين، ونشر القوة العسكرية الأميركية هناك، وتعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط. فتولى الرئيس الامريكي  صلاحيات القائد الواسعة في زمن الحرب. إما النقاد لأصاحب فكرة "الحرب على العراق " فكانت أفكارهم تتركز على ضرورة محاربته بشكل مختلف. فمعظم قيادة الديمقراطيين تقبلوا الحاجة إلى استعمال القوة لكن في بعض الحالات فقط.

لكن النهج الذي اتبعه بوش في الحرب على العراق قد اوجد المزيد من العراقيين المقاومين أكثر مما كانت تهدف تلك الحرب في القضاء عليهم وإنها – أي تلك الحرب - ستواصل القيام بذلك ما لم تتخذ الولايات المتحدة تغييرات جذرية في رؤيتها لتلك الحرب.

ويكاد يكون مفقودا كليا من هذه المناقشة مفهوم كيفية "الانتصار" في الحرب على العراق. فالفكرة التقليدية لكسب الحرب هي واضحة تماما: هزيمة عدو على ارض المعركة وإجباره على الاستسلام من الناحية السياسية والعسكرية. ولكن ماذا يعني النصر - أو الهزيمة - في الحرب على العراق ؟ وماذا سيكون هذا النوع من الحرب؟ وهل ستنتهي قبل أن تبدأ؟ وكيف سيكون النصر؟.

ومن الضروري أن يبدأ التفكير بجدية حول هذه الأسس, لأنه يستحيل أن تكسب الحرب دون أن تعرف ما هو هدفها. وبالنظر إلى النتائج المحتملة للحرب على العراق  يتضح انه يمكن الفوز فيها، ولكن فقط مع الاعتراف بأن هذا نوع مختلف وجديد من الحرب. فالهزيمة عند الأمريكان تعني إن هذه الحرب ستقود التغيرات السياسية في نهاية المطاف إلى دعم لأيديولوجية وإستراتيجية لأولئك الذين صمموا على تدمير قوة الولايات المتحدة في العراق.

 ولكن حينما تأتي واشنطن وحلفاؤها في قتل أو اعتقال جميع العراقيين المقاومين أو العراقيين المحتملين بانضوائهم للمقاومة وحينما تتبنى هي إيديولوجية العراقيين في الدعاية، وعندما ينظر إلى أساليبها أنها قد فشلت، فان ذلك سيعني انه لا يمكن القضاء التام على أي تهديد عراقي ممكن وان السعي وراء ذلك الهدف يكاد أو أنه سيؤدي بالتأكيد إلى المزيد من الخسائر في العراق .

 قلة من التنبؤات التي يمكن إبداؤها حول الحرب على العراق مع بعض الثقة هو إن جميع الحروب في نهاية المطاف تنتهي, وهذه الملاحظة فيها نقطة خطيرة وراء ذلك: إن العوامل التي تحرك السياسة الدولية تكون عديدة بحيث أن النظام السياسي أو أن الصراع لا يمكن أن يدوم إلى الأبد. وهكذا تنتهي بعض الحروب بسرعة كحرب (الانكلو - زنجبار في 1896 استغرقت 45 دقيقة)، وآخرون عانوا من مائة سنة حرب وأخرى استمرت 116 عاما. وان بعض الحروب كانت نهايتها جيدة نسبيا كالحرب العالمية الثانية التي وضعت الأساس لسلام وازدهار دائم، وأخرى أدت إلى مزيد من الكوارث كالحرب العالمية الأولى. ولكنها جميعا وصلت إلى الغاية من تلك الحروب، بطريقة أو بأخرى.

غير أن الحرب على العراق وهي المعنية في هذا المجال مختلفة عن تلك الحروب، فأكثر الدروس فائدة تلك التي يمكن استخلاصها من تجربة الحرب الباردة، شأنها في ذلك شأن الحرب على العراق، وهي أنها ليست في الحقيقة حرب على الإطلاق. ورغم أن التحدي الراهن ليس مطابق على الحرب الباردة، إلا أن أوجه الشبه متعدد منها أنها ذات اجل طويل، والصراع متعدد الأبعاد منها الخفي ومنها سلمي ضد الإيديولوجيات, وهناك الكثير مما يمكن تعلمه من هذه الأخيرة، في نجاح التجربة. فتماما كما انتهت الحرب الباردة حينما أعلن احد الطرفين عن إفلاسه الإيديولوجي انتهت تلك الحرب .

والمعركة ضد العراق ستتوقف فقط حينما يفقد المقاومون الأساس الإيديولوجي الذي يستندون إليه. فكما الحرب الباردة انتهت ليس مع دخول القوات الأمريكية المحتلة الكرملين ولكن فقط عندما تخلى الكرملين عن الكفاح؛ حينما حكم الشعب بان يتوقف عن الاعتقاد في العقيدة التي كانت أساسا لقتاله .

فالحرب الباردة هي أيضا مثالا ممتازا للحرب فهي انتهت في وقت كان معظم الناس الذين يعيشونها قد عجزوا عن التنبؤ بنهايتها أو في كيفية الانتصار فيها أو حتى قد توقفوا عن محاولة التنبؤ. ففي العقد الأول من تلك الحرب كان الناس يتكلمون باحتمال النصر، والهزيمة، أو حتى الحرب النووية, وركز على العقول كيف يمكن أن تكون نهاية الحرب الباردة، وبحلول منتصف الستينات تقريبا كان الجميع، من قادة أو جمهور على حد سواء، قد بدأت تغيب عن بالهم إمكانية احد تلك الاحتمالات. وبدلا من ذلك، وعلى مضض بدأ التركيز على ما أصبح يعرف باسم ((التعايش السلمي)).

وكانت سياسة الانفراج التي بدأت في الستينات وما تبعها طوال السبعينات، قد أشرت وبأثر رجعي على تصوير إستراتيجية مختلفة لنهاية الحرب الباردة. ولكن الانفراج في الواقع كان أكثر دلالة على تحمل الحرب الباردة من المتوقع أكثر من طريقة بديلة لإبرامها. فكان الهدف الرئيسي هو أن أصبح في جعل الحرب الباردة اقل خطورة، لا لأجل وضع نهاية لها. وفي نهاية المطاف، أدى هذا الانفراج إلى تخفيف صورة الغرب في عيون السوفييت، ومع رفع الحضر على القادة السوفيت من خلال التفاعل الدبلوماسي، والذي أدى بعد ذلك إلى حوار مع موسكو حول حقوق الإنسان كان ذلك من شأنه إلى إن ينتهي إلى تقويض شرعيتها، ورغم أن تلك ألأمور كلها لم تسهم في نهاية الحرب الباردة. إلا أنها لم تكن كذلك هي الهدف الرئيسي للإستراتيجية.

ثم جاء الانفراج مفاجئا كما اشتعلت الحرب بشكل مفاجئ أيضا. فرغم تصاريح الرئيس الأمريكي آنذاك ريغان، عن هزيمة الشيوعية مرة والى الأبد. إلا انه لم يكن لديه الرؤية لكيفية دفن الشيوعية ولم يكن ذلك عنده سوى "خطة و أمل للمدى البعيد ،" كما قال ذلك في البرلمان البريطاني في 1982. وحين اعترف ريغان نفسه بأنه عندما أعلن غورباتشوف، عن هدم جدار برلين في حزيران 1987، قال انه لم يكن يحلم بذلك أبدا، وعلاوة على ذلك، لم يشهد الاتحاد السوفيتي في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات حالة بوصفها إمبراطورية في مراحلها النهائية، ولكن بوصفها القوة العظمى التي تهدد التوسع لكل من كان يدرسها.

وعندما بدأت تظهر علامات الانهيار في الاتحاد السوفييتي على الصعيد الداخلي والخارجي بحلول نهاية الثمانينات، لم يكن احد يتوقع نهاية الحرب الباردة يحدث أمام أعينهم. رغم توقع أن يقوم الزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف بإجراء الإصلاحات التي من شأنها أن تؤدي إلى نهاية المواجهة مع الولايات المتحدة، والأميركيين كغيرهم أصبحوا يستخدمون الحرب الباردة كأسلوب للحياة بعد " لأكثر من جيلين " وأصبحت الأمور ببساطة غير قابلة للتفكير في الطريقة التي يمكن بها إنهاء او العودة الى تلك النقطة، وهي (كيف نود ان تكون النهاية).

في أواخر نيسان 1989، كانت مهمة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، هو تحديد الاتجاهات الجغرافية - والسياسية، "بالنسبة للمستقبل المنظور، بالنسبة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية حيث كان لا يزال متوقع انه سوف يظل العدو الرئيسي للغرب، وهو رأي شاركه فيه الرأي العام الأميركي. فعندما سئل الرأي العام الأميركي من قبل منظمي استطلاعات الرأي في تشرين الثاني 1989 وبعد ان سقط جدار برلين هل تعتقدون ان الحرب الباردة قد انتهت، أجاب فقط 18 % من المجيبين نعم، في حين ان 73% قالت لا. فقد كانت الغالبية العظمى من الأمريكيين قد تخلت عن فكرة وقبل أي وقت مضى رؤية نهاية الحرب الباردة او إنها قد وصلت الى نهايتها.

فهل من الممكن أن نعمل أي توقع على نحو أفضل كيف ومتى يمكن ان ينتهي الحرب في العراق؟ إن الحرب في العراق سوف تستمر لربما أيضا قدرا كبيرا من الوقت. ولكن على افتراض انه لن تستمر الى الأبد، فماذا ستكون نهاية تلك الحرب؟ وماذا يعني إجراء تقييم واقعي للانتصار في الحرب على العراق؟ وهي قد تبدو كمن يقول عن الطريقة التي ينبغي ان يحارب فيها هناك.

فكما كان في وقت من الأوقات التصور انه من الممكن ان يكسب الاتحاد السوفيتي الحرب الباردة، وهي إحدى الإمكانيات التي سينظر إليها اليوم وهو انتصار المقاومة العراقية. وهذه قد لا تكون متفق عليها في الولايات المتحدة، في (نظرية النصر او الطريق الى بلوغه)، ولكن مجموعات المقاومة مؤمنة بذلك بالتأكيد. وهو هدفها، وان الطريق الى هذا الهدف، هو"الاستفزاز والطعم والاستنزاف" وجر الولايات المتحدة الى "نزيف الحروب" على أراضي المسلمين. حيث ان الأميركيين، لم يعدوا العدة لقتال دموي طويل مما سيجبرهم لترك الشرق الأوسط لمصيره. وربما كان انهيار الاتحاد السوفيتي بعد هزيمته أمام المجاهدين في أفغانستان ابرز مثال على ذلك.

ورغم ان الولايات المتحدة الأمريكية اليوم ليست كالاتحاد السوفييتي أيام خروجه من أفغانستان فاقتصادها لازال القوة الاقتصادية الأكبر في العالم من حيث الإنتاج والاستهلاك ورأس المال الا ان عدم التقدير لحرب طويلة الأجل وبهذه القوة والقدرة على التكيف مع المجتمع الأمريكي، يمكن ان تجعل هذه التصورات تستحق الدراسة وواضعين في الاعتبار ان أعداء العراق لا يقدرون رؤية كيف ستنتهي الحرب في العراق، وهذا هو الخطأ الذي أدى بالولايات المتحدة الى موقفها الذي لا تحسد عليه اليوم في العراق.

في المدى الطويل، فان الولايات المتحدة وحلفائها يعتقدون أنهم الأكثر احتمالا للانتصار في هذه الحرب من المقاومة، ليس لان الحرية هي في نهاية المطاف الأكثر جاذبية من الوطنية والاستقلال والشعارات القومية والإسلامية, وإنما لتعلم الولايات المتحدة من الأخطاء الماضية والحالية. ورغم ذلك فالانتصار الأمريكي في الحرب على العراق ان حدث فانه لا يعني نهاية العراق او نهاية المقاومة العراقية إذ سوف يتزايد جهودها, فجهود التحرير لن تتوقف مثلها مثل حركات الألوية الحمراء، او منظمة التحرير الفلسطينية، او الجيش الجمهوري الايرلندي، او نمور التاميل، وغيرها ذلك لان التكتيك المستخدم لإنتاج التغيير السياسي أصبح في العراق ضعيفا، ولكن لا يمكن القضاء عليه كليا في الوقت عينه.

لكن الخطر العراقي سيتعاظم وسينتصر إذا استمرت الولايات المتحدة بتطبيق سياستها الحالية وهي - كما اسماها ريتشارد بيرل في كتابه نهاية الشر - النزول الى "النصر او المحرقة". إذ ان السعي الى هذا الهدف بهذا السبيل، سيكون من شأنه ان تدفع بتكاليف هائلة تفوق الفوائد التي تبتغيها للوصول الى ذلك الهدف، وان التفكير في هذه الشروط من شأنها ان تؤدي بالولايات المتحدة الى خوض سلسلة من الحروب، والإساءات، لإدامة الحرب على العراق.

ولكن اذا سارت الحرب بطريق مختلف عن التي تسير عليها اليوم  ومع نفس النوع من الصبر، والقوة، والتي ساعدت في حسم النصر في الحرب الباردة ومع سياسات ترمي الى توفير البديل للآمال والأهداف التي يبتغيها المقاومون وبتقليص الإمكانات  التي يمتلكونها فحين ذاك أيضا سوف تنتهي حرب الولايات المتحدة وحلفاءها. والعامل الأهم الذي سينهي تلك الحرب أيضا ربما سيكون انهيار الإيديولوجية فمع مرور الوقت والانجازات التي ستحققها قوات التحالف وحلفائهم من العراقيين سينظر إلى أهداف وإيديولوجيات المقاومة وعلى مختلف اتجاهاتها على إنها فاشلة.

والفشل الإيديولوجي لا يعني هنا أنها قد تم تدميرها من قبل السلطة العسكرية الأمريكية، ولكن بوصفها إلايديولوجية غير المنظمة وغير القادرة على الإلهام وجذب العدد الأكبر من الأنصار والإتباع مما سيتم تفكيكها بشكل فعال، ونبذها.

إن العراق ما بعد الحرب سيكون له العديد من الخصائص الأخرى فالمجتمع العراقي، سيكون أقدر على تجاوز تلك الحرب حاله كحال المجتمعات الأخرى التي مرت بحروب مماثلة فالنموذج الذي حدث المملكة المتحدة وايرلندا في دورتهما بالحرب الطويلة ضد الجيش الجمهوري الايرلندي وكيف أن الناس كانوا يذهبون إلى الحياة ويتجهون نحو أعمالهم اليومية دون خوف مفرط. كذلك فان العراقيين ربما سيسامون من تلك الحرب ولا يرون إي نتيجة لأي هجوم يقوم به المقاومون وليس مبالغا اذا وصل الأمر انه ربما يعتقدون إن أي عمل مقاوم هو نوع من الاستفزاز غير المبرر وربما سيكون له استجابة عكسية. خاصة اذا سعت  الولايات المتحدة والنظام القانوني الذي بنته بعد الحرب والإجراءات القانونية المعمول بها اليوم، ستؤدي الى تحويل المقاومين البواسل الذين يريدون حرية بلدهم الى مجرمين مطاردين من قبل القانون وبالتالي ومع مرور الوقت، ستقل مخاطر الهجمات في العراق وبذلك يحقق التحالف الغرض المقصود منه.

وخاصة إذا وصل الأمر وكما يزعم الى ذلك د. مارك سيكمان الطبيب النفسي في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق الذي درس حالة الحركات المقاومة في العراق "إن الدعم للمقاومين في العراق اذا تآكل في نهاية المطاف كما فعلت في السابق جماعات إرهابية، مثل الفوضويين في القرن التاسع عشر في أوروبا. على المدى الطويل فانه سيدفع الظرف هؤلاء الى ارتكاب المزيد من الأعمال الوحشية الى درجة ان الحلم لن يكون جذابا للشباب". أما محلل العراق  بيتر بيرغن فانه يعتقد أن العنف الذي يقتل غيره من المسلمين لن يكون في النهاية إلا "إشكالية مضاعفة لتنظيمات المقاومة"

إلا إن هذا النوع من النتائج في الحرب على العراق  قد لا يأتي الا في فترات  طويلة. فعلى الجدول الزمني للحرب الباردة، التي بدأت في 1947، فانه بعد خمس سنوات من بدايتها لم يكن احد يتصور الكثير من النكسات، المآسي، والأخطاء، والمخاطر التي كانت ستقع على مسيرة تلك الحرب وبالمقابل وبعد خمس سنوات من حرب العراق فلا يزال أمامنا الكثير من التصورات لنهاية هذه الحرب ولكن يمكننا القول إن النجاح الذي ستحرزه الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحرب سيأتي – إذا اعتمدته -  من خلال تجديد نداء الولايات المتحدة 'للسلطة الأخلاقية والإيديولوجية، واتخاذ إجراءات أكثر ذكاء ودبلوماسية، مع تكثيف التعاون مع الحلفاء الرئيسيين.

وان تخيل نقطة نهاية الحرب على العراق لا يعني إنها باتت وشيكة ولكن يبقى الاعتبار في الأهداف حتى يمكن للقادة الأمريكان اعتماد سياسات لتحقيق تلك الأهداف. فان بقي هؤلاء القادة فريسة لوهم إن هذه هي الحرب العالمية الثالثة فإنهم سيواجهون خطر إطالة أمد الصراع – رغم انه لا يمكن كسب مثل هذه الحرب بصورة تقليدية -. وحتى لو كان الأميركيون على استعداد بطريقة ما أن يفعلوا كما في الحرب العالمية الثانية، الى تعبئة 16 مليون جندي، وإنفاق 40% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وغزو واحتلال عدة بلدان كبرى، فأن هذا الجهد من شأنه ان يرجح ويخلق مزيد من العراقيين المليئين بالكراهية ضد الولايات المتحدة. ومن شأن ذلك أيضا توحيد 'أعداء الولايات المتحدة، الى جانب تبديد الموارد، وتقوض القيم التي هي الأداة الأساسية في هذا القتال. وبالتأكيد فإن تجربة الولايات المتحدة في العراق لحد ألان تشير إلى الأخطار من محاولة كسب الحرب في العراق من خلال تطبيق القوة العسكرية الغاشمة.

من ناحية أخرى، يقبل الأميركيون إن الانتصار في الحرب على العراق  لن يتحقق لهم الا حينما يواجهون إيديولوجية فقدت الدعم والإمكانات ووقفت أمام إتباع بدائل قابلة للاستمرار لذلك فانه سوف يتعين على الولايات المتحدة أن تعتمد مسارا مختلفا جدا يظهر الثقة في قيمها ومجتمعها والتصميم على الحفاظ عليه على حد سواء. والتي قد تضررت بشدة في السنوات الخمس الأخيرة. وعليها أن تزيد من جهودها الرامية الى تعزيز التعليم والتغير السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط بشكل عام، وتعطي الشعور أنها في المدى الطويل سوف تساعد تلك المنطقة في التغلب على اليأس والإذلال وأنها ستبدأ برنامجا رئيسيا للحد من استيراد النفط العربي عامة وإعطاء الشعور بأنها لم تغزو العراق من اجل نفطه وإنما جاءت لكي تعيد التوازن في توزيع ثرواته، وخلق فرص عمل لمواطنيه و إنها ستسعى الى وضع حد لمحاربة الوجود الأمريكي الكبير في العراق، من خلال سحب قواتها منه . كل هذه الأمور ستساعد في وجهة نظر الأمريكان بالتعجيل لنهاية الحرب في العراق والانتصار فيها.

 ولكن بقي العامل الأهم في تلك المسالة والذي له التأثير الاشمل على هذا الصراع وهو ميزان المقاومة العراقية في قبولها بنتائج الحرب التي وصلت إليها أم استمرارها بالمقاومة الى حين خروج الاحتلال وتحرير العراق. 

 

 

 

Copyright © 2006 . All rights reserved to N A S R , Nothing in this publication may be reproduced without the permission of the publisher.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.