14 Jul
14Jul

الابحاث الآثارية الامريكية الشرقية   

أنّ التأريخَ المبكّرُ لبلاد ما بين النهرين من بابل وإلامبراطورية آلاشورية والاكدية الزاخر بالمعارف والكنوز وموطن الاديان السماوية والارضية الاخرى والذي خلق لهذا  التأريخُ إعلانِ العراق كبلد الانبياء واعطائه تلك المنزلة العالية بين الامم في الارض, جعلت المناسبة لمدراء المؤسسات الثقافة والمعلوماتية الامريكية للحُصُول على كُلّ المعلومات حول هذا التأريخِ المبكر من اعظم الاولويات التي حكمت العلاقة بين بلاد الخصيب الاسلامية وبين العالم النصراني الجديد[1].

 

 ولهذا السبب فقد رحب هؤلاء ببناء وتاسيس مؤسسات مؤهّلة تدرك اهمية العامل التاريخي في بناء المؤسسة الحضارية المرتبطة بين الشرق والغرب وان اتخذت صور شتى كمدراس لعِلْمِ الآثار تهتم بتاريخ بلاد بابل القديمة وباللغاتِ والثقافةِ الساميةِ تَكُونُ قادرة على مُمَارَسَة التأثيرِ الثابتِ والمستمرِ لوَضْع مثل هذه الدِراساتِ الساميةِ على مستوى الثقافةِ الحقيقيةِ. او بناء المتاحفَ التي ستكون من أحد اعظم المتاحفِ الرئيسيةِ للعالمِ. والتي تمتلكُ الكنوزِ ذات القيمةِ العاليةِ. او من خلال بناء جيل من العلماءِ المؤهّلينِ الذين لديهم إحساس حقيقي في التأريخِ وبالمعرفة والتَرْجَمَة.

 


      لذلك ارتبطت مؤسسات الثقافة الامريكية منذ نشاتها في بلاد ما بين النهرين خاصة وفي بلاد الهلال الخصيب بشكل عام بمؤسسات السياسة الخارجية الامريكية كملحقيات اساسية لسفاراتها وقنصلياتها او بعثاتها المختلفة في المنطقة. ومن جانب اخر فقد ارتبطت تلك المؤسسات والتي كانت ذا كيانات مستقلة بمؤسسات الفكر والثقافة الامريكية كالجامعات ومراكز الدراسات والمتاحف والشركات العملاقة انذاك, والتي كانت تعنى بالشرق المسلم والتي ارتبطت مصالحها فيه بشكل مباشر. واما الملحقيات الثقافية الامريكية والبعثات العلمية والتبشيرية الاخرى فقد كانت بعثات لتلك المؤسسات وكانت عادة ذا مهمة محددة في المنطقة وكانت اساليبها في العمل مختلفة تماما عن الاساليب التي كانت تقوم بها المنظمات الاخرى. فقد سعت المؤسساتِ الأمريكيةِ كجامعة شيكاغو والمعهدِ الشرقيِ في شيكاغو، الى تَأسيس حضور طبيعي في البلادِ العراقية, رغم انها لم يكنَ لديها من الأموالُ الكافية لضمان بنايتِها الخاصةِ في بغداد ومصاريف أساتذتها السنويين وزملائها فكان لا بُدَّ أنْ يَعْملوا ضمن ترتيباتَهم الخاصةَ في المدينةِ، وان تَبْقى في أغلب الأحيان متشاركة مع المدرسةِ البريطانيةِ لعِلْمِ الآثار، والتي أَسّسَت في 1932[2] وهناك بدأ تأريخِ المدرسةِ الأمريكيةِ والتي واصلت التنقيب تحت رعاية الجامعات الامريكية ومنها جامعةِ هارفارد وجامعة بنسلفانيا وبنت اساس ذلك العمل على اسس دينية وفيما بعد على اسس تجارية بحتة.

 

وساهمت الحرب العالمية الثانيةُ الى توقّف اعمالَ المدرسةَ الامريكية في المنطقة والتي تمثلت انذاك بالمدارس الامريكية للابحاث الشرقية او الجامعات الامريكية في المنطقة, حيث اشار (سبايسر) Speiser، رئيس مدرسةِ بغداد، بشكل بارز في تقريرِه عام 1941, بانه "أثناء الفصل الماضي كَانَ العمل ميداني في بلاد ما بين النهرينِ تحت إشراف الجنرالات بدلاً مِنْ علماءِ آثار"[3].

 

في حين قام (كلوك)  Glueck[4]، مدير المدرسة الامريكية للابحاث الشرقية في القدس، بالاستمرار بإستكشافاته عبر الأردن أثناء الحربِ، ومثّلَ المدرسةَ في الإتصالاتِ بقسمِ العصور القديمةِ في بغداد، حينما أوقفَ المنقّبون ألاجانب العملَ بشكل مؤقت في العراق بانتظار تغيير في القوانينِ الخاصة بالعصور القديمةِ لبلادَ ما بين النهرين.

 

وبعد ان إنتهتْ الحربِ بفترة قليلة, إستأنفتْ مدرسةَ بغداد نشاطاتها. وسُمّى (صموئيل نوح كرايمر) Kramer كأستاذَ سنويَ في 1946 وكَانَ متخصصا في المتاحفِ في إسطنبول وبغداد وقد اسس في تلك السنة مجلّةَ الدِراساتِ المسماريةِ[5].

 

لقد لَعبتْ مدرسة بغداد دورا بارزا في الإستطلاعاتِ السطحيّةِ الآثاريةِ الإبداعيةِ والتي أجريتْ مِن قِبل المدرسة لمسح منطقةِ الهلال الخصيب السطحية حيث اكدت تلك المسوح ودعمت وشاركَت في انجاح عمليات التنقيبَ والتي بفضلها اكتشفت المستويات السلاليةَ المبكرة والمتأخّرةِ للحضارات القديمة واكتشاف الهندسة المعماريةَ الفريدةَ وعثرت على الموجوداتَ الغنيةَ مِنْ اللقى والمنحوتاتِ الاثارية. وتَبنّتْ المدرسةُ المشروع الذي هدفَ الى حَلّ لغز الساسانيين وتأريخ الابداع لفن الخزف إلاسلامي المبكر[6].

 

هذا المسح المتواصل لاكثر من نصف قرن لاثار العصور القديمةِ العراقيةِ اعطى للولايات المتّحدةِ الامريكية القدرة للبدء بانشاء منظمات وهيئات عالمية وامريكية للمساهمة في تجارةِ المواد الاثارية المنهوبة من العصور القديمةِ العراقيةِ, والتي نقبت واستخرجت مِنْ العراق خلال النصف الاول من القرن العشرين، وقد ساهمت عمليات النهب والسلب تلك في دمارَ المواقعِ الآثاريةِ العراقية.

 


ان التعبير عن المادّة آلاثارية أَو إلانثولوجية العراقية يَعْني الملكيةَ الثقافيةَ العراقية الى جانب انها مواد علميةِ وثقافيةِ وتأريخيةِ وآثاريةِ نادرةِ، كانت قد أزيلتْ بشكل غير قانوني مِنْ المواقع الاثارية بالرغم من وجود قانون الاثار والذي صدر عام 1924 والذي اباح للشركات المنقبة ان تستولي على نصف الاثار المستكشفة, وحتى هذا القانون لم يلتزم به الاثاريون الامريكان بالرغم من عدم انصافه كما ستعرضه الوثائق الامريكية بشكل واضح. حين بدات عمليات السرقة والتهريب ليس من المناطق الاثارية فحسب وانما من المتحفِ العراقي الوطني، او من المكتبة الوطنية للعراق، او من مواقع ثقافية أخرى في العراق[7].

 

ان تأريخ مدرسةِ بغداد أي إس أو آر، والتي اسست في العراق بين عامي 1923 و1969، في بغداد والتي كَانَت واحدة من أوّل "مدرستين" من المَدارِسِ الأمريكيةِ للبحثِ الشرقيِ في منطقة الهلال الخصيب قد كَانتَ مسؤولة بشكل مباشر واحيان بشكل غير مباشر عن جَلْب أجيالِ العلماءِ خلال تلك الفترة إلى المواقع الاثارية العراقية وكانت تموّلُ العديد مِنْ عمليات التنقيبِ الرئيسيةِ في القرنِ العشرينِ لبعثات امريكية وغير امريكية متعاونة معها في هذا الجانب كبعثات علمية لجامعات بريطانية او فرنسية او ايطالية او من اية جنسية اخرى او من خلال الجمعياتِ الجغرافية الوطنية الأمريكيةِ او مع مجالسِ ومراكزِ البحوث ماوراء البحارِ الأمريكيةِ (سي أي أو آر سي) على إحياءِ الخطط المستقبلِية للمساهمة باكبر قدر ممكن للبحثِ والمعلوماتِ في بغداد والعراق لمساعدة في نهب وسرقة للاثار العراقية بواسطة تشكيلِ منظمةِ كرّستْ للاهتمام "بالتراثِ الثقافيِ العراقيِ". حيث ان هؤلاء الأمريكيين كانوا يُنسّقونُ ويُمثّلونُ الجُهود الموحدة للمنظماتِ والباحثين العلميينِ الأمريكين في تلك الفترة.

 

إنّ نهب الثروات الاثارية العراقية في القرن العشرين كان يعد الاكبر للتراثِ الثقافيِ العالمي في التأريخِ القديم والحديثِ، بالمقارنة مع إحتراق المكتبةِ في الأسكندرية، او الغزوات المغولية او حتى في تخريب معابد اثينا. وقد كَتب المجمع الأمريكيِ لعِلْمِ الآثار بخصوص حِماية الملكيةِ الثقافيةِ في العراق عن إنهاء تصدير أيّ من الاثار العائدة الى العصور القديمةِ في العراق.

 

إنّ نتائج تلك العمليات التي سببتها عمليات التنقيب والبحث الاثاري الامريكي في العراق كانت لَهُا نتائجُ ضارّةُ للاثار في هذه البلادِ، وعلى المتاحف، والمواقع آلاثارية والثقافة المادية بشكل عام, والتي كانت لَهاُ قيمةُ فريدةُ في تراثِنا الثقافيِ الشرقي الخاصِ بالمقارنة مع الثقافاتِ الأخرى، فبلاد ما بين النهرينِ كَانتْ مُنذُ فترة طويلة معروفة بمهدِ الحضارةِ الغربيةِ. الا ان المجالات الحديثة لعِلْمِ الآثار والثقافةِ التوراتيةِ والتي ظَهرتا أثناء القرن التاسع عشرِ، جعلت من الأرض المقدّسة مكان سريع التغيير بالنسبة للبحث الاثاري.

 

 فمَع فلسطين وبلاد ما بين النهرين وسكانهما المُخْتَلِفون تحت السيطرةِ العُثمانيةِ وما بعده من الاستعمار الغربي المباشر وما نتج عنه من عقباتِ سياسيةِ حديثةِ، تمثلت في عجز الحكومات في المنطقة من السيطرة بشكل مباشر على ثروات بلادها المختلفة ساعد ذلك في جعل العلماء امام تَشْكِيلة واسعة من اللقى الاثارية الهائلة أعاقتْ نظرتَهم إلى ماضي الأرضَ التوراتيَ.

 


وانتهى بمعظم اللقى الاثارية والاثار العراقية في مجموعاتِ المتاحفِ الأمريكيةِ الشماليةِ ومعاهدِ البحوث مثل جامعة نيويورك والمتحف اليهودي في مدينة نيويورك، ومتحف ومعرض جامعةِ بوب جونز في جرينفيل، إس سي، ومدرسة عائلة بيركن لعِلْمِ اللآهوت في دالاس، تي إكس.ومتحف الفن في شيكاغو وبنسلفانيا مع التاكيد على التقييدات الواضحة (( لمنع نشر تلك الاثار الأصلية)) فنَتجتْ، بمرور الوقت، خسارة للمعلوماتِ العلمية الثمينةِ لماضي بلاد ما بين النهرين[8].

 

ان الاسلوب الذي اتبعته المؤسسات الامريكية الثقافية في عدم الاعلان او نشر مشاريع التنقيب في البلاد العراقية والتي اشتغلت به لعقود طويلة في القرن العشرين جاء نتيجة سياسة عامة استخدمت من قبل هذه المؤسسات وبخاصة مؤسسة المَدارِسَ الأمريكيةَ للابحاثِ الشرقيةِ، والتي أَسّسَت في عام 1900، وحدّدتْ كمنظمةُ خيرية في جامعةِ بوسطن. وتنص قوانين تاسيس المَدارِس الأمريكية للابحاث الشرقيِة على أَنْ تبْدأَ، وتشجّعُ وتدْعمُ البحوث حول ثقافاتِ الشرق الأدنى في التاريخ القديم، وتَتبنّى المَدارِسُ الأمريكيةُ للابحاثِ الشرقيِة مثل هذه الابحاثِ الأصيلةِ من تنقيب وإستكشافات آثارية، وتُشجّعُ على ثقافةً وتقاليد الشرق الأدنى القديمة. والمَدارِسُ الأمريكيةُ للابحاثِ الشرقيةِ غير ملزمة بَنْشرُ تلك الاعمال الا بصورة رمزية جدا في مجلّة الدِراساتِ المسماريةِ، والتي أَسّسَت قبل أكثر من خمسين سنة[9]. 

 

 وكان تَركيز لجانِ المَدارِسَ الأمريكيةَ للابحاثِ الشرقيةِ أي إس أو آر على العملِ في سوريا والعراق وفلسطين والعمل لعقودِ لتَنسيق جُهودِ البحثِ الأمريكيةِ في هذه البلدانِ حينما كان هنالك معاهدِ فعليةِ اخرى تسعى للمشاركة مع أعضاء اللجنةِ في اعمال التنقيب في مختلف أنحاء البلاد ولكنها رفضت بشكل قاطع الا ان تكون تحت الادارة والسيطرة الامريكية.

 

ان تلك السياسة السرية بعدم السَماح بالنشرَ في الوسائل الاعلامية والثقافية  الأمريكيةِ مِنْ مجلاتِ وكُتُبِ البحثِ الشرقيةِ او التقديمِ في إجتماعاتِها مِنْ النصوصِ المسماريةِ الغير موثّقةِ مِنْ العراق (والتي تعد بمئاتِ الآلاف) الا تحت ظروفِ محدودةِ والتي تَتضمّنُ هذه الظروفِ بالحُصُول على موافقةِ من الدولةِ الامريكية فيما يخص العصور القديمةِ والتراثِ العراقي وان تُودع تلك النصوصَ في بَعْض المتاحفِ ومعاهدِ البحوث الأمريكيةِ للإبْقاء على المعلوماتِ التأريخيةِ التي  تحتوي على هذه النصوصِ، وهذا ما يعني عدم الاعتراف بصورة قاطعة بمصالحِ الملكيةَ والثقافية للعراق في تراثِه الثقافيِ او في حقه بإسْتِعْاَدة اللقى الاثارية المفقودة وهو ما أدّى إلى سلبِ عددِ لم يسبق له مثيلِ مِنْ المواقعِ الآثاريةِ والخسارةِ الغير محسوبةِ للمعلوماتِ التأريخيةِ..

 

ان مهانة المصادرِ الآثاريةِ من خلال نهب المواقعِ، وسرقة اللقى الاثارية، والتشجيع على التجارة الدولية المحظورة للعصور القديمةِ كان نتيجة اتباع السياسةِ الآثاريةِ الامريكية المتعمّدِة في بلاد الهلال الخصيب خلال القرن العشرين وما بعده وهي ستكون أكثر شمولاً في مواقعِ سياستِها فيما يتعلق بهذه المسألةِ من حيث تَنفيذ الخططِ لإبْقاء دور القيادةِ في السجلِ الآثاريِ في الجُهودِ لحِماية تراثِ العالمَ الثقافيَ بيد المنظمات والهيئات الامريكية.

 


وقد بلغت المهانة بالتاريخ والاثار العراقية الى الحد الذي جعلت تلك المواقع الاثارية ملاذا ومعسكرات للاحتلال الامريكي وحلفائه, ويكشف تقرير صادر عن وزارة الدفاع الامريكية ذلك الوضع الذي وصلت اليه حالة التراث الثقافي العراقي بشكل خاص هذا اليوم[10].



[1]  كذلك كانت من الاشكال الاخرى التي حكمت تلك العلاقة هو ما يعرف بمصطلح العلاقات الدولية الخاصة بالهلال الخصيب وهو الدولة الزائلة او الفاشلة لبعض دول المنطقة والتي تشكلت بهدف ضمان امن منطقة الخليج العربي اولا ودون النظر الى قضايا شعوب المنطقة في تاسيس الدول. كذلك ادى الاختلاف في المصطلحات بين الهيمنة والسيطرة على نظرة كل من الحلف الانكلو – ساكسوني للمنطقة وبين جمع المصالح ورؤية الاستقرار والسلم فيها.

 

وكذلك حين وجدت شعوب اقطار الهلال الخصيب نفسها بعد الاستقلال انها مثقلة بتراثها وتاريخها العريق وخصوصيتها والمستوى الاقتصادي الضئيل والتي جعلته بعض دوله تكون في مستوى افقر الدول في العالم من ناحية دخل الفرد , وبسبب هذا الوضع الاقتصادي اصبحت هذه الدول من الدول النامية مقارنة مع سواها من الدول على المستوى الاقتصادي, لانه من الحقيقة القول ان كان هناك بضعة مؤسسات صناعية كبيرة ستعطي لدولتها قوة عسكرية قوية وان على اية امة الاعتقاد انها يجب الدفاع عن نفسها لوحدها من خلال تكريس الثروة والتي تعد القوة الاساسية المهمة المعدة للهجوم والدفاع عن الامة.

     


[2] تقرير مديرِ المدرسةِ في بغداد، بي أي إس أو آر 12، ديسمبر/كانون الأول 1923 أَو مُلاحظات مِنْ الأستاذِ دوغارثي Dougherty في بغداد، بي أي إس أو آر 21، فبراير/شباط 1926

     

[3]   تقرير مدرسة بغداد في 19 ايلول 1941.

     

[4]   كَانَ  Glueck أستاذَ المدرسةِ الامريكية للابحاث الشرقية في  بغداد السنوي في 1933-1934.

     

[5] وفي عام 1947 أصبحَ (غوتز)  Goetze مديرَا لمدرسةِ بغداد للابحاث الشرقية، وخِدْمَها لعشْرة سَنَواتِ ولعب فيها دورا بارزا فيها حتى موتِه في 1971. وفي الخمسيناتِ والستّيناتِ، لَعبتْ مدرسة بغداد مرةً أخرى دور مهما جداً في إسناد العمل الميداني في العراق..

     

[6]  بعد حرب 1967 العربية إلاسرائيليةِ وقيام ثورة 17تموزِ, 1968 التي وَضعتْ حزب البعثِ العربيِ الاشتراكي في السلطة في العراق، تَدهورت الحالة لعلماءِ الآثار الامريكان بشكل خاص  في العراق. وكان مكغواير جيبسن، اخر أستاذ للمدرسةَ السنويَ لعام 1969-70، وكان قد وَصلَ الى بغداد، لكن لَمْ يُعطى الرخصةَ للعَمَل.

 

وبعد ان كان اسم هذه المؤسسة مدرسةِ بغداد، منذ ان وَجدتْ عام 1921، فقد غيّرتَ اسمَها إلى مفوضية حضارة ما بين النهرين في كانون الأولِ 1969 وجَعلَت الأستاذيةَ السنويةَ إلى رخصة لدراسة حضارةِ ما بين النهرين سواء كان عِلْم فقه او لغة، اوعِلْم آثار، أَو تأريخ فنّ وفي لبنان، سوريا، تركيا، العراق، إيران، أَو أيّ بلاد أخرى حيث العلاقة الوثيقة الصلة ومتوفرة , .

     


[7] ومما تجدر الاشارة اليه ان عمليات السلب والنهب والتهريب للاثار العراقية استمرت حتى وقتنا الراهن حيث اعترفت الوثائق الامريكية بعد الغزو على العراق  حول هذا الجانب وبشكل مثير وواضح فقد كَتبَ (جين ولدبوم)  Waldbaum، رئيس المعهدِ الآثاريِ في امريكا، الرسائلَ حول تقديم المساعدة الأمريكيةِ من خلال الفيالق العسكرية الأمريكيةِ ومِنْ المهندسين ويَطْلب فيها بأنّ إدارةِ المعهدِ الثقافيةِ (سي آر إم) ستَكُونُ مستعدة للانظمام إلى جُهودِ إعادةِ البناء للاثار التي تَعهّدتْ في العراق، وسيَكُون مُسْتَشْاراً لهذه المهمّةِ للهيئة الرسمية العراقية للعصور القديمةِ والتراثِ (آي إس بي أي إتش). وتَطْلبُ الرسائلَ بأنّ آي إس بي أي إتش ستُزوّدُ أسماءَ بعلماءِ الآثار المؤهّلينِ والتي يُمْكِنُ أَنْ يساعدوا في اي عمليات تَجري للتنقيب او الإنقاذَ أَو المسحَ للاثار( بعد عمليات النهب المنظم التي جرت للمتحف الوطني العراقي والمواقع الاثارية الاخرى والتي لم يستطع السيطرة عليها). .

 

تقرير جون روسل، عضو أي إس أو آر وأستاذ في كليَّة اِلفَنّ في ماسوشوستس في أيلولِ 2003 حول  إعادة مجموعاتِ المتحفِ العراقي.

       


[8]  فمن تلك الخسارة موجودات كانت ضمن "مقبرة أور للسلالة الملكية المبكّرةِ ، حيث فقدت تلك الموجودات الا من الوصف الذي وصلنا حيث  يشاهد زينة أولئك المَدْفُونينِ وذلك النظام من الإتصالِ الماديِ الذي يُشيرُ إلى الهويّاتِ الإجتماعيةِ والشخصيةِ للأفرادِ وفيما يتعلق بالأعضاء الآخرينِ من هذه السلالة.ويُلاحظُ ايضا الحلي التي للزينةِ على أجسامِ الموتى، منها غطاءِ الرأس، وفيما يتعلق بنوعِ الدفنِ، وجنسه، عُمره، وأدوار سلوكية ضمن الدفنِ ، ويَكْشفُ بأنّ في البعضِ يُفتّشُ إنتسابَ الأفرادِ خلال تراكيبِ الزينةِ المشتركةِ مع أصنافَ إجتماعيةَ وسكّانيةَ مشتركةَ. وفي فترة أور الثّالثة تظهر بَعْض الاثار وتُزوّدُ عددَ كافيَ مِنْ النصوصِ مكافئاتِهم الفضّيةِ، والقيمة القديمة للمُنتَجاتِ التي يُمْكِنُ أَنْ تُخَمّنَ من قبل عِدّة علماء في بلاد ما بين النهرينِ القديمةِ. وهذه القِيَم المختلفة لأور الثّالثة من مُنتَجات وسلع مهمة تسهل فهمنا المتبادلِ في هذه الفترةِ والسياقِ الإجتماعيِ والإقتصاديِ الذي فيه حَدثَ التبادلِ.

      

[9]   مجلّةِ الدِراساتِ المسماريةِ، هي نشرة أخبار عن البحثِ الآثاريِ في العراق، وقد نسّقَت مشاريعَ التنقيب في كافة أنحاء العراق، ولفترة زمنية طويلة وكَانَ لديها معهدُ يَعملُ في بغداد. وتَعْرضُ اللجنةُ زمالةَ دراسية للباحثين الذين يَدْرسُون المنطقةَ . 

      

[10]   تعد بابل إحدى أهم المواقعِ الآثاريةِ في العالمِ، وهي المدينةَ الكبيرةَ التي حوت إثنان مِنْ الملوكِ الأكْثَر شَهْرَةِ للعصر القديمِ، حمورابي (1792-1750 قبل الميلاد) والذي قدّمَ المسلة القانونية الاولى في العالم، و نبوخذنصر ( 604-562 قبل الميلاد) والذي بَنى الجنائن المعلقةَ لبابل، وهي إحدى عجائب الدنيا السبعِ. وكان التنقيب في بابل أثناء السَنَوات الـ150 الأخيرة قد كَشفتْ عن بَعْض أجزاءِ المدينةِ لكن البقايا الكثيرةَ دَفنتْ تحت الأرضَ وهناك ما زالَتْ صفقة عظيمة للإكتِشاف حول المدينةِ القديمةِ. 

 

في نيسانِ 2003. أُسّسَ أول معسكر عسكري في بابل من قبل قيادة القوات الأمريكيةِ كمعسكرِ وسُلّم رسمياً الى القواتَ البولنديةَ في أيلولِ 2003، وأثناء وجود هذه القوات كانت أغلب البناء التحتي التي تدَعْم المعسكرِ العسكريِ قد أُسّسَت في منتصفِ الموقعِ الآثاريِ وأحاطَ بالجزءَ المُرفَقَ المركزيَ للمدينةِ القديمةِ. واحتوى المعسكرَ على 2000 جندي لكن ذلك الرقمِ كَانَ قَدْ خُفّضَ الآن إلى أقل مِنْ 400.

 

 في أوائل الأيام بعد الحربِ , خَدمَ التواجد العسكري في بابل في مَنعَ الموقع من أَنْ يُنْهَبَ. لَكنَّه من المؤسفُ ان يقام معسكر عسكري بهذا الحجمِ على أحد أهم المواقعِ الآثاريةِ في العالمِ. هذا مساويُ إلى تَأسيس المعسكر العسكري حول الهرمِ العظيمِ في مصر أَو حول Stonehenge في بريطانيا.

 

ونظراً للأهميةِ التأريخيةِ والآثاريةِ لبابل، ونتيجة  لادعاءات أخيرة مِنْ الضررِ في الموقعِ أثناء إحتلالِها وجعلها معسكر عسكري للقوات البولندية تم ترتيب إجتماع في بابل في الفترةِ الحادي عشرِ - الثلاث عشْر كانون الأول 2004 . قبل تسليمِ الموقعِ الآثاريِ لبابل من قبل قوّاتِ التحالف إلى دائرة الاثار والتراثِ في وزارة الثقافةِ العراقيةِ والذي حدّدُ في الخامس عشرِ مِنْ كانون الثّاني 2005.

 

انظر تقارير حول إحتلالِ موقعِ بابل مِن قِبل القوات الأمريكية والقوَّاتِ البولندية ِ1/18/2005

 

تقرير حول الإجتماع في بابل من الحادي عشر - الثالث عشْر كانون الأولِ 2004 "مِن قِبل جون إي . كيرتيس، مراقب قسمِ الشرق الأدنى القديم في المتحفِ البريطانيِ.

 

الحماية الطارئة للعصور القديمةِ الثقافيةِ العراقيةِ 6/4/2004

 
    


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.