30 May
30May

دراسة حول كيفية إقامة التحالفات السياسية الدولية

للباحث الخبير

كرم ألحديثي

المقدمة :

من الطبيعي أن أستخدم قواعد سياسية في أعداد الدراسات السياسية أمر طبيعي فالقاعدة السياسية تقول (لا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم بل توجد مصالح دائمة ).

فما دام العمل يصب في مصلحة الوطن كنتيجة وبأساليب شريفة وفي النور فلا يوجد ضير ومن يرى عكس ذلك أقدم أليه الشواهد من تاريخ الرسول الأعظم( صلى الله عليه وسلم) .فعقده الحلف مع يهود المدينة من جانب ومن جانب أخر عقده الحلف مع قبائل عربية لم تدخل الإسلام . وإرساله للمؤمنين الأولين باللجوء إلى الحبشة ومن ضمنهم كما هو معروف ابنته وابن عمه و عدد من خيرة صحبه ولم تكن الحبشة ولا ملكها مسلم .

وتتلخص الفكرة بإقامة تحالف للمعارض الأمريكية والبريطانية والأوربية وجميع الجهات المعارضة لاحتلال العراق بصورة عامة .

كما هو معلوم فأن الأحزاب السياسية في الولايات المتحدة حزبين احدهم من قام بالحرب والأخر معارض لفكرة بقاء الجيش الأمريكية في العراق وهو الحزب الديمقراطي فنجد معه هدف مشترك خصوصا ما قام به من حملة لا تزال مستمرة داخل الكونغرس الأمريكي على الرئيس الأمريكي وأعضاء حكومته الجمهوريين .

وما يصدق القول في الولايات المتحدة يصدق في بريطانيا مع تشدد أكثر في بريطانيا حيث حزب المحافظين المعارض للحكومة البريطانية العمالية .ناهيك عن منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية وغيرها من تجمعات ومراكز بحثية ومراكز دراسات واستطلاع الرأي ومؤسسات المجتمع المدني . ولكن هنالك ملاحظة وهي أن عمل هذه الجهات المتفرق يذهب بكثير من جهودهم سدى .

ولو كتب لهذه الأعمال أن تأخذ دورها بإطار عمل جماعي وكل يأخذ دوره ومكانه ويغذي البقية بالمعلومة والمساندة لتحقق خير كثير .    

 ونبدأ نتعرف على منهاج أقامة التحالف وذلك بأول خطوة وهي تحديد  الأطراف المتحالفة الذين نروم التحالف معهم ولا توجد صعوبة في هذه المسألة . ومن ثم يبدأ التعرف على هذه المجاميع وحسبما سوف نستعرضه . وتبدأ أكثر مرحلة حساسة وهي مرحلة التمهيد لإقامة التحالف .أعداد منهاج التحالف ومن ثم انبثاق السكرتارية الخاص بأعمال التحالف . وأنا أكتب هذه الدراسة أتذكر المناضل المصري الراحل مصطفى كامل حين أستطاع بتوظيف المعارضة البريطانية لمصلحة الشعب المصري وحققت الكثير من مطالب الشعب المصري منها إقصاء المندوب السامي البريطاني من منصبه حينما أستخف بالشعب المصري .

المطلب الأول

(أطراف التحالف)

 سبق وان ذكرنا بأنه لا توجد صعوبة لتحديد الأطراف المتحالفة وهنالك عدة أنواع من الأطراف المتحالفة :

أطراف (دول ) متحالفة لأحد الغرضين التاليين  .

   أ . للحصول على مكاسب مادية في العراق .

   ب . لمحاولة أخذ دورها الحقيقي بعد أن همشتها أميركا .  

أطراف متحالفة (تجمعات سياسية) لغرض مساعدة خصوم أعدائها .

أطراف (مؤسسات مجتمع مدني في الغالب) أصحاب قضية إنسانية هدفها الأساس نصرة الحق والمظلوم .

والنوع الأول في حقيقة الأمر أصعب الأنواع الثلاثة والأسباب أصبحت من البديهيات والخوض في تفسير البديهيات يعد عبث . ولكنه ليس مستحيل استحالة قطعية . وربما قائل يقول ما ضرورة أدراج هذا النوع في الحقيقة هو لأساليب البحث العلمي المتبعة . والإمكانية استغلال النفوذ والعلاقات الدبلوماسية في أطار العلاقات الدبلوماسية .

هنالك عدة دول يهمها وتتأثر بالأوضاع في العراق تأثير مباشر  . وبعضها بحكم الجوار الجغرافي و البعض بحكم كون العراق من أهم الدول المصدر للبترول  كما أن السوق العراقي سوق يسيل عليه لعاب الكثير جدا من دول العالم بسبب التدمير والنهب والسلب والحرق الذي تعرض له العراق ناهيك عن مدة تقرب من ربع قرن يكاد يكون فبها العراق منعزل عن الأسواق العالمية فهذه الطائفة من الدول أصبحت جلية للعيان ويمكن تحديدها وفق المنطلقات التي حددناها وهي الدول التي لها اعتماد على النفط العراقي منها على سبيل المثال دول كاليابان الهند الصين ودول جنوب شرقي أسيا . أما دول الجوار والمحيط الإقليمي الحريصة على استتباب الوضع في العراق . الدول التي لها أمكانية البناء والاستثمار و التوريد للعراق .

كما هنالك طائفة أخرى كالإتحاد الأوربي بدء بمحاولات للظهور كثقل في الساحة الدولية والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن كفرنسا والصين وروسيا مع ملاحظة أن كثير من هذه الدول تشترك في الفقرتين مما يصعب الفصل بينهم . لذا لم نجعلهم كنقاط رئيسية بل كانت نقاط فرعية لتوضيح المعايير .          

ويكون النوع الثاني  أسهل بكثير من النوعين الآخرين بطريق الوصل أليه حيث أن العدو معروف وخصومه السياسيين وغير السياسيين معروفين . كما قلنا ففي الولايات المتحدة الخصم السياسي الفاعل للحكومة هو الحزب الديمقراطي وفي المملكة المتحدة حزب المحافظين كنظرة أولى ناهيك عن أحزاب أخرى كالأحرار وغيرها .

والنوع الثالث  كمنظمات حقوق الإنسان والمنضمات المناهضة للعولمة وجميع التجمعات الإسلامية والقومية العربية والأعلام  والمراكز الفكرية والبحثية ومراكز الدراسات والتي كان لها موقف جلي في القضية العراقية .

ويمكن عمل إحصاء أولي لتلك الجهات يتضمن الإحصاء الأسماء الكاملة والعناوين (طرق الاتصال) . متضمن مواقف كل جهة كاملة من القضية العراقية وعلى ضوء ذلك يتم التقييم من قبل لجنة مصغرة ملمة بالإنترنت   كما سوف نستعرض على عجل الشروط الواجب توفرها بالجهة التي نروم التحالف معها وهي

أن يكون تاريخها خالي من مواقف تنم عن عداء للعرب والمسلمين

أن لا تكون مرتبطة بأي شكل من الأشكال مع جهات معادية.

أن يكون لها موقف واضح من القضايا العربية والإسلامية .

أن لا تكون لديها مطامع على مصلحة العرب والمسلمين .

أن لا تتدخل بالشؤون الداخلية .

أن لا تملي شروط واتفاقات تتنافى وقيمنا وثوابتنا أو أي نوع من شروط الإذعان.

ونحن لا نرفض أن تكون هنالك مصالح متبادل على أساس من التوازن وتبادل المنفعة وليس على حساب مصالحنا وثرواتنا.

 

           المطلب الثاني

(التعرف على الأطراف المتحالفة )

تبدأ أول الخطوات وهي بعد أن أنهينا تحديد الأطراف من قبل اللجنة المعدة لهذا الغرض فتنتهي أعمل تلك اللجنة . وتبدأ لجنة التعرف عملها وتضم لجان فرعية على أساس التقسيم الذي اعتمدناه في تحديد الأطراف المتحالفة . 

ومهمة هذه اللجنة بعد أن توفر لها الأسماء والعناوين ومواقف تلك الجهات اتجاه القضية العراقية . تبدأ عملها بدراسة السياسة الخارجية والعلاقات الدبلوماسية للدول والمنظمات .أما للتنظيمات السياسية فتقوم بدراسة برامجها السياسية .ولمؤسسات المجتمع المدني تقوم بدراسة برامج عملها . فبعد الانتهاء من الإطلاع الأولي على مناهج الأطراف التي نروم التحالف معها .تتكون لدينا قاعدة كبيرة وصلبه من المعلومات عن الأطراف التي نروم التحالف معها تؤهلنا لأخذ تصور موضوعي وناضج عن تلك الأطراف ومفاتيح العمل معها وفق البرنامج الذي نحن بصدده .ونبدأ الخطوة الثانية وهي نقاط التلاقي في المصالح والرؤى السياسية في القضايا المشتركة . كما أنه من الوارد أن تخرج ألينا طائفة من نقاط التقاطع في المصالح والرؤى السياسية وهنا تبرز حنكة المخاطب السياسي والتقاطع المتوقع ينقسم إلى ثلاث أنواع .

التقاطع بمواقف أو أفكار أو ثوابت إستراتيجية.

التقاطع بمواقف أو أفكار تكتيكية .

التقاطع بمواقف أو أفكار ثانوية (عرضية).

بالنسبة للطائفة الأولى لا يمكن المساومة بها أو وضعها في أي ميزان فهي العقيدة و الفكر والعامود الفقري لأي تنظيم  .ومن الأفضل عدم الخوض بها في مسألة أقامة التحالف إذا وجد هنالك تقاطع بين الطرفين في المواضيع الإستراتيجية واقتصار التحالف على الموضوع الذي أقيم من أجله وتحديده بالنطاق الذي يحقق أهدافه وغاياته وعدم التوسع كي لا يفسد التحالف ككل .

أما الطائفة الثانية فتحمل فيها مرونة كبيرة ويمكن موازنة المصالح بها إذا دعت الضرورة الملحة لذلك بحيث تكون النتائج المتحققة أكبر من الموقف وهنا أشدد على حالة معينة وهي التعامل داخل الإطار المحدد حيث للإطار حد أعلى وأدنى ويمكن وفق الصيغة التي طرحناها التعامل بالحد الأدنى .

أما الطائفة الثالثة والأخيرة وهي المواقف التي يتبناها على حادث معين عرضي فهذا تأثيره في فكر التنظيم وعقيدته غير ذا تأثير وما يصلح للقول بالنسبة للطائفة الثانية يصلح لهذه الطائفة مع مرونة أكبر من الطائفة الثانية .وهنا أكرر المقولة الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية

المطلب الثالث

(التمهيد لإقامة التحالف )

بعد أن حددنا الأطراف التي نروم التحالف معها و تعرفنا على مكوناتها وأفكارها نكون قد كونا قاعدة كبيرة من المعلومات ووصلنا إلى العامل المشترك الذي يجمعنا بالأطراف التي نروم التحالف معها والذي يجب علينا توظيف هذا العامل بما يخدم الهدف الذي من أجله أقمنا التحالف .وكما عرفنا نقاط التقاطع المتوقعة وكيفية التعامل معها.وحينما ناقشنا موضوع الأطراف.عرفنا حينها الأهداف والأفكار التي لدى تلك الأطراف بخصوص موضوع التحالف معنا . وهنا يجب أن نحدد العناصر المكونة للخطاب التمهيدي الموجه للأطراف موضوعة التحالف

يجب أن يحتوي الخطاب على نقاط التوافق بين الأطراف موضوعة التحالف .

يجب أن توظف نقاط الاتفاق لمصلحة وفكرة التحالف .

يجب الابتعاد عن نقاط التقاطع كل ما أمكن ذلك .

يجب أن يحتوي الخطاب على الأهداف والمصالح التي لدى الأطراف موضوعة التحالف والتي تدفعها للتحالف .

تحديد عدة أدوار في التحالف وعلى كافة الأصعدة للمرونة وضمانة انضمام أكبر عدد ممكن وبما يناسب كل جهة حسب وضعها وإمكانياتها .  

بعد أن كونا عناصر الخطاب السياسي الموجه إلى الأطراف التي نبغي التحالف معها . لا نقوم بالإعلان مباشرة عن الفكرة بل نرسل الخطاب السياسي للأطراف التي نروم التحالف معها و نطلب منهم ردود أفعالهم   حول الخطاب السياسي. وفي ضوء ردود الأفعال الواردة ومع الأرشيف الذي تكون لكل مجموعة من خلال عمل اللجان يمكننا وبسهولة الوصول إلى الدعوى لعقد التحالف .   

 

المطلب الرابع

(منهاج التحالف)

كنا قد ختمنا المطلب السابق بالدعوى لعقد التحالف ولكن أليس من الضروري أن يكون للتحالف منهاج وبرنامج للعمل . يتوجب علينا أذن معرفة الغرض من التحالف هو خلق حالة من الضغط على الطرف الأخر وإحراجه والرد على الافتراءات التي يبتدعها  وحقيقة ما يقوم به من أعمال كل هذه الأمور تستوجب توزيع الأدوار كل حسبما يناسب إمكانياته ووضعه وموقعه وبرنامج عمله.

مجموعة تتحالف على صعيد العلاقات الدولية والدبلوماسية والمنظمات الدولية .

مجموعة تتحالف على صعيد التنظيمات السياسية داخل دولها (كمعارضة).

مجموعة تتحالف على الصعيد الثقافي والعلمي والمراكز البحثية والدراسية و الاستطلاعية .

مجموعة تتحالف على صعيد مؤسسات المجتمع المدني  .

مجموعة تتحالف على الصعيد الإعلامي والمعلوماتية .

مجموعة تتحالف على صعيد حقوق الإنسان . 

ومن خلال أعمال اللجان سابقة الذكر و ردود أفعال و أراء الأطراف موضوعة التحالف وكل حسب مجموعته سوف يتوفر كم هائل من البيانات والدراسات والتقارير .ولتأسيس منهاج عمل متكامل يتوجب علينا البدء بأساس متين وقاعدة صلبه .

أولا:

رصد جميع الممارسات التعسفية .

دحض الافتراءات بالأدلة المقنعة .

إيضاح الهدف الحقيق من المشروع المعادي .

كشف الضرر المخفي بالخصم لشعبه .

ثانيا :ينقسم البحث وفق المنهج إلى ثلاثة أقسام رئيسية:

البحث المكاني .

البحث الزماني .

البحث الاجتماعي وفق فئات المجتمع .

البحث الاقتصادي والمعيشي .

البحث الأمني والوقائي .

ثالثا : التعاون وهو العامود الفقري ويفضل أن يكون في الخارج  .

المواسم الثقافية .

المخيمات المناهضة للمشروع المعادي .

المؤتمرات والندوات .

الحملات الإعلامية. 

المسيرات السلمية والمعارض .

حملات للفت أنضار المنظمات الدولية ذات العلاقة وبالطرق الدبلوماسية .

حملات برلمانية .

رابعا :

من المهم اختيار التوقيت المناسب .

ومن المهم اختيار الأماكن المؤثر بالسياسة .

ومن المهم استمرارية النشاط  .

ومن المهم اختيار النقاط الواهنة ونقاط الضعف .

المطلب الخامس

(سكرتارية التحالف )

بعد الانتهاء من أعداد منهاج عمل التحالف ومن ثم الاتفاق على التحالف ذاته و ارتأينا عدم الخوض في الاتفاق حيث أفضنا في شرح الموضوع ككل وهو يقع من ضمن مناقشتنا  لتفاصيل التحالف هذا من جانب ومن جانب أخر لعدم وجود تصور كامل لصيغة الاتفاق في هكذا نوع من الكيانات حيث تختلف من وقت لأخر ومن طرف لأخر ومن موضوع لأخر . يبقى أنشاء سكرتارية للتحالف مهمتها تتلخص في ما يأتي :

توثيق جميع الأعمال والنشاطات للأطراف المتحالفة .

تعميم جميع الأعمال والنشاطات لأي طرف على بقية الأطراف الأخرى والجهات ذات العلاقة والتأثير .

تهيئة المعلومات والوثائق والأدلة لأي طرف من أطراف التحالف لممارسة عمله .

العمل على تطوير وتنمية التحالف و استقطاب عناصر مفيدة للتحالف .

العمل على توجيه الأنظار والإعلان عن أي عمل أو نشاط لأي طرف من أطراف التحالف بوقت مبكر لضمان فاعليته و تحقيق الهدف المرجو من ذلك العمل .

الخاتمة

نحن عندما قمنا بهذا العمل نبغي تعرية الخصم وإحراجه على كافة الأصعدة العالمية ووضعه في زاوية ضيقة .لإجباره على احترام أرادة الشعوب . نعم الظاهر أن الدراسة تبدو نظرية كثيرا ولكن لا يزال للضمير العالمي صوت يتردد ويسمع وعلى أية حال إذا كانت هذه الدراسة . صعبة التطبيق على أرض الواقع فهي تبقى الدواء الشافي مما يعانيه العراق والأمتين العربية والإسلامية .

ولكن حينما نقول هذا الكلام ليس نابع من عدم ثقة لا سامح الله تعالى ولكن لا يتعدى كونه الجواب على ما يدور في خلد بعض القراء.وإضافة لذلك وكي نتوخى الدقة والرصانة العلمية كنت قد استشهدت بأمثلة وحوادث تاريخية ناجحة .

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.