18 Jul
18Jul

               مقتطفاتُ مِنْ مناقشات مجلس الشيوخ الأمريكي على إلاستراتيجيةِ المتعمدة لتَحديد إنتاجِ النفطِ العراقيِ في الستّيناتِ

جعلت الإحداث السياسية والتطورات النفطية التي مرت على منطقة الشرق الأوسط والعراق في ستينات القرن الماضي الإدارة الامريكية إن تتبع نظاما جديدا للتعامل مع نفط العراق بشكل خاص عرف بنظامَ (تخصيصِ الشرق الأوسطِ). اذ كانت الخشية في إندفاعَ الإنتاجَ النفطي العراقيَ أثناء الستّيناتِ بدون سيطرة عليه من قبل الحكومة والشركات النفطية الامريكية كنتيجة لنزاعِ تأميمِه مَع شركة نفط العراق المحدودة (آي. بي. سي).

 بعد 1960 تخلف العراق عن كثير من جيرانه الاقليميين بان أصبح أوطأ دول المنطقة مِنْ حيث معدل النمو بالمتوسطَ في الشرق الأوسطَ. اذا ما قورن بالمنتجين الاخرين في المنطقة. وحينما حدثت الثورة في العراق عام 1968 اشارت المصادر الأمريكية الى ان "العراق اليوم سَيَكُون أغنى وان دخله السنوي سيزداد بمقدار اكثر من بليون دولار سنويا. وان هذه الحقيقة مهمة لدرجة أكبر اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار أنّ الشركاتُ الامريكية لا تَستثمرُ في العراق الآن ولَيْسَ لسَنَواتِ ايضا"[1].

 

ولكنه في الحقيقة كانت الشركات الأمريكية تَستثمر في العراق (بالرغم من أن العراقيين سَيُنكَرونَ ذلك). فالشركات الأمريكية كانت تاْخذَ نفس القدر من النفطَ الخارج من العراق كما كان بامكانهم أَنْ يَأْخذوا بقدر ما يناسبهم من نفط العراق الا إن انه لم يكن امام تلك الشركات اي مستقبل حول النمو أَو الوسائلِ الجديدةِ التي يمكن استخدامها في تنمية وادارة حقول نفط العراق.

 

َ      فقد عرفتْ إحتياطيات النفطِ في العراق بشكل خاص بانها ستَكُونَ أكبرَ وأفضل مِنْ إيران، ويمثّلَ العراق خطرا محتملا عظيما لما يشكله بالنسبة إلى مالكي أرامكو لما يتمتع به من كلفة رخيصة للإنتاج ووفرة غزيرة للنفط بالنسبة للبئر الواحد وسهولة تصديره. وان الإنتاج العراقيِ اذا لم يعُرقلَ لاعتبارات سياسيةِ، فانه سيكون سببا مباشرا لتراجع الإنتاجِ العربي السعوديِ وسيَزِيدُ من فرصةَ أرامكو بان تفقد امتيازها فيه .

 

ويشير السّيناتور بيرسي الى ان أغلب النمو في إنتاجِ نصف الكرة الأرضيةِ الشرقيِ أثناء الستّيناتِ كان في إيران والعربية السعودية، ويتساءل ماذا يمكن ان يحَدثَ إذا إندفعَ الإنتاجَ العراقيَ أيضاً ؟ والجواب انه ستكون هناك تخمة ثقيلة لوسائلِ الإنتاجِ والنفط المعروض.

 


اما السّيد هاوارد Page. فيشير الى ان ( العراق اذا أُدخلُ الى جانب ايران والعربية السعودية فسيمكنُ أَنْ نَكُونَ في مشكلةِ قاسيةِ واحدة جديدة، فنحن نَلتزمُ ان يكون الإئتلافِ بقدر إلى الحَدّ الأدنى حتى يُمْكِنُنا أَنْ نَأْخذَ من هناك ونُقابلُ الإتفاقيةَ التي تسير بحسب مصالحنا. ويجب ان نتذكر باننا كُنّا نَأْخذُ أكثر مِنْ الإتفاقية التي دَعتْ إليها خارج إيران، وكُنّا نَأْخذُ كميةَ مساويةَ، مع ذلك، مِنْ العربية السعودية، ونحن نَلتزمُ بالتَقليل مِنْ أولئك، الامر الذي لا أحد يريدَ أَنْ يَعمَلُ، او يناقشَ في مسالة هل "يُمْكِنُ أَنْ تَبتلعَ هذه الكميةِ مِنْ النفطِ؟ " مَع نفط العراق "الجواب سيكَونَ، "نعم، سَيكونُ عِنْدي الكثير مِنْ المشاكلِ وبَعْض المشاكلِ القاسيةِ، لَكنِّي سَأَتعهّدُ للعمل في حلها) [2].

 

فالعراق يُمكنُ أنْ يكون صلبا وهو أصلب كثيرا مما كنا نعتقده وبسبب ذلك فاننا سننفذ تنازلات اكثر مما لو كان العراق داخل اطار تلك الاتفاقيات .

 

فقد اكدت إتفاقيةِ الامتياز لعام 1928، على إكتساب شركة نفط العراقَ إلتزاماً للإبْلاغ عن كُلّ إكتشاف جديد الى الحكومةِ العراقيةِ وايجاْد إنتاجِه بسرعة وبقدر الإمكان. الا ان هنالك ملحق منشور في تقريرِ إحتكارِ نفطِ لعام 1952 إستنتجَ: (ان هناك هدفا يَبْدو واضحاً بان مناوراتَ التأخير والسياساتَ التقييديةَ لآي بي سي ساهمتْ جوهرياً بان يكون العراق يعود ويحتل الموقعِ المتخلّفِ نسبة إلى تَطَوّراتِ نفط الشرق الأوسطِ الأخرى). . . . ( وان ما بين عامي 1929-33 لم يكن لقضيّةَ التطويرِ لامتيازات آي بي سي سببا في هذا التخلف. وانما جاء هذا التأخيرِ لانه جاء نتيجةَ القراراتِ المتعمّدةِ بالمجموعاتِ المرتبطةِ مباشرةً في آي بي سي وتطويرها للعلاقاتِ التعاونيةِ والسياساتِ المتكاملةِ فيما بينها).

 

ويشير تقرير المخابرات الحكومي الصادر في عام 1967 بأنّ هناك مستشارِ مستقلِ بحث وحْفظُ في آي بي سي وكَشفَ بأنّ آي بي سي حَفرتَ ووَجدَت ابار نفطية يَتدفّقُ منه النفط بصورة عظيمة تكون الواحدة منها قادرة على إنْتاج 50,000 برميل في اليوم. وقد "سَدّتْ الشركةَ هذه الآبارِ ولَمْ تُصنّفْها مطلقاً، " وإستنتجَ التقرير بان توفرَ مثل هذه المعلوماتِ كَانتْ سَتَجْعلُ موقعَ المساومة مع الشركات الامريكية في العراق مزعجِا بشكل اكبر ويشكل خطرا على وجودها فيه بشكل يجعلها تفقد مكانتها فيه .

 

ونتيجة لذلك عملت آي بي سي "بان تسِيرُ ببطئ" و حينما طَلبتْ الحكومةَ العراقيةَ انذاك ان تتَرْك آي بي سي أجزاءِ من امتيازها رفضت آي بي سي ذلك، حينذاك شرعت الحكومةَ العراقيةَ قانوناً في كانون الأول 12, 1960، يشير الى إلْغاء أغلب امتيازات آي بي سي المنتجة في العراق. وفي 1964 شكّلتْ حكومةِ العراق شركةَ نفطها الوطنيةَ الخاصةَ وبَدأتْ بمُنَاقَشَة إعْطاء البعض مِنْ الامتيازات التي أَخذَت مِنْ اي بي سي إلى الشركاتِ الأخرى.

 

وقد تَكلّمَ مسؤولون في وزارة الخارجيةُ مع الشركاتِ الأمريكيةِ الأخرى التي إهتمّتْ بالعراق في محاولة لاقناعُهم بأنَّ أيّ محاولة للحُصُول على التنازلاتِ الجديدةِ في العراق بينما النزاعِ لا يزال عالقاً فانهم بذلك سيُقوّضونَ سياسة الحكومة ألامريكيةَ. وقد كان من بين الشركاتِ الأمريكيةِ التي حُذّرتْ بواسطة وزارة الخارجيةِ في 1964 كَانتْ إلاتحادِ النفطَي ، وستاندرد إنديانا، وسينكلير

 

وعندما ظَهرَ بأنّ سينكلير كَانَت على وشك تَقديم عرضاً إلى العراقيين، فان آرثر دين، المُحامي الأمريكي لشركات آي بي سي ، سَألَ وكيلَ وزارة الخارجية أفيريل Harriman بأَنْ يَكُونَ لديه الحافزُ والقدرة على ان يمنع سينكلير في أَنْ تمْضي في تقديمها للعروض الى العراقيين. وفي إجتِماع مع مسؤولين في وزارة الخارجيةِ، وَصف المشاركون الأمريكان في آي بي سي موقعَ مساومة آي بي سي في المفوضات مع الحكومة العراقية بانها في موقع إما توافق أو ترفض. وأقنعَ هؤلاء سينكلير بعدم التعاملُ مع حكومةِ العراق.

 


ثانيةً في 1967، عندما أرادتْ حكومةَ العراق تقديم العروض الى شركاتِ النفط الوطنيةِ الأجنبيةِ مثل إيلف وإي آي آر أي بي (فرنسيون)، والى الشركات اليابانية وإي إن آي (إيطالية)، فان شركات النفط الامريكية طلبت من وزارة الخارجية التَدَخُّل لدى الحكومات الأجنبيةِ لحِماية موقعِ آي بي سي. ونتيجة لذلك النزاعَ حول النفط العراقي فانه أَصْبَحَ عامل رئيسيا وقانوناِ دخول الحكومات لحل النزاعات في السوق العالميةِ [3].

 

وبنفس تلك القدرة فقد سعت شركات النفط الأمريكية الرئيسية الخمس المهتمة بالإستثمارات الأجنبية الكبيرةِ في العربية السعودية. الكويت والعراق الى ان تكَون ممانعة بشكل أولي على جَعْل الإستثمارات الرأسمالية الأخرى في منطقة خطرة جداً مثل إيران في وقت كَانَ لديهُمْ نفطُ في الخليج العربي اكثر مِنْ إحتياجاتهم لمَلْئ إلتزاماتِ سوقِهم الطويلة المدى.

 


وبناء على طلب مجلس الأمن القومي،فان شركات مثل  Exxon، Mobil، Socal، Texaco, Golf وحَسبما جاءت في خطة هيربيرت Hoover الإبن فقد وافقوا على مُلائَمَة ظهورِ وعودة الإنتاجِ الإيرانيِ إلى السوق العالميةِ بشكل منظّمِ ولِكي يعيدَوا دخولَ الشاهَ بدون حرب أسعار للنفطِ. وأقنعَ الأمريكانُ من الخمسة الكبار الحُكَّامُ المؤيّدون للغربُ في العربية السعودية والكويت والعراق بأنّ إنتاجهم يَجِبُ أَنْ يُمْنَعَ لفَسْح المجال امام النفطِ الإيراني كتضحية ضرورية لحِراسَة جارِهم ومن المحتمل للمنطقة باسرها من ان تقع ضمن المدارِ السوفيتيِ[4].

                  

For more question or explanation stay with  the web site, www.nasr-i.org

 

Or call:  Info@nasr-i.org    

 

Copyright © 2006 . All rights reserved to N A S R , Nothing in this publication may be reproduced without the permission of the publisher.

  

  

 [1]مقتطفاتُ مِنْ مناقشات مجلس الشيوخ الأمريكي على إلاستراتيجيةِ المتعمدة لتَحديد إنتاجِ النفطِ العراقيِ في الستّيناتِ، كانون الثّاني 2 1975

الولايات المتّحدة، مجلس الشيوخ، لجنة العلاقات الخارجيةِ، تقرير لجنة فرعيّة حول الشركاتِ الدوليَّةِ، شركات النفطِ الدوليَّةِ والسياسة الخارجية ألامريكيةِ، 93 d الكونجرس، 2 d sess. ، (واشنطن، دي سي: مكتب مطبعة الحكومة الأمريكية، 1975) , pp. 100-102

 
  


[2]   جلسات إم إن سي، يَفترقُ 7, p.309. 

 

شَهدَ هاوارد Page أيضاً بأنّ خوفَه مِنْ خسران تنازلِ أرامكو قادَه لإبْقاء Exxon مِنْ عدم دُخُول عُمان حيث الشركة إعتقدتْ ان هناك اكثر من 10 بليون برميل في حقلِ نفط جاهز للاستكشاف.

 

 

     


[3]   جلسات إم إن سي، الجزء 7. p. 310

     

[4]  جلسات إم إن سي، الجزء 7. p. 310

  

 

   


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.