في أعقاب الكوارث الوطنية ، يميل الناس بصورة طبيعية إلى البحث عن تفسير على أساس الفشل. وهذا التعليل غالبا ما يساعد في وضع السياسات التالية. فالدروس المستخلصة من الحرب العالمية الاولى أدت إلى إقناع الولايات المتحدة لتبني سياسة أوروبا الانعزالية والاسترضاء، وكلا السياستين ساهمتا في اندلاع الحرب العالمية الثانية. وكان الدرس الكبير من تلك الحرب للأميركيين انه لا وجه لمعارضة هتلر عاجلا. ثم أصبحت هذه السياسة لها مبررات قوية لدى الولايات المتحدة في حرب فيتنام في الستينات.
وبينما كانت عمليات مكافحة التمرد قد فشلت وأعاقت إلى حد كبير الاداء العسكري الامريكي في العراق لاعتمادها سياسات خاطئة كذلك. فإذا كان النقاش الدائر حاليا في الولايات المتحدة حول الفشل في العراق قد يعطي نتائج بناءة ، إلا إنه سيكون قد تجاوز كل الاستنتاجات التي كانت تدفع باتجاه تعزيز الديمقراطية، أو في بناء الامة.
وكان أول هدف للنقد بالنسبة للأفراد دون السياسات الرئيس جورج دبليو بوش، وأيضا نائب الرئيس ديك تشيني ؛ دونالد رامسفيلد ، وزير الدفاع السابق ؛ والقائد السابق للقيادة المركزية الاميركي العامة تومي فرانس؛ وبول ولفوويتز، النائب السابق لوزير الدفاع ؛ ودوجلاس فيث ، الوكيل السابق لوزارة الدفاع عن السياسة الخارجية ؛ وبول بريمر، الرئيس السابق لسلطة الائتلاف المؤقتة؛ وجورج تينيت ، مدير المخابرات المركزية السابق, والآمر الثالث العام في العراق ، وأعلى دبلوماسي هناك -- . واغلب هؤلاء تغيروا والتي جاءت هذه التغييرات كانعكاس على تدهور الوضع في العراق. وهذا يدل على ان مصدر المشاكل بعضها على الأقل هي السياسة في الولايات المتحدة وان الصعوبات في العراق يتجاوز سببها الشخصيات خاصة.
على صعيد آخر، كان البيت الأبيض والكونغرس، ووزارة الخارجية ، ووزارة الدفاع، ووكالة المخابرات المركزية الامريكية قد تورطت في إلقاء اللوم المستمر على العراق. فالرئيس بوش والكونغرس قد اتهم المخابرات المضللة عن العراق حول أسلحه الدمار الشامل. بينما اتهم تينيت أن الإدارة قد استجابت إلى تأثير كبار صناع السياسة ولم تناقش بجدية قرار الذهاب الى الحرب. بينما رامسفيلد يقول إن الرئيس لم يطلب نصيحته بشأن هذه المسالة. ووزير الخارجية كولن باول كان يقول انه قدم للرئيس آراءه بشأن الحكمة من الحرب غير إن الرئيس لم يسأل عن أي تأثير للحرب. وهناك ضباط المخابرات السابقين ادعوا بأن وزارة الدفاع والبيت الابيض تلاعبوا بالأدلة وبالغوا فيها وصنعت التقييمات الاستخبارية لدعم قرار الذهاب الى الحرب.
وبينما بريمر يقول انه لم يعلم بعد قضائه عدة اشهر في العراق ، ان البنتاغون لم يتقاسم تقاريره مع البيت الابيض أو مع وزارة الخارجية. و أصر تينيت على إن وكالة المخابرات المركزية حذرت الادارة من الصعوبات التي تواجه الاحتلال (وهناك تقارير صحفية نقلا عن وكالة المخابرات المركزية المذكرات تثبت ذلك).
خلال حرب فيتنام ، كان عدم الرضا عن الصراع الأولي اتضح في أسفل الهرم العسكري، ونقد الأداء العسكري الأمريكي الأعلى و في كثير من الاحيان كانت الرتب الدنيا من المجندين الرماة قد زادوا من التململ، واستهلاك الكحول و استعمال المخدرات وزادت الحرب شراسة وتصاعدت الخسائر بين الأمريكيين. مما كانت النتائج مثلما كتب التاريخ عنها . واليوم فان الأوضاع في العراق تنبأ بفشل في السياسات والتخطيط وحتى في واقع الأرض التي تسير إلى اتجاه جديد نحو التدهور شبيه مما سبق.
Copyright © 2006 . All rights reserved to N A S R , Nothing in this publication may be reproduced without the permission of the publisher.