18 Jul
18Jul

حينما احتل البريطانيون العراق في تشرين الأول 1914 وبدءوا بغزو أراضيه لأربع سنوات كانوا قد عرفوا ماهية هذا الشعب الذي يسكن الطين ويفترش التراب والذي يتكون من أعراق ومذاهب وجهل واعتقادات شتى جعل من الصعب إن يحكم من داخل أهله أو إن يكون لهم رأي في حكمه وكان هذا قدره منذ إن خلق هذا البلد.

لذلك كان ومنذ البدء للتدخل الإقليمي والدولي في العصر الحديث رأي بارز في رسم تشكيل مستقبل البلد وتنظيم هيكلته السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ولعل كان أللاعب الحاضر والغائب القديم ومنذ خمسة قرون والحاضر بمطامعه الإقليمية السياسية والدينية ومحاولته إعادة تشكيل الدولة المريضة والمنهارة وهي الدولة العثمانية التركية الجديدة.

ولقد كانت هذه الإمبراطورية العجوز من ابرز اللاعبين في العراق بعد الدولة البريطانية المحتلة وكانت الغائب الأبرز في كتب المؤرخين الذين ذهبوا بعيدا في دراساتهم عن الدور التركي في العراق وأثره في رسم المستقبل العراقي في القرن العشرين.

فقد كانت لمعارك الأتراك مع البريطانيين بعد الحرب العالمية الأولى اثر بارز في ذلك النفوذ وكانت لمطالبة الأتراك بالموصل وجه أخر من أوجه ذلك التأثير وكان لرجال بريطانيا في العراق وعلاقتهم القديمة بالجيش العثماني اثر كبير في تلك التدخلات, وكان اثر العامل الديني بارزا في تقديم رجال السنة العلمانيين للحكم في العراق وكذلك في رسم الحدود والأقاليم العراقية.

وكانت هزيمة البريطانيين على يد الأتراك في جنوب تركيا بعد معاهدة  مندروس مؤلمة وقاسية وأعطت الدافع للأتراك بالمطالبة للتوسع خارج حدود تركيا بعد توقيعها على تلك المعاهدة خلال خسارتها الحرب العالمية الأولى ووقف بطل تركيا القومي آنذاك أتاتورك موقفا بارزا في وقف سلسلة الانهزامات المتتالية للرجل المريض, ثم إن انفتاحها القومي جعل منها دولة إقليمية تمثل مصالحها الخاصة فقط بعد إن كان مفهوم  المصالح تلك هي رعاية مصالح المسلمين بشكل عام في العالم.

هذا التغير في الإستراتيجية التركية جعلها تفكر من جديد بأنها دولة إقليمية من دول المنطقة ترتبط مصالحها بشكل أساس مع دول مجاورة ومستقلة بجوارها ضمن منظومة غربية حديثة في رسم خارطة العالم القديم.

من هنا جاءت المباحثات البريطانية التركية الأمريكية في اوائل العشرينات لرسم حدود العراق الجديدة وتمكين رجال تركيا في العراق من تبؤ المناصب السياسية الهامة في تشكيل النظام السياسي الحديث. فبالرغم من خسارة تركيا الحرب مع الغرب إلا أنها بالتأكيد كانت أقوى دولة إقليمية يمكن الاعتماد عليها أو التأثير على الاستراتيجيات الغربية الحديثة في نظام اقتصادي عالمي جديد نشا بعد أعقاب الحرب العالمية الأولى.

وحينما نقرأ هذا التاريخ يتبادر إلينا مفهوم التوافق الايراني - ألامريكي حول العراق, فبالرغم من التوافقات الحالية من العداء المشترك لهذا المحور إلى الاتجاه العروبي الإسلامي نجد إن السياق السياسي التاريخي قد اخذ مداه الواسع في هذا الحلف من خلال ازدياد التنسيق بينهما لرسم مستقبل العراق ووضع رجالات إيران لتبؤ المناصب السياسية في البلد ذلك لان من أسس العلاقات الدولية هي إنه التعامل مع الأعداء الأقوياء خير من التحالف مع الحلفاء الضعفاء. الأمر الأخر إن توافق المصالح يتقدم في احيان كثيرة على اعتبارات النجاح والفشل في الاستراتيجيات الدولية العامة والعلاقات الدولية فالتوافق والاختلافات في العلاقات لا تؤثر سلبا أم إيجابا في  تطوير وإنماء المصالح المشتركة ولذلك نجد إن هناك خيطا رفيعا بين الدول المختلفة لا ينقطع مهما كان مجال الخلاف والعداء بينهما ليكون صلة الربط الأساسية في تحقيق المصالح المشتركة.


ازمتنا ..... ازمة فكر

جاء الاحتلال الأمريكي فرصة لإعادة التفكير في المناهج الفكرية الشرقية الإسلامية وعدم المضي في تحديث المناهج السابقة وجعلها تتلاءم مع المتغيرات الفكرية والسياسية والعلمية. إلا إن أزمة الفكر العربي الإسلامي وهي أساس الأزمة التي تعيشها الشعوب الإسلامية هذه الأيام ومن قبل ما سبقت أنهم ليست لديهم الهوية الخاصة بهم كشعوب لهم من الإرث الحضاري والعقلي ما يجعلها متميزة بكل المعاني عن الأنظمة الغربية الرأسمالية ومن قبل الاشتراكية أو العنصرية وما سواها وان العالم ليس قرية صغيرة أو انه يعيش في نظام كوني واحد.

       

فكانت الدعوات التي قد سبقت من مفكري الأمة في كيفية التزاوج الفكري بين الشعوب فظهرت الاشتراكية الإسلامية والديمقراطية والشورى والاقتصاد الحر والمرابحة ضمن تصورات إسلامية وما سوى ذلك إلا أنهم عجزوا عن إيجاد المخرج الخاص المخلص من هذه ألازمة الفكرية. لا بل تعدى الأمر عن العجز عن إيجاد حتى الرياضة الخاصة بهذه المنطقة أو حتى إيجاد واختراع نوع من أنواع الفنون التي تلاءم العقل الشرقي. وبدل ذلك ظهرت دعوات بالرياضة الإسلامية للبس المرأة للحجاب وعدم الاختلاط والجواز الشرعي لتلك الملاعب, وحتى الفنون من تخريج لأصولها العربية أو تصنيفها لتكون موافقة مع متطلبات الشرع الإسلامي .

من هذه المقدمة نرى إن من أوجه الأزمة التي نعيشها هي أزمة فكرية في الأساس في عدم وجود منتهى خاص بنا. فأساس العمل هو البناء الفكري للدولة ومن ثم تأتي أنواع الصعود الأخرى ومن ذلك الأساس الفكري للاستراتيجيات السياسية, فعلى سبيل المثال إن زوال الاحتلال ليس هو هدف بعينه تسير عليه الشعوب فالاحتلال زائل لا محالة فلقد جاء بسبب رجل واحد وسيخرج كذلك لنفس السبب في حين يجب عدم إعادة التجربة الأفغانية في سبيل خروج الاحتلال السوفييتي نرى إن الفصائل تقاتلت فيما بينها من اجل الزعامة السياسية وما جر ذلك من ويلات على الصعيد العالمي.

ولذلك وجب إيجاد الهوية والصفة الشخصية للمجتمع ليتمكن من معرفة أصول النهوض الفكري والعلمي لشعبه بعد زوال الاحتلال ومن اجل ذلك جاءت سمة البطل أو صفة المنقذ أو القائد واجبة في التفكير السياسي والاقتصادي والاجتماعي العراقي اليوم. وان تقديم هذه النظرية واستنهاض هذه الغريزة لدى شعوب المنطقة وإيجاد السمة التي يجب إن يتسم بها أبنائها والتميز بها عن النظام الغربي ما يتسم بها من دعائم الديمقراطية والحرية والسلام الأمريكي وما سوى ذلك قد يكون بداية لبناء جديد في معرفة القيادة القادرة على بناء هذه الشعوب لطريقها الخاص لحياة جديدة ومستقلة

إن اصعب ما يمر به الإنسان ليس اختيار الوطن بل البعد عنه والمعرفة بأنه سوف لن يعود إليه. اختيار صعب بين هذا وبين اختيار الموت من اجل ذلك ولعل الإحداث التي تعصف بالبلاد أشبه ماستجعل الأمور تسير إلى ذلك الخيار وان الصبر على التسليم بذلك قد يكون اهون تلك الأمور.

ويمكن اختزال طبيعة النزال اليوم على ارض الرافدين إلى قوة الإرادة بين طرفي الصراع وعلى قناعات احد الطرفين فإرادة المحتل في تقديم نموذجه في الحياة وتطبيق مسببات الأمة الأمريكية على العالم اجمع خاصة إذا اعتبروا أنهم هم العالم وعليهم مهمة القدر في إيصال رسالتهم الكونية إلى العالم.

وبين قدر شعب جاهل ضعيف لا يريد سوى متطلبات عيشه من مأكل ومشرب دون سواها وهو أصلا لا يقدر حتى الوصول إلى استحقاقها ولا يريد حتى النظر إلى ما فوق ذلك, وفيه فئة امنت بقدرها واستنهضت الهمم الرائدة لتاريخها ومستقبلها ورضيت بالمقاومة سبيلا لحياتها وان لم يحتضنها كامل شعبها.  بين تلك الإرادتين ينتصب قدر العراق اليوم بين من فقد الحكمة ويمتلك المغامرة والإرادة والمعلومة والمعرفة وبين من عنده الحكمة ولا يراها ولا يمتلك الشجاعة ولا المعرفة ولا القدرة ولا يريد من قدره إلا بقدر ما تشتهيه نفسه.

إن منطق التوراة الذي جاء على الدبابات والعقول الأمريكية في بناء عالم جديد في العراق أساسه جملة من المتناقضات بين أفراد شعب ليس بينهم رابط سوى فراغ فكري وجمود وجحود مترسخ جيلا بعد جيل لكل من يقوده ومتمردا على كل الصعاب التي تواجهه, هذا الأساس أرادت التوراة الجديدة وحاملوها إن يقيموا بنيانهم الشامخ ومجدهم الزائف عليه وبالتالي نرى النتائج بين عشية وضحاها إن صمدت أمام هذا المد الفوضوي الشعبي من المقاومة والتي ستؤدي نتائجها بالتأكيد على قلب الطاولات على رؤوس جالسيها المفاوضين.

       إن قلة الوعي السياسي جعل فئات كثيرة من الصفوة الحاكمة تعتقد على إن بيدها زمام المبادرة وان عليها إن تقود البلاد إلى الهاوية المستدامة التي ستحقق مصالحهم على حساب سواهم , والذي شجع على ذلك استشراء الجهل السياسي بشكل عام والنفاق العقائدي بشكل خاص وطبيعة مفاهيم هذا المجتمع والذي تربى ببيئة يجب عدم نسيانها في مثل هذه الظروف ولمدة عقود من الزمن إلى جانب قلة الوعي الثقافي بزوغ الحلم الملحمي والاعتقاد الغيبي كل هذا أصبح وقودا ودافعا لتلك الأهداف والمعتقدات التي جاءت على ظهور المكائن الأمريكية .

بدأت كتابات تظهر بشكل مطرد وباتت تشكل الرأي السائد اليوم في الفشل الثقافي الفكري بانهزام مروجوا ثقافة التزاوج بين الثقافات وربما كانت أبو غريب وحديثة وقبلهما وبعدهما مفتاح لذلك الانهزام الفكري.

فهل يمكن أن تكون حديثة هي باب القبر الجماعي فقط ؟ الجثث التي شاهدناها، والأطفال الموتى؛ هل يمكن أن تكون هذه بضعة فقط من الكثير؟ هل إن ما فعله جيش أمريكا في الأحياء الفقيرة يذهب الى أبعد من ذلك ؟ أتذكّر بشكل واضح الشكوك الأولى التي تولدت لدي في فترة اعتقالي بان ذلك القتل الفظيع قد يحدث باسم الولايات المتحدة في العراق.

كلّ جيوش الاحتلال فاسدة. وجميعهم عدو ومجرمي حرب؟ الجزائريون ما زالوا يكتشفون القبور الجماعية حتى اليوم التي خلفها المظليون الفرنسيون والذين محوا قرى بأكملها ،وكذلك المغتصبين القتلة من الجيش الروسي في الشّيشان.

وكذلك الأحد الدامي. حينما جلس الإسرائيليون يراقبون ميليشياتهم اللبنانية العميلة تذبح نحو 1,700 فلسطيني. وأيضا في ماي لاي ومن قبلهم النازيون الذين كانوا أسوأ واليابانيون والستاشي الكرواتيين. وأخيرا وليس آخرا جاء هؤلاء الجنود الصغار الذين يمثلون جيش الولايات المتحدة الأمريكية في العراق والذين تلطخت أيديهم بدم الأبرياء .

اعتقد إن جزء من المشكلة هو عدم اكتراثنا نحن العراقيين بالعراقيين الذين سقطوا من مختلف المذاهب مطلقا، فقبل اندلاع المقاومة وعندما هاجم العراقيون جيش الاحتلال بقنابلهم على الطريق وبالسيارات الانتحارية، أصبحوا بوجهة النظر الأمريكية أنهم الأشرار, وأنصاف البشر وكما عرفوهم الأمريكان في فيتنام ولكن تناسى الأمريكان وتناسينا إن هؤلاء كما كانوا في المقاومة يمكن إن يكونوا مسلمين وباستطاعتهم جميعا أن يصبحوا محمد عطا أخر.

أعتقد إن هذا النوع من الأفعال أصبح سلوكا. فالرعب في أبو غريب نحي جانبا. فهي كانت إساءة، لا تعذيب وبعد ذلك تأتي بعض الأحداث الصغيرة, ضابط صغير في الولايات المتحدة اتهم بقتل جنرال في الجيش العراقي بحشوه في كيس نوم بالمقلوب وجلس على صدره. وثانية، نحصل على بعض العناوين البارزة. من يهتمّ إذا ملأ التراب فم عراقي آخر؟( الم يحاولون قتل أولادنا الذين يحاربون الإرهاب هناك).

دعمت حكومة الولايات المتحدة قواتها المؤلفة من القتلة والمرتزقة المفسدين والذين يعيدون اليوم الجرائم الأمريكية في فيتنام وغيرها والتي ظهرت على شكل رأس الكتلة الجليديةَ في مذابح اصغر شانا وأكثر دموية من القتل العشوائي والذي ينفذ بواسطة الكتائب المسلحة والمليشيات المنظمة من قبل القوات المحتلة وفي بعض المناطق المسيطر عليها.

وهذا المنطق ظهر واضحا أثناء وبعد معركة الفلوجة الثانية حيث عد أي هجوم عسكري ضد القوات الأمريكية تمردا وهو ما يعطي الحق بقتل المدنيين,سواء في نقاط التفتيش من قبل الجنود القتلة أو من خلال ، استعمال أسلحةِ المحرمة مثل القنابلِ زنة 2000 رطلِ على أماكن متوقعة من المتمرّدين ,وهذه اللامبالاةَ للحياةِ العراقيةِ جعل حتى الجمهور أمريكي غير حساس وغير قادر على فَهْم فداحةِ الجريمةِ، فالقصف الهائل، وخراب النظام البيئي، والدمار المنظّم للحياةِ في بَعْض المناطق الريفية البعيدةِ ومن ثم تدريب جنود عراقيين ومن سواهم على القتل المنظم والمنهجي في قطع الرؤوس واغتيال الكفاءات والمثقفين الذين اعتبروهم من الأعداء المحتملين جعلت صعود هذه الحالة أللأخلاقية وهذا العهر الوحشي للحرب السمة الأساسية لوجه الحرب في العراق .

وعلى الرغم مِنْ استمرار احتلال العراق والذي يعد بالعمل  الوحشي بكل المقاييس فان هذه الأعمال الوحشية ارتكبت من قبل تلك القوات الأمريكيةِ ،والتي  تُسبّبُت بموتَ مئاتِ الآلاف، وان عشرات آلاف منهم قتلِ بيد تلك القوات، والذي أدى إلى إن يُزعزعُ البلادَ بشكل دائم، ومستوي، من حينٍ لآخر، ومن خلال قْتلُ المدنيين بتعمد، يجب إن نَأْخذُ الدرسَ الوحيدَ الذي يَكُونُ بأنّنا يَجِبُ أَنْ لا نَتْركَ هذه الوحشيةَ الأمريكية ألا تُلوّثُنا نحن العراقيين, وألا تُحطّمُ هياكل العراق الاجتماعية. إن هذا التمييز العنصري والتخمير الغريب للقوميةِ, إشارة على نزعةِ القوات الأمريكيةِ لاستعمال النارِ الهائلةِ في المناطقِ المدنيةِ،جعل من حياة للعراقيين العاديينِ إن تُصبحَ أكثر صعوبةً وفزع ويأس في كُلّ يوم. وأكثر من 30000 عراقي قتلوا في شهر واحد نتيجة لأعمال وتدريب القوات الأمريكية في البلاد وأكثر من 100,000 شخص هَربوا من بيوتِهم في بغداد  في شهر واحد والآلاف من المعتقلين في السجون الأمريكية وما صاحبها من حالات التعذيب والمعالجة اللاإنسانية والتي كانت "واسعة الانتشار" في معسكراتِ ألاعتقال.

لقد سادت في بلادنا السادية الأمريكية والتي تقول في أناشيدها الوطنية وفي تدريباتها العسكرية" مثل القتلِ القتل! أقتل! أقتل! يَجْعلُ الدمُّ العشبَ يَنْمو." هذا النظام المتطور والمصمم بشكل مُحدّد للتَغَلُّب على الكرهِ الإنسانيِ الطبيعيِ لقَتْل الإنسانِ الآخر وليس لحِماية مصالحِ السكان المدنيين أو تحقيق العدالة والتنمية وإنما لإرساء السلام الأمريكي والحرية والديمقراطية بنسختها الغربية الانكلو-سكسونية. 


النفط في وسط العاصفة.....

 وعلى طول المسارات التاريخية الحديثة والمعاصرة للشعوب العراقية والعربية نجد أنها لا تستطيع من بلوغ مأربها وتطلعاتها إلا من خلال تميزها الوطني والقومي والذي يعتبر سمتها الفكرية الصحيحة لتلك التطلعات والآمال وبغض النظر عن نتائج تلك الإعمال في نجاحها أو فشلها حين اتخذت اساليب خاطئة لتطبيق افكارها على الواقع وليس على فشل وانحدار سياسة الآخرين من الأعداء الغازين أو الخصوم المجاورين أو من المحيطين الطامعين.

       فحين تريد إن تبني بلادا راسخة وعلى أصول قوية وثابتة ومستمرة غير منقطعة بأهلها ولديها ديمومة التواصل والعيش والنمو الصاعد على وتائر عديدة نجد إن من الأساس إن تتميز تلك الخطوات القائمة على سمات فريدة من تلك التي سبقتها سواء كانت سمات فكرية أو اقتصادية أو ايديلوجية أو حتى مجددة دينية .

كانت الكسور العراقية خلال السنوات الخمسة الماضية في مسيرته على طول الخطوط الطائفية، ومختلف الجماعات التي تقاتلت من اجل السلطة في العراق، تختصر بكلمة واحدة هي النفط..... فمستقبل العراق، ومستقبل الوجود الاجنبي فيه مرتبط باحتياطيات النفط الشاسعة التي تقع تحت اراضيه.  فالتقديرات الحالية تقول ان العراق هو ثالث اكبر احتياطي في العالم، ويتراوح بين 120 - 200 مليار برميل من النفط المعروفة والمتبقية والجاهزة لاستخراجه[1]. وتشير التقديرات الاخيرة الى إن هناك احتياطيا اكثر من الاحتياطات المكتشفة توجد تحت الصحراء الغربية في الانبار والماهولة بالسكان السنة. ويوفر النفط حاليا حوالى 90 % من الايرادات التي تحصل عليها الحكومة واكثر من 70 % من الناتج المحلي الاجمالي.

 

 وهذه هي الطريقة التي يمكن فيها فهم مسألة النفط فى العراق، ومدى الاهمية التي تعلقها في النقاش الدائر حاليا، والتاريخ الحاضر الغائب دائما يوضح بشكل جلي المكانة التي يتميز بها النفط في حل المسالة العراقية. بعد نهاية الحرب العالمية الاولى، وتاسيس الدولة الحديثة للعراق انشات بريطانيا وفرنسا شركة نفط العراق. هذه الشركة الاجنبية سمح لها بتقسيم غنائم الحرب، وحينما زاد الطلب العالمي على النفط والتي قفزت بنسبة 90 ٪ بحلول عام 1920  طالبت أمريكا  في البداية المشاركة المتساوية بحصتها من العمل النفطي في العراق. وكان النظام الملكي البريطاني في تركيبه للعراق قد اثبت إن مصير وجود هذا البلد مرتبط بحصة الشركات المتعددة الجنسيات من  الثروة النفطية العراقية وهو ما كان واضحا عشية الاتفاق النفطي الاول في نيسان 4 1925 وبعده بتاسيس الدولة العراقية الحديثة.

وهذا الترتيب بدأ ينحل في اوائل الخمسينات مع صعود القومية العربية من وحي جمال عبد الناصر في مصر. ففي عام 1958 اطيح بالحكم الملكي العراقي في انقلاب دموي من جانب عبد الكريم قاسم، والذي سعى الى تأميم صناعة النفط العراقية، و الذي تم بشكل كامل في عام 1972 .وولت الأيام حينما كانت شركات النفط الاجنبية تتعامل مع نفط العراق كاحتياطي  خاص بها والى الابد.

 

لهذا ارتبط مصير العراق بالتطورات النفطية العالمية حيث كان النفط محط أنظار الأمريكيين في وقت كانت الولايات المتحدة الأمريكية أعظم مجهز للنفط في العالم وكان امن الولايات المتحدة الأمريكية القومي يعتمد على ضمان الولايات المتحدة الأمريكية لموارد النفط الرئيسية كل هذا ولد شعورا لدى الأمريكان حول ضرورة ضمان موارد النفط بأي وسيلة كانت بما في ذلك العمل في المساهمة في احتكارات إقليمية في العراق. وكانت الحكومة الأمريكية تؤيد  ذلك تأييدا عمليا وشجعت على احتكار مرافق النفط في العراق وتحديد إنتاجه واقتسام أسواقه واليوم بالاستحواذ عليه وجعله جزاء من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الأمريكي في العالم وكان هذا أهم أسباب التدخل الأمريكي في العراق.

 

 فالسياسة التجارية الأمريكية قامت على أن كل البلدان يجب أن تكون فيها التجارة حرة ومفتوحة والفرص التجارية والاقتصادية يجب أن تكون متساوية في تنمية الثروات فيها. ولقد دعت هذه السياسة في أن تتحد الأفكار الانكلو-أمريكية في الوصول إلى مشاركة المصالح الأمريكية إلى مركز كبير في حقول النفط في العراق. وجعل الفرص متساوية في امتلاك ثروات هذا البلد. لذلك جعلت الولايات المتحدة الأمريكية لنفسها مكانا له الحق في إن تشارك في أية محادثات تتعلق بألاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي كل مجالات بناء الدولة الجديدة التي تريد أقامتها فيه .

 

       إن دخول ونمو النموذج الأمريكي في العراق في استكمال أبعاد تلك العلاقة قد ادخل العراق بفضل ذلك إلى مرحلة الاحتكار الاقتصادي والسياسي والصناعي وبخاصة النفطي إلى جانب التركيز الرأسمالي منذ وقت مبكر من دخولهم العراق مما صاحب ذلك نمو واستقطاب اجتماعي خطير تمثل في تحول المجتمع العراقي في هذه الفترة إلى ما يشبه المجتمعات الرأسمالية الاحتكارية حيث استحوذت الأقلية العددية من سكان العراق لوحدهم على معظم المناقصات التجارية للبلاد. وهذا ما انعكس على واقع الأحداث السياسية في العراق، فهذه الحركة الجديدة في المجتمع العراقي عجزت بدورها بتأسيس واقع جديد فيه نوع من الرفاهية الاجتماعية بل فشلت في ذلك وهيأت الأذهان أكبر في تقبل الحركات الثورية والدينية والقومية وحتى العنصرية والطائفية مما كشف بصورة واضحة حقيقية الأزمة السياسية التي يعيشها العراق.

 

إن امتلاك العراق للاحتياطيات النفطية المثبتة الأكبر من النفط الخامّ العالي الدرجة، والرخيص جدا في كلفة الإنتاج. جعلت الشركات العملاقة الأربع الواقعة في الولايات المتّحدة والمملكة المتحدة تدفع للعودة إلى العراق، بعد أن استثنوا بتأميم النفط 1972. وذلك من خلال السيطرة المباشرة على الانتاج والتوزيع . فمنذ الاحتلال للعراق في 2003، تغيّر كلّ شيء. وأصبحت واشنطون تدير المعروض من النفط وكانت للشركات الصديقة إن تجني الكسب الأغلى لصفقات النفط والذي أتاح لها الدستور العراقي الجديد 2005 ذلك، والذي تأثّر بنصائح المستشارين الأمريكيين كثيرا، بان حوى على لغة التي تضمن على دور رئيسي للشركات الأجنبية الأمريكية والصديقة. ويتمنّى فيها المفاوضون قريبا أن يكملوا الصفقات التي تشرف على الإنتاج الذي يغطي في هذه الاتفاقيات احتكار وحيازة وامتلاك والسيطرة من قبل هذه الشركات على العشرات  من الحقول، ويشمل ذلك حقل مجنون العملاق والأسطوري، وان هذه العقود يمكن أن توقّع بعد تشكيل الحكومة الجديدة.

 

وهذا ما سيؤدي إلى تقليص سيطرة الحكومة المركزية على النفط والذي كان مسيطرا عليه من قبل شركة النفط الوطنية وبالتالي فان مستقبل العراق السياسي سيكون رهينة بالنفط والذي يعتبر المحرك الأساس والمركزي للمشهد السياسي العراقي.

 

إن الوثائق المبرزة والتي تبرز التصاميم المفصلة لسرقة ثروة العراق النفطية, تؤكّد على إن الشركات الأمريكية والبريطانية الكبيرة عندها اهتمام هائل في حقول نفط العراق العملاقة الغير مستغلّة. وتؤكد  بشكل واضح على إن هذه الشركات تميل للسيطرة على تلك الحقول الآن، وتحت ظل الاحتلال، وعند تحليل مصادر القوّة والتأثير لشركات النفط الأمريكية والبريطانية في البلاد لابد لنا إن نفهم ونناقش مدة قرن كامل من الاهتمام بالنفط العراقي والإمكانية المتاحة التي تبيح تلك السيطرة على احتياطيات العراق النفطية الضخمة والتي قادت إلى سبعة حروب في القرن الماضي، بضمن ذلك نزاع 2003.

 

       وعندما نحلّل تأثير نفط العراق على سياسة عقوبات الأمم المتّحدة. وراء الحرب والاحتلال على العراق، نرى إن هنالك دافع أمريكي ل"الدخول المجاني" إلى النفط العراقي وإباحة ذلك في السيطرة للشركات الأمريكية والبريطانية على ثروات العراق الواسعة في مصادر الغاز والنفط.

 

إن شركات النفط الدولية تبغي الربح من السيطرة على تجهيز النفط العراقي العالي النوعية والوفير واحتياطيات الغاز المربحة. وهذا ما يعط الدافع إلى سيطرة الولايات المتّحدة على العراق ويدعم إدّعاءات شركات النفط الأمريكية والبريطانية على نفط العراق ويجعله قلب الأزمة .

 

وإذا حسبنا مدى التخمينات القصيرة الأجل والمحتملة فان أرباح شركات النفط الخاصّة في العراق. باستعمال التخمينات المختلفة لأربعة متغيّرات رئيسية، بضمن ذلك السعر والشركة والحكومة والبيع للنفط فقد  تتراوح تخمينات الربح الكلي تقريبا من 600$ بليون إلى 9$ تريليون. و بأرباح سنوية من الإنتاج العراق 95$ بليون بالسّنة ل50 سنة, ويتمثل ذلك بما يساوي نسبة ثلاث مرات لأعظم من أرباح سنة 2002 من الشركات الدولية الأكبر الخمس في العالم.

 

ومنذ اكتشاف النفط في الشرق الأوسط في 1908، أرادت قوى غربية الهيمنة على مصادر النفط في المنطقة وفي صناعة نفط العراق بشكل خاص، ومنذ تأسيس شركة النفط التركية في 1911 من خلال المملكة المتحدة، هولندا وألمانيا ثم في دخول عمالقة النفط الأمريكيين بعد الحرب العالمية الأولى إلى هذا (المنتدى السياسي العالمي), حيث دمجت السلطات الدولية الرئيسية من قوة عسكرية وضغط خاصّ وحكومي للسيطرة على نفط العراق.

 

إن تأريخ نفط العراق والمنافسات الدولية للسيطرة عليه. يتيح لنا بشكل خاصّ المعلومات الكافية على نوع السيطرة على نفط العراق في عصر الحرب العالمية الأولى وما تلاها، ويوضح بامتياز دور الشركات الدولية في تشكيل دولة بحدود العراق الحالية والشرق الأوسط، والنزاعات التي تلتها والانقلابات وما أدى ذلك إلى تغيرات كثيرة كان من أهمها تأميم نفط العراق في 1972.

 

في كانون الثّاني 2005، جرت ألانتخابات لتعيين حكومة عراقية جديدة، وفي الوقت عينه وافق صندوق النقد الدولي (آي إم إف) على إلغاء 30 % من دين العراق كبديل للالتزام العراقي بشروط صندوق النقد الدولي والتي منها "التكيّف مع سياسات اقتصادية". ومنها تشريع قانون للنفط عند نهاية 2006 ويسمح لصندوق النقد الدولي المساعدة على صياغة القانون. وبالإشراف أو المناقشة العامّة، وبدأت وزارة نفط العراق بالتفاوض بشركات النفط الدوليّة، وقد يوقّع قانون لإنتاج طويل المدى قريبا يشترك في الاتفاقيات كجزء من نظام نقدي دولي يكون الإنتاج فيه من قبل تخويل مباشر من قبل الصندوق.

 

       وتشير الدراسات بأنّ العراق يمكن أن يخسر لصالح الولايات المتّحدة $ 200 بليون من الدخل نتيجة تلك الصفقات، ولحماية ذلك قد تدفع الولايات المتّحدة إلى إبقاء القواعد العسكرية في العراق من خلال إبقاء تواجد عسكري طويل المدى في العراق. لتسويّة المخاوف الأمنية النفطية، وعلى حد قول  Abizaid بان نفط عراق يبرر إقامة قواعد دائمة وأنّ “ ازدهار [الولايات المتّحدة] وكلّ شخص آخر في العالم يعتمد ” على “ تدفق مجّاني من السلع والمصادر من العراق”. (رويتر) من خطاب سلّم في مؤتمر السلام العالمي (كانون الثّاني 11, 2006).

 

وفي مقابلة مع نيوزويك، يناقش نعوم تشومسكي العلاقة بين النفط العراقي والاحتلال الأمريكي. بان الولايات المتّحدة ما كانت ل"تحرّر" العراق، إذا كانت منتجات العراق الرئيسية مخللات وخسّ بدلا من النفط. ، وإنما أرادت الولايات المتّحدة السيطرة على النفط والاستحواذ على مكاسب العراقيين. والقلة من العراقيين يعتقدون بأنه قد يكون النفط المفتاح إلى الوحدة العراقية. فقد ألزمت المادة 109 من الدستور العراقي بأنّ النفط يعود إلى “ كلّ الشعب العراقي في كلّ المناطق والمحافظات.

 

وعلى الرغم من النقاش الصاخب على مسوّدة دستور العراق، إلا انه تجنب بشكل عام إلى مصادر نفط العراق. ورغم إنّ الحكومة المؤقتة تمضي مع خطة تكون فيها شركة نفط العراق المملوكة للدولة الوطنية (آي إن أو سي) والتي لها الحق في إن تطوّر حقول النفط فقط التي في الإنتاج. وان تطوير كلّ حقول النفط الأخرى، فان الدستور يحدّد، يجب أن يتبع "التقنيات العصرية" و“ مبادئ سوق,” بالنسبة للإنتاج وان يتشارك باتفاقيات مع الشركات الرئيسية مثلPB ، و Exxon Mobil. في مستويات الاحتياطي المخمّنة، وذلك يترك 64 % من نفط العراق المفتوح إلى الشركات الأجنبية، وهذا ما يترك ظلالا على السيادة وقابلية نمو العراق الاقتصادي.

 

وأدى التنسيق السيّئ بين المسؤولين الحكوميين الأمريكيين والعراقيين و بين شركة KBR,وشركة Halliburton التابعة لها والتي أعطيت  لها عقود إعادة الأعمار ومنها النفط بعد الحرب، إلى فشل حالات إعادة بناء النفط العديدة. وكلّفت هذه الأخطاء والقيادة السيّئة مئات العراق من ملايين الدولارات في إنتاج النفط المفقود، بينما يهدّد مستقبل بعض حقول النفط من خلال سوء الإنتاج.

 

وعلى الرغم من الجهود ألامريكية لحماية بناء نفط العراق لكي تكون في الآمال بأنّ إلايرادات النفطية تدفع ثمن الحرب والاحتلال، جاءت دور المقاومة العراقية في تخريب خطوط الأنابيب والمصافي. بالإضافة إلى فساد دائم في وزارة النفط والتوتّرات الطائفية على التخصيص المستقبلي للإيرادات النفطية والذي يهدّد معدل إنتاج نفط العراق الطويل المدى. وهذا ما أعطى للاحتلال مبررا جديد للوجود الأمريكي في العراق لأجل  "حماية حقول نفط واسعة في[العراق]."

 

وأمام هذه الفوضى يطالب الأكراد العراقيون بالاشراف المباشر على حقول النفط الشمالية طبقا لوزير التخطيط العراقي الكردي، وبان يجب على  الحكومات إلاقليمية أن تستخدم سيطرة أكثر على حقول نفط مناطقهم. وان ألأكراد يعملون من أجل تثبيت ذلك من قبل لجنة الصياغة الدستورية العراقية لهذا التفويض، الذي يسمح للمحافظات لتعامل مباشرة مع شركات النفط الأجنبية، ويعطي قوّة أكثر إلى الزعماء الإقليميين الأكراد والشيعة.

 

لذلك قام الحزب الديمقراطي الكردستاني على توقيع اتفاقية مع شركة النفط النرويجية دي إن أو على الاستكشاف وحفر آبار للنفط جديدة في المنطقة الكردية النصف المستقلة ذاتيا في العراق. وهذه الاتفاقية، هي الأولى من نوعها منذ الاحتلال بقيادة الولايات المتحدة في 2003، و بدون تدخّل حكومة العراق المركزية. وبذلك زيدت توتّرات العراق الطائفية وأبرزت هذه الصفقة الخلافات المحتملة بين الحكومات الإقليمية والمركزية على سيطرة النفط وسياسة الطاقة.

 

والأخطر من ذلك قامت شركة نفط تراث, وهي شركة كندية، بالدخول في مفاوضات مع حكومة كردستان من اجل القيام باستكشافات ميدانية قرب حقل نفط Taq Taq في شمال العراق. وهذا الترتيب الحالي، قد يؤدّي إلى اتفاقية خاصة  بإنتاج النفط ،وبذلك تصبح تراث شركة النفط الخاصّة الأولى لإنتاج النفط في العراق منذ السبعينات. ويعتبر المدير التنفيذي لشركة نفط تراث Micael Gulbenkian، حفيد أخ Calouste Gulbenkian، مؤسس الشركة التي سيطرت على صناعة نفط العراق لأكثر من نصف القرن الماضي.

 

ونتيجة لهذه التطورات قد يتحول العراق إلى“ ساحة حرب رئيسية ” ضدّ توسّع شركات النفط الغربية. مع إمكانية دستور يسمح لخصخصة النفط، العراقي ويضيع حماية مصادر البلاد الثمينة.

 

النصر والسلام في العراق

 

وحينما سقطت سيادة الدولة العراقية في 9 نيسان 2003 أصبح أهم الواجبات على المقاومة العراقية بناء الدولة الكاملة السيادة والتي تتولى حكومتها إدارة شؤونها الداخلية والخارجية من دون إن تخضع في هذا الأمر إلى أي تدخل خارجي والذي يتيح لأبناء الدولة حق المساواة أمام القانون  وفي الحقوق والواجبات وبمعنى أخر تحقيق الدولة ذات الكاملة السيادة أو الدولة المستقلة. وتأتي معرفة التاريخ الحديث والمعاصر كمفتاح أساسي لمعرفة السياسات التي قادت إلى تأسيس الدول ودراسة العلاقات السياسية والاقتصادية التي حكمت الأمم والشعوب الأخرى وفي العلاقات الدولية مع العراق.

 

ولتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الحديث والمعاصر دوراً كبيراً في التأثير المباشر وغير المباشر على الأحداث العالمية وبخاصة على الأحداث التاريخية التي أدت إلى بناء الإمبراطورية والدولة الأمريكية فقد استند واقع الولايات المتحدة الأمريكية في علاقتها مع العراق والعالم كونها قد سبقته باعتبارها أحدى ولايات المستعمرات البريطانية في أمريكيا الشمالية ، حيث أن دراسة الثورة الأمريكية وقادتها وما استفاد المهاجرون من تلك الثورة والتي أدت إلى الاستقلال في 4 تموز 1776 ثم الحرب الأهلية بعد ذلك, ورغم ذلك عدت تلك الثورة امتداداً طبيعياً للتطور الغربي الحديث .

 

       ثم كانت الإمكانات الاقتصادية الهائلة التي امتلكتها الولايات المتحدة الأمريكية لتحدد نوعا جديداً من العلاقة بينها وبين العالم لم تألفها أي من الدول في العالم، فقد دخل الصراع السياسي مثلاً في سمة تلك العلاقة وكان التنافس الامبريالي حول العالم والتوافق بينهم و حتى التكامل في العلاقات هي التي حكمت العلاقة بين دول العالم والولايات المتحدة الأمريكية. ولم يحول تدهور ومن بعد توثيق الصلات بينهما خاصة بين حربي الخليج إلا إلى مصدر أخر لتعزيز مقومات تطور وتفوق المصالح الأمريكية في العراق.

 

       إن انعكاس أثار الحرب على الاحتلال من خلال تغيرات جوهرية تناسب مع توسع النفوذ الجديد للولايات المتحدة في العالم. وبينت السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية على مدى التخلخل الاقتصادي والسياسي وحتى الاجتماعي الأمريكي في داخل الولايات المتحدة وفي الخارج بفضل نتائج تلك الحرب.

 

جاءت أحداث العراق في فرض النظام بالقوة المسلحة ودخول ثقافة العنف السياسي فيه من قبل الأحزاب والحكومة العراقية والمرتزقة ليواجه العراق مشكلة بنيوية كبيرة منها توجيهه بالقوة التي تخيف وهي لا تؤدي بالضرورة إلى النتائج المرجوة ، وانتقل عنف الدولة إلى المجتمع في وجوه أخرى منها عدم استطاعة الحكومة استغلال الموارد المتاحة أو السعي إلى توافق الانقسامات الاجتماعية والدينية والعرقية أو إلى شراء الولآآت للأقليات إلى جانب استخدامها القوة مع الصفوة المتعلمة والمثقفة في البلاد الأخرى .

 

       هذا التغير في التعامل مع المجتمع العراقي جاء بعد ما أحس الأمريكيون بلذة النصر السريع الذي أحدثوه في العراق وأرادوا إن يؤكدوا على ضمان الحقوق والامتيازات لمواطني ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية ورعاياها في العراق , وجاء إقرار هذه السياسة تجاه العراقيين بان تكون ثابتة وليس قابلة للتغيير  ويمكن العمل بها من خلال التعامل مع رؤساء العشائر أو مع المنفيين والمنشقين وأصحاب الأطماع، أو مع أصحاب الاتجاه الديني والذين تتمركز أهدافهم بصورة واضحة مع المعتقد الديني وليس مع بناء الدولة , ولم يتم التعامل مع أبناء المدن المثقفين ذو المستوى الثقافي العالي , وقد ساعدت تلك السياسة على زيادة الهوة بين أبناء العشائر وبين أبناء المدن أو بين أبناء المجتمع المتماسك وأدى ذلك إلى الحد الذي فضلت فيه بعض العشائر العراقية الحكم العسكري  الأمريكي الأجنبي المباشر على حكم ابن المدينة الوطني .

 

       فأصبحت السياسة الأمريكية قادرة على أن تدير المتناقضات السياسية وليس كسب التوافقات وأصبحت العلاقات العراقية المحلية في السياسة الأمريكية تقوم على معرفة الصراعات ونشأتها وإدارتها ثم حلها وفقاً لمصالحها الخاصة. ولم تجعل لتاريخ شعب العراق التي تعاملت معه أي اثر في تلك العلاقات فهي في نظرها تصنع التاريخ وتعرف كيف تسير إلى المستقبل وبذلك خالفت المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية في حقوق السيادة والمواطنة والسلوك المحلي للدولة وحتى تغير مفهوم توازن القوى واستخدام القوة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ألأخرى لصالح مفهوم التدخل الإنساني العالمي في الحرية والديمقراطية والسلام الأمريكي.

 

       كانت هذه السياسة قائمة على إرساء دعائم صراع طويل داخلي وإقليمي وخارجي حول العراق واستطاعت بفضل دبلوماسيها وقناصلها المعتمدين في العراق من إنشاء أنواع مختلفة من الصراعات، ثم وبفضل قوتها العسكرية والإستراتجية العالمية والتي تتمتع بها تمكنت من إدارة تلك الصراعات وبالتالي حلها أو تركها أو حتى إشعالها من جديد وبوجوه أخرى وبحسب مصالحها القومية.

 

       وكان على هذه القوة العظيمة أن تأخذ بنظر الاعتبار وهي تنشئ هذه الدولة العراقية الحديثة وبالمصاف الأول المصلحة القومية لدولتها ضمن صفات محدودة تتمثل بالحدود والهوية والحدود السياسية والعرق ألاثني إلى جانب خلق البيئة الملائمة لمحيط هذه الدولة مع التركيز على بناء النموذج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمجتمع وضمن الدائرة الرأسمالية الكبرى خصوصاً وبالنظام العالمي بشكل عام . إذ أن معارضة خارجية قوية لإنشاء الدولة المستحدثة أو إرادة شعبية لا تريد مثل تلك الدولة قد يؤدي إلى فشل فرض نجاح قيام مثل هذه الدولة.

 

       ثم إن تلك المعايير بعد ذلك اختلفت لتجعل من تطلعات الشعب المعينة في الحرية والاستقلال أمراً جوهرياً وقانونياً مهماً في انتشار الدول فأصبح الاستقلال وتقرير المصير والإرادة الوطنية وهو حقاً من حقوق الشعوب في القانون الدولي ودخل ذلك في حسابات المستعمر من جديد.

 


       وان أهم الملامح الأساسية لتطور السياسة والتغيير في النظام ألأمريكي تجاه العراق، معتمداً على التطورات العالمية في التجدد والتغيير أكثر من الحاجات والمصالح المنظورة عند السياسيين والموظفين الحكوميين فقد كانت الرؤية الرأسمالية في صناعة الاحتكارات إلى جانب السيطرة والتملك أهم السمات التي اتسمت بها هذه الرؤية ،بالرغم ما عصف بالعالم الغربي من حروب وكوارث اقتصادية سادت تلك الفترة نتيجة تلك السياسات, وكان للحركة العلمية والتقدم التكنولوجي والصناعي والتأكيد على المذاهب الفكرية في الديمقراطية والحرية السياسية أثر بالغ في تطبيق واستمرار هذا النظام السياسي العالمي ودون الحدود الضيقة التي كانت تقيد الساسة المحليين في إطار القومية والوطنية وحتى الدينية الأيدلوجية .

 

       وعلى العكس من ذلك كانت سمة الجمود في الفكر الايديلوجي المحلي عند أصحاب الفكر العراقيين خلال هذه الفترة سبباً في انهياره , فالسياسة الدولية تبنى على إدارة المتناقصات وليس على التوافقات وكان يجب أن يعرف الطرف المقابل قبل الشروع في الدخول في العملية السياسية تحت ظل الاحتلال والتي كبلت الساسة العراقيين. فجاءت المذهبية كشعور بالتصميم الوطني لإثبات الهوية أو الذات الوطنية والشرف والحرية في العمل الوطني مما جعلها انتماء للمذهب أكثر منه إلى الوطن في تحقيق وحدة سياسة قومية ذات هوية وقوة للدولة ذات العرق واللغة المختلفتين. هذه الثوابت والحدود والقيود كانت السمة البارزة للساسة العراقيين خلال هذه الفترة وليس لنا كمؤرخين الحكم عليها بالنجاح أو الفشل بقدر إظهار القدرة على الوصف والتعبير .

 

وأمام تلك التحديات يبدو لنا ومن خلال الواقع على إننا في خطا التوهم باتهام الاستعمار ألأمريكي في العراق في تحمله المسؤولية المباشرة في عدم الاستقرار السياسي فيه خلال هذه الحقبة يشير إلى دوره الفعال في ما أفرزه من نتائج لمستقبل المنطقة، فما قام به المستعمر هو التعامل المباشر أو غير المباشر ووفقاً لمصالحه مع هذا المجتمع المتعدد، ولكن أثر المستعمر الأساسي كان في سيطرته السياسية والعسكرية والاقتصادية في هذه الحقبة الحاسمة، مع أنه بلا شك أصبح النظام الوطني والقانون المحافظ الأمين على هذا الواقع الجغرافي الجديد ولأسباب دولية عديدة .

 

كما إن القوى ألأمريكية في العراق أدت دوراً كبيراً في صياغة هويات طائفية وعرقية بين أبناء المجتمع العراقي ووصلت فيه إلى مستوى عال من النجاح حينما بدأ السكان من العراقيين يعتقدون إلى أن هذه الو لاءات التي دفعتهم القوى الخارجية إلى اعتناقها هي ولاءتهم الأصلية ونابعة من صميم المجتمع الذي يعيشون فيه ولا بد من الاعتراف بها. فقد كان دخول فئة معينة من بعض فئات الشعب العراقي  إلى الحكومات العراقية المتعاقبة وبشكل واسع وبحسب التخطيط ألأمريكي في هذه الحقبة إلى تقييدهم بشكل كبير في أنماط الإدارات الحكومية الموجودة كما أنهم فقدوا تأثيرهم على بقية فئتهم في المجتمع العراقي وعلى العكس من ذلك فقد دخلت فئة أخرى كبيرة وبارتباطاتهم الواسع بمرجعيتهم الدينية إلى جانب مواردهم المالية وارتباطهم التجاري الواسع وسيطرتهم على الحياة الاقتصادية وانفتاحهم الديني على المجتمع العراقي وقد ساعدهم في ذلك الحالة الاجتماعية والفقر والجهل لدى معظم العراقيين إلى تجاهلهم للنظم السياسية ولقد شجعت المنح المالية المقدمة من قبل السفارة الأمريكية لعلماء الدين إلى الدخول تحت سيطرتهم عن طريق دفع المنح المالية الكبيرة إليهم.

 


الواقعية الجديدة

 

       لعبت الشخصية الأمريكية المظهر الأكثر تميزاً في العلاقة ألأمريكية تجاه العراق فمن المعروف أن السمة الغالبة للمجتمع الأمريكي هو تعدد المعتقدات والتحولات الدينية وأشكالها وهي في غالبها مبنية على أسس من الاندماج بين تلك الحركات والأحزاب رغم بقاء بعضها ضمن خصوصيتها الدينية، وانعكس ذلك كدافع للشخصية المسيحية ألأمريكية لتشجيع ممارسات سلوكية معينة وتركت انطباعا أكبر في رسم صورة الشخصية الصامدة الثابتة القوية والرغبة المتعجرفة لتحقيق كل ما أراده الرب ودعاهم إليه فكان هناك نوع من الميثاق بين الرب الموثوق الذي يمكن الاعتماد عليه وبين أناس مؤمنين قادرين من خلال حضاراتهم وثقافتهم الرأسمالية من تحقيق ما يريده الرب منهم . ودعت الشخصية الوطنية الأمريكية إلى الاعتماد على النفس والتكييف والاستقلالية في رسم السياسة الخارجية الأمريكية, وحينما جاءت فترة انهيار برجي التجارة في سبتمبر 2001 وبداية فترة (الحرب ضد الإرهاب) كانت سبباً لاجتماع عدة عناصر قادت إلى تحضير ودراسة سياسية خارجية ووفقاً للشخصية الأمريكية – للعقود القادمة وهذا ما اعتبر تحدياً أخلاقياً وأيدلوجياً واضحاً ودافعاً إلى معرفة السلوك الأمريكي في العراق في هذه الفترة

 

ولتأكيد الحرب العالمية ضد الإرهاب تفوق قوة الاقتصاد الأمريكي وهذا ما أعطى شعوراً واسعاً للشعب الأمريكي بالشعور بالمسؤولية تجاه دول العالم إذا أخذنا بعين الاعتبار حركة التجدد والتغيير في الفكر الرأسمالي وتحت هذا التأثير تحركت السياسة الاقتصادية الأمريكية إلى وجه جديد في تغيير صورة التأثير من خلال دعم جهودها السياسية بوضع خطط وأفكار حول ماهية متطلبات الاقتصاد العالمي تجاه ما ستستخدمه السياسة الأمريكية فأنشأت مؤسسات اقتصادية كصندوق إعادة أعمار العراق.

 

 

 
  

وفي اعقاب فشل ادارة بوش في التجربة مع الاحادية، فان الولايات المتحدة بحاجة مرة اخرى لبناء سياسة خارجية تستند الى واقع والى اوفياء للقيم الاميركية. وهذه المسؤلية يجب أن تتصدى لتحديات العصر مع اجراءات فعالة بدلا من السذاجة الآمال.

وعلى الرغم من حالة الأمن المتدهورة في العراق، فان إدارة بوش لم تعد النظر في هدف سياستها الأساسي البعيد المدى في الشرق الأوسط خاصة بعد انسحاب مخططي وداعمي قرار أمريكيا دخول الحرب، ومن ذلك Wolfowitz، نائب وزير الدفاع، و Faith، وكيل الوزارة للسياسة.

وربما تكون الولايات المتحدة قد تعلمت الدرس حول عملها السياسي المستقبلي في المنطقة وربما سيكون الهدف الإستراتيجي القادم "إيران“. والإدارة المدنية في وزارة الدفاع الأمريكية تبحث عن تهديد جدي موثوق ومن خلال عمل عسكري خاصة إن الحكومة الإسرائيلية تدفع إلى ذلك إلا إن هناك العديد من الخبراء العسكريين والدبلوماسيين الذين يعارضون فكرة العمل العسكري، وان خيار العمل العسكري إسرائيلي أو أمريكي في هذا الوقت في إيران هو عمل غير جيد. الا إن وجهة النظر الاسرائلية فترى انه أذا استمر التهديد الايراني فانه سيعد مشكلة دولية.

إلا إن هذه الإدارة تجري اليوم مهمات الاستطلاع السرية داخل إيران على الأقل منذ الصيف الماضي. ومعظم الاستخبارات تستهدف جمع المعلومات على النشاطات النووية الإيرانية، والمواد الكيماوية، ومواقع الصواريخ، وان مثل هذه الأهداف التي يمكن أن تحطّم بالضربات الدقيقة وهجمات الصاعقة القصيرة الأمد. وهذا بالتأكيد ما يريده "المدنيون في وزارة الدفاع الأمريكية من دخولهم إيران وان يحطّموا أكبر قدر من البناء التحتي العسكري".

بعد انتصار جورج دبليو بوش في خريف 2004. دَعمَ مُستشاروا أمنه القومي اتجاه السيطرة على الجيشِ و المخابرات الإستراتيجيةِ والعمليات العسكرية السريّةِ إلى درجة فريدة لم يسبق لها مثيلا إلا منذ ارتفاع دولة الأمن القومي ما بَعْدَ الحرب العالمية الثانيةَ.

       ذلك لان لديه طموحا لإعمال عدوانيةُ وطموحُا لاستعمال تلك السيطرةِ — ضدّ الملالي في إيران وضدّ الأهدافِ في الحربِ المستمرةِ على الإرهابِ — وجعل جميع المؤسسات والوكالات لأجل اسَتَخْدامهاُ على نحو متزايد، كمستشار حكومي واحد وذات صلات وثيقةِ إلى وزارة الدفاع الأمريكيةِ وتكون "مسهلات" للسياسةِ التي تَنبثقُ مِنْ الرّئيسِ بوش ونائبِ الرئيس دكّ تشيني.

على الرغم مِنْ حالةِ الأمنِ المتدهورةِ في العراق، فان إدارة بوش لم تعد النظر في هدفِ سياستِها الأساسيِ البعيد المدى في الشرق الأوسطِ: في جعل مؤسسة الديمقراطيةِ الأمريكية منتشرة في كافة أنحاء المنطقة. مُعتَبَرُا ذلك ضمن الإدارةِ كدليل دعمِ أمريكا لقرارِه للدُخُول للحرب. وأعادَ ترتيب موقعَ القيادةِ في وزارة الدفاع الأمريكيةَ المدنيةَ والتي دَعتْ للإحتلال، وعلى حساب Wolfowitz، نائب وزير الدفاعِ، و Feith، وكيل الوزارة للسياسةِ الخارجية.

الحرب على الإرهابِ سَيُتوسّعُ، ويسَضِعُ عملياً تحت سيطرةِ وزارة الدفاع الأمريكيةَ. والرئيس الامريكي ُخوّلُ استخدام مجموعاتَ مغاوير سريةَ ووحداتَ قواتِ خاصّةِ أخرى لإجْراء العمليات العسكرية السريّةِ ضدّ الأهدافِ التي تعتقد الولايات المتحدة الأمريكية بأنها إرهابية في عشْرة دول في الشرق الأوسطِ وجنوبِ آسيا.

وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد حاولتْ العَمَل على النشاطاتِ السريةِ قبل ذلك. ففي أوائل الثمانينات بُدِأتْ وخُوّلتْ وحدات سريةِ من الجيشِ للعمل في الخارج بالإشرافِ وكانت النَتائِج كارثية. فبرنامج العملياتِ الخاصِّة المعروف بدعم نشاطِِ الاستخبارات، أَو سي أي أي وأُديرَ مِنْ قاعدة قُرْب واشنطن كان مسئولا عن الإنقاذِ الفاشلِ، في نيسانِ، 1980 عن الرهائنِ الأمريكانِ في إيران، و بَقيت الوحدة طيّ الكتمان مِنْ العديد مِنْ الجنرالاتِ الكبارِ والزعماءِ المدنيينِ في وزارة الدفاع الأمريكيةِ، وكذلك عن العديد مِنْ أعضاء الكونجرسِ. وقد نُشِرَ في النهاية في حربِ إدارة ريغانَ ضدّ حكومةِ Sandinista، في نيكاراغوا. حيث كَانَت مُلتَزِمة أيضا بدَعْم رجال الكونترا. وكذلك الحال في أفغانستان حيث دعمت قوات المجاهدين وكانت النتيجة ازدياد اتجاهات التطرف في المنطقة. وقد عادت تلك الوحدات إلى الخدمة في العراق بعد إن أصبحت الحرب على الإرهاب في المفهوم الأمريكي ذات طبيعة "إنسانية منفردة" وليست على نطاق دولي ومؤسساتي يتطلب مثل تلك الوحدات للعمل وبما تنتجه من كوارث وفشل.

 


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.