15 Jul
15Jul

   

ان إرتفاع الشيعة العراقيينِ جَلْب الأملِ إلى الشيعة في كافة أنحاء الشرق الأوسطِ فرغم ذلك الإحياء الشيعي الصاعد فهو لَيْسَ مِنْ الضروري أَنْ يَكُونَ مصدر القلقِ الوحيد للولايات المتّحدةِ، بالرغم من أنَّ هَزَّ بَعْض الحلفاءِ الأمريكيينِ في الشرق الأوسطِ. في الحقيقة، يُقدّمُ لواشنطن الفرصِ الجديدةِ للإِهْتِمام بمصالحِها في المنطقةِبنحو جديد.

وقد غيّرتْ الحرب في العراق الشرق الأوسطَ بشكل كبير، بالرغم من عدم توقع واشنطن بالطريقة التي كانت. فعندما أسقطتْ الحكومةَ الأمريكيةَ صدام حسين في 2003، فكّرَ بتغييرَ نظامِ يُساعدُ على جَلْب الديمقراطيةِ إلى العراق وبعد ذلك إلى بقيّة المنطقةِ. وإعتبرتْ إدارة بوش السياسة ان العلاقةِ بين الأفرادِ ومحيطهم مبني على اساس تغيير الانظمة السياسية ولذلك فَشلَت في جعل إدراك الناسِ يحقق ذلك في الشرق الأوسطِ حيث يَرونَ هم ان السياسةً ميزان القوى بين الجالياتِ.

وبدلاً مِنْ نَظْر سقوطِ صدام كمناسبة لخَلْق ديمقراطية تحرّرية، فان العديد مِنْ العراقيين نَظروا اليه كفرصة لتَصليح الظلمِ في توزيعِ القوَّةِ بين جالياتِ البلادَ الرئيسيةَ. بتَحرير وتَشجيع أغلبية العراق الشيعيةِ، وساعدَت إدارة بوشُ على إنطِلاق إحياء شيعي واسع والذي سَيَخلُّ بالتوازنِ الطائفيِ في العراق والشرق الأوسط لسَنَوات قادمة.

غير ان ليس للشيعة قيادةً واحدة للجاليةِ، ولكنهم يَشتركونَ في وجهة نظر دينية متماسكة: فمنذ إِنْشِقاقهم عِنْ السُنّةِ في القرن السابعِ الميلادي فقد كَانوا، قد طوّروا مفهوم مُتميّز مِنْ القوانينِ والممارساتِ الإسلاميةِ. والحجم المطلق مِنْ سكانِهم يَجْعلُهم اليوم دائرة انتخابية قويَّة فعلاً.

 يُمثل الشيعة حوالي 90 بالمائة مِنْ الإيرانيين، حوالي 70 بالمائة مِنْ الناسِ يَعِيشُ في منطقةِ الخليج الفارسي، وتقريباً 50 بالمائة أولئك في القوسِ مِنْ لبنان إلى باكستان وهم  حوالي 140 مليون شخصَ إجمالاً. والكثير، مهمّش مِنْ القوَّةِ لمدة طويلة ، ويُطالبُ بحقوقِ أعظمِ الآن وتأثيرِِ سياسي ًأكثر. والأحداث الأخيرة في العراق عَبّأتْ شيعة العربية السعودية (حوالي 10 بالمائة مِنْ السكانِ)؛ أثناء إلانتخاباتِ البلدية في السعودية 2005 ، حيث كان إلاقبال في المناطقِ الشيعيةِ المهيمنةِ بارتفاع مرّتين ممن كَانتْ في مكان آخر. وشجع حسن الصفار، زعيم الشيعة السعوديينِ، للتَصويت بمُقَارَنَة العربية السعودية إلى العراق ويُشيرُ ضمناً إلى أنَّ الشيعة السعوديينَ أخلصوا للمنفعةِ مِنْ المُشَارَكَة. ومن الكلمة السحرية "رجل واحد، صوت واحد، "وهي التي دَفعَت الشيعة في العراق الى الفوز بالانتخابات. اما شيعة لبنان (الذين يَبْلغونَ حوالي 45 بالمائة مِنْ سكانِ البلادَ) فاتبعوا نفس الصيغةَ، كما ان الشيعة في البحرين (الذين يُمثّلونَ حوالي 75 بالمائة مِنْ السكانِ هناك)، سَيَدلونَ بإقتراعاتِهم في الإنتخاباتِ البرلمانيةِ في الخريف.

وولّدَ (تحريرُ) العراق روابط سياسية وإقتصادية وثقافية جديدة أيضاً بين الجالياتِ الشيعيةِ عبر الشرق الأوسطِ. فمنذ 2003، زار مئات آلاف الحجاجِ، مِنْ لبنان إلى باكستان، َ النجف والمُدن الشيعية المقدّسة ألاخرى في العراق، وخْلقواُ شبكاتَ عالميةَ مِنْ الكلياتِ، والمساجد، ورجال الدين الذي يَرْبطونَ العراق بمن حوله من كلّ الجاليات الشيعية، وألاكثر أهميةً، في إيران. فصور زعيمِ إيران الأعلى الديني، آية الله علي خامنئي، ورجل الدين اللبناني محمد حسين فضل الله (في أغلب الأحيان مدعو باسم زعيم حزب اللهِ الروحي) موجودة في كلّ مكان في البحرين، على سبيل المثال، حيث العروض المفتوحة مِنْ التقوى الشيعيةِ تَكُونُ على الإرتفاعَ واصبح رجالَ الدين الشيعةَ الخجولينَ سابقاً يتفاخرون بارتدائهم عباءاتَهم والعمائمَ التقليديةَ الآن. فالشرق الأوسط الذي سَيَظْهرُ من بودقةِ حربِ العراق قَدْ لا يَكُون أكثر ديموقراطيةً، لَكنَّه بالتأكيد سَيَكُونُ شيعي أكثر. وهو لَرُبَّمَا أيضاً أكثرُ عناداً.

ان إرتفاع الشيعة العراقيينِ جَلْب الأملِ إلى الشيعة في كافة أنحاء الشرق الأوسطِ، وولد ذلك قلقَا بين سُنّةِ المنطقةَ، فقد حذّرَ الملك عبد الله ملك الأردن من "هلال شيعي جديد" يمْتِد مِنْ بيروت إلى طهران ويَقْطعُ من خلاله الشرق الأوسطِ ذو الغالبية السنيَّة المسيطرةِ. وقد ازالتْ تلك العقباتَ الهامّةَ فرضيةِ الكسب المهم للتمرّدِ السنيِ المستمرِ. فقد بَدأَ ردُّ الفعل السني بالانتشار أبعد بِكَثِيِرٍ مِنْ حدودِ العراق، مِنْ سوريا إلى باكستان، وقد يَرْفعُ خيالَ الصراع من أجل السلطة أوسع بين المجموعتين والتي يُمْكِنُ أَنْ تُهدّدا إستقرارَ في المنطقةِ.

ان إسْتِئْصال السياسةِ الطائفيةِ المعاديةِ سَتَتطلّبُ طلباتَ شيعيةَ مُرضيةَ تَسترضى الغضبَ السنيَ وتُخفّفُ قلقاً سنياً، في العراق وفي كافة أنحاء المنطقة. هذا التوازنِ الحسّاسِ سَيَكُونُ مركزي إلى السياسةِ الشرق الأوسطيةِ للعقد التالي. هو سَيُعيدُ تعريف علاقاتَ المنطقةَ أيضاً بالولايات المتّحدةِ. ونجاح المساعي  الحكومية الأمريكية في العراق، هو الذي سَيَحْصدُ في البحرين، لبنان، العربية السعودية، وفي اي مكان آخر في الخليج العربي.

رغم ذلك الإحياء الشيعي الصاعد فهو لَيْسَ مِنْ الضروري أَنْ يَكُونَ مصدر القلقِ الوحيد للولايات المتّحدةِ، بالرغم من أنَّ هَزَّ بَعْض الحلفاءِ الأمريكيينِ في الشرق الأوسطِ. في الحقيقة، يُقدّمُ واشنطن بالفرصِ الجديدةِ للإِهْتِمام بمصالحِها في المنطقةِ.

ان توطيد العلاقات مَع شيعة المنطقةَ يُمْكِنُ أَنْ يُصبحَ الإنجازَ الواضحَ الاوحد مِنْ تدخّلِ واشنطن المكلف في العراق. وان نجاح في تلك المهمّةِ، يَعْني جذب إيران، تلك البلاد التي تضم عدد السكانِ الشيعيِ الأكبر في العالمِ كقوة إقليميةَ، والذي عِنْدَهُا ستكون شبكة واسعة ومعقّدة مِنْ التأثيرِ بين الشيعة عبر الشرق الأوسطِ، وبشكل خاص في العراق.

منذ 2003، لَعبتْ إيران دورا رسمياً في بنّاء العراق. فهي كَانتْ البلادَ الأولى في المنطقةِ في ارْسال وفد رسمي إلى بغداد للمحادثاتِ مع مجلسِ الحَكِمِ العراقيِ، وفي الواقع فهو اعتْرافُ بالسلطةَ بأنّ الولايات المتّحدةَ وَضعتْ في الحكم. ومدّتْ إيران دعم مالي وإئتمانات تصدير إلى العراق وعَرضتْ المُسَاعَدَة على إعادة بناء البناء التحتي والطاقةِ الكهربائية فيِ العراق. وبَعْدَ تنصيب رئيسَ الوزراء السابقَ إبراهيم الجعفري كحكومة مؤقتة بقيادة شيعية في بغداد في نيسانِ 2005، زارتْ وفودَ عراقيةَ عالية المستوى طهران، وَصلَت الى الإتفاقياتَ على التعاون الأمني مَع إيران، وتَفاوضَ على 1$ بليون كبرنامج مساعدات للعراق وعِدّة صفقات تجارية، وبضمن ذلك تصديرِ الكهرباءِ إلى العراق وآخر لتبادلِ النَفط الخامِّ العراقيِ بمُنتَجاتِ النفطِ المصفّاةِ.

اما تأثير إيران الغير رسمي في العراق فهو أعظمُ. ففي السَنَوات الثلاث الماضية، بَنتْ إيران شبكة عظيمة مِنْ الحلفاءِ والزبائنِ، تَرَاوُح مِنْ موظفي الإستخبارات، ومليشبا مُسلَّحة، يَتجمّعُ إليها، وبوضوح جداً، سياسيون في الأطرافِ الشيعيةِ العراقيةِ المُخْتَلِفةِ. فالعديد مِنْ زعماءِ الأطرافِ الشيعيةِ الرئيسيةِ، المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وحزب الدعوة (بضمن ذلك ناطقي الحزبِ البارزينِ، رئيس وزراء السابق ورئيس الوزراء الحالي،)، قد صَرفَ السَنَواتَ مِنْ المنفى في إيران قبل العَودة إلى العراق في 2003.

فألوية بدر (مليشبا المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراقِ، دُرّبتَ حتى وجهّزتَ مِن قِبل حرّاسِ الثورة إلايرانيون. ) وطوّرتْ إيران الروابط أيضاً مَع مقتدى الصدر، التي ألهبتْ العواطفَ مرّة بخطاباتِه المعادية لايرانِ الفتّاكةِ، وحزبِ  الفضيلة في البصرة. قد دَعمَ من قبل الحرّاسُ الثوريونُ وجيشُ المهدي الصدري في مجابهتِه للقوات الأمريكيةِ في النجف في 2004، ومنذ ذلك الحين درّبتْ إيران الصدريين  لبناء ملاكات سياسية وعسكرية. وموّلتْ إيران أطراف شيعية في العراق أثناء الإنتخابات، وإستعملَت قناة شبكة العالم التلفزيونية الشعبية لإثارة الدعمِ لهم، وساعدتْ على التَوَسُّط في التَعَامُل مع الأكراد. وتَجْذبُ الأطرافُ الشيعيةُ العراقيةُ الناخبونُ بالإعتِماد على السياسيةِ الواسعةِ والخدمة الإجتماعيةِ عبر جنوب العراق وذلك في العديد مِنْ الحالاتِ، بخُلِقَ التمويل والمساعدةِ الإيرانيةِ.

وقد أغضبَت هذه الروابطِ الحكومةَ الأمريكيةَ فاتهمت واشنطن بأنّ إيران تَدْعمُ المتمرّدين، والعصابات إلاجرامية، والمليشيات في العراق؛ وهي تَتّهمُ طهران بتسمّيم الرأي العامِ العراقيِ بمعاداة أمريكا وبتسليح المتمرّدين. وأخفقتْ واشنطن في تَوَقُّع تأثيرِ إيران في العراق بشكل كبير لأن أسأتْ فهم تعقيدَ العلاقاتِ لمدة طويلة بين البلدين، فبشكل خاص كان تراث الحربِ العراقية - الايرانية قد صُنِع جزا من الحقيقةِ، فعلى سبيل المثال، كان الجيش العراقي الشيعي جنوده بشكل كبير قاومَ الهجماتَ إلايرانيةَ إلى الأرضِ العراقيةِ، وبشكل خاص أثناء حصارِ المدينةِ الشيعيةِ البصرة في 1982. لكن تراثَ الحربَ لَمْ يُقسّمْ الشيعة الإيرانيينَ والعراقيينَ كما إعتقد المخطّطون ألامريكان ؛ بل ان ذاكرةِ المذبحة المدبرةِ المعادية للشيعيةِ في العراق الذي تَلت الإنتفاضة الفاشلةَ في 1991. تقْلقُ الشيعة العراقيينَ اليوم، أكثر بكثيرَ حول هيمنةِ السُنّةَ حول تأثيرِ طهران في بغداد.

وبالأضافة إلى الروابطَ العسكريةَ والسياسيةَ، هناك صلات ناعمة عديدة بين إيران والعراق، صيغت في الغالب كنتيجة لعِدّة موجات من الهجرةِ الشيعيةِ. في أوائل السبعينات، كجزء مِنْ حملةِ التعريبِ، فقد طَردَ صدام عشرات آلاف من الشيعة العراقيينِ ذوو الأصلِ الإيرانيِ, والذين إستقرواْ في دبي، والكويت، ولبنان، وسوريا، والجزء الأكبر، في إيران. والبعض مِنْ اللاجئين العراقيينِ الذين بَقوا في إيران أنجزوا اجازات ذات أهميةً كبيرة فهناك رجال دين كبار وقادة الحرّاسِ الثوريينِ. وكمثال جيّد آية اللهُ محمد علي تسخيري، والذي هو مستشار كبير إلى خامنئي وهناك عميد ومحافظ مؤثر في كلية قم وهو حقّاني ، وحيث العديد مِنْ مسؤولي أمنِ إيران البارزين ورجال الدين المحافظين المتعلّمين. حيث عادَ تسخيري سريعاً إلى النجف في 2004 للإشْراف على عملَ مؤسسة ال البيت . والتي إستثمرَت العشراتَ مِنْ ملايينِ الدولاراتِ في مشاريعِ البناءِ والوسائلِ الطبيةِ في جنوب العراق وتعمل على بناء روابطِ عملِ ثقافيةِ بين إيران والعراق. وهو الآن في طهران، حيث يَستخدمُ قوَّةَ كبيرةَ من خلال نفوذه على سياسةِ الحكومةَ الايرانية نحو العراق.

على مدار الثمانينات وبعد المذابحِ ضد الشيعيةِ 1991، لَجأ حوالي 100,000 شيعي من عربَ العراقَ الى إيران. وفي السَنَواتِ المُظلمةِ مِنْ التسعينياتِ، أعطتْ إيران لوحدها مأوى ودعمَ للشيعة العراقيِين. ومنذ حربِ العراق، عادَ العديد مِنْ هؤلاء اللاجئين إلى العراق؛ وهم يُمْكِنُ أَنْ يَكُونوا الآن قد وَجدوا العَمَل في الجيش العراقي الجديد وفي المَدارِسِ، مراكز الشرطة، المساجد، ألاسواق، المحاكم، والمليشيات، والمجالس العشائرية مِنْ بغداد إلى البصرة، وكذلك في الحكومةِ.

والتَنَقُّل المتكرّر للشيعة بين إيران والعراق على مرِّ السنين خَلقَ إرتباطاتَ ذات طبقاتَ عديدةَ بين جالياتِ البلدين الشيعيةِ، الا ان الحكومة الأمريكية تَمنّتْ بأنَّ تَعْملُ القومية العراقية كحصن ضدّ إيران .

غير ان الروابط بين جالياتِ البلدين الدينيةِ كانت  قَريبة خصوصاً. وان المنفيين العراقيين في إيران إنجذبوا نحو آيات اللهِ العراقيينِ مثل محمود شهرودي (رئيس السلطةِ القضائية في إيران)وكاظم الحائري مرجع الصدريين ،ومحمد باقر الحكيم (زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراقِ، والذي قَتلَ في 2003)، والذي أشرفَ على مؤسسةِ المجموعات الدينيةِ العراقيةِ في طهران وقم وإستخدمتْ تلك المنظماتِ تأثيراً عظيماً في إيران منذ الثمانيناتِ اضافة إلى الدورِ الذي لَعبوه بالانفتتاح على شيعة لبنان، والذين كَانوا قَدْ تقليدياً يتبعون نحو النجف، إلى التأثيرِ الإيرانيِ.

وان العديد مِنْ رجالِ الدين الكبارِ وخريجين الكلياتِ الشيعيةِ العراقيةِ في إيران إنضمّوا إلى مؤسسةِ إيران السياسية. فهناك عِدّة قضاة في سلطةِ القضائية الإيرانيةِ، بضمن ذلك شهرودي، وعراقيين وخصوصاً قريبون من خامنئي. وأولئك رجالِ الدين العراقيينِ الذين عادوا إلى وطنِهم بعد 2003 للسَيْطَرَة على المساجدِ والكلياتِ المُخْتَلِفةِ عبر جنوب العراق وخَلقَوا محورَ مهمَ مِنْ التعاونِ بين قم والنجف.

و تمنت كثيراً، واشنطن قبل الحربِ انه عندما يكون العراق حرَّ، فان النجف ستُنافسُ قم وتَتحدّى آيات اللهَ الإيرانيينَ. الا انه منذ 2003، والمدينتان تَعاونتَا. وليس هناك شِقّة مذهبية مرئية بين رجالِ دينهم أَو أيّ نزوح جماعي مِنْ منشقّين مِنْ مدينةِ إلى الآخرى. فما زال موقع ويب آية اللهِ علي السيستاني الكبير الشعبي، www.sistani.org, مقره في قم, وأغلب الضرائبِ الدينيةِ جَمعتْ مِن قِبل ممثليه وهم باقين في إيران. على الرغم مِنْ إلتماسِ متكرّرِ مِنْ الأصواتِ المعارضةِ في إيران، فان هناك رجال دين كبار في النجف قد أسكتوا والذين يشككون بشكل كبير حول السياسةِ الإيرانيةِ.

وتُمدّدُ هذه الروابطِ الى ما ابعد من النُخَبِ. فإفتتاح مُدنِ الضريحَ في العراق كَانَ له تأثيرُ عاطفيُ على الإيرانيين المنتظمينِ، خصوصاً على الطبقات الإجتماعيةِ الأكثرِ تديناً التي تَدْعمُ النظامَ. فمنذ 2003، زارْ مئاتَ آلاف الإيرانيين المُدنَ المقدّسةَ لنجف وكربلاء. وعزّزَ هذا الإتجاهاتِ الشعبيةَ المُتزايدةَ للتقوى العباديةِ في إيران. خلال العقد الماضي، والعديد مِنْ الشبابِ الإيرانيِ أَخذَ مُدَاهَنَة القديسين الشيعةِ، بشكل خاص الإمام الثاني عشر، المسيح المنتظر الشيعي. ويَعْرفُ المزيد مِنْ الإيرانيين آية الله السيستاني كزعيمهم الديني الآن اكثر مِنْ قبل 2003، والمزيد مِنْ يَدُورُ ضرائبَهم الدينيةَ الآن إليه. بالرغم من أنه متهمِ بشكل كبيرمن قبل زعمائِهم الكتابيينِ الخالصينِ، وإعتنقَ العديد مِنْ الإيرانيين إحياءَ الهويةِ والثقافةِ الشيعيةِ في العراق.

تَلى هذا العملُ تأجّجَ دينيَ. فالحجاج الإيرانيون الذين يَتوجّهونَ للفنادقِ وأسواقِ نجف وكربلاء يَجْلبونِ مَعهم إستثماراتِ في الأرضِ، والبناء، والسياحة. والسلع الإيرانية موجودة في كلّ مكان الآن عبر جنوب العراق. وبلدة مهران الحدودية واحدة من أكبر نقاطِ الدخولِ للسلعِ إلى العراق، و يعتقد ان حجم التجارة بين البلدين يفوق الآن 1$ بليون. وقد َخْلقُت مثل هذه الروابطِ التجاريةِ بين الإيرانيين، خصوصاً تجار السوقِ الدائرة الانتخابية التقليدية مِنْ القيادةِ المحافظةِ في طهران اضافة الى المصلحة الشخصية في إستقرارِ جنوب العراق.

ان تراث الحرب العراقية الإيرانيةِ، وما خلف خصوصاً من تشكيل قومية عراقية، وإختلافات عرقية بين العرب والفُرْس سبّبت إلاحتكاكَ الكثيرَ من الناحية التاريخية بين إيران والعراق. لكن هذه العواملِ لا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَزيدة في تأكيد: الخصومة العرقية والتي لا تَستطيعُ أَنْ تَكُونَ مهمة جداً. فالزعيمَ العراق الأعلى الديني إيرانيُ ورئيسُ محكمة إيران عراقيُ. وبالرغم من أن الإنتماء العرقي سَيُواصلُ الهَامّ للعلاقاتِ الإيرانيةِ العراقيةِ، الا ان الآن صدام  قد سَقطَ وشيعة العراق إرتفعوا، وهذا سَيَكُونُ الاساس الذي ستسير عليه العلاقات بين البلدين.

نسبة الشيعة بالنسبة الى عدد السكان المئوية بحسب الاحصاءات الامريكية :

إيران               90%    68.7 مليون       61.8 مليون

باكستان             20%    165.8 مليون     33.2 مليون

العراق              65%    26.8 مليون       17.4 مليون

الهند                1%      1,095.4 مليون   11.0 مليون

آذربيجان           75%     8.0 مليون        6.0 مليون

أفغانستان           19%     31.1 مليون       5.9 مليون

العربية السعودية    10%     27.0 مليون       2.7 مليون

لبنان               45%     3.9 مليون         1.7 مليون

الكويت             30%     2.4 مليون         730,000

البحرين            75 %    700,000          520,000

سوريا             1%       18.9 مليون        190,000

الإمارات العربية المتحدة 6%  2.6 مليون         160,000

قطر               16 %    890,000          140,000

المصدر: مستندا على البياناتِ مِنْ الإشاراتِ العلميةِ العديدةِ ومِنْ الحكوماتِ والمنظمات الغير حكوميةِ في كلا من الشرق الأوسط والغرب.

هذه الإرتباطاتِ، علاوة على ذلك، ستُعزّزَ بفهمِ الجاليتين بانهم يُواجهونَ تهديد مشترك مِنْ السُنّةِ. ويَبْدو انه لا شيءُ يهدد الشيعة العراقيينِ الأقربِ إلى إيران مِنْ الشراسةِ وإلاصرارِ بقدر التمرّدِ السنيِ خصوصاً بعد ان فقدوا ثقتهم في واشنطن، حين دَعت إلى حَلّ المليشيات الشيعيةِ واعطاء ِ تنازلاتَ أعظمَ إلى السُنّةِ.

قبل خمسة سنوات، كانت إيران وما زالَتْ مُحاطة مِن قِبل حائط الأنظمةِ السنيّةِ العدائيةِ: فالعراق والعربية السعودية إلى الغربِ، وباكستان وأفغانستان تحت حكم الطالبان إلى الشرقِ. وقد رحّبَ الإيرانيون بإنهيارِ الحائطِ السنيِ، وهم يَرونَ إرتفاعَ الشيعة في المنطقةِ كوقاية ضدّ عودةِ القوميةِ السنيةِ العدوانيةِ. وهم يَشْعرونَ بالإرتياح خصوصاً بموت صدام، لأن العراق كَانَ إنشغال السياسة الخارجيةِ الإيرانيةِ لمُعظم العقودِ الخمسة منذ أن سَقطَ الحكم الملكي العراقيَ بقيادة انظمة القومية العربيةِ في 1958. واقَلقَ العراق البعثي الشاه وهدّدَ الجمهوريةَ الإسلاميةَ. وسيطرتْ الحرب العراقية الإيرانيةُ على العقدِ الأولِ مِنْ ثورةِ آية اللهِ الخميني، والتي دمّرتَ إقتصادَ إيران، وجَرحتْ المجتمعً إلايراني.

إذا هناك إستراتيجية كبيرة إيرانية في العراق اليوم، وهو أَنْ يَضْمنَ بأنّ العراق لا يعود يَظْهرُ كتهديد وان القومية العربية المعادية لايران والتي دافعتْ عَنْها مِن قِبل السُنّةِ لا تعود أسبقيةَ. والرّئيس الإيراني محمود احمدي نجاد والعديد مِنْ زعماءِ الحرّاسِ الثوريينِ، وكُلّ محاربوا الحرب العراقية الإيرانيةِ، يَرون تهدئةَ العراق كإنجاز لهدف إستراتيجي. ويَعتقدُ الإيرانيون أيضاً بأنَّ العراق تحت الإدارة الشيعية سيَكُونَ مصدرا للأمنِ؛ ويَأْخذونَه كبديهية فالبلدان الشيعية لا تَدْخلُ حرب مع بعضها البعض.

كُلّ هذه تعزيةُ صغيرةُ للسُنّةِ في المنطقةِ، والتي تَتذكّرُ نتائجَ تطلّعاتِ إيران الأيديولوجية في الثمانيناتِ والآن القلق حول طموحاتِها الإقليميةِ الجديدةِ. وقد دَعمتْ طهران أطراف شيعية، والمليشيات وأعمال التمرّد في البحرين، العراق، الكويت، لبنان، باكستان، والعربية السعودية. ودَمجتْ الثورةُ الإيرانيةُ هويةً الشيعةً بمعاداة الغرب, كما انعكس في أزمة رهائن 1979، وقصف 1983 للثكناتِ البحريةِ الأمريكيةِ في بيروت، ودعم طهران المستمر للإرهابِ الدوليِ. وفي النهاية، أخفقَت الثورةُ الإيرانية في الوصول إلى أهدافِها، وماعدا في لبنان، فالنهوض الشيعي الذي ألهمَ جاءَ بعكس المتوقع.

يَقُولُ البعضُ ان الجمهوريةَ الإسلاميةَ الآن أتعبَ دكتاتوريةً. الآخرون، قلقون حول نهوضِ طموحاتِ إيران الإقليمية، وأثارَ هذا الوقتِ لَيسَ بالعقيدةِ لكن بالقوميةِ. واما طهران فتَرى نفسها كقوة إقليمية ومركزا لمنطقة فارسية وشيعية مِنْ التأثيرِ تَمتدُّ مِنْ بلاد ما بين النهرينِ إلى آسِيَا الوسطى. وقد تخلّصَت من خطرِ الطالبانِ في أفغانستان وصدام في العراق، وإيران اليوم تَرْكبُ قمةَ موجةِ الإحياءِ الشيعيِ، وتتابعُ بشدّة للحصول على الطاقة النوويةَ وتطْالبُ بإعترافَ دوليَ لصالحِها.

والزعماء في طهران يُريدونُ خَلْق منطقة أعظم مِنْ التأثيرِ الإيرانيِ الى شيء يشابة مفهومِ روسيا "قُرْب في الخارج" فمن وجهة نظر طهران فان نشاطاتها في جنوب العراق تاتي كتوضيح لمنزلةِ قوة إيران العظمى. ورغم ذلك لا أحد منهم يَتمسّكُ بحلمِ خميني للقرارِ على شيعة العراق. بالأحرى، هدف طهران في جنوب العراق أَنْ يُمارسَ نوعَ التأثيرِ السياسيِ والثقافيِ والإقتصاديِ إستخدمَ في غرب أفغانستان منذ التسعينياتِ. وبالرغم من أن طهران يَتوقّعُ وبشكل واضح أَنْ تَلْعبَ دورا رئيسيا في العراق، قَدْ لا يُهدّفُ - أَو يَكُونُ قادراً - لتَحويل البلاد إلى جمهوريةِ اسلاميةِ الأخرى.

وبشكل متوقع، فان أهمية إيران المُتزايدة تُعقّدُ العلاقاتَ بين المجموعاتِ الطائفيةِ في المنطقةِ. واستعملتْ الحكوماتُ السنيّةُ طموحاتُ طهران كعذر لمُقَاوَمَة طلبات سكانِهم الشيعةِ ونداءاتِ واشنطن للإصلاحِ السياسيِ. ومنذ 2003، فان زعماء سنّة في مصر، الأردن، والعربية السعودية مراراً وتكراراً لاموا إيران على الفوضى في العراق وحذّروا بأنَّ إيران تَستخدمُ تأثيراَ كبيراَ في المنطقةِ لحَمْل الشيعة العراقيينَ زمامِ السلطة في بغداد. والرئيس المصري، حسني مبارك، دق جرسَ الإنذار في نيسان الماضي: بقوله "الشيعة موالون دائماً في الغالب إلى إيران ولَيسوا الى البلدانَ التي يَعِيشونَ فيها" ومثل هذه الخطاباتِ تَسْمحُ للزعماءِ السنّةِ لتَحويل الإنتباهِ بعيداً عن مسؤوليتِهم الخاصةِ لمشاكلِ العراق: فمصر، والأردن، والعربية السعودية هم لحد الآن مِنْ القائمون على عدم جَلْب الديمقراطيةِ إلى الشرق الأوسطَ وقد تُشجّعُ هذا الشيعة وتَقوّي إيران، وهم يُجادلونَ، بان واشنطن سَتَكُونُ من الأفضل لهاَ التَمَسُّك بالدكتاتورياتِ السنيّةِ.

ويَقْلقُ هجومُ علاقات السُنّةَ العامةِ القيادةَ الإيرانيةَ. على الرغم مِنْ نفوذِها المُتزايدِ، وتَحتاجُ طهران دعم جيرانها ونيّة حسنة من "الشارع العربي" لمُقَاوَمَة الضغطِ الدوليِ على برنامجِها النوويِ. حتى الآن، تَفادتْ طهران تَمَوْضُع طائفي تُثيرُ عداء السُنّةَ الى شكل أبعد؛ وبدلاً مِن ذلك، حاولَت تَوليد الدعمِ في المنطقةِ بتَصعيد التَوَتّراتِ مع الولايات المتّحدةِ وإسرائيل. وقد لامَ الزعماءُ الإيرانيونُ العنفُ الطائفيُ بشكل دوري في العراق، وبضمن ذلك قصف الضريحِ العسكري في سامراء في شباطِ2006 ، واتهموا على ذلك "وكلاء الصهيونيةِ" ونيتهم على تَقسيم المسلمين. وفي هذه الأثناء، تُتابعُ طهران الطاقة النووية بشدّة لتَأكيد منزلةِ إيران الإقليمية ولتَقليل قدرةِ واشنطن للوَقْف في طريقِها.

وتَتْركُ تطلّعاتُ إيران واشنطن وطهران في مواجهة حادة الطبع. مع ذلك، إستفادَت إيران كثيراً مِنْ تغييّر النظامِ بقيادة الولايات المتحدةِ ُ في كابول وبغداد. لكن واشنطن يُمْكِنُ أَنْ تُعيقَ تعزيزَ تأثيرِ طهران في كلتا أفغانستان والعراق، والوجود العسكري الأمريكي في المنطقةِ يُهدّدُ الجمهوريةَ الإسلاميةَ. في العراق خصوصاً، وتَبْدو أهدافَ الحكومتين القصيرة الأمدِ في إختلاف: بينما واشنطن تُريدُ الخروج من الفوضى، الا ان طهران لَيستْ حزينةَ لرُؤية القوات الأمريكيةِ قد تَوحّلتْ هناك.

حتى الآن، طهران فضّلتْ سياسة الفوضى المسيطر عليهاِ في العراق، كطريق لإبْقاء الحكومةِ الأمريكيةِ متعطلة ومقللة منُ حماسَها , وتَجْعلُ هذه الإستراتيجيةِ الحالةَ الحاليةَ في العراق مختلفة جداً عن التي في أفغانستان بعد سقوطِ الطالبانِ في أواخر 2001، عندما عَملتْ إيران مع الولايات المتّحدةِ للعَمَل بعجالة لتشكيل حكومةِ حامد قرضاي. وتَعاونتْ طهران مَع واشنطن في ذلك الوقت بشكل كبير لأنها إحتاجتْ إلى: زبائنها الناطقون بالفارسية والشيعة في أفغانستان كأقلية السكانِ وكَانوا في موقعَ لحِماية مصالحِ إيران.

 حساب التفاضل والتكامل لطهران فان إثر حرب العراق كَانتْ مختلفةَ. فموقعَ طهران في العراق أقوى منه مما كَانَ في أفغانستان اضافة إلى منزلةِ ألاغلبيةَ الشيعة في العراق. وأثبتتْ رُؤية بوش الخاطئةً في العراق بانها سَتَكُونُ طريقاً غير مباشرَ للزعماء الإيرانيين لتَكذيب نداءاتِ واشنطن بَتغييّر للنظامِ ُ في طهران. ورغبتهم الأخيرة لتَصعيد التَوَتّراتِ مَع واشنطن على نشطاتِ إيران النووية وّهم يَعتقدونَ هم نَجحوا بشكل كبير في هذا الهدفِ؛ فإيران أقوى الآن نسبة إلى الولايات المتّحدةِ منه مما كَانتْ عشية حربِ العراق.

ورغم ذلك، فالاهتمام ألامريكي وإلايراني بالعراق لَرُبَّمَا يَتلاقى في المدى الأطولِ. فواشنطن وطهران تُريدُان إستقراراً دائماً هناك: فواشنطن، الأن تُريدُ سبب للانسحاب ؛وطهران، تريد الاستقرار لأن الإستقرارَ في فنائها الخلفي يَضْمنُ موقعَها في البيت وتأثيرَه في كافة أنحاء المنطقة. إيران عِنْدَها كثير من الخَوْف مِنْ حرب أهلية في العراق. فالقتال يُمْكِنُ أَنْ يَستقطبَ المنطقةَ ويَمتصُّ طهران، بالإضافة إلى قيام حركات المقاومة العربية فيها، والبلوتشي، والمناطق كردية في إيران، وان التَوَتّرات العرقية قد تَرتفعُ. كما ان نائب وزيرِ خارجية إيرانيِ السابقِ عباس مالكي قد قال فوضى في العراق "لا تُساعدُ المصلحة الوطنيةَ إلايرانيةَ. فإذا بيتِ جارِكَ محترقُ، يَعْني بيتَكَ أيضاً في خطرِ." ، وطهران قد هَيّأتْ نفسها للمشاكلِ المستقبلية الأعظمِ بتَعيين أغلبية حكّامِ أقاليمها مِنْ رُتَبِ مسؤولي أمنِها وحارسِ قادتِها الثوريينِ.

وهناك مجموعتين في إيران يُمْكِنُ أَنْ تُساعدَ في إقْناع القيادةِ الإيرانيةِ بالتعاونِ مَع واشنطن في إهتمامِها بالعراق. الاجئين العراقيينَ الأوائل ، الذين يَعملونَ كلوبي للمصالحِ الشيعيةِ العراقيةِ في طهران. فقد شجّعوا إيران لمُتَابَعَة المحادثاتِ مع الولايات المتّحدةِ حول العراق، جزئياً لأنهم يَنْظرونَ الى ان واشنطن وطهران هما الأعمدة التوأمية لقوَّتِهم في العراق. وان تصعيد التَوَتّراتِ بين الحكومتين لا يَخْدما المصالحَ الشيعة العراقية، وذلك اللوبي لا يُريدُ رُؤية العراق ان يُصبحُ رهينةً للمواجهةِ الدوليةِ على برنامجِ إيران النووي. والدائرة المهمةَ الثانيةَ ستُكَوّنُ للعديد مِنْ الإيرانيين الذين كثيراً هم قلقين بشأن قداسةِ مُدنِ الضريحِ في العراق. فكُلّ قصف رئيسي في النجف وكربلاء كان يودىَ بحياة إلايرانيين ويَتوقّعُ الجمهورُ الإيرانيُ من طهران أَنْ تَضْمنَ أمنَ تلك المُدنِ.

وما تزالَ، إيران تُريدُ إستقرارَ بشكل نشيط في العراق فقط عندما لَنْ تستفيدَ من الفوضى المسيطرة عليهاِ هناك، وهي لَنْ تَشْعرَ بالتّهديد بحضورِ الولايات المتّحدةَ. ويَهتمُّ مدى إيران البعيدُ بالعراق لَيس على خلاف مع أولئك في الولايات المتّحدةِ؛ والسياسة ألامريكيةُ الحاليةُ نحو إيران هي التي وَضعتْ من قبل الذين رسموا سياسات العراق وجعلوا البلدان في حالة تصادم. وهذا تحدي رئيسي لواشنطن في العراق .

ان القضية الأكثر أهميةً التي ستُواجهُ العراق في الشهور القادمة سَتَكُونُ المفاوضاتَ الدستوريةَ، خصوصاً بخصوص ألاسئلة الإتحاديةِ وكَمْ سَتُوزّعُ إلايرادات النفطية. وقد كان للسفيرِ الأمريكيِ في العراق، ان الفضل في أقناعَالسنة كان الشيعة والأكراد للمُوَافَقَة على تَغيير الدستورِ ممن اجل مشاركة السُنّةِ في الإستفتاء العامِ لتَصْديقه في أواخر 2005. ومنذ ذلك الحين، تَمنّت واشنطن التوصل إلى إتفاق يَجْلبُ السُنّةَ المعتدلينَ إلى العمليةِ السياسيةِ وهكذا يُضعفُ التمرّدَ السنيَ. ولكن فرصَ مثل هذه الصفقةِ مجهولة. فالشيعة، والسُنّة، والأكراد من غير المحتمل أنْ يَرونَ حكمةَ المساومةِ بدون الضغطِ الخارجي ، والحكومة الأمريكية لَنْ يكون لَها العزيمة السياسةُ لإجْبار التنازلاتِ أَو تَرضي طلباتَ حزبِ واحد بدون مُخَاطَرَة تَعْزلُ آخراً. وهو إضْعاف لموقعِ الولايات المتّحدةَ في العراق والذي يَجْعلُه ضروري لدرجة أكبر الآن مِنْ 2003 الامر الذي يعطي لواشنطن لمَدّ اليدّ إلى جيرانِ العراق. وإذا َفْشلُت المفاوضاتَ الدستوريةَ، فان السُنّة يُمْكِنُ أَنْ يَتْركوا العمليةَ السياسيةَ. وحتى إذا السُنّةِ بقوا مشاركينَ، فان المُساومُة مع الشيعة قَدْ تُصبحَ معقّدة أكثر، وتعطىَ إشاراتَ خصوصاً الى زيَاْدَة إضطرابِات في جنوب العراق.

 خلال السَنَوات الثلاث الماضية، كان الشيعة مُشَارَكين اساسيين سياسيا ًللحكومة الامريكية وقاوموا إستفزازاتَ التمرّدِ السنيِ، بشكل كبير لأنهم إعتقدوا بأنَّ تأييد السياسة الأمريكيةِ يَخْدم مصالحَهم. ولكن إذا هم اليوم اَستنتجوا بأنّ واشنطن الآن أكثرُ تلهّفاً لاَنْ يَشتروا تعاونَ السُنّةَ مِنْ مُكَاْفَئتهم لصمودِهم، فان الشيعة قَدْ يعطون ظهورهم للعمليةَ السياسيةَ.

ومثل هذا الإنزعاجِ يُمْكِنُ أَنْ يُثيرَ الى إنتفاضة شيعية. فالشيعة لا يَحتاجوا حتى لإلتِقاط الأسلحةِ لضَغْط الولايات المتّحدةِ؛ استناداً إلى أعدادِهم لوحدها، وهم يُمْكِنُ أَنْ يُغيّروا توازنَ البلادَ السياسيَ. ففي كانون الثّاني 2004, دعا السيستاني الى حشّدَ مئاتَ آلاف الشيعة لخمسة أيامِ مِنْ المظاهراتِ ضدّ خططِ الولايات المتّحدةِ لإسْناد الإنتخاباتِ ما بَعْدَ صدام الأولى على نظام مؤتمر تحضيري. وفي وقت سابق من هذه السَنَة، دَعا الحشودَ إلى الشوارعِ ثانيةً للإِحْتِجاج على قصف الضريحِ العسكري ولضمان فهم الحكومةِ الأمريكيةِ مدى القوَّةِ الشيعيةِ. وأعطىَ نفوذُ ايران بين الشيعة في جنوب العراق، الى ان طهران يُمْكِنُ أَنْ تُساعدَ على المُحَافَظَة على النظامِ هناك بينما المفاوضاتِ الدستوريةِ تكون جارية. وان إيران يُمْكِنُ أَنْ تَضْمنَ بأنّ التنافسَ المُتزايدَ بين الفئاتِ الشيعيةِ مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراقِ وقوَّاتِ الصدر لَمْ تخْرجا عن السيطرة، وتُزعزعُ جنوب العراق، وتُضعفُ السلطةً الحكوميةً في بغداد. وان إبْقاء الشيعة سوية سيَبقي الهدوء في الجنوبِ مِنْ الأهميةِ بمكان بالنسبة إلى الولايات المتّحدةِ، والتعاون إلايراني حاسمُ في إنْجاز ذلك الهدفِ. وتعاون إيران يُساعدُ على تلبية الحاجاتِ وإعادةِ أمنِ بناء العراق، بالإضافة إلى دعامةِ، الحكومة المركزية في بغداد.

ولكن ولكي يَضْمنُ مثل هذا التعاونِ يَتطلّبُ من الولايات المتّحدةَ مُخَاطَبَة قضايا أوسعِ في علاقتِها مَع إيران. فطهران عليها ان َتَنهي دعم جيشَها المالي إلى المليشيات الشيعيةِ والعصاباتِ الإجراميةِ في جنوب العراق فقط إذا استلمتُ ضماناتَ الأمنِ الواسعةِ مِنْ واشنطن. وإنّ الحالةَ الحاليةَ في العراق مشابه للتي في أفغانستان في 2001 في الطريقِ تَبْدو لمُشَابَكَة المصالحِ الأمريكيةِ وإلايرانيةِ رغم انها معقّدةُ أكثرُ والحِصَصُ فيها أعلى. فبعد سقوطِ الطالبانِ في أفغانستان، عَملتْ الولايات المتّحدةَ وإيران مباشرةً سوية لجَلْب تحالف الشمالِ ومكوّنِها الشيعيِ إلى العمليةِ السياسيةِ السائدةِ. وتَفاوضتْ واشنطن وطهران بحدّة على الخطوط الجانبية لمؤتمرِ بون حول مستقبلِ أفغانستان، وضْربُت الصفقاتَ التي ساعدتْ على ضمان النجاحاتِ المبكّرةِ لنظامِ قرضاي. ووَعدتْ عمليةُ بون بفَتْح فصل جديد في تأريخِ العلاقات الأمريكية الإيرانيةِ. لكن في ذلك الوقت، كَانَ لواشنطن ان تَهتمُّ بالشُغْل الآخرِ وهو العراق.

تَعْرضُ مشاكلُ العراق واشنطن اليوم وطهران امام فرصة عظيمة ثانية لَيستْ فقط أَنْ تُطبّعَ علاقاتَهم، لكن أيضاً لوَضْع المرحلةِ للتَوَتّراتِ المستقبليةِ المُدمرةِ بين الشيعة والسُنّةِ. فإرتفاع الشيعة للحكم في العراق يَضِعُ مثالاً للشيعة في مكان آخر في الشرق الأوسطِ، وكنموذج يُتبنّى أَو يُختَبر ومن المحتمل أَنْ يُثيرَ تَوَتّراتَ شيعيةَ سنيّةَ. وتحَسّنْ ألاوضاع لواشنطن ويشُغْل طهران الآن عن العراق، الإنتظارِ للمشكلةِ أنْ إنتشرتْ عبر المنطقةَ. وبالرغم من أن واشنطن وطهران ومن غير المحتمل أنْ تَحْلُّ إختلافاتَهم الرئيسيةَ، خصوصاً في نزاعهم على برنامجِ إيران النووي، أي وقت قريباً، فهم يُمْكِنُ أَنْ يُوافقوا على بَعْض الخطواتِ الحرجةِ في العراق: على سبيل المثال، أمن متحسّن في جنوب العراق، حْلُّ المليشيات الشيعيةَ ، وقد يقنعُ الأطرافَ الشيعيةَ للمُسَاوَمَة.

لكن إذا كانت واشنطن وطهران غير قادرتين على إيجاد الأرضية المشتركةِ فالمفاوضات الدستورية ستَفْشلُ والنتائج سَتَكُونُ مُريعةَ. وفي أحسن الأحوال، سيَدْخلُ العراق في الحرب الاهلية التامة؛ في أسوأ الأحوال، سينهارَ، وسيكون مصيره على الأغلب مجهولا ويَكُونُ حازماً مِن قِبل لبداية حرب إقليمية تشارك فيها إيران، تركيا، وجيران العراق العرب يَدْخلُون القتال لحِماية مصالحِهم ويَتدافعُون من أجل نفاياتِ العراق.

 وسَيكُونُ العراق الجبهة الرئيسية تماماً مثل التي أثناء الحرب العراقية الإيرانيةِ، فقط مئتان ميل إلحاقا بالغربَ: وهو يَتْلي الخَطَّ، الذي يَمْرُّ عبر بغداد، والذي سيفْصلُ المناطقَ الشيعيةَ بالدرجة الأولى عن العراق مِنْ المناطقِ السنيّةِ بالدرجة الأولى. ومن المحتمل فان إيران والبلدان التي دَعمتْها في الثمانيناتِ ستَدْعمُ الشيعة؛ والبلدان التي دعمت العراق ستَدْعمُ السُنّةَ .

يُقَارنُ العراق أحياناً بفيتنام في أوائل السبعينات أَو يوغسلافيا في أواخر الثمانيناتِ، لكن ذووا الصلة يشبهونه بانْ يَكُون مشابها للهند البريطانية في 1947. فما كان هناك حرب أهليةَ في الهند، لا مليشيات مُنظَّمةَ، ولا نظّمَ تَطهير عرقيَ مركزية، ولا خطوطَ معارك، ولا نزاعَ على الأرضِ. ورغم ذلك فان ملايين من الناسِ ماتتْ أَو أصبحتْ من اللاجئين.

فجيش الهند البريطاني المحترف قُطّعَ على خطوط الطول 13 وقُسّمتْ البلاد إلى الأغلبيةِ الهندوسيةِ ومناطقِ الأغلبيةِ الإسلاميةِ. وهو غير قادر على أمّا يقرب الهوّةَ الواسعةَ بين كلتا المجموعات أَو ان يُسيطرُ على العنفِ، والمدراء الإستعماريون البريطانيون أُجبروا للخُرُوج بسرعة. كما في العراق اليوم.

المشكلة في الهند تَوقّفتْ على أقلية آمنتْ بقدرِها الظاهرِ الخاصِ للحُكْم وطَلبتْ، كبديل لإعتِناق العمليةِ السياسيةِ، ووقبلت تنازلات مِنْ ألاغلبيةِ. لذلك فإنّ العنفَ الطائفيَ الواسع الإنتشارَ والتَطهير العرقيَ الذي يُصيبُ العراق اليوم هو رسائلَ تذكير مشؤومةَ مثل الذي حَدث في الهند قبل حوالي 60 سنة. وهو لَرُبَّمَا أيضاً طالع أسوأ: إذا الحالةِ في العراق تَتدهورُ بشكل أبعد، لان الشرق الأوسط باكمله سَيَكُونُ في خطرِ نزاع طائفي بين الشيعة والسُنّةِ.

 

For more question or explanation stay with  the web site, www.nasr-i.org

 

Or call:  Info@nasr-i.org    

 

Copyright © 2006 . All rights reserved to N A S R , Nothing in this publication may be reproduced without the permission of the publisher.

  

  
 

[1]  صعود الشيعة . مجلة الفورين افيرس الأمريكية : مايس 2007 

   

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.