دين التشيع: منطق البساطة وخطورة الاستمرارية
د. مهند العلام
انتهت بالأمس ذروة العاشورية الشيعية في محرم وستستمر حتى أربعين يوما قادمة. والملاحظ فيها، بعيدًا عن السرد الصوري السائد للممارسات والمخالفات الشرعية والعقائدية الإسلامية السائدة والتأثيرات الإعلامية الواسعة، أن المرجعيات الشيعية نجحت في تقديم دين اجتماعي مناسب للطبقات الاجتماعية الشيعية كافة، وحتى للمجتمعات العالمية الأخرى. الدين الاجتماعي المناسب والملائم هو الدين السهل، أي سهل الفهم بسيط المعنى، يمكن تجسيده وتصويره بحيث يلامس الجوارح والحواس كما هو مفهوم ومقبول للأذواق. وبالتالي يصل الى قلب الكبير والصغير، الجاهل والمتعلم، المراءة والرجل، ويخرج الناس للتعبير عن مشاعرهم الإيمانية وإن كانت باطلة في نظر مخالفيهم، من دون إجبار أو قهر أو مطمع. هذا الدين الاجتماعي السهل، وإن كان مخالفًا للقيم الأخلاقية العالمية للمجتمعات المختلفة، إلا أنه يحظى بمقبولية ورسوخ معتقديه لأنه سهل على الإدراك وبسيط المعنى. والخطير في الأمر أن هذه الكرنفالات السادية قد اوجدت تعاطفًا ومقبولية من المجتمعات الوسطية القريبة والبعيدة، وبالتالي فهي مأذونة بالانتشار والتوسع كما فعل الكاثوليك في نشر دينهم إذ يعد الأول على مستوى العالم من حيث الأتباع. فالمناهج مشتركة وطريقة التجسيد متقاربة والأهداف المرجعية لهما في طريق واحد. وتصوير طريق الموت في بيت لحم وكربلاء متشابه من حيث المبنى والمعنى، وهذا ما يجعل المساحة واحدة ومشتركة بين الكاثوليكية والتشيع الباطني. وجاء التوظيف الاجتماعي لأموال النفط والدعم السياسي والديمغرافي والثقافي المقاوم لنشر التشيع على مستوى الأفراد والجماعات مؤيد ومدعوم من قبل موجات بشرية جاهلة من الهند والباكستان وإيران ضد الدول والشعوب المستقرة في مركز العالم أي الشرق الأوسط. وذروته لم تصل بعد، خاصة وأنهم مقبلون بسبب تلك الثقافة والسياسة والمال على مواجهات محتملة محدودة وغير مفتوحة مع النظم العالمية الحاكمة للمساعدة على الانتشار والتوسع والكراهية أكثر فأكثر، وإحكام السيطرة الدينية والفكرية على الأمم السنية المرهقة والعاجزة. لقد كان هناك العديد من العناصر الفكرية والعقائدية التي ساعدت على انتشار التشيع وزيادة نفوذه في العالم الإسلامي. هذه العناصر تشمل الجوانب الدينية والثقافية والاجتماعية التي جعلت التشيع جاذبًا لمجتمعات معينة وأفراد. ففكرة الإمامة والقيادة الدينية هي واحدة من الركائز الأساسية للتشيع، حيث امتلاك السلطة الدينية والروحية. وهذا النظام من القيادة الروحية القائم على النسب النبوي يمنح الشيعة إحساسًا بالاستمرارية والتوجيه الإلهي. كذلك، فان هناك استغلال وتجسيد لفكرة الظلم والشهادة التي تتمحور حول قصص مقتل الحسين في كربلاء ومظلومية علي وفاطمة. فهذه القصص تعزز الشعور بالظلم التاريخي والتطهر من الذنوب والادناس وتدفع المجتمعات الشيعية للتجمع الإعلامي الحاشد. إضافة إلى ذلك، أوجد نظام المرجعية الشيعية طريقة بحيث يمكن لأتباعهم الرجوع إليهم للحصول على الفتاوى الدينية البسيطة. ليعزز الوحدة والتنظيم بين الشيعة ويوفر لهم إطارًا موحدًا للاجتهاد والتطبيق الديني. من خلال التعليم الديني والمؤسسات التعليمية الدينية كالحوزات العلمية في قم والنجف، والتي لعبت دورًا كبيرًا في نشر التعاليم الشيعية وتخريج علماء قادرين على نشر الفكر الشيعي في مختلف أنحاء العالم.