المسجد الأقصى صراع وجود وهوية

       مرة أخرى يهب الشعب الفلسطيني بانتفاضة غاضبة ضد المحتل الصهيوني الغاصب، ويحي الفلسطينيون في نهاية رمضان من هذا العام معان دفنت تحت أنقاض الهزيمة والخيانة والخنا، مرة أخرى يؤكد هذا الشعب الجبار أنه شعب حي صاحب قضية لا تسقط بالتقادم ولا تطمر بجبال رمال الخيانة والخنوع التي أهيلت عليها،  شعب حي لا يرهبه الكيان الغاصب ولا ترهبه أسلحة الدمار الشامل التي حولت أحيائه إلى ركام، فمن الذي يملك أن يذل الأباة الذين تنهال عليهم حمم طيران الكيان الغاصب فتحيل عليهم الأبنية أكوام وترى المجاهد تحتها يرفع يده من بين الركام  لتشير بعلامة النصر والشموخ. في نهاية رمضان ومجيء عيد الفطر وشعب فلسطين الأبي يفطر على أصوات المدافع ويحتفي بالعيد بألعاب نارية جعلت الصهيوني الغاصب يندس في الحفر وبين الآكام ويرتعش رعبا، فما هي قصة هذه المنازلة التي بات فيها لقب أبي عبيدة سيد الموقف بين أطراف الصراع، وما قصة هذا الشعب العظيم الذي سطر للمجد عناوين بعد أن طمس الذل والخنوع جموع اللاهثين خلف العم سام واللقيطة "إسرائيل" لبيع القضية، فمن يجرؤ على بيعك يا وطني؟ وأبطال حماس يتصدرون الميدان؟ ومن يجرؤ على بيعك يا قدس وأطفال فلسطين يحملون الحجارة مع الرضاعة؟ ومن يجرؤ على اقتحام حرمك يا أقصى وجموع المعتكفين يذودون بصدورهم العارية عنك ولم ولن تنحني هاماتهم إلا في الركوع لمن أسرى بنبيك من هذا الحرم وعرج به في السماوات العلا. فما قصة هذه المنازلة التي سطرت بها ملحمة البطولة والإباء؟

    قبل الخوض في غمار الأحداث وتداعياتها بعد الهجوم على المصلين المعتكفين في المسجد الأقصى  في نهاية رمضان 1442 من قبل قوات الكيان الصهيوني لا بد من الوقوف على الإجراءات الصهيونية بحق الفلسطينيين في حي جراح وباب العمود وتداعياتها على المشهد الفلسطيني في صراعه مع الكيان الغاصب في القدس. فما الذي حدث في حي جراح...  قررت المحكمة الإسرائيلية إخراج عوائل فلسطينية من منازلها في حي جراح ، فما قصة هذه العوائل؟ في العام 1956، توصلت العائلات الـ28، وجميعها من اللاجئين الذين فقدوا منازلهم إبان نكبة فلسطين عام 1948، إلى اتفاق مع وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" على توفير مساكن لها بحي الشيخ جراح، وآنذاك، كانت الضفة الغربية تحت الحكم الأردني (1951-1967). أُبرم عقد بين وزارة الإنشاء والتعمير والعائلات الفلسطينية عام 1956، والذي من أهم شروطه الرئيسية قيام السكان بدفع أجرة رمزية على أن يتم تفويض الملكية للسكان بعد انقضاء ثلاث سنوات من إتمام البناء. "من المهم الإشارة إلى أن القانون الإسرائيلي (قانون أملاك الغائبين لعام 1950) لا يسمح للفلسطينيين الذين فقدوا ممتلكاتهم في "إسرائيل" عام 1948 باستعادتها، ويسمح بنقل الأصول إلى حوزة الدولة. ". لذا حكمت المحكمة الإسرائيلية بإصدار قرار إخراج بحق هذه العوائل الأمر الذي ولد تشنجا شعبيا وتوترا غير مسبوق بعد أن فهم الجميع أنها خطوة على طريق تهويد القدس.

    تزامن ذلك مع مظاهرات تحالف "الصهيونية الدينية" عند أسوار القدس القديمة، والدعوات لقتل الفلسطينيين، لتزيد من حالة التوتر والغليان التي خرجت عن طوق أسوار القدس القديمة، وذلك مع تخطيط "منظمات الهيكل" لاقتحام جماعي للأقصى الشريف بمناسبة ما يسمى "توحيد القدس" الذي يوافق يوم الاثنين يوم 28 من رمضان. وجاء نصب الحواجز الحديدية عند باب العامود، والاستنفار العسكري غير المسبوق بالقدس القديمة، ومخطط بدء إجلاء وتهجير الفلسطينيين من حي الشيخ جراح بداية شهر رمضان، ليشعل الميدان، الأمر الذي عمق من أزمات الكيان الصهيوني الداخلية، خصوصا وأن اليمين الفاشي ممثلا بتحالف "الصهيونية الدينية" نظم مظاهرات قبالة باب العامود والشيخ جراح تدعو لحرق الفلسطينيين.

      وجاءت هذه الأحداث مع اقتحام قوات الاحتلال الصهيوني باحات المسجد الأقصى صباح اليوم الاثنين 10/5/2021 واعتدت على المصلين المعتكفين فيه في العشر الأواخر من شهر رمضان، وذلك قبل ساعات من مسيرة المستوطنين الاستفزازية فيما يسمونه "يوم توحيد القدس". ونتيجة لقرار المحكمة الإسرائيلية العليا بشأن إخلاء عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح إلى الجانب الشرقي من البلدة القديمة في القدس لصالح إسكان مستوطنين إسرائيليين. تفجرت الأحداث مساء آخر جمعة 25 رمضان 1442 الموافق 7 مايس 2021 بعد اقتحام آلاف من جنود الاحتلال الصهيوني باحات المسجد الأقصى واعتدائهم على المصلين، كما وقعت مواجهات عنيفة صباح يوم الاثنين 10/5/2021 الموافق 28 رمضان اقتحم آلاف من أفراد الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى وأسفرت عن إصابة أكثر من 331 فلسطيني بينهم 7 حالات خطرة للغاية، وكان في المسجد جموع المصلين ومسعفون وصحفيون داخل حرم المسجد الأقصى، فاندلعت المواجهات مع الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان حيث يتحرى المسلمون فيها ليلة القدر، و تقترب فيها ذكرى النكبة التي دمج فيها شطري القدس وإخضاعها لحكمهم عند الصهاينة . 

  لم يردع الكيان الصهيوني الغاصب في هجومه على المسجد الأقصى إلا التصعيد الذي فعلته حركة المقاومة الإسلامية حماس من غزة العزة والكرامة بالإضافة إلى الفصائل الأخرى حين اطلقت حماس وبقية الفصائل أكثر من 400 صاروخ باتجاه تل أبيب والداخل الفلسطيني المحتل وأشعلت الجو الفلسطيني بنيران الغضب الأمر الذي شجع عرب الداخل الفلسطيني للانتفاضة على الكيان الغاصب، أحالت صواريخ حماس ليل الصهاينة إلى نهار ودفعت المستوطنين إلى مغادرة مساكنهم إلى الملاجئ لا يخرجون منها إلا بسماع تصريحات أبي عبيدة الناطق باسم كتائب القسام لحركة حماس الذي حاز ثقتهم أكثر من قادتهم السياسيين والعسكريين على حد سواء. كما أن القبة الحديدية التي راهن عليها الصهاينة فشلت في التصدي لصواريخ كتائب القسام الأمر الذي نشر الرعب في صفوف الصهاينة المعتدين فأوقفوا مسيرتهم التي دعوا لها وانسحبوا ورجال الشرطة والجيش من باحات المسجد الأقصى، وبعدها وعلى إثر هذه الأحداث انفجرت المدن في فلسطين المحتلة في الداخل و نشبت مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين والصهاينة من مستوطنين ومن يسندهم من رجال الشرطة والجيش. 

    ذكر موقع عربي بوست؛ عد تقرير صحيفة The Jerusalem Post أن أحد أبرز نجاحات حماس في هذه الحرب، هو ثورة "فلسطينو الداخل" تأييداً لبقية الشعب الفلسطيني. ولكن الواقع أن ما أثار عرب 48، هو التعرض للمسجد الأقصى وخطط اقتحامه في شهر رمضان، التي مهدت لها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إضافة إلى محاولة طرد سكان حي الشيخ جراح بالقدس. فقبل تدخل حماس وقصفها القدس يوم 28 رمضان (الذي أدى لانفضاض مظاهرة نظمها المتطرفون اليهود لاقتحام الأقصى تحت حماية الجيش الإسرائيلي)، كان عرب 48 والمقدسيون هم من هبوا لحماية الأقصى وتحركوا شباباً وعائلات من مدنهم رغم العراقيل الإسرائيلية، وهتفوا باسم محمد الضيف، قائد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس بعد ما حذر "إسرائيل" من المساس بالأقصى وحي الشيخ جراح. والآن بينما تخوض "إسرائيل" واحداً من أشد الصراعات التي واجهتها في السنوات الأخيرة، أصبحت "إسرائيل" تخوضاً حرباً داخلية. وبالإضافة إلى أن صواريخ المقاومة ترهب سكان جنوب الكيان وأحياناً ترهب السكان في وسط مدنه، وتعطل مجريات الحياة اليومية في الدولة العبرية، فإن هبة عرب الداخل الفلسطيني باتت تمثل شوكة جديدة في ظهر العدوان الإسرائيلي. وللأول مرة من سنوات تهب المدن الفلسطينية في الداخل المحتل من 1948 في انتفاضة أهلية شرسة ألهبت مشاعرها كرنفال صواريخ حماس التي تشبه بشكل كبير الألعاب النارية فوق المدن المحتلة والمستوطنات الصهيونية والمنشآت العسكرية      ويشير موقع عربي بوست ؛ اعترف وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، بأن "ما يحدث في الشوارع، أخطر من المعارك العسكرية".

 بينما تتوجه أنظار العالم إلى صواريخ "حماس" التي تضرب العمق الإسرائيلي وتشلّ حركة المطارات الإسرائيلية. فالكلام اليوم هو عن نزاعات في الشوارع والبيوت، داخل الخط الأخضر، تشبه التي ساقتها عصابات الهاغانا عام النكبة لتهجير الفلسطينيين، فهي حرب بالسلاح الأبيض والحجارة وإشعال النيران والاغتيال والدهس. غضب هائل عند الشبان العرب، وجنون شرس في المقابل من المتطرفين اليهود الذين باتوا يستبيحون المنازل بأسلحتهم النارية ويجوبون الشوارع بحثاً عن فريسة. حتى أن الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفيلين، المعروف ببروده، قال مذعوراً أمام هذا المشهد المفاجئ: "أتوسل الجميع، افعلوا كل ما في وسعكم لوقف هذا الأمر الفظيع الذي يجري أمام أعيننا. نحن منهمكون في حرب أهلية من دون أي سبب. أوقِفوا هذا الجنون. أرجوكم توقفوا. نحن دولة واحدة".  ولمعرفة تراكم الغضب الذي فجر مدن الداخل الفلسطيني بالإضافة إلى أحداث الأقصى وهبة حماس لنصرته تراكم من الظلم والعنصرية لاقاها الشعب الفلسطيني في الداخل أهل الدار الحقيقيون من قبل الكيان الصهيوني وقوانينه المجحفة بحقهم.

    يذكر موقع الجزيرة؛ لقد عانى فلسطينيو 48 على مدى 73 عاما بعد النكبة من إجراءات وتشريعات سنها الكنيست ضدهم، حيث عمدت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى تشريع عشرات القوانين في قضايا الأرض والمسكن والبناء والتعليم والعمل، والتي تميز ضد فلسطينيي 48 وتسلب حقوقهم المدنية وتصادر أراضيهم وتضيق عليهم الحيز العام. ولعل أبرز هذه التشريعات قانون القومية الذي أقره الكنيست في يوليو/تموز 2018، حيث يرسخ هذا القانون العنصرية والتمييز ضد العرب واللغة العربية، وينص على أن "أرض إسرائيل" هي الوطن التاريخي، وهي الدولة القومية للشعب اليهودي"، والنشيد الوطني والعلم والحق بالاستيطان سيكون مضمونا لليهود.     عند منتصف ليل العاشر من مايو/أيار 2021، وبعد انتكاسة عصابات المستوطنين بالقدس والأقصى بإحباط الاقتحامات الجماعية لساحات الحرم القدسي الشريف بمناسبة ما يسمى "يوم توحيد القدس" الذي تزامن مع 28 رمضان، وقرار المستشار القضائي للحكومة تأجيل ترحيل العائلات المقدسية من حي الشيخ جراح، اختارت عصابات المستوطنين، التي ينتمي بعض أعضائها لـ "نواة التوراة" الذين يستوطنون في اللد، الاعتداء على الفعالية الاحتجاجية التي أقيمت عند المسجد الكبير في اللد، وقام مستوطن بإطلاق النار صوب مجموعة من العرب مما أدى إلى استشهاد موسى حسونة (31 عاما) وإصابة 3 شبان بجروح متفاوتة، الحدث الذي فجر نيران الغضب الفلسطيني في مدن الداخل. 

   صعدت عصابات المستوطنين من الاعتداء على الفلسطينيين في اللد التي يقطنها 30 ألف فلسطيني من أصل 80 ألفا، وهو ما دفع للخروج في مسيرات احتجاجية في المدن الساحلية لإسناد اللد، حيث خرجت مسيرات في الرملة ويافا وحيفا وعكا وإلى جانبها وقفات احتجاجية نظمها الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية. مشهد اعتداءات عصابات المستوطنين على أهالي اللد انتقل إلى البلدات العربية الكبرى في النقب والمثلث والجليل، حيث خرجت الحشود تصديا لمليشيات المستوطنين من عصابات "تدفيع الثمن"، وأحفاد كهانا، التي كانت تنفذ اعتداءاتها على المواطنين العرب وممتلكاتهم بحماية من قوات الشرطة الإسرائيلية.

      لقد نجحت صواريخ حماس من تفجير الغضب الكامن في المجتمعات العربية الفلسطينية في الداخل الفلسطيني الأمر الذي أربك الكيان الصهيوني بشكل غير مسبوق لذا نراه يتراجع عن قراراته المجحفة في حي جراح واوقف مسيرة المتطرفين وانسحب من باحات المسجد الأقصى وصب جام غضبه على غزة فطالت آلته الحربية مئات المواقع الفلسطينية في غزة، واستهدف حماس وقادتها ولم يتوانى عن تدمير البنى التحتية لغزة واستهداف المدنيين العزل ورغم كل ذلك لم ولن تجد فلسطيني واحد رغم التضحيات يلوم حماس على تصعيدها العسكري الذي نجح بكسر هيبة الآلة الحربية للكيان الصهيوني، وحشد الشعب الفلسطيني بأكمله على صعيد المواجهة، وكسر شوكة العصابات الإجرامية الصهيونية التي تنادي بقتل الفلسطينيين وحملتهم المسعورة على الأهالي العزل في القدس، وجعل قضية الأقصى خطا أحمرا، وأحرج حكومة النتنياهو وأفشل مساعيه لاستدراك مستقبله السياسي وفضحه على الأصعدة كافة.

    لا ريب أن هذه الجولة من المنازلة ستكون عبرة للداخل الفلسطيني ولحكومات العالم العربي التي تصرف مليارات الدولارات لشراء أسلحة تكدسها في المخازن إن لم يستعملها البعض في اسكات الأصوات الحرة في الداخل وأثبتت حماس بإمكاناتها المتواضعة واكتفاءها الذاتي في تصنيع حربي محلي لا يرقى لأن يقاس بالآلة العسكرية الصهيونية ومع ذلك تفوق عليها وأخرج القبة الحديدة من فاعليتها، ومرغ سمعة جيش الكيان الصهيوني في التراب ودس رؤوس بعض حكام العرب المتصهينين في الرمال، وأخرست حماس ألسن المطبعين وأبعدت الشقة بين دول التطبيع التي لم يبقى لها سوى تشويه سمعة حماس بدعم إيران لها ، وحتى هذه الجزئية تقزمت وتقزم دعاتها لكون حماس ومن لسان قائدها في الخارج أبي الوليد خالد المشعل الذي أكد بوضوح أن حماس منفتحة على العالمين العربي والإسلامي من غير تعصب وتقبل وتشكر من ساندها منهم دون أن ترتهن بقراراتها لأي منها لا لإيران ولا لبقية الدول العربية والإسلامية بل حماس مستقلة تصوغ رؤيتها وقراراتها وفقا للصالح الفلسطيني  وهو ما أكده القائد أبو العبد إسماعيل هنية في مناسبات عدة.  

    اليوم يواجه الفلسطينيون بفصائلهم وكياناتهم كافة صراع وجود تتماهى معه الاختلافات كافة لكون المعركة على الدين والأرض والعرض، ومن قبلها على الإنسان الفلسطيني في الداخل وفي الضفة الغربية وفي القدس وفي غزة العزة فالكل مستهدف أمام الآلة الحربية الصهيونية، وعلى العالمين العربي والإسلامي إسناد فلسطين وشعبها المجاهد الصابر بصرف النظر عن المواقف المؤدلجة، لكون التاريخ لن يرحم المتخاذلين والمنبطحين لقوى الشر العالمية المساندة للكيان الصهيوني الغاصب الذي سيرحل عن أرض فلسطين لا محالة وحينها يتحقق النصر بعز عزيز صامد مجاهد مقارع للظلم الصهيوني، وبذل ذليل  خاضع خانع تابع للغرب متخاذل.  

    تبقى اليوم حماس ضمير الأمة وقلبها النابض الذي أفاق من سبات وأحيا من موات، لله درك يا حماس العزة والشموخ لم تلتفتي لكل التضحيات والآلام والمآسي حين هدد مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل أحفاد القردة والخنازير، لم تستكيني ولم تخضعي رغم فداحة الثمن المدفوع، زف أبطالك الغيارى في مواكب عرس إلى بارئهم شهداء مقبلين غير مدبرين ولا متخاذلين، لقد امتطى ابناؤك خيل المنايا ورقصوا على أكتاف الموت غير وجلين ولا مترددين، حتى الأطفال ارتفعت هاماتهم تناطح الجبال في زمن العبيد الذين مرغت أنوفهم في أوحال الهزيمة والتطبيع والتطبيل للكيان اللقيط. 

     لقد صدق وعد الله وهو قادم لا محالة حين قال في سورة الإسراء مخاطبا بني إسرائيل .. إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا... والوعد مكتوب وأدواته موجودة وستبقى حماس وأخواتها في أكناف بيت المقدس ظاهرين على الحق لا يضيرهم من خذلهم ومن تخاذل عنهم ، وصدق بكم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِس) صدق رسول الله وها هم أبطال الحجارة يفجرون براكين الغضب تحت أقدام أبناء صهيون دفاعا عن الأقصى والقدس وكامل تراب فلسطين.