مؤسسة اسطنبول للتعليم والبحوث (ايثار) - إسطنبول، ومؤسسة نصر للدراسات والبحوث – إسطنبول- وقف الامام الاعظم
إن الأهداف التي تسعى إليها الدولة، والتي ينبني عليها ما يناط بها من وظائف، تنبثق من "نظرية الدولة" التي تستند إليها تلك الأهداف، وتتحدد بها تلك الوظائف من جهة، وتتطور بما يواكب التحولات الكبرى المترافقة مع التغيرات المستمرة في المجتمعات من جهة أخرى.
والدولة الحديثة المعاصرة -بالرؤية الإسلامية- هي نتاج جهد بشري متطور يهدف إلى تحقيق مصالح الناس، ودفع المضار عنهم، دون الاصطدام بالمحظورات الشرعية.
ومن هنا حاولنا في مؤتمرَين سابقَين حول "الدولة" استجلاء موضوعات مختلفة، تتصل بنظرية الدولة، من خلال تأصيلات، وتطبيقات تاريخية، وإسقاطات معاصرة، ومراجعات، ومقارنات.
فكان المؤتمر الأول من هذه السلسلة بعنوان: "الدولة: بين الماضي والمستقبل"، شاركت فيه مؤسسة ايثار للتعليم والبحوث ومؤسسة نصر للدراسات والبحوث ومؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي والمنتدى السوري للأعمال، وقد تناول موضوعات عامة تتصل بنظرية الدولة انتظمت في خمسة محاور: الدولة والتراث السياسي، الدولة ومقوماتها، الدولة والهوية، الدولة والمقاصد، الدولة والمجتمع والحقوق.
ثم جاء المؤتمر الثاني بعنوان: "الدولة والمجتمع: نظرة مقاصدية"، شاركت فيه جامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية ومؤسسة نصر للدراسات والبحوث ومؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي والمنتدى السوري للأعمال، فاستمر بتعميق تناول "نظرية الدولة"، لكن من وجهة محددة تتصل بمقاصد الشريعة، ومن جوانب أكثر ميلا إلى التطبيق والتنزيل على الواقع المعاش، وكان ذلك من خلال أربعة محاور: عالج الأول: مداخل عامة في الدولة والمجتمع والمقاصد، وعالج الثاني: المكوِّنات المجتمعية للدولة في ظل المقاصد، وعالج الثالث: الأمن والمجتمع والدولة من وجهة مقاصدية، وعالج الرابع: أجهزة الدولة والمجتمع من الوجهة ذاتها.
وها نحن نصل إلى المؤتمر الثالث الذي نرغب أن يكون تتويجا لهذه السلسلة، فنتناول فيه القواعد المعيارية الضابطة التي نتوصل من خلالها إلى جودة الدولة المعاصرة بقيمها ومقاصدها وأجهزتها ومؤسساتها ووظائفها، وذلك من منظور إسلامي. لقد وضعت الدول والمؤسسات المتطورة معاييرا للجودة لأي إنتاج أو منتَج على المستويات الصناعية والتجارية، وحتى الاجتماعية منها والسياسية، لكن لم يظهر في بحوث السياسة الشرعية مشروع يعالج معايير الجودة في الدولة المعاصرة، وهذا ما دعانا لتخصيص هذا الملتقى من أجل بحث تلك القضية المهمة، التي يمكن أن يفيد منها السياسيون، والمشرّعون الدستوريون، وكل من يعمل بحقل له صلة بأجهزة الدولة ومؤسساتها، فيرجع إليها كضوابط معيارية يقيس عليها منتجَه.
إن مشروع قياس الجودة يهدف إلى الإفادة من إمكانية إدخال التحسينات المستمرة على فكرة "نظرية الدولة". ولعل هذا مسؤولية جماعية، وهي مرهونة بالرقابة كجزء من التخطيط الاستراتيجي للجودة الشاملة، وعليه فلا يقتصر مفهوم الجودة هنا على كونه مجرد أسلوب إداري تستعمله المنظمات والمؤسسات الحديثة بصورة جامدة
.