الأميركيون الانجيليون في كردستان
على تلة جرداء خارج السليمانية في جنوب شرق كردستان العراق يقام مجمع صغير من المباني الطويلة ومن وراء الجدران الرمادية وفوق جدار عال تقف لوحة كبيرة بيضاء تلمع باللون الذهبي والأزرق السماوي مكتوب عليها بالحروف وباللغة الإنجليزية والعربية: المدرسة الكلاسيكية - الميديين.
وهي واحدة من ثلاث مدارس خاصة جديدة في المنطقة التي تعلم النظرة العالمية "للمسيحية" ومن عمل الإنجيليين الأمريكيين من ولاية تينيسي. أنشأت هذه المدارس مع محطات الإذاعة والكنائس الانجيلية في شمال العراق وكلها بمباركة من حكومة كردستان وبمساعدة من دافعي الضرائب في الولايات المتحدة.
منذ الاحتلال الامريكي تولى الإنجيليين الاميركان ليس بناء المدارس فقط ولكن المطابع ومحطات الإذاعة، والمراكز النسائية، والمكتبات، والعيادات الطبية وخدمات طب الأسنان، والكنائس في شمال العراق، ومع كل الدعم والمساعدة من حكومة كردستان وتم تمويل العديد من هذه الجهود كجزء من أموال دافعي الضرائب الأميركية، من خلال توجيه وزارة الدفاع لعقود البناء ومنح وزارة الخارجية.
في أيلول 2003، بعد أربعة أشهر فقط من غزو القوات الأمريكية وإزالة النظام، تم تجميع 350 من قساوسة وزعماء الكنيسة الإنجيلية في كركوك، حيث استقبلوا بحفاوة من قبل مسعود بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان.
وفي ذلك الاجتماع، أعلن جورج غرانت، وهو زعيم مجموعة الخادم الدولية، والمنظمة ألانجيلية في ناشفيل عن إعداد سلسلة من المدارس المسيحية، على أن "يسوع المسيح هو الرب على كل شيء، فهو الرب على كل ملا، كل آية الله، وعلى كل إمام، وعلى كل الزعماء المهديين، فهو الرب على كامل الأرض وحتى على العراق!
تظهر وثائق وزارة الدفاع أن القيادة المركزية الأمريكية بين عامي 2005 و 2007، دفعت من قيادة التعاقد العراقي المشترك الى مجموعة الدبان وهي شركة كردية لبناء مدرسة غرانت للميديين بما مجموعة 465،639 $.
وقبل عامين، كانت هناك العشرات الآلاف من الدولارات من البرنامج التي تمولها وزارة الخارجية لشراكات الرعاية الصحية في شمال العراق أيضا في طريقها إلى مجموعة متنوعة من المشاريع والإنسانية لمجموعة الخادم الإنجيلية.
وفي مقابل دعم الحكومة الإقليمية لهذا الوجود الانجيلي في كردستان، قال دوغ لايتون، وهو من ولاية تينيسي وأحد مؤسسي مجموعة الخادم، وخدم كضابط اتصال مهم مع حكومة إقليم كردستان في واشنطن أثناء سنوات حكم بوش. ومن هناك، كان يدير العلاقات العامة للأكراد وجهود تجنيد رجال الأعمال الإنجيليين للاستثمار في المنطقة.
"منذ الفترة التي سبقت حرب العراق، قام [مسعود البارزاني] وحكومة إقليم كردستان مع إدارة بوش والجناح اليميني لبناء القاعدة المسيحية الإنجيلية"، ويؤكد مركز سياسة المجتمع في واشنطون "بان كردستان العراق هو المكان الذي شهد صعود نفوذ السلطة والمال. فالبارزاني ذهب إلى السماح لهم بإنشاء المدارس والكنائس والحصول على ما يحتاجونه". ولكن، "نظرا لصعود الأحزاب الإسلامية في كردستان والاستياء المسيحي الآثوري من تمييز التبشير الإنجيلي الأمريكي جعل هؤلاء كمن يلعبون بالنار".
في السنوات التي تلت عام 1988 قام اكثر من 14000 لاجئ كردي بالرحيل من كردستان إلى ناشفيل، والتي تعد اليوم أكبر جالية الآن نسبة إلى عدد السكان الكرد في الولايات المتحدة.
في عام 1992، قام كادر من الانجيليين في ناشفيل من مجموعة الخادم الدولية، بما في ذلك عدد كبير من "المؤمنين الأكراد"، وتقاطروا من قاعدتهم في كنيسة بلمونت، وكنيسة ميغا بمجموعات عدة للتحضير لإعادة الاحتلال في طريقهم إلى جبال كردستان في شمال العراق، حيث فتحوا مقرا صغيرا هناك كموطئ قدم لهم. وكانت التعبئة لذلك التوجه عبارة عن طباعة عدد كبير من الأناجيل باللغة الكردية، وأكياس من النقود، والمعدات الطبية، ووضع خطة طويلة المدى لوضع كل "مملكة الأب" بين الحدود التركية والإيرانية.
ومنذ وصولهم الى شمال العراق قبل نحو عشرين عاما، اتسع وجود مجموعة الخادم العالمية، وقامت بإنشاء المكاتب والوزارات والمدارس في تركيا وآسيا الوسطى، وإندونيسيا، وألمانيا، والنرويج.
واليوم وبعد سبع سنوات من الهيمنة الأميركية في المنطقة، تسللت هذه المجموعة بشكل عميق داخل حكومة إقليم كردستان، فالائتلاف الحاكم الكردي المؤلف من مسعود البارزاني (الحزب الديمقراطي الكردستاني) وجلال الطالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني). وبمساعدة من لايتون في مؤسسة تنمية كردستان يقومون بالمساعدة لتحقيق الاتصالات مع جماعات الضغط وأعضاء الكونجرس من الجمهوريين في واشنطن، وقد توسطت الامتيازات التجارية الدولية وعقود التنقيب عن النفط وحولت الأموال لمهامهم من وزارة الدفاع والوكالة الأمريكية للتنمية، لإنشاء سلسلة من المدارس المسيحية. في المقابل، دعمت وزارات حكومة إقليم كردستان مجموعة فريق الخادم بان تم منح الأراضي والمباني وغيرها للمدارس بشكل مباشر وبعيدة عن المجاملات.
وتتميز مجموعة الخادم وشركائها بنموذجهم العسكري للتبشير (او ما يسمونه "بالحرب الروحية") ؛ من حيث تكتيكات العمل السري مثل صناعة غطاء لعملهم أو ما يعرف "بالمملكة التجارية".
فقد دخلوا البلاد لإنشاء مؤسسات علمانية على ما يبدو على أنها غطاء للتبشير؛ وتم تجمعهم من قبل المخابرات، والتي يسمونها "برسم الخرائط الروحية" (حيث يكون سلوك الفرق من الانجيليين الكامل هو في البحث الميداني" والتي تتضمن جمع البيانات الديموغرافية والتاريخية والجغرافية على مستوى بلدان بأكملها)؛ وهذا الأمر ليس بجديد لهذه الطائفة فهو منهج كانت قد درجت عليه وسارت فيه على مدى القرن الماضي في هذه المنطقة بالتحديد وبقية مناطق العراق والشام والخليج العربي .(( وللمزيد مراجعة الموسوعة التاريخية الهلال الخصيب في الوثائق الأمريكية – الجزء الثاني))
كذلك يجمعها العداء المتأصل للإسلام، وهدفها تحقيق السيادة "للمملكة الانجيلية" لقيادة العالم الآن (في انصهار كالفيني سلطوي جديد و "بالرسولية الجديدة للطائفة الخمسينية لجمعيات الله" واشهر المعروفين المنتمين لهذه الجمعية هي سارة بالين مرشحة الرئاسة الأمريكية الأخيرة لمنصب نائب الرئيس.
كذلك أنشأ المبشرون التابعين لمجموعة فريق الخادم بذكاء لأنفسهم أصول قيمة مع الأسر الحاكمة، كحكومة إقليم كردستان ومع بوش وتشيني وأمراء الحرب على العراق. فكانت هذه الجماعة على علاقات وثيقة مع ادارة جورج بوش: كستيفن مانسفيلد، مؤلف كتاب إيمان جورج دبليو بوش، وهو من أكثر الكتب مبيعا عام 2004 والذي يصور فيه بوش بأنه "رجل الله" في البيت الأبيض، وكان قد عمل لمدة خمس سنوات، حتى عام 2002، كراعي لكنيسة بلمونت في ناشفيل قبل أن يخدم كمؤسس لمجموعة فريق الخادم.
وقد سافر مانسفيلد الى شمال العراق مع مجموعة فريق الخادم لجلب الأناجيل وتوزيع فيلم عن يسوع، وهي وسائل عادة ما يتم استخدامها على نطاق واسع كأداة للتبشير الإنجيلي بين الأكراد.
وقام مانسفيلد بمنح فرص عمل لمستشارين لمجموعة من "المديرين التنفيذيين يعملون علنا للأعمال المسيحية" ودعا أمريكا لتكون هي القدر، التي تستثمر في مشروعات التنمية في كردستان.
في مقابلة أجريت معها عام 2002 في رابطة المسيحية الكلاسيكية في نشرة المدارس تقول ماري يعقوبيان المدرسة في المدارس الكلاسيكية إنها انضمت إلى بعثة مجموعة الخادم لأنها "لم تكتف فقط لإعداد بناء كنيسة في كل مدينة. لكن هدفها هو التلميذ والأمة وإنشاء مملكة المسيح في كل مجال من مجالات المجتمع: الحكومة، والفنون، والطب، والتعليم، والقانون، الخ".
فبعد إظهار الإسلام "كدين يقوم على الخوف" ، تندفع يعقوبيان للحصول على "الشاهد المؤمن" حيث الرجال والنساء الذين لهم جذور في الإسلام بدؤوا يتحولون الى المسيحية !
بيانات يعقوبيان تعكس تقلب خطير للاقتناع باستثناء الاضغاء إلى الإنجيلية وعن "ملكوت الله" وهو يستبعد كل الاحتمالات الأخرى غير العلامة التجارية الأمريكية المعينة من المجتمع المسيحي، والحكم والرأسمالية.
دوغلاس لايتون هو مركز هذه النجاحات. في تقريره المنشور في كانون الثاني 2002، يؤكد على إشادة أندرو ساندلين بالتنظيم المسيحي الجديد منذ فترة طويلة وهو زميل مقرب من جورج غرانت، ودعا لايتون لشن غارات مشروعة الطموح في كردستان.
حيث يقول "وإذا أردنا دعم المبشرين، دعونا ندعم المبشرين الذين هم في جميع أنحاء العالم لاستعادة الثقافات، وليس لمجرد الفوز بالنفوس القليلة هنا وهناك"، وكتب ساندلين الى دوغ لايتون في كردستان، شمال العراق، "الى الإعداد لبناء ثقافة مسيحية: فالمدارس المسيحية الجديدة، والأعمال التجارية المسيحية الجديدة، وأكثر من ذلك، وان لا يكتفي ببناء الكنائس وانما يريد ثقافة مسيحية بأكملها ".
لايتون المشارك بتأليف كتاب، "أبانا في المملكة: الكنيسة والوطن"، في عام 2000، والذي ينص صراحة على مهمته : "إذا كان الشيوعيون والمسلمون يمكن لهم أن يقيموا الدول فان ذلك يعني حتى يمكن لنا الله من إقامة مملكته!"
في هذا الكتاب يعلن المؤلف فيه الأهداف العامة والحقيقية لحركة الحرب الروحية، وهو الجيش الذي يصف نفسه بأنه من الانجيليين في معركة ضد "الشياطين الإقليميين" لإقامة "مملكة المسيح".
وحيث انه يرأس جهاز الاستخبارات العالمي الإنجيلي، وهي منظمة من مجموعة الحارس، الذي تنشر "خلايا الميدان" مع أجهزة الكمبيوتر المحمولة لجمع البيانات الديموغرافية في البلدان المستهدفة حاليا، كأوغندا، وكذلك في عدة بلدان في أمريكا الوسطى والشرق الأوسط، بما في ذلك العراق. وترسل البيانات إلى كمبيوتر الحارس كجزء من مشروع ضخم من كبنك معلومات لرسم الخرائط للمشروع "الروحي".
ودفع لايتون التبشير في الشرق الأوسط إلى حدوده القانونية. ووفقا لوثائق المحكمة الألمانية، حين ألقي القبض على لايتون في عام 1993 في مدينة دهوك في شمال العراق بسبب التبشير علنا وتصريحه بأن كردستان سيكون لها "دولة كما وعدت، إذا اتبع الأكراد يسوع" وان "الإسلام لن يجلب شيئا لهم سوى الحرب والتدمير والخراب ". وكان خطابه قد أثار احتجاجات غاضبة في الشوارع، وبعد إلقاء القبض عليه، أمر بلايتون الى خارج البلاد.
ورغم ذلك سعى على ما يبدو لتدارك تلك الأحداث بتنظيمه حملة لكسب التأييد لدعم الحزب الديمقراطي الكردستاني في واشنطن حيث ألقى خطبا في مجلس السياسة الوطنية وأدلى بشهادات في جلسات الاستماع في الكونغرس، لدعم نصرة الولايات المتحدة لإقامة دولة كردية مستقلة، والاستثمار في المنطقة، وللحزب الديمقراطي الكردستاني ولا سيما للبرزاني.
بحلول عام 1996 عاد لايتون الى كردستان وعمل حتى أواخر عام 2009، مديرا لهيئة التنمية الكردية في أربيل، وهو المشروع الذي ترعاه حكومة إقليم كردستان وبدأ في عام 2004 بهدف "تعزيز وتيسير وإقامة الأعمال التجارية وفرص الاستثمار في إقليم كردستان في العراق".
قبل توليه منصبه في هيئة التنمية الكردية، شغل لايتون وظيفة في وزارة الصحة في حكومة إقليم كردستان، حيث كان مساعدا لوزير الصحة للعمليات الميدانية وسعى لشراكات الرعاية الصحية التي تدعمها الوكالة الأمريكية للتنمية في شمال العراق.
في عام 2008 أدمجت حكومة إقليم كردستان هيئة التنمية الكردية في كيان جديد، وهو "كردستان للاستثمار". ومن غير الواضح ما هو الدور الذي يلعبه لايتون في هذا المكتب بعد تجديده. وفي مجلس إدارتها.
لايتون يوجه حاليا مشروعا لجولات أخرى في العراق، حيث ينظم رحلات ترفيهية لرجال الأعمال والسياسيين الأمريكيين في كردستان. وشركائه في الشركة زميله رئيس مجموعة الخادم بيل غراوي وجيسون أتكينسون، وهو السناتور الجمهوري المحافظ عن ولاية اوريغون.
فالعراق وكردستان كدولة أخرى لها ايضا علاقات قوية مع جيش الولايات المتحدة. فشركة بوينت 62 هي شركة فرعية للاستشارات برئاسة العقيد المتقاعد هاري شوت في الجيش الأميركي ، الذي كان رئيس هيئة الأركان لسلطة التحالف المؤقتة في شمال العراق 2003-2004، ويشغل الآن منصب مستشار أمني بارز للحكومة في إقليم كردستان.
وبوينت62 تقدم الأمن والمشورة السياسية لعدة عناصر في حكومة إقليم كردستان، وبصورة رئيسية لمكتب رئيس الوزراء ووزارة الدولة للشؤون الداخلية" و"خدمات لصناعة النفط والغاز".
والكولونيل سكوت، الذي يبدو أن ارتدى قبعات كثيرة، هو أيضا نائب الرئيس التنفيذي لشركة VSC للأمن، وهي مشروع مشترك مع حكومة إقليم كردستان برئاسة كيث هاء شوت، وهو لاعب جيد متصل بالحزب الجمهوري، مع جماعات الضغط كمجموعة هالي بربر لبغر ؛ وشوت يشغل الآن منصب مستشار كبير لحكومة إقليم كردستان.
في عام 2005، انضم بيل غراوي بلايتون في هيئة التنمية الكردية لإطلاق حملة ترويجية في كردستان للدعوة إن العراق دولة أخرى، من خلال سلسلة من أفلام الفيديو، والطباعة، وإعلانات الإنترنت ورسائل البريد الإلكتروني والتي يظهر فيها الأكراد مبتسمين ويلوحون بالأعلام الأميركية ويشكرون الولايات المتحدة لغزوها للعراق .
وهذه الشركة ايضا مرشحة أيضا لفرص الاستثمار والتي حان دورها كشركات متعددة الجنسيات في شمال العراق. والسيناريو لإنتاج هذه الحملة، يقوم غراوي ولايتون في جلب سال روسو، الذي يرأس روسو مارش آند روجرز، وهي شركة للعلاقات العامة تابعة للحزب الجمهوري ومقرها في ساكرامنتو. وبموجب العقد ستقوم الشركة "مقابل الملايين من الدولارات على مدى السنوات القليلة المقبلة" والمقدمة من حكومة إقليم كردستان، وفقا لروسو.
وقبل ذلك بعام، كانت ذات الشركة هي المنتجة لحملة وسائل الإعلام المؤيدة للحرب ومرددة مزاعم ادارة بوش ان صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل وكان "له علاقات واسعة" بتنظيم القاعدة. والإعلانات توصف هجوم الديمقراطيين الذين عارضوا حرب بوش بأنه " استعداد لتقويض التأييد للحرب على الإرهاب تدفع بأنانية لطموحاتهم السياسية الوقحة".
أنتج غراوي أيضا شريط فيديو دعائي آخر، مختلف جدا، اسمه رحلة إلى العراق، وبتمويل من مجموعة الخادم ومصمم خصيصا للإنجيليين الأمريكيين. يظهر في هذا الشريط واحد من "المسيحيين المؤمنين وهو يلبي دعوة الله للمساعدة في نشر المسيحية إلى الشعوب العربية والكردية".
في حزيران 2002، بدأت ادارة بوش الاستعداد للغزو الأميركي للعراق، وأعطى الكونغرس الضوء الأخضر مبلغ 3.1 مليون دولار لتمويل البرنامج التي تمولها وزارة الخارجية ومنها الشراكات للرعاية الصحية في شمال العراق، بزعم المحاولة لتحسين الرعاية الصحية في المنطقة الكردية، ولكن في المقام الأول كان خبراء السياسة في الشرق الأوسط في الولايات المتحدة، والمراقبون في المنظمات غير الحكومية المحلية ينظرون على أنها كانت وسيلة لتحقيق الوحدة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني معا تحت هيئة حكم موحدة. والذي تم التعاقد معه لمنصب مدير العمليات الميدانية لهذه الوكالة وبناء فريق المشروع هو دوغلاس لايتون.
ابتلعت هذه الشراكة ثلثي المال وهي نسبة مجموعة ميريديان الدولية، وهي منظمة غير حكومية مرتبطة سياسيا في ذلك الوقت، بزوجة رئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ بيل فريست كمقاول من الباطن، وفقا لتحليل من جانب احد المشاركين في البرنامج. وترك حوالي 1 مليون دولار للايتون لتوجيهه شخصيا في برامج الصحة الكردية.
ووفقا لتقارير نشرتها مجموعة الخادم ومصادر في شمال العراق الذين شاركوا في البرنامج، حول لايتون الكثير منها إلى عمليات مجموعة الخادم مثل الخادم المتنقلة لطب الأسنان والعيادات الصحية، وإلى جيوب مسؤولي حكومة إقليم كردستان. واستخدم لايتون أيضا الأموال لاستئجار مكتب في وزارة الصحة في حكومة إقليم كردستان بمبلغ 1000 $ شهريا وكرشوة لحكومة إقليم كردستان الرسمي، حيث كان مساعدا للدكتور جمال عباس عبد الحميد وزير الصحة. ووفقا لمصادر المنظمات غير الحكومية فان اثنين من الذين كانوا آنذاك في كردستان، كان لايتون يسلمهم أيضا الرشاوى النقدية والمعدات الطبية لشركاء مقربين لعباس.
كان لايتون أبعد عن التعامل الذاتي واستغلال النفوذ، ويبدو أنه كانت له فكرة عملية تشغيل الفقراء. تحت قيادته، فعلى سبيل المثال، قام بإعداد الشراكة في مجال الاتصالات والإنترنت وفي العيادات الطبية والمدارس المحلية، وبعد ذلك يتعين على المنظمات أن تدفع 1000 $ شهريا لمواصلة دعم مجموعة الخادم لهم وبطبيعة الحال، لم يكن لديهم هذا المبلغ الواجب دفعه وبالتالي تبدأ عمليات الابتزاز.
بين عامي 2002-2004 كان لايتون ومجموعته يقومون بالشراكة مع NGO. والذي كان السبب في عمله المستمر في هذه المنطقة المضطربة سياسيا، انه "قامت منظمته الغير حكومية بسلسلة من الدورات التدريبية للتمريض في جميع المستشفيات الرئيسية الثلاثة".
كذلك قام لايتون بتقديم 26 منحة كانت تكلف في المتوسط حوالي 13،000 دولار، وهذا يعني حوالي 338،000 $، وليس ما يقرب من 1 مليون دولار كما يقول أنها ذهبت الى برامج المنح ".
مايك اميتاي وهو خبير شهير في كردستان كان يعمل مع عدد من المنظمات غير الحكومية في برامج الإغاثة في المنطقة خلال التسعينات. ويشغل الآن منصب محلل السياسة العليا بشأن الشرق الأوسط في معهد المجتمع المفتوح في واشنطن كتب: "أجد أنه من المقلق أنه في ضوء الخلفية لدوغلاس لايتون وأنشطته لصالح المبشرين المسيحيين المدقعين، سيتم اختياره لإدارة برامج المساعدات الحكومية الهامة للولايات المتحدة في كردستان العراق " .
ويقول "أنا مستاء إذ أنه على الرغم من عدم فعالية البرامج المنفذة سابقا تحت توجيه لايتون، ومعرفة نشاطه الإنجيلية، واصلت السلطات الكردية تسهيل دوره البارز في مؤسسة تنمية كردستان"، "على الرغم من التهديد الذي يتعرض له المجتمع الكردي من جدول الأعمال الخاص بلايتون المخفي".
مدير المدرسة الكلاسيكية في السليمانية كاوة عبد القادر عمر، وهو رجل في الأربعين وهو ودي مع شيب منتشر في رأسه، والكتاب المقدس باللغة العربية موضوع أمامه، يقول من مكتبه الوردي. ان المدرسة الكلاسيكية " الميديين" تدير ثلاث مدارس في المنطقة : المدارس في السليمانية، وفي أربيل ودهوك، وتخدم كل منها من مرحلة رياض الأطفال حتى الصف 10. وكل المراحل يكون التدريس فيها باللغة الإنجليزية، وهو ما يفسر، تمويل هذه البرامج من قبل الحكومة، ومن خلال وزارة التربية والتعليم، و"الكنائس خارج كردستان".
في هذه المدارس 800 طالب يأتون من عائلات عليا وبعضهم من الطبقة الوسطى، وكثير منهم أطفال المسؤولين في كردستان. وأكثرهم من المسلمين، مما يجعلها أهدافا جاهزة لمجموعة الخادم والمبشرين. ويقول "يمكنك عد المسيحيين على أصابع اليد الواحدة".
المدارس هي جزء من خدمات المنظمة الكلاسيكية للتنمية الدولية، المحافظة والتي يوجد مقرها في مدينة ناشفيل. والذي يرعى الكنيسة والمدرسة، يوسف ماتي، وهو يجلس على متن الطائرة، جنبا إلى جنب مع جورج بيل غرانت و غراوي .
المدرسة تتمتع بالتدفئة المركزية والتكييف والمولدات الخاصة، وهو نوع من الترف الذي قطع عن المعلمين والطلاب بانقطاع التيار الكهربائي الروتيني الذي يعاني منه معظم المدينة والمنطقة. والفصول الدراسية مطلية باللون الوردي، مثل مكتب عبد القادر وفي محاضرة للرياضيات لطلاب الصف الثامن يتكون الصف الواحد من 18 طالبا والمعلمين من جامعة السليمانية الكردية.
ويقول عبد القادر "معظم المدرسين هم من كردستان "لكن هناك موظفي من منظمة التنمية الدولية الكلاسيكية ومن مدارس مجموعة الخادم يتيح لنا هؤلاء المدرسين الدوليين تدريب معلمينا وتنظيم المناهج والبرامج".
احد المعلمات تقول إنها عضو في المدارس الكلاسيكية للتنمية الدولية لكنها لا تحصل على راتب. إنها هنا "في محاولة للمساعدة"، كما تقول، لأنها تعتقد أن "الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية القدر تجاه هذا البلد".
ويقول عبد القادر "ان الحكومة تساعدنا من خلال العديد من الطرق فقد قدموا لنا هذا المبنى، ووفروا الأمن، لكننا من يدفع الرواتب" فأن المال يأتي من تبرعات من الانجيليين الأمريكيين من خلال الكنيسة والمنظمات التبشيرية في بلمونت.
بين عامي 2002 و 2006، ضخت مجموعة الخادم 2 مليون دولار في عملياتها الانجيلية الكردية بمساعدة الشركاء الدوليين، وهي جماعة إنجيلية مقرها في سبوكان، واشنطن. ولا سيما منظمة الأمل العالمية الإنجيلية من ولاية تينيسي، وهي التي قامت ببناء منشأة بقيمة 2 مليون دولار، واستكمال التكنولوجيا الفائقة لمقهى انترنت وأسست مركز حرية العراق. ويرأس المشروع من قبل هيذر ميرسر، الذي اعتقل من قبل حركة طالبان في آب 2001 عندما تم ضبطه بتسليم الأناجيل التبشيرية أثناء عرض فيلم يسوع.
عبد القادر لا يخوض في التفاصيل حول المناهج الدراسية في مدرسته وفلسفة التعليم، ولكن جورج غرانت كان أقل تحفظا حين يؤكد ان المسيحي على مدى عقود، منح أدلة حول المدارس الكلاسيكية. فمن مكتبه في النصف الآخر من العالم في مركز مرج الملك الدراسي 20 ميلا جنوب ناشفيل يقول ان منحة المدرسة الكلاسيكية، تحدد بالضبط بما يعنيه التعليم المسيحي التقليدي. "لدينا النظرة التأسيسية هي الكلمة الغير قابلة للتغيير من الكتاب الله المقدس... نحن نسعى جاهدين لممارسة العيش وتعليم الكتاب المقدس في كل مكان، ليس فقط في مناهجنا الدراسية، ولكن أيضا في إدارتنا وموظفينا. وبالتالي يعيش الطلاب في ثقافة المسيحية التي تهيمن عليها سلطة كلمة الله.
وقد ألف مايكل غونتر، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة تينيسي للتكنولوجيا، اثني عشر كتابا عن كردستان؛ كان الأخير، بعنوان: صعود الأكراد، وهو يتعامل مع المنطقة في عصر ما بعد صدام. وقد سمى غونتر هذه الجهود الأميركية الإنجيلية في كردستان "بالمثيرة للقلق" .
يقول غونتر: "إن الأكراد هم من المسلمين، وإنهم لا يعرفون المسيحية"، ويقول. "وبينما هم اكثر تسامحا من المسيحيين فالمسلمين وخاصة هذا النوع نجده عدواني. لكني أجد أنه من الغريب أن حكومة إقليم كردستان تسمح لهؤلاء المبشرين بالعمل في كردستان".
لكن بيل غراوي يتخذ وجهات النظر مختلفة بشأن شعور الكرد الديني. ففي مقابلة قلل من أهمية أي مشاكل إنجيلية داخل كردستان قائلا : "معظم الأكراد لا يحبون الإسلام".
في كتابه " دم القمر"، وهو كتاب نشر لأول مرة في عام 1991 وأعيد طبعه في عام 2001. يدعو غراوي الى قهر العالم الإسلامي عن طريق القوة العسكرية من أجل إحداث تحويل للمسلمين، وهو شرط واضح لتحقيق النظرة الدينية لبلده التي لا هوادة فيها.
في 1987 كان غرانت يقول وهو في الحرس: " السياسة المسيحية القصد الرئيسي منها غزو الأرض فالرجال والأسر والمؤسسات والبيروقراطية، والمحاكم، والحكومات هي لمملكة المسيح، وهي إعادة سلطة كلمة الله العليا وعلى جميع الأحكام، وعلى جميع التشريعات، وعلى جميع الإعلانات والدساتير، والاتحادات ".
وفي محاضرة في نيسان 2004 في روتردام قال غرانت في مركز دراسات في ولاية فرجينيا، " سوف نجعل التلاميذ يطيعون كل ما هو أمر، ليس فقط في المنطقة الضبابية من التقوى، ولكن في مجمل الحياة.... وهذه هي الولاية الثقافية والروحية والعاطفية، هي للفوز بكل شيء باسم يسوع ".
مارك بوتوك، مدير مشروع مركز الاستخبارات في ساوثرن بفيرتي لو، والذي يتتبع الحركات الاجتماعية والعنصرية لليمين المتطرف، هو على معرفة جيدة بغرانت ومدارسه، يقول، "نحن تأثرنا عميقا بأفكار بتفوق البيض". وهو يشير، على وجه الخصوص، إلى جمعية غرانت الوثيقة مع ويلسون دوغلاس، الذي أسس الرابطة الكلاسيكية للمدارس المسيحية (التي منح عضوا فيها منذ فترة طويلة) وكلية ونيو سانت اندروز في موسكو- ايداهو، والتي تركز على المعلمين في المدارس الكلاسيكية في كردستان.
وبمشاركة ويلسون مؤلف كتاب الرق والجنوب: فخيال الكونفدراليين الجدد المتنكرين في التاريخ. يقول الكتاب لقد عوقبت العبودية الجنوبية من قبل الكتاب المقدس، وأن العبيد كانوا يتمتعون بحياة رائعة نظرا لعطاءاتهم الأبوية من أسيادهم الإنجيليين.
وان "إنتاج الرق في الجنوب هي المحبة الحقيقية بين الأجناس وأننا نعتقد أنه لم يكن موجودا في أية دولة مدنية قبل الحرب ولم يكن هناك مجتمع متعدد الأعراق مثل التي وجدت بهذه العلاقة الحميمة المتبادلة والانسجام في تاريخ العالم".
ووفقا لبوتوك، فان غرانت وويلسون في داخل قيادة حركة عودة المسيحية تدعى "سلتيك شروق الشمس" قد تم تأثرهم عميقا بأفكار بتفوق البيض.
ورغم كل ما ورد فقد بقيت القيادة الإنجيلية في شمال العراق تقف بحزم، ولا تستجيب بشكل موحد لكل طلبات التعرف عليها بشكل شخصي من قبل الكاتب. فعلى سبيل المثال كان يوسف ماتي، راعي مجموعة الخادم في أربيل، بعد سؤاله مرارا وتكرارا، وهو يعتذر متذرعا بأسباب صحية، او انه يقول انه سيتحدث بعد ذلك، ولكن ليس للنشر. أما قساوسة الكنائس الإنجيلية في المنطقة، مثل كنيسة كورد سمان والكنيسة الإنجيلية الحرة، فكانوا أكثر صراحة حين قالوا "نحن لا نتحدث إليكم".
ورفض لايتون أيضا إجراء مقابلات لهذا المقال، خشية معرفة قيمة أدائه لبرنامج المساعدات الأمريكية، وفي الهيئة الكردية للاستثمار، وعلاقاته مع أفراد معينين في كردستان .
هذا الموقف من قبل رجالات العمل الانجيلي في كردستان العراق يؤكد حقيقة ان جدول الأعمال لايتون وزملائه الانجيليين في المنطقة يقومون بما يعرف عندهم بلعبة. وفقط الأكراد يأخذون هذا الأمر بصورة جدية.
فحكومة إقليم كردستان لا تشعر حول ما إذا كانت التقارير المكتوبة بالانكليزية للانجيليين والمرسلة الى الولايات المتحدة لن تحظى بأكثر من مجرد القراءة هناك.
وربما تكون هناك نية لحكومة إقليم كردستان "برسم الخط الفاصل" بينها وبين الانجيليين في حال مواصلة جهود الانجيليين العدوانية او في حلة ضعف موقف حكومة الولايات المتحدة هناك وقلة التمويل للمشاريع الخاصة هناك.
فهناك اليوم أولوية لحكومة إقليم كردستان وهي العلاقة "اللائقة مع طهران"، إذ ان هناك حركة ارتفاع إسلامية موالية للاستجابة لأوجه التفاوت الاقتصادي بين الأكراد القليل منهم أغنياء وغالبيتهم من الفقراء العاملين، وهناك استياء كبير من ان الإسلاميين يمكنهم الاستفادة من هذه الفجوة الكبيرة في المجتمع كما هو شانهم دائما.
وفي قراءة لتعليقات لايتون في مقابلة له في عام 2003 مع مجلة العالم الإنجيلي، ظهر لايتون كبطل يدافع عن المسيحيين في كردستان، ويؤكد لايتون المخاوف بشأن الديناميكيات السياسية في عراق ما بعد صدام . يقول لايتون "الأميركيون ارتكبوا خطأ بسبب سوء فهمهم للإسلام بهم"، "فالشيعة والسنة ليسوا مثلنا، وسوف تبقى الكراهية دائما موجهة نحونا بحسب وجهة نظرنا للحكومة، والتي هي لا تعترف بالحقوق غير القابلة للتصرف".
ان وجود شخص مثل لايتون داخل حكومة كردستان في قضايا الاستثمار والسمسرة الأجنبية في المنطقة وإقامة المدارس المسيحية بهدف التبشير للمسلمين سيجعله في موقف خطير بالنظر إلى المناخ السياسي المضطرب الحالي في العراق. "فاستقرار كردستان هش للغاية ألان"، وهذه "الدولة" الهشة الراهنة في شمال العراق بين الأكراد والآثوريين المسيحيين واليزيديين والتركمان وبعض العرب المسلمين السنة والتي أدت إلى موجة من التفجيرات والاغتيالات على مدى الأشهر القليلة الماضية .
وتركت الانتخابات الوطنية الأخيرة في آذار تقسيم العراق على طول الخطوط السياسية والقبلية والدينية وتركت دون إجابة عن السؤال الملح من هي الجهة التي ستسيطر على المناطق الغنية بالنفط التي تضم كركوك ومناطق سهل نينوى.
القادة العسكريون الأمريكيون يقولون ان التوترات بين الأكراد والعرب هي أكبر تهديد للأمن في العراق في ظل تسارع وتيرة انسحاب القوات الأميركية. وهناك اليوم على ارض كردستان العراق ألف من كوادر المملكة الانجيلية من الولايات المتحدة الآن في مزيج خاص مرتبط بشكل موثوق بعلاقات مع المستويات العليا من حكومة إقليم كردستان وهذه العلاقات يمكن لها أن توفر المزيد من الوقود إلى حالة قابلة للاشتعال على نحو متزايد.