14 Jul
14Jul


ترجمة وتحليل: د. مهند العلام

العراق الموحد ذهب إلى غير رجعة، بعد أن كتب الأمريكيون شهادة وفاته، ويبقى عليهم الآن الاعتراف بخطيئتهم الكبرى واستخراج شهادات الميلاد الخاصة بدويلاته الثلاث.

الجريمة الكاملة" التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في العراق وكيف أن الاستراتيجية -  التي أعدها ونفذها سياسيون بعضهم غير متمرس وبعضهم فاسدون أسندت إليهم المهمة فقط لولائهم لصقور بوش من المحافظين الجدد - فشلت في الحفاظ على نسيج الوحدة الهش في هذا البلد وما يتعين عليها عمله الآن ثلاث دويلات عبارة عن دولة كردية في الشمال موالية للغرب، ودولة شيعية موالية لإيران في الجنوب، وثالثة تعمها الفوضى من العرب السنة في الوسط تحدد هويتها فيما بعد ثمن فاحش لخطايا السياسة الأمريكية والتي جعلت هذا البلد ينجرف لنزيف دماء ولا يتوقف ليفتح الطريق أمام حرب أهلية لم يشهد العالم لها مثيلاً من قبل.

وإذا كان ثمن توحيد العراق وجود ديكتاتورية أخرى فإن هذا سيكون ثمناً باهظاً فاحش الغلاء .فالأمريكيين يخوضون الآن في العراق حرباً مفتوحة يمكن أن تستمر مائة عام، وإن سياساتهم التي أعقبت غزوهم واحتلالهم لهذا البلد قد مزقته إرباً، وإنه لم يعد بمقدور الأمريكيين ولا غيرهم إعادة تجميعه، وإن حرباً أهلية مدمرة ستكون عنواناً للسنوات المقبلة، حتى تستقر عملية التقسيم، ويتم الانتهاء من ترسيم حدود هذه الدويلات، وكتابة شهادات ميلاد العراق الجديد.
إن الولايات المتحدة التي غزت واحتلت العراق بهدف معلن هو تحويله لبلد ديموقراطي كنموذج يمكن تعميمه في الشرق الأوسط قد دمرته تماماً ودفعته بسياساتها المجرمة نحو تقسيم لا مفر منه، رغم أنه كان مؤهلاً له، إلى ثلاث دويلات كردية في الشمال موالية للغرب وشيعية في الجنوب موالية لإيران وسنية في الوسط بلا هوية تعمها الفوضى.

"لا شيء سيعيد توحيد العراق، وستنتهي سريعا من ترسيم الحدود الجديدة وتحديد من الذي سيحكم طبيعة العلاقات بين هذه الدويلات".
وأن "معالم الدولة في العراق قد تلاشت في العراق رويداً رويداً منذ الغزو ليس بسبب الإطاحة بالنظام ولكن بتفتيت جميع مؤسسات الدولة وأن التقسيم هو المخرج الوحيد لأمريكا من العراق".

تصحيح الاستراتيجة الحالية في محاولة بناء مؤسسات وطنية أو قومية في بلد دمرنا فيه كل أسس ومقومات الدولة ليس سوى جهد ضائع. ولا يؤدي إلى أي شيء سوى الإبقاء على الولايات المتحدة في حرب بلا نهاية الحرب لمجرد الحرب .

إدارة بوش بجر أمريكا للحرب من أجل الحرب حيث كانت لديها رغبة محمومة لتكرار تجربة أفغانستان، وكان الدور على العراق كهدف قالت هي نفسها إنه سهل غاية السهولة.

منذ سقوط التمثال لصدام يحلو للمسؤولين في إدارة بوش أن يرددوا دائماً عبارتهم الشهيرة: "لكل مشكلة عندنا حل" ولكن ما فعلوه بالعراق يؤكد أنهم يخلقون المشاكل، ولا يجدون لها الحلول، والعراق الآن بلا صدام، الذي كان نظامه البعثي، ومعه نظام حكم بول بوت في كمبوديا، أسوأ الأنظمة الدموية في النصف الثاني من القرن العشرين، فماذا فعلت هذه الإدارة العبقرية؟".
وإنه "منذ أن أسقط المارينز الأمريكيون تمثال صدام حسين بميدان الفردوس ببغداد سارت الأمور مع أمريكا في العراق من سيئ إلى أسوأ، وانهارت طموحاتها المعلنة لإقامة نموذج ديموقراطي يمكن تعميمه في الشرق الأوسط. وتبدو أمريكا الآن وكأنها ستبقى في حرب مفتوحة بالعراق إلى مالا نهاية وسط تصاعد ضغط الطوائف الذين نفذ صبرها بالفعل وباتت الحرب الأهلية هي العنوان الوحيد لعراق ما بعد صدام.

وكان يمكن تفادي ما حدث لو كانت إدارة بوش قد وضعت سياسة حكيمة في تفادي الفوضى التي عمت العراق بسبب ترك الأمريكيين الحبل على الغارب منذ أول أيام الاحتلال لنهب وتدمير المؤسسات في بغداد. ان مسؤولي بوش كانوا سعداء بهذا المشهد وكأنه جزء من الانتصار .وإدارة بوش بارتكابها أخطاء قاتلة في عراق ما بعد صدام وتبني استراتيجيات تؤكد عدم إدراكها لطبيعة العراق كبلد متعدد الطوائف الأعراق وكذلك العوامل التي تحكم العلاقات بين هذه الطوائف وأن هذه الأخطاء تحول دون نجاح عمليات الإعمار أو إقامة أي حكومة مركزية قوية في المستقبل.

إن المأزق الذي وضعت إدارة بوش العراق فيه هو دفعها للأمور في طريق يمكن أن يطالب فيه البعض بإقامة ديكتاتورية لاستعادة الأمن والدولة الموحدة".

ومنذ غزو العراق حدث ما يلي: سقط الآلاف العراقيين بين قتلى وجرحى نتيجة انتشار أعمال العنف الدموي في العراق بعد فشل سياسات الاحتلال الأمنية، كما سقطت أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين ما بين قتلى وجرحى أيضاً بسبب هذه السياسات التي لا توفر أي نوع من الأمن، لا للأمريكيين ولا لشركائهم في التحالف ولا للعراقيين *.

 ودفعت سياسات بوش في العراق إلى ظهور جماعات إرهابية تمكنت منذ اللحظة الأولى من السيطرة على العراق وانتزاع زمام المبادرة من سلطة الاحتلال وكذلك الحكومة المؤقتة - فيما بعد - برئاسة إياد علاوي ومازالت حتى يومنا هذا.

وقد ظهر هذا بوضوح عندما اغتال الإرهابيون رئيس بعثة الأمم المتحدة سيرجي دي ميللو ثم اغتالوا بعد ذلك السياسي الشيعي البارز آية الله باقر الحكيم، ومئات الشخصيات العراقية ناهيك عن مسلسل قطع رؤوس الأجانب.

ان السماح للأمريكيين بأعمال النهب في بداية دخولهم العراق كلف العراق مليارات الدولارات، كما أدى سماحهم بتدمير المؤسسات العراقية إلى خسائر فادحة، وسيتعين على الأمريكيين إذا ما استمروا في البلاد إعادة البناء وتعويض الخسائر من جيب دافع الضرائب الأمريكي وقد أنفق الأمريكيون أكثر من 200 مليار دولار في حربهم على العراق على عكس ما حدث في حرب الخليج الأولى عندما عادت عليهم هذه الحرب ببعض المكاسب المالية نتيجة لمساهمات دول أخرى في تكلفة الحرب.

* ومع تصاعد موجات التمرد والثورة على الاحتلال الأمريكي في الجنوب الشيعي أو المثلث السني، وحاولت واشنطن تشكيل أجهزة أمنية من العراقيين كدرع واق يتلقى الضربات بدلاً من جنودها إلا أن الأمر لم ولن ينجح وما حدث هو انضمام أعداد كبيرة من الشرطة العراقية التي جهزتها أمريكا إلى الجماعات التي تقاوم الاحتلال أو إلى الجماعات التي تمارس الإرهاب

و لم تستطع إدارة بوش الاحتفاظ بحلفائها في حربها على العراق وجاءت الانتخابات الإسبانية وذهب أزنار رئيس الوزراء الحليف وجاء زاباتيرو رئيس الوزراء الناقم على الحرب وسحب قواته والآن هناك خطط لمعظم حكومات القوات المشاركة للانسحاب.إدارة بوش تائهة وإن الصورة الآن تؤكد أن الولايات المتحدة وإدارة بوش على وجه التحديد لا تعرف ما تفعله في العراق، وكذلك لا تعرف ما ستفعله فيما بعد، وتبدو عاجزة لا حيلة لها في مواجهة الأوضاع هناك".
وهناك حكمة قديمة تقول إن تقسيم العراق لن يزيده إلا جراحاً بل وسيؤدي إلى المزيد من عدم استقراره، الأمر الذي يجب تفاديه مهما كلف الأمر، غير أن مراجعة سريعة لتاريخ العراق تؤكد أن العراق كان في الأصل بلداً مقسماً إلى ثلاث ولايات وظل كذلك حتى العهد العثماني قبل أن توحده بريطانيا وتنصب عليه ملكاً في أواخر الحرب العالمية الأولى فالأمر إذن لصالح العراق وليس لعدم استقراره"

إن أمريكا قد كسبت الحرب في التاسع من أبريل عام 2003، ولكنها قد خسرتها في نفس اليوم. حيث غزت الطائفية وهي تتحدث عن عراق موحد قصة غير محبوكة وقد كان من الممكن تفادى ما وصلت إليه الأمور لولا أن القصة من قبل الغزو كانت غير محبوكة".

أن "إدارة بوش فشلت في جمع جميع أطياف الشعب العراقي على أي شيء واحد وأن أزمة وضع الدستور العراقي الجديد كانت خير دليل على ذلك. وأن الإستراتيجية الأمريكية التي ترتكز على إقامة حكومة مركزية قوية لم تحقق أي نجاح حتى الآن إلا على الورق فقط"

إن الولايات المتحدة يجب أن تركز الآن ليس على استعادة العراق الموحد الذي دمره سياسيو بوش غير المتمرسين والحمقى ولا على فبركة وحدة مزيفة وكاذبة لهذا البلد ولكن تركز على منع انتشار الحرب الأهلية المدمرة والمميتة. ويتعين عليها قبول الحقيقة الماثلة الآن للأعين، وهي أن العراق تمزق، وأن تعمل مع الشيعة والعرب السنة والأكراد لتعزيز المناطق شبه المستقلة أصلاً.

 وإذا تم استقلال هذه المناطق فإنه سيكون عليها هي توفير الأمن لسكانها الذين ينتمون لعرق أو طائفة واحدة. ويمضي المؤلف قائلاً : أكراد العراق لا يقلون عن الفلسطينيين أو الليتوانيين أو الكروات من حيث استحقاقهم للاستقلال، وإذا كان من الشيعة الذين يشكلون الأغلبية من يريدون إدارة شؤونهم بأنفسهم أو حتى إقامة دولتهم فعلى أي أساس يمكن أن ننكر عليهم هذا الحق

لا يمكن اعتبار العراق الآن - كما كان الحال عليه في يوغوسلافيا - دولة موحدة تتفق مكوناتها على مصالح عليا وطنية وإنما مقسمة وكل طائفة فيها لها ولاء خارجي مع دولة ما، ولا تجتمع هذه المكونات السكانية، أو هذه الجماعات الطائفية على شيء، كما أنها ليست مستعدة للتعايش معاً تحت علم واحد".
ويتساءل المؤلف : لماذا يغزو جورج بوش أو أي شخص يفهم دروس التاريخ إلى أراضي دولة بهذه التركيبة بهدف إقامة حكومة ديموقراطية موحدة؟!

"بالنسبة للعراق كان الرئيس بوش وكبار مستشاريه يحلمون بما هو غير قابل للتحقيق، وبقيت استراتيجيتهم عند حدود الأمنيات فقط لإرضاء الغرور
إن غزو العراق كان عملية حمقاء تمت لإرضاء غرور صقور المحافظين الجدد وحلم قديم، حيث كانت بداية الكارثة على يد وزير دفاع بوش رامسفيلد في عام 2001 عندما عقد اجتماعاً في مقر وزارته لبحث "الغزو الأمريكي التالي لأفغانستان " وكأن أمريكا قد تفرغت كليةً للحروب الخارجية. وفي الاجتماع فوجئ معظم الحاضرين بأن الأمر كان بالفعل مخططاً له، حيث نهض الجنرال جريج نيوبولد نائب رئيس هيئة الأركان الأمريكية للعمليات ليشرح الـ"أو بلان" أو "الخطة ب1003-98 ".. خطة غزو العراق.

لقد كانت خطة عرجاء لم تحسن تقدير الموقف والعواقب. وحدث في هذا الاجتماع خلاف كبير بين رئيس الأركان الجنرال ريتشارد مايرز ونائبيه نيوبولد من ناحية، ورامسفيلد من ناحية أخرى حول حجم القوات المطلوبة لتنفيذ الخطة، فقد رفض رامسفيلد الانصياع لرأي رئيس أركانه ونائبه بأن الخطة تتطلب 500 ألف جندي لتنفيذها، حيث أصر على أنها لا تحتاج أكثر من 125 ألف جندي، وأن حتى هذا العدد يعتبر كبيراً جداً، وكان رامسفيلد في هذا الاجتماع لديه رغبة محمومة في غزو العراق وهذه الرغبة قديمة. ولن يستمع رامسفيلد لمستشاريه الذين أكدوا له أن غزو العراق بهذا العدد الذي يريده سيكون كارثة على القوات الأمريكية

نفس الخلاف الذي نشب بين رامسفيلد وجنرالاته هو نفسه الذي نشب بينه وبين كبار مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية وفي مقدمتهم وزير الخارجية السابق كولين باول حول سياسة أمريكا في العراق في فترة ما بعد الحرب وخاصة فيما يتعلق بمسألة إعمار العراق وطريقة تصريف الأموال المخصصة لذلك.
و أن إدارة بوش ذهبت للحرب في العراق وهي مدفوعة برغبة محمومة في احتلاله دون أن يكون لديها خطة أو مشروع مستقبلي لعراق ما بعد الحرب.

لقد فشلت أمريكا في بناء عراق موحد وديموقراطي.
, وأن التقسيم مأساة يجب الإقرار بها. كما يجب الإقرار بأنه ليس في الإمكان ما يمكن فعله لإيقافه، وما من أمل يرجى كذلك من استمرار الوجود الأمريكي في حرب مفتوحة بلا نهاية في العراق.

دعمت حكومة الولايات المتحدة قواتها المؤلفة من القتلة والمرتزقة المفسدين والذين يعيدون اليوم الجرائم الأمريكية في فيتنام وغيرها والتي ظهرت على شكل رأس الكتلة الجليديةَ في مذابح اصغر شانا وأكثر دموية من القتل العشوائي والذي ينفذ بواسطة الكتائب المنظمة من قبل القوات المحتلة وفي بعض المناطق المسيطر عليها.

هذا المنطق ظهر واضحا أثناء وبعد معركة الفلوجة الثانية حيث عد أي هجوم عسكري ضد القوات الأمريكية تمردا وهو ما يعطي الحق بقتل المدنيين,سواء في نقاط التفتيش من قبل الجنود القتلة أم من خلال ، استعمال أسلحةِ مثل القنابلِ 2000 رطلِ على أماكن متوقعة من المتمرّدين ,هذه اللامبالاةَ للحياةِ العراقيةِ جعل حتى من الجمهور أمريكي غير حساس وغير قادر على فَهْم فداحةِ الجريمةِ، فالقصف الهائل، وخراب النظام البيئي، والدمار المنظّم للحياةِ في بَعْض المناطق الريفية البعيدةِ ومن ثم تدريب جنود عراقيين ومن سواهم على القتل المنظم والمنهجي في قطع الرؤوس واغتيال الكفاءات والمثقفين ما اعتبروه من الأعداء المحتملين جعلت صعود هذه الحالة أللأخلاقية وهذا العهر الوحشي للحرب السمة الأساس لوجه الحرب في العراق.

على الرغم مِنْ استمرار احتلال العراق والذي يعد بالعمل  الوحشي بكل المقاييس فان هذه الأعمال الوحشية ارتكبت من قبل تلك القوات الأمريكيةِ ،والتي  تُسبّبُت بموتَ مئاتِ الآلاف، وان عشرات آلاف منهم قتلِ بنفسها، والذي أدى إلى إن يُزعزعُ البلادَ بشكل دائم، ومستوي، من حينٍ لآخر، ومن خلال قْتلُ المدنيين بتعمد، يجب إن نَأْخذُ الدرسَ الوحيدَ الذي يَكُونُ بأنّنا يَجِبُ أَنْ لا نَتْركَ هذه الوحشيةَ الأمريكية ألا تُلوّثُنا, وألا تُحطّمُ هياكل العراق الاجتماعية

لقد سادت في بلادنا السادية الأمريكية والتي تقول في أناشيدها الوطنية وفي تدريباتها العسكرية" مثل القتلِ القتل! أقتل! أقتل! يَجْعلُ الدمُّ العشبَ يَنْمو." هذا النظام المتطور والمصمم بشكل مُحدّد للتَغَلُّب على الكرهِ الإنسانيِ الطبيعيِ لقَتْل الإنسانِ الآخر وليس لحِماية مصالحِ السكان المدنيين أو تحقيق العدالة والتنمية وإنما لإرساء السلام الأمريكي والحرية والديمقراطية بنسختها الغربية الانكلو-سكسونية.

 إن هذا التمييز العنصري والتخمير الغريب للقوميةِ, إشارة على نزعةِ القوات الأمريكيةِ لاستعمال النارِ الهائلةِ في المناطقِ المدنيةِ،جعل من حياة للعراقيين العاديينِ إن تُصبحَ أكثر صعوبةً وفزع ويأس في كُلّ يوم. وأكثر من 30000 عراقي قتلوا في شهر واحد في سنة 2005 نتيجة لأعمال وتدريب القوات الأمريكية في البلاد وأكثر من   100,000 شخص هَربوا من بيوتِهم في بغداد …” والآلاف من المعتقلين في السجون الأمريكية وما صاحبها من حالات التعذيب والمعالجة اللاإنسانية والتي كانت "واسعة الانتشار" في معسكراتِ ألاعتقال

كل تلك النتائج جاءت على قواعد ضعيفة وأسباب تافهة ولكن بمنطق القوة والربح والهزيمة كانت لها أسبابها:

1. فالجيش الأمريكي لَيْسَ لهُ حقُّ بان يَكُونُ في العراق.فكانت جريمة حربَ العراق خطأ مطلقاً، ولذا فان هذا الخطأ لا يُمْكن أنْ يُستَمرَّ.

2. الولايات المتّحدة لم تَجْلبُ الديمقراطيةَ إلى العراق. الديمقراطية المنتشرة ما كان لها إن تكون لها علاقة بهذه الحربِ ولكن جاءت لسبب بسيط هو إذا سيطرَ ناسُ عاديون على مواردِ الطاقة في المنطقةَ، وهم قَدْ يُوْضَعونَ نحو التنمية الاقتصادية المحليّةِ والحاجاتِ الاجتماعية، بدلاً مِنْ أشخاص معروفين بانتمائهم للنزعة الغربية سَيُثيرُ الشكوك حول مصالح وأرباح شركاتِ النفط الغربيةِ."

3. الولايات المتّحدة لا تَجْعلُ العالمَ مكان أكثر أماناً باحتلال العراق. في الحقيقة، جَعلتْ هذه الحربِ السلامةَ العالميةَ أقل بكثيرَ.

4. الولايات المتّحدة لا تَمْنعُ حرب أهليةَ في العراق.بل ستغذيها وتساعد على انتشارها وهذه نفس الأسطورةِ التي استند عليها الانتشار البريطانيِ في 1920،

5. الولايات المتّحدة لا تُواجهُ إرهابَ بالبَقاء في العراق. فالقاعدةُ وَصلتْ إلى العراق بعد الإحلال.

6. الولايات المتّحدة لا تُعيدُ بناء العراق. Halliburton وK B R Bechtel ، لا يُصلّحُان سوى في ترسيخ الحالة الإمبريالية العقلية والعنصرية.

7. الولايات المتّحدة لا تُنجزُ التزامها إلى الشعب العراقي بسبب الأذى والذي تَعاني منه.


كذلك بدأت كتابات تظهر بشكل مطرد وباتت تشكل الرأي السائد اليوم في الفشل الثقافي الفكري بانهزام مروجوا ثقافة التزاوج بين الثقافات وربما كانت أبو غريب وحديثة وقبلهما وبعدهما مفتاح لذلك الانهزام الفكري.

هل يمكن أن تكون حديثة هي باب القبر الجماعي فقط ؟ الجثث التي شاهدناها، والأطفال الموتى؛ هل يمكن أن تكون هذه بضعة فقط من الكثير؟ هل إن ما فعله جيش أمريكا في الأحياء الفقيرة يذهب أبعد من ذلك ؟ أتذكّر بشكل واضح الشكوك الأولى التي تولدت لدي في فترة اعتقالي بان ذلك القتل الفظيع قد يحدث باسم الولايات المتحدة في العراق.

كلّ جيوش الاحتلال فاسدة. وجميعهم عدو ومجرمي حرب؟ الجزائريون ما زالوا يكتشفون القبور الجماعية التي خلفها المظليون الفرنسيون الذين محوا قرى بأكملها ،وكذلك المغتصبين القتلة من الجيش الروسي في الشّيشان.

وكذلك الأحد الدامي. عندما جلس الإسرائيليون يراقبون ميليشياتهم اللبنانية العميلة التي ذبحت نحو 1,700 فلسطيني. وأيضا عن ماي لاي ومن قبلهم النازيون الذين كانوا أسوأ بكثير. واليابانيون. والستاشي الكرواتيين. وأخيرا وليس آخرا جاء هؤلاء الجنود الصغار الذين يمثلون جيش الولايات المتحدة الأمريكية في العراق والذين تلطخت أيديهم بدم الأبرياء .

اعتقد إن جزء من المشكلة هو عدم اكتراثنا بالعراقيين الذين سقطوا من مختلف المذاهب مطلقا،قبل اندلاع المقاومة . وعندما هاجم العراقيون جيش الاحتلال بقنابلهم على الطريق وبالسيارات الانتحارية، أصبحوا بوجهة النظر الأمريكية أننا الأشرار, أنصاف البشر وكما عرفوهم الأمريكان في فيتنام.

ولكن تناسى الأمريكان إن هؤلاء كما كانوا في المقاومة يمكن إن يكونوا مسلمين وباستطاعتهم جميعا أن يصبحوا محمد عطا أخر.

أعتقد إن هذا النوع من الأفعال أصبح سلوكا. فالرعب في أبو غريب نحي جانبا. فهي كانت إساءة، لا تعذيب. وبعد ذلك تأتي بعض الأحداث الصغيرة, ضابط صغير في الولايات المتحدة اتهم بقتل جنرال في الجيش العراقي بحشوه في كيس نوم بالمقلوب وجلس على صدره. وثانية، نحصل على بعض العناوين البارزة. من يهتمّ إذا ملأ التراب فم عراقي آخر؟( الم يحاولون قتل أولادنا الذين يحاربون الإرهاب هناك).

وصف جنود أمريكيون خدموا في العراق ما أسموه ثقافة العنف، والتحيز والاحتقار للثقافة العراقية التي يحملها الجنود معهم، مما جعل قتل العراقيين الأبرياء أمرا عاديا ومعروفا في وحدات الجيش الأمريكي. وجاء الحديث في معرض التحقيقات التي فتحت في مجزرة حديثة في تشرين الثاني 2005 والتي قتل فيها 24 من العراقيين الأبرياء.

حتى ألان أعلن عن ثلاثة تحقيقات في حوادث مختلفة، الأول تحقيق في مقتل 11 عراقيا في بلدة الاسحاقي ومن بين القتلى 5 أطفال، أما الثاني فهو قيام جنود المارينز بقتل مدني عراقي قرب العاصمة بغداد، ويعتقد أن المدني قد جر من بيته وأطلق الرصاص عليه، واخفي المارينز جريمتهم بوضع فأس إلى جانبه لكي يظهر وكأنه احد رجال المقاومة، أما التحقيق الثالث فهو في مجزرة حديثة.
وقالت صحيفة اوبزيرفر البريطانية أن جنودا حاربوا في العراق تحدثوا عن ثقافة لا تهتم بالحفاظ علي حياة المدنيين.حيث قال جندي خدم مدة قصيرة في العراق لا اشك قط بحدوث مثل هذه الممارسات في العراق . بسبب صعوبة خوض حرب عصابات ومدن ضد مسلحين. كما تحدث الجندي عن مظاهر من الاحتقار والتحيز ضد العراقيين، حيث يشير الأمريكيون لأي عراقي بكلمة حاجي ، وهي نفس الطريقة التي أشار فيها الأمريكيون للفيتناميين بكلمة تشارلي

.ووصف الجندي كيف فتح جنود كانوا قرب مسجد في سامراء النار علي سيارة رفضت التوقف، وتبين فيما بعد أن القتلى سبعة مدنيين، ولم يعثر الجنود علي أسلحة أو متفجرات. وقالت الصحيفة أن بعض الجنود حاولوا الدفاع عن ممارسات الجنود، حيث قالوا أنهم يعملون في ظروف صعبة وهذه هي المرة الثالثة التي يرسلون فيها للعراق. ولكن الصحيفة تقول أن أساس المشكلة هو رفض الجنود أو حتى استعدادهم للتمييز بين المدني والمقاتل والتي بدأت منذ أن دخلت القوات الأمريكية الي العراق عبر الكويت.

وفــــي كل العمليات التــــي قام بها العسكريون الأمريكيون من عمــــليات القتل قرب الناصرية إلى إطلاق النار واغتيال المدنيــين في العملية المعروفة العاصفة لم يتم الالتفات إلى المدنيين.

هذه الثقافة ظهرت بشكل واضح عندما أطلقت الوحدة المدرعة 82 النار علي طلاب مدرسة في مدينة الفلوجة في الأيام الاولي للغزو مع أن المدينة لم تقاوم دخول القوات إليها بعد انهيار النظام العراقي ,وقال الجنود انه مع تصاعد المقاومة وتزايد أعداد القتلى من الجيش الأمريكي بدأ الجنود يتصرفون وكأنهم لا يتعرضون لرقابة أو محاسبة.

ويقول جندي أخر كان يعمل في الموصل أن سيارته تعرضت لقنبلة مصنعة محليا وانه خرج منها وكل ما في ذهنه هو البحث عن عراقيين وقتلهم. وكشفت الصحيفة أنها حصلت علي معلومات وتفاصيل عن قتل مدنيين في غير حديثة، مثل بلدة القائم عند الحدود السورية، حيث قامت قوات المارينز بقصف حفل زفاف، وقال قائد وحدة المارينز الاولي أن الاقتراحات بقيام جنوده بقصف حفل زفاف لا قيمة لها مؤكدا أن جنوده قصفوا موقعا للمقاتلين العرب أو الأجانب.

ولكن مجزرة حديثة فتحت الباب أمام روايات عن تصرفات الجنود والتعامل معها بنوع من المصداقية أو إمكانية التحقق منها.

 وترى تعليقات صحافية بريطانية وأمريكية أن صدمة مجزرة حديثة ستؤثر تأثيرا كبيرا علي مواقف الأمريكيين من الحرب وكما حدث في فضيحة أبو غريب حيث أثرت علي مواقف الأمريكيين من الأحداث في العراق. ولكن التحقيقات في حديثة ربما ستترك أثرا اكبر من أبو غريب، لان الأخيرة لم يحدث فيها قتل وعن سبق إصرار كما حدث في حديثة. .

ويقول مقاتل سابق، يقوم ألان بمحاضرات ويشارك في اجتماعات جماعات ضد الحرب أن هناك أشكالا من التصرفات للجنود الأمريكيين وما لم يتم الاعتراف بها فالمشكلة ستبقى.

ويقول الجندي انه شاهد حراس سجن أمريكيين في أبو غريب وهم يفاخرون بأعمالهم ضد السجناء العزل. ويشير إلى ثقافة أخرى استشرت في الجيش وهي محاولات التغطية علي الجرائم قائلا انه لولا قيام عراقيين أو جنود أنفسهم بالتقاط صور المجازر لما علم بها المسئولون العسكريون.

وقالت صحيفة صاندي تايمز أن مجزرة حديثة قد تؤدي الي نقطة تحول في الطريقة التي يتعامل فيها الأمريكيون مع الحرب.

وقالت أن المحاربين في فيتنام لا زالوا يتذكرون عبارات قتلة الأطفال ومذبحة ماي لاي . وقالت ان المقارنة بين المجزرتين لا تستقيم ولكن الجنود ألان أكثر تدريبا وأكثر استعدادا. ولكن مجزرة حديثة تؤكد كما قال احد المسئولين ان قوات المارينز تعاني من انهيار المعنويات والقيادة .

من قدر المرء إن يرى بحسب ما تتحمل طاقته ولا يتكلف إلا بما يطيق . وليس من صفحات التاريخ للذين صنعوه من اختيار إلا بالذي قد قدموه لامتهم ولأنفسهم وليس بما كتب القدر بحسب ما كتب ذلك المؤرخون.

فالناس في ذلك منازل فيما لقوه فمنهم من لم يكن بيده حيلة إلا بما جادت به عينه وقرا التاريخ الذي قد كتب أو سمع من أسلافه بما قد حدث ,ومنهم من كان أشجع من أولئك واستطاع إن يكتب وان يخوض بحار علم تدوين ما يرى وما يسمع . وأما أولئك الذين صنعوا تاريخهم فلم يكن منهم إلا بما قدموه لأنفسهم إلا الخروج من ضيق الحاضر إلى سعة التاريخ ومن فرش البيوت إلى كفن اللحود.

من هنا أود الدخول إلى إن مصارع الناس في بلادي مستوفية لسنن الأمم ولحركات تاريخ الشعوب فحين لم يرضى الناس بالحرب أول الأمر واعتقدوا إن جاء مخلصهم ومحررهم وهاديهم واعتقد البعض من إن سيئات أعدائهم هي خير من حسنات جلادهم جاءتهم حسنات ذلك العدو بان جعلت الدماء انهار والتشريد سبلا والموت راحة . ذلك لأنهم لم يعتقدوا إن الحروب في صورها قذرة خبيثة لا تعرف من قائدها ولا سجانها ولا جنودها أو أعدائها ا لا بقدر ما تعرف وقودها وسعرها وطولها.

ولا اقصد في ذلك إن الناس تتحمل فيما يجري مسؤولية أخطائهم أو أخطاء قادتهم أو سوء تقدير من كانوا عند حسن ظنهم أو شراسة أعدائهم أو مكر خصومهم ونجاح مآربهم وإنما يعود ذلك إلامر كله إلى قبولهم بالضعف ورضاهم بالمهانة والتمتع بما يقذفهم به أعدائهم من فتات موائدهم والسعي إلى الرضا من الأعداء والخصوم والاستبسال أمام الشريد والعاجز والقبول بالقيود التي كبلهم بها من كانوا يوما اضعف منهم ودونهم في الأمر والمشورة.

إن ممن ميزة الأعداء اليوم إن يكونوا قد سبقوك في مواطن كثيرة فيما يبتغون من بلادك وأحلامك ومن ذلك انهم قد سلبوك حقك في الحياة والعيش والتمتع بالخيرات والثروات ومنها النفط.والنفط في العراق هذه قصته:

يمتلك العراق الاحتياطيات النفطية المثبتة الأكبر الثّانية في العالم. طبقا لخبراء صناعة النفط، والاستكشافات الجديدة سترفع احتياطيات العراق من المحتمل إلى أكثر من 200 بليون برميل من النفط الخامّ العالي الدرجة ، والرخيص جدا في كلفة الإنتاج. والشركات العملاقة الأربع واقعة في الولايات المتّحدة والمملكة المتحدة كانتا جادة للعودة إلى العراق، بعد أن استثنوا بتأميم النفط 1972.

ومنذ الاحتلال للعراق في 2003، تغيّر كلّ شيء. فأصبحت واشنطون تدير المعروض من النفط وكانت للشركات الصديقة إن تجني الكسب الأغلى لصفقات النفط والذي أتاح لها الدستور العراقي الجديد 2005 ذلك، والذي تأثّر بنصائح المستشارين الأمريكيين كثيرا، بان حوى على لغة التي تضمن على دور رئيسي للشركات الأجنبية الأمريكية والصديقة. ويتمنّى فيها المفاوضون قريبا أن يكملوا الصفقات التي تشرف على الإنتاج الذي يغطي  في هذه الاتفاقيات احتكار وحيازة وامتلاك والسيطرة من قبل هذه الشركات على العشرات الحقول، ويشمل ذلك حقل مجنون العملاق والأسطوري، وان هذه العقود يمكن أن توقّع بعد تشكيل الحكومة الجديدة.

وهذا ما سيؤدي إلى تقليص سيطرة الحكومة المركزية على النفط والذي كان مسيطرا عليه من قبل شركة النفط الوطنية وبالتالي فان مستقبل العراق السياسي سيكون رهينة بالنفط والذي يعتبر المحرك الأساس والمركزي للمشهد السياسي.

 الوثائق المبرزة والتي تبرز التصاميم المفصلة لسرقة ثروة العراق النفطية, تؤكّد على إن الشركات الأمريكية والبريطانية الكبيرة عندها اهتمام هائل في حقول نفط العراق العملاقة الغير مستغلّة. وتؤكد  بشكل واضح على إن هذه الشركات تميل للسيطرة على تلك الحقول الآن، وتحت ظل الاحتلال، وعند تحليل مصادر القوّة والتأثير لشركات النفط الأمريكية والبريطانية في البلاد لابد لنا إن نفهم ونناقش مدة قرن كامل من الاهتمام بالنفط العراقي والإمكانية المتاحة التي تبيح تلك السيطرة على احتياطيات العراق النفطية الضخمة والتي قادت إلى سبعة حروب في القرن الماضي، بضمن ذلك نزاع 2003.

 وعندما نحلّل تأثير نفط العراق على سياسة عقوبات الأمم المتّحدة. وراء الحرب والاحتلال على العراق، نرى إن هنالك دافع أمريكي ل"الدخول المجاني" إلى النفط العراقي وإباحة ذلك في السيطرة للشركات الأمريكية والبريطانية على ثروات العراق الواسعة في مصادر الغاز والنفط.

إن شركات النفط الدولية تبغي الربح من السيطرة على تجهيز النفط العراقي العالي النوعية والوفير واحتياطيات الغاز المربحة. وهذا ما يعط الدافع إلى سيطرة الولايات المتّحدة على العراق ويدعم إدّعاءات شركات النفط الأمريكية والبريطانية على نفط العراق ويجعله قلب الأزمة .

وإذا حسبنا مدى التخمينات القصيرة الأجل والمحتملة فان أرباح شركات النفط الخاصّة في العراق. باستعمال التخمينات المختلفة لأربعة متغيّرات رئيسية، بضمن ذلك السعر والشركة والحكومة والبيع للنفط فقد  تتراوح تخمينات الربح الكلي تقريبا من 600$ بليون إلى 9$ تريليون. و بأرباح سنوية من الإنتاج العراق 95$ بليون بالسّنة ل50 سنة, ويتمثل ذلك بما يساوي نسبة ثلاث مرات لأعظم من أرباح سنة 2002 من الشركات الدولية الأكبر الخمس في العالم.

من أفدح الأخطاء إن تنتظر إلى أين تقود الأمور وان تنظر إلى ما تصير وأنت تلعب لعبتك السياسية لعبة الدم والقتل والفواجع . وعلى طول المسائر التاريخية للشعوب العراقية والعربية الحديثة والمعاصرة نجد أنها لا تستطيع من بلوغ مأربها وتطلعاتها إلا من خلال تميزها الوطني والقومي الذي يعتبر سمتها الفكرية الصحيحة لتلك التطلعات والآمال وبغض النظر عن نتائج تلك الإعمال في نجاحها أو فشلها . وليس إن تعقد أمالك على فشل وانحدار سياسة الآخرين من الأعداء الغازين أم الخصوم المجاورين أم من المحيطين الطامعين.

  فحين تريد إن تبني بلادا راسخة وعلى أصول قوية وثابتة ومستمرة غير منقطعة بأهلها ولديها ديمومة التواصل والعيش والنمو الصاعد على وتائر عديدة نجد إن من الأساس إن تتميز تلك الحضارة القائمة على سمات فريدة من تلك التي سبقتها سواء كانت سمات فكرية أو اقتصادية أو ايديلوجية أو حتى مجددة دينية .

ارتبط مصير العراق بالتطورات النفطية العالمية حيث كان النفط محط أنظار الأمريكيين في وقت كانت الولايات المتحدة الأمريكية أعظم مجهز للنفط في العالم  وكان امن الولايات المتحدة الأمريكية القومي  يعتمد على ضمان الولايات المتحدة الأمريكية لموارد النفط الرئيسية  كل هذا ولد شعورا لدى الأمريكان حول ضرورة ضمان موارد النفط بأي وسيلة كانت بما في ذلك العمل في المساهمة في احتكارات إقليمية في العراق.

وكانت الحكومة الأمريكية تؤيد في ذلك تأييدا عمليا وشجعت على احتكار مرافق النفط في العراق وتحديد إنتاجه واقتسام أسواقه واليوم بالاستحواذ عليه وجعله جزاء من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الأمريكي في العالم وكان هذا أهم أسباب التدخل الأمريكي في العراق.

 فالسياسة التجارية الأمريكية قامت على أن كل البلدان يجب أن تكون فيها التجارة حرة ومفتوحة والفرص التجارية والاقتصادية يجب أن تكون متساوية في تنمية الثروات فيها. ولقد دعت هذه السياسة في أن تتحد الأفكار الانكلو-أمريكية في الوصول إلى مشاركة المصالح الأمريكية إلى مركز كبير في حقول النفط في العراق.وجعل الفرص متساوية في امتلاك ثروات هذا البلد . لذلك جعلت الولايات المتحدة الأمريكية لنفسها مكانا له الحق في إن تشارك في أية محادثات تتعلق بألاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي كل مجالات بناء الدولة الجديدة التي تريد أقامتها فيه .

ومنذ وقت مبكر كانت للعراق مكانة متميزة على الصعيد الإقليمي والدولي وتأثيره البارز في السياسة العالمية وهذا يعكس بوضوح الاهتمام الأمريكي بهذا البلد ودوره الكبير في التأثير على المصالح الأمريكية في المنطقة ومن هنا نفهم حجم الاحتلال الذي يتعرض لها بلدنا اليوم من استعبادا وسلبا لمكانته العالية ونهوضه الشامخ وإرادته العظيمة .

إن دخول ونمو النموذج الأمريكي في العراق في استكمال أبعاد تلك العلاقة فقد دخل العراق بفضل ذلك إلى مرحلة الاحتكار الاقتصادي والسياسي و الصناعي وبخاصة النفطي إلى جانب التركيز الرأسمالي منذ وقت مبكر من دخولهم العراق مما صاحب ذلك نمو واستقطاب اجتماعي خطير تمثل في تحول المجتمع العراقي في هذه الفترة إلى ما يشبه المجتمعات الرأسمالية الاحتكارية حيث استحوذت الأقلية العددية من سكان العراق لوحدهم على معظم المناقصات التجارية للبلاد . وهذا ما انعكس على واقع الأحداث السياسية في العراق ، فهذه الحركة الجديدة في المجتمع العراقي عجزت بدورها بتأسيس واقع جديد فيه نوع من الرفاهية الاجتماعية بل فشلت في ذلك وهيأت الأذهان أكبر في تقبل الحركات الثورية والدينية والقومية وحتى العنصرية والطائفية مما كشف بصورة واضحة حقيقية الأزمة السياسية التي يعيشها العراق .

منذ اكتشاف النفط في الشرق الأوسط في 1908، أرادت قوى غربية الهيمنة على مصادر النفط في المنطقة تأثيرا غربيا في صناعة نفط العراق، ومنذ تأسيس شركة النفط التركية في 1911 من خلال المملكة المتحدة، هولندا وألمانيا ثم في دخول عمالقة النفط الأمريكيين بعد الحرب العالمية الأولى إلى هذا (المنتدى السياسي العالمي), حيث دمجت السلطات الدولية الرئيسية من قوة عسكرية وضغط خاصّ وحكومي للسيطرة على نفط العراق.

إن تأريخ نفط العراق والمنافسات الدولية للسيطرة عليه. يتيح لنا بشكل خاصّ المعلومات الكافية على نوع السيطرة على نفط العراق في عصر الحرب العالمية الأولى وما تلاها ، ويوضح بامتياز دور الشركات الدولية في تشكيل دولة بحدود العراق الحالية والشرق الأوسط، والنزاعات التي تلتها والانقلابات وما أدى ذلك إلى تغيرات كثيرة كان من أهمها تأميم نفط العراق في 1972.

في كانون الثّاني 2005، جرت ألانتخابات لتعيين حكومة عراقية جديدة، وفي الوقت عينه وافق صندوق النقد الدولي (آي إم إف) على إلغاء 30 % من دين العراق كبديل للالتزام العراقي بشروط صندوق النقد الدولي والتي منها  تكيّف سياسات اقتصادية. ومنها تشريع قانون نفط عند نهاية 2006 ويسمح لصندوق النقد الدولي المساعدة على صياغة القانون. وبالإشراف أو المناقشة العامّة، وبدأت وزارة نفط العراق بالتفاوض بشركات النفط الدوليّة، وقد يوقّع قانون لإنتاج طويل المدى قريبا يشترك في الاتفاقيات كجزء من نظام نقدي دولي يكون الإنتاج فيه من قبل تخويل مباشر من قبل الصندوق.

 وتشير الدراسات بأنّ العراق يمكن أن يخسر لصالح الولايات المتّحدة $ 200 بليون من الدخل نتيجة تلك الصفقات، و لحماية ذلك قد تدفع الولايات المتّحدة إلى إبقاء القواعد العسكرية في العراق من خلال إبقاء تواجد عسكري طويل المدى في العراق. لتسويّة المخاوف الأمنية النفطية، وعلى حد قول  Abizaid بان نفط عراق يبرر إقامة قواعد دائمة وأنّ “ ازدهار [الولايات المتّحدة] وكلّ شخص آخر في العالم يعتمد ” على “ تدفق مجّاني من السلع والمصادر ” من العراق. (رويتر) من خطاب سلّم في مؤتمر السلام العالمي (كانون الثّاني 11, 2006).

في مقابلة مع نيوزويك، يناقش نعوم تشومسكي العلاقة بين النفط العراقي والاحتلال الأمريكي. بان الولايات المتّحدة ما كانت ل"تحرّر" العراق، إذا كانت منتجات العراق الرئيسية مخللات وخسّ بدلا من النفط. ، وإنما أرادت الولايات المتّحدة السيطرة على النفط والاستحواذ على مكاسب العراقيين.

والقلة من العراقيين يعتقدون بأنه قد يكون النفط المفتاح إلى الوحدة العراقية. فقد ألزمت المادة 109 من الدستور العراقي بأنّ النفط يعود إلى “ كلّ الشعب العراقي في كلّ المناطق والمحافظات.

على الرغم من النقاش الصاخب على مسوّدة دستور العراق، إلا انه تجنب بشكل عام إلى مصادر نفط العراق. ورغم إنّ الحكومة المؤقتة تمضي مع خطة تكون فيها شركة نفط العراق المملوكة للدولة الوطنية (آي إن أو سي) والتي لها الحق في إن تطوّر حقول النفط فقط التي في الإنتاج. وان تطوير كلّ حقول النفط الأخرى، فان الدستور يحدّد، يجب أن يتبع "التقنيات العصرية" و“ مبادئ سوق,” بالنسبة للإنتاج وان يتشارك باتفاقيات مع الشركات الرئيسية مثلPB ، و Exxon Mobil. في مستويات الاحتياطي المخمّنة، وذلك يترك 64 % من نفط العراق المفتوح إلى الشركات الأجنبية، وهذا ما يترك ظلالا على السيادة وقابلية نمو العراق الاقتصادي.

أدى التنسيق السيّئ بين المسؤولين الحكوميين الأمريكيين والعراقيين وKBR,وشركة Halliburton التابعة لها والتي أعطيت  لها عقود إعادة الأعمار ومنها النفط بعد الحرب، إلى فشل حالات إعادة بناء النفط العديدة. وكلّفت هذه الأخطاء والقيادة السيّئة مئات العراق من ملايين الدولارات في إنتاج النفط المفقود، بينما يهدّد مستقبل بعض حقول النفط من خلال سوء الإنتاج.

وعلى الرغم من جهود أمريكية لحماية بناء نفط العراق لكي تكون في الآمال بأنّ إلايرادات النفطية تدفع ثمن الحرب والاحتلال، جاءت المقاومة العراقية في تخريب خطوط الأنابيب والمصافي. بالإضافة إلى فساد دائم في وزارة النفط والتوتّرات الطائفية على التخصيص المستقبلي للإيرادات النفطية والذي يهدّد معدل إنتاج نفط العراق الطويل المدى.وهذا ما أعطى للاحتلال مبررا جديد للوجود الأمريكي في العراق لأجل  "حماية حقول نفط واسعة في[العراق]."

وأمام هذه الفوضى يطالب الأكراد العراقيون رأيا على حقول النفط الشمالية طبقا لوزير التخطيط العراقي الكردي، وبان يجب على  الحكومات إلاقليمية أن تستخدم سيطرة أكثر على حقول نفط مناطقهم. وان ألأكراد يعملون من أجل تثبيت ذلك من قبل لجنة الصياغة الدستورية العراقية لهذا التفويض، الذي يسمح للمحافظات لتعامل مباشرة بشركات النفط الأجنبية، ويعطي قوّة أكثر إلى الزعماء الإقليميين الأكراد والشيعة.

لذلك قام الحزب الديمقراطي الكردستاني على توقيع اتفاقية مع شركة النفط النرويجية دي إن أو على الاستكشاف وحفر آبار للنفط جديدة في المنطقة نصف المستقلة ذاتيا الكردية في العراق. وهذه الاتفاقية، هي الأولى من نوعها منذ الاحتلال بقيادة الولايات المتحدة في 2003، و بدون تدخّل حكومة العراق المركزية. وبذلك زيدت توتّرات العراق الطائفية ،وأبرزت هذه الصفقة الخلافات المحتملة بين الحكومات الإقليمية والمركزية على سيطرة النفط وسياسة الطاقة.

والأخطر من ذلك قامت شركة نفط تراث , وهي شركة كندية، بالدخول في مفاوضات مع حكومة كردستان من اجل القيام باستكشافات ميدانية قرب حقل نفط Taq Taq في شمال العراق. وهذا الترتيب الحالي، قد يؤدّي إلى اتفاقية خاصة  بإنتاج النفط ،وبذلك تصبح تراث شركة النفط الخاصّة الأولى لإنتاج النفط في العراق منذ السبعينات. ويعتبر المدير التنفيذي لشركة نفط تراث Micael Gulbenkian، حفيد أخ Calouste Gulbenkian، مؤسس الشركة الذي سيطر على صناعة نفط العراق لأكثر من نصف القرن الماضي.

ونتيجة لهذه التطورات قد يتحول العراق إلى“ ساحة حرب رئيسية ” ضدّ توسّع شركات النفط الغربية. مع إمكانية دستور يسمح لخصخصة النفط، العراقي ويضيع حماية مصادر البلاد الثمينة.

وعلى الرغم من حالة الأمن المتدهورة في العراق، فان إدارة بوش لم تعد النظر في هدف سياستها الأساسي البعيد المدى في الشرق الأوسط خاصة بعد انسحاب مخططي وداعمي قرار أمريكيا دخول الحرب  ، ومن ذلك Wolfowitz، نائب وزير الدفاع، و Faith، وكيل الوزارة للسياسة.

بوش وتشيني لربما وضعا السياسة، لكنّ رامسفيلد هو الذي وجّه تطبيقه وأمتص معظم النقد العامّ عندما فشلت الأفكار والأعمال ودعوا المشرّعون الديمقراطيون والجمهوريون إلى طرد رامسفيلد، فهو غير محترم على نحو واسع داخل الجيش..

وربما تكون الولايات المتحدة قد تعلمت الدرس حول عملها السياسي المستقبلي في المنطقة وربما سيكون الهدف الإستراتيجي القادم سيكون إيران. “

الإدارة المدنية في وزارة الدفاع الأمريكية تبحث عن تهديد جدي موثوق ومن خلال عمل عسكري خاصة إن الحكومة الإسرائيلية تدفع إلى ذلك إلا إن هناك العديد من الخبراء العسكريين والدبلوماسيين الذين يعارضون الفكرة لذلك العمل العسكري، وان خيار العمل العسكري إسرائيلي أو أمريكي جيد في إيران. ” أذا استمر, ومن “ وجهة النظر الإسرائيلية بأنّ هذه مشكلة دولية.

إلا إن هذه الإدارة تجري مهمات الاستطلاع السرية داخل إيران على الأقل منذ الصيف الماضي. ومعظم الاستخبارات تستهدف المعلومات على النشاطات النووية الإيرانية، والمواد الكيماوية، ومواقع صواريخ، وان مثل هذه الأهداف التي يمكن أن تحطّم بالضربات الدقيقة وهجمات الصاعقة القصيرة الأمد. وهذا بالتأكيد ما يريده “ المدنيون في وزارة الدفاع الأمريكية من دخولهم إيران وان يحطّموا أكبر قدر من البناء التحتي العسكري.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.