14 Jul
14Jul



ترجمة واعداد : د.مهند العلام

إنّ الحلقة المفقودةَ للمقاومةُ المُسلَّحةُ السنيّةُ المحليةُ للإحتلالِ الأمريكيِ، والذي يَتمتّعُ بالدعمِ القويِ من قبل السنة والزعماءِ العشائريينِ في الجزء الاوسط من العراق ان بعض زعماء العشائر كَانَ في حالة حرب مَع المجاهدين الأجانبِ التابعين للقاعدةِ لعدّة شهور خلت. وطبقاً لتقرير مِن قِبل مُحلّلي الأمنِ البارزينِ فان المقاتلين ألاجانبَ يُمثّلونُ فقط 4 إلى 10 بالمائة من حوالي 30,000 متمرّدَ مُسلَّح في العراق.

وتجبرُ إختفاءُ المقاومةِ السنيّةِ مِنْ تغطيةِ الصُحُفِ العالمية على ان تَعْكسُ وجهةَ النظر التي قدّمتْ من قبل الجيشِ الأمريكيِ للشهور الستّة الماضية، والذي أهملَ بشكل منظّم  الى الدرجة التي ما أصبحت، في الواقع , قوة ثالثة في الحربِ في العراق وهي المقاومة السنيّة إلى كلا من الإحتلال والقاعدة.

تلك القوةِ الثالثةِ التي ظَهرتْ السَنَة الماضية من خارج مجموعات المناوئة للاحتلالِ في الوسطِ السنيِ وظهرت بشكل بارز ابان الإستفتاء العامِ الدستوريِ وإنتخابِات كانون الأولِ البرلمانيِ. فقد هدّدتْ القاعدة في العراق على ان أي واحد في محافظةِ الانبار سيشارك في الإستفتاء العامِ سيكون مصيره الموتِ، لكن المجموعات المُسَلَّحةَ السنيّةَ الرئيسيةَ كسرت تهديدات القاعدةِ ودَعمتْ إشتراكاً كاملاً مِن قِبل السُنّةِ للهَزيمة في الإستفتاء العامِ.

ثمّ بَدأتْ المقاومة السنيّة تتُجمّعُ لمُهَاجَمَة قواتِ القاعدةِ في رمادي، وحصيبة ، وبلدات أخرى في الانبار. وفي وقت مبكر من عام ً 2006، أَسرتْ هذه المجموعات المُسَلَّحةِ 270 متسلّلاِ أجانبِيا، وطبقاً لصحيفة الحياةِ التي مقرّها لندنِ. أَكّدَ ناطق بلسانُ القيادة العسكريةِ الأمريكيِ اللواءَ ريك لنتش علناً في كانون الثّاني بان المتمرّدين قَتلَوا  ستّة "زعماء رئيسيون" من القاعدةِ في رمادي.

ومِنْ أواخر شهر تشرين الثاني 2005 إلى شباطِ 2006، جَعلَ ناطق بلسانَ القيادةِ ألامريكيِة النزاع الأساسي بين المتمرّدين والقاعدةِ السنيّةِ كموضوع رئيسي مِنْ مجموع توصياته. فقد أخبرَ المراسلون، بان "المتمرّدين المحليّين أَصْبَحوا جزءَ الحَلِّ."

لكن الحَلَّ السنيَ يتَضمّنَ عدة مطالبَ منها مطالبة القوات الأمريكيةَ بوضع تاريخ لجدولة الإنسحابِ مُقابل إنهائهم التمرّدِ وبتعاونُ مع الحكومةِ العراقيةِ ضدّ القاعدةِ. وفي الفترةِ المؤقتةِ قبل إلانسحاب نهائي، أرادَ السُنّةَ إنسحابَ القوات الأمريكيةِ مِنْ الانبار، سويّة مع وحداتِ الجيشِ الشيعيّةِ التي ارسلت بشكل كبير للسَيْطَرَة على مدنهم.

وفي إجتماع في قاعدة أمريكية في رمادي في كانون الأولِ 2005، ونشرته الصّنداي تايمزِ في لندن في شباط الماضي ,بين جنرال عراقي سابق، هو صعب الراوي، والذي يُمثّلُ المتمرّدين السنّةَ العراقيينَ في المحافظةِ، والجنرالَ جورج كايسي، القائد الأمريكي الكبير في العراق، حيث دعا الاول لإنسحابِ القوات الأمريكيةِ مِنْ الرمادي واستبدالهم مِن قِبل لواء من الجنود السابقينِ في المنطقةِ.

لكن كايسي رَفضَ بغضب حسب الصحيفة ، واتهم الراوي بانه يريد إنسحاب أمريكي حتى يُمْكِنُ للمتمرّدين أَنْ يُسيطروا على المدينةِ. وذكر الجنرال العراقيَ بأنّ قواتَه حَمتْ المدينةَ لستّة شهورِ بعد سقوطِ نظامِ صدام. وقال له "أنت لم تحمي هذه المدينةِ ولا يُمْكِنُكَ أبَداً عَمَل ذلك.

غير ان الحكومة العراقية ذات الغالبية الشيعية المسيطرة كَانتْ متجاوبةَ أكثرَ إلى الإلتماسِ السنيِ. و إعترفَ موفق الربيعي لصحيفة  لوس أنجليس تايمزُ في Jan 29 بأنّ بأنّ منظماتَ المقاومةِ السنيّةِ الرئيسيةِ كَانتْ في نزاعِ متناقضِ مع القاعدةِ حيث أعلنَ باننا "نحن نَتحدّثُ عن عقيدتين، ".

لكن الذي حَدثَ، عَكستْ القيادة العسكريةَ الأمريكيةَ خَطَّها قريباً على المنظماتِ المُسلَّحةِ السنيّةِ. بدلاً مِنْ أنْ تجعلهم كحل مهم للمشكلةِ المتمثلة بالقاعدةَ، وبَدأَت القيادة العسكريةُ الأمريكية تبدو بالفِعْل انها ليست بِحاجةٍ إلى منظماتِ مُسلَّحةِ سنيّةِ مطلقاً.

ففي لقاءِ توصياته في 9 آذار، أسقطَ لنتش الإمتياز بين المنظماتِ المُسلَّحةِ السنية وبين القاعدةِ.و أعلنَ "بان الشعب العراقي يَتّحدونَ ضدّ التمرّدِ، ". وأضافَ، "علينا ان نتذكّرُ، بان الديمقراطيةَ تَساوي فشلاً للتمرّدِ."

وخلال أي مراجعة لتوصيات القيادةِ الأمريكيةِ منذ ذلك الحين تَكْشفُ بأنّ الناطق بلسانَ القيادةَ تَفادى أيّ تعليق بشكل منظّم يقترحُ بأنّ هناك بديل ثالث في سيطرةِ القاعدةِ على الانبار وإحتلالها بالقوَّاتِ الأمريكيةِ والشيعيّةِ.

وبالمقارنة مع الخَطِّ العسكريِ الرسميِ، إقتبسَ في نيسان الماضي برقيةَ من لندن للضابط الأمريكي الكبير في رمادي، العقيد جون Gronski، بقوله بأنّه كُلّ القتال ضدّ قوّاتِ التحالف في قطاعِه يكون مِن قِبل العراقيين، وذلك، في الشهورِ الخمسة السابقةِ ، ولَيسَ فيهم أجنبي واحد كَانَ قَدْ حُجِزَ في او حول الرمادي. إعترفَ Gronski أيضاً بأنّ المتمرّدين السنّةَ عِنْدَهُمْ دعمُ السكان المحليين وبأنّ الزعماءِ العشائريينِ المحليّينِ إعتبرا المقاومةَ "شرعية."

وبعد ان شُكّلتْ الحكومةِ الجديدةِ تحت رئيسِ الوزراء المالكي في مايسِ2006، ضَغطَ ممثلين من المقاومةِ السنيّةِ رغبتهم في محادثاتِ مع الحكومةِ العراقيةِ. وأبلغتْ الولايات المتحدة في تموزِ 4 بأنّ الحكومةَ تدرس طلب مِنْ بَعْض الزعماءِ المتمرّدينِ المحليّينِ لتَجهيزهم بالأسلحةِ حتى يمكنهم مقاتلة المقاتلين الأجانبَ المُسلَّحينَ بشدّة والذين كَانوا حلفائَهم سابقا."

لكن واشنطن واصلتْ مُعَارَضَة مثل هذه المخططاتِ، طبقاً لأياد السامرائي، المسؤول الأعلى الثاني للحزبِ الإسلاميِ. ففي تقرير نَشرَ في أيلولَ 13، إقتبستْ صحيفة التايمز الصادرة في لندن قول السامرائي انهم عملوا في محافظةِ الانبار على عِدّة إقتراحات قدمت إلى الولايات المتّحدةِ منها بناء "جيش وقوّة شرطة أصلية" في المحافظةِ، ولكن كانت تلك الاقتراحات كانت بلا جدوى.

كان ذلك ما دعا المقاومة العراقية الى الاعتقاد بان الولايات المتحدة  الأمريكية من خلال رفضها تَسْليح السُنّةِ في الانبار، بان ذلك يُساعدُ القاعدةَ بتعمد ولأنها فضّلتْ الفوضى هناك. الا ان المقاومة السنيّة والقاعدة يُمثّلانِ إحراجَ حادَّ إلى الجيشِ الأمريكيِ والإحتلال الشيعي وإدارةِ جورج دبليو بوش. وربما تَحتاجُ واشنطن الى مساعدة المقاومةِ السنيّةِ ضدّ القاعدةِ، ولكن للحُصُول عليها، يَجِبُ أَنْ تعترفَ بأنّه لا تستطيعُ إنْجاز العمل نفسه. لذا اصبح ذلك الخيارِ غير مقبولُ.

امَستْ الحاجةِ لإسْتِكْشاف مخرج دبلوماسي محتمل او البقاء في فوضى يائسةِ في العراق اوالحاجة السياسية المحلية لإبْقاء الديمقراطيين في موقع الدفاع، بان يَلْعبُ الرّئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ونائب الرئيس دكّ تشيني لعبة مزدوجة على قضيةِ جدولة مواعيد للإنسحابِ.

ولعدّة شهور، هاجم ُبوش الأبيض بَعْض الديمقراطيين في الكونجرسِ الذين يدعون إلى جدولة المواعيد لإنسحابِ القوّاتِ مِنْ العراق. وآدانَ تشيني مثل هذه الإقتراحاتِ في  22 حزيران 2006  في مقابلةِ مع سي إن إنِ  حيث اشار بان "أسوأ شيءِ محتملِ الذي يُمْكِنُ أَنْ نَعمَله هو جدولة الانسحاب من العراقُ، وتصوير النظريةَ بأنّ الأمريكان لا يَمتلكونَ القدرة على تحمّل هذه المعركةِ."

لكن في الشهور الستّة الماضية، تابعُت إدارة بوش مفاوضاتَ السلامِ سرَّاً مَع المتمرّدين السنّةِ، والذي فيه قَبولَ من حيث المبدأَ وبشكل واضح بأنّ إتّفاقيةَ السلام النهائيةَ سَتَتضمّنُ جدولا لمواعيد الإنسحابِ الأمريكيِ.

بَدأتْ هذه اللعبة المزدوجةُ عندما أعلنَ السفيرَ الأمريكيَ Zalmay Khalilzad  في تشرين الثاني 2006  بأنّه قد هُيّأَ لفَتْح المفاوضاتِ مَع المتمرّدين السنّةِ، الذين باتوا يعرفون بالوطنيين." وذلك كَانَ بعد أيام قليلة فقط من اعلان الناطقِ للقيادة العسكريةِ الأمريكيةِ في العراق والذي قال بان هدف القوات الامريكية لن يكون هَزيمة" المتمرّدين، كتمييز عن الجماعات المسلحة الأجنبيةِ.

فشل Khalilzad برد إقتِراح البيت الأبيضِ الذي لَمْ يُهيَّئْ لحد الآن أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ او يكون واردُ لدى الإدارةَ ان تُوجّهُ مسؤوليةً تَتضمّنُ وضع جدول مواعيد للإنسحابِ. لكن الذي لَمْ يَعْلنِ عنه بأنّ هذه الادارة غير راغبَة للمُشَارَكَة في اي عملية تحث فيها الحكومةِ العراقيةِ ان تَتحمّلُ مسؤوليةَ هكذا قرار.

       جاءت "خطة مصالحةِ الوطنيةِ" لرئيسِ الوزراء العراقيِ لتدَخلَ الصورةَ. المسوَّدة الأولى مِنْ الخطةِ، التي وُزّعتْ إلى أعضاء العراقيِ البرلمانِ في حزيرانِ 18، تدعو الى دَمجَ العناصرَ المركزيةَ لاسس السلامَ التي كَانتْ قَدْ نوقشتْ في المفاوضاتِ الثلاثيةِ. فمن بين هذه كَانتْ إتفاقيةً على وضع جدولِ مواعيد واضحِ لإنسحابِ القوّاتِ الذي يَأْخذُ في الحسبان إكمالَ العمليةِ لتدريب قوّاتِ الأمن العراقيةِ وأَنْ تَكُونَ مدعومة من قبل قرار من مجلس الأمن التابع للامم المتحدةِ.".

الا ان الجملة حول الحاجةِ الى جدول مواعيد إنسحابِ أُزيلتْ مِنْ النسخةِ النهائيةِ للوثيقةِ التي أصبحتْ علنيّة في حزيران 25، أَو خفّفتْ الى ما بعد إعترافِ بسبب المعارضةِ مِن قِبل زعماءِ الاحزب الشيعةِ.

وعلى الرغم من هذا، فان كبار مسؤولي الولايات المتّحدة في بغداد تحدثوا بتلميحاتَ واضحةَ بأنَّ الولايات المتّحدة تَدْعمُ مفاوضاتَ حول إتّفاقية سلام مستندة على النقاطِ التي كَانتْ قَدْ أُسقطتْ مِنْ المُسوّدةِ الأصليةِ.

       كَشفَ  Khalilzad في مقابلة مع الواشنطن بوستِ في حزيرانَ   28   2006 بان الجنرالِ جورج كايسي، القائد العسكري الأمريكي في العراق، كَانَ عَلى وَشَكِ أَنْ يَجتمعَ برئيسِ الوزراء المالكي لتَشكيل لجنة عراقية أمريكية مشتركة للتَقْرير حول "إنسحاب القوات الأمريكيةِ والشروطِ التي تتَعلّق بخارطة لإنسحابِ نهائيِ للقوات الأمريكيةِ."

وان اللغة في مسوَّدة المالكي الأولى، والتي كان المسؤولون أمريكان بأنفسهم ساعدوا على كتابتها والتَفَاوُض بشانها ، تبْدو فقط كنوع من أرضية مشتركةِ بين السفير الامريكي  Khalilzad وبين كبير القادة الامريكان في العراق وهو الجنرال كايسي ِ.

وقد يَكُون بان كلا من  Khalilzad وكايسي يُهدّفانِ الى مجرّد ابْقاء المتمرّدين الذين إهتمّوا بإتّفاقية سلام بينما يَبقونَ مثل هذه الإتفاقيةِ فقط بعيدة المنال. لكن الؤشرات تشير بأنّ بوش وافقَ على وَضْع الإدارةِ لإتّفاقيةِ سلام نهائيةِ مَع المتمرّدين إذا ظْهرُ ذلك ضروريا لتَفادي كارثة في العراق.

ومهما كان الحساب وراء القبولَ الدبلوماسيَ لجدول مواعيد إنسحابِ، فان بوش وتشيني مصمّمانِ على مُوَاصَلَة هجومِهم بشكل واضح على الديمقراطيين الذين يَدْعونَ إلى جدول مواعيد للإنسحابِ كواَقْع في يدّ الإرهابيين خصوصاً بإقتِراب إنتخابات الكونجرسِ.

لعبة بوش المزدوجة تعمل على ان الديمقراطيين أخفقوا في إثارة النقطةِ الرئيسيةِ التي في جدول مواعيد إنسحابِ والتي لا غنى عنهاُ وهي ابقاء بلاد متوحدة مَع السُنّةِ، وان بوش يَتصرّفُ وفق قاعدةِ حول تلك الحقيقةِ. وإنّ السببَ لذلك الفشلِ البارزِ بأنّ زعماء السياسة الخارجيةِ للديمقراطيين لم يجدوا الضرورة لحَلّ دبلوماسي ووقف الحربِ المركزيةِ من موقعِهم. والذي يَظْهرُ ضعف جدّي ليس فقط على السياسةِ الجوهريةِ ولكن على سياسةِ الأمن القومي .

لم يكن صدام حسين الزعيمَ العالميَ الوحيدَ الذي يمتلك أسلحة الدمار الشاملِ. فهناك الكثير مِنْ البلدانِ التي تمتلك الأسلحةِ النوويةِ القاتلةِ لدرجة أكبر و التي تَتضمّنُ الأمريكيون، روسي، أوكرانيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، جنوب أفريقيا، الهند، وباكستان. وبشكل خاص، تَعهّدتْ إسرائيل أيضاً على امتلاك برنامج نووي وهم لديهم ترسانة صغيرة من القذائفِ القادرة على وُصُول الى العراق. وهم قد اعترفوا الى ان تطويرُهم للأسلحةِ الذرّيةِ صعّدَ الموقف في سباقِ تسلح الشرق الأوسطَ وساعدَ على إثارة تطويرِ صدام حسين للمادة الكيمياويةِ والأسلحة البايولوجية.

بَدأَ الرئيس العراقي صدام حسين وقاتلَ لمدة طويلة، في حرب مَع إيران، قبل غَزْو الكويت ودْفعُ الى حربَ بقيادة الولايات المتحدةَ في الخليج العربي في 1991. لكن أعمالَ صدام حسين وحركاته حُفّزتْ بالحالةِ الجغرافية والسياسيةِ والإقتصاديةِ للعراق وبالخصوماتِ الإقليميةِ التأريخيةِ. وجاءت الحربين الداميَتين واللتان أخفقتَا في طَرْده، في الحقيقة الى ان يقَوّى قبضتَه على القوَّةِ، مما خلق سلام حقيقي للعراق، والشرق الأوسط.

ولكن هذه الحقيقة يُمكنُ أَنْ تَكُونَ غير مناسبةَ, او يُمْكِنُ أَنْ تقفَ في طريق السياسيين المشغولين بالخداعِ والكذب. جورج دبليو بوش وادارته لَهُم من السَنَواتِ ليروّجوا لقضاء وقدرِهم في العراق كالجبهة المركزية في "الحرب على الإرهابِ." وعلى حد قوله (( نحن يَجِبُ أَنْ نُحاربَهم هناك لمَنْعهم من مُحَارَبَتنا هنا،)) .

غير ان إحتلالَ بوش للعراق واللاحقون أدّى إلى إرتفاع في التشدد والراديكاليةِ الإسلاميةِ التي زادتْ التهديدَ بشكّلَ لم يسبق مِن قِبل . وأَصْبَحَ "نزاع العراق 'القضية المشهورةَ' والقصة المحببة للمجاهدين  واعطت زخما لتربية إستياء عميق مِنْ التدخّلِ الأمريكيِ في العالم الاسلامي وزْرعُت المؤيدين لحركةِ المجاهدين العالمية."

أنَّ إحتلال العراق اساء أكثر مما أفاد فقد خلق النزاعِ الطائفيِ الذي وصل إلى العنفِ والفوضى المنتشرةِ، واضاع حاجة الشعب العراقي الى السيادةِ وهناك مخاوفَ من حرب العراق الأهليةِ التي ستَبْقى عاليةً في المناطقِ السنيّةِ والمُخْتَلَطةِ.

وفي تصريح لرامسفيلد في مؤتمر صحفي في وزارة الدفاع الأمريكيةِ. "ان هناك عراقيون جدّد يَنضمّونَ إلى الحربِ كُلّ يوم والعديد منهم، في الحقيقة،لا نَعْرفُ مِنْ أين جاءوا كما لو أنَّ خَرجوا فجأة".وازداد المجال وكثافة المعركةِ في العراق .وقد دعا رامسفيلد بكلماتُ قاسيةُ بال "معارضة جبانة وضيّقة الأفق" ويدعو الحاجة إلى بقاء التدخّلِ الأمريكيِ في العراق. ومن سخرية الامور ان في وقت كتابة هذه الكلمات سمعت نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي في تصريح صحفي له في عمان في تشرين الاول 18 2006 يدعو فيه المقاومة العراقية الى ان يفتحوا افاق تفكيرهم والجلوس الى المفاوضات من جديد.

       واذ اخذنا على حد قول رامسفيلد  ضد نقّاد هذه الحربِ الذين قالوا بأنّنا لا نَستطيعُ أَنْ نُلهمَ الشعب العراقي النُهُوض والكفاح من أجل أنفسهم والذي أثبتوا بانهم خاطئون، " ويضيف الى ان (( هناك خريطة التي تَعْرضُ نزاعاً عبر كامل الأمةِ. ولقد كان هناك الفهمُ العنيدُ الذي يعد تحيتنا كمحررين، غير ان العراقيين لم يكن لهم من معركة معنا لذلك فمن لا يَستطيعُ أَنْ يُدافعَ عن مصالحِه عملياً فقد يوجب لحضورِنا على تربتِهم)).

غير ان تحليل وزارة الدفاعِ أعطىَ علاماتَ حول مستوى المقاتلين العراقيين العالي ِوالروح المعنويةِ التي يحملونها، من إصرار، وتماسك وووحدةِ، و"تحسين بارز " في التصنيع المتفجّر والمُرتَجَل، وإخفاء القنابل في الطرقات، وقَنْص، ومُهاجمةُ نقاط التفتيش ،وكمائن على طراز الفدائيين.

هذا التمرّدَ الغير مركزيَ يَفْسحُ المجال الى نوع مِنْ عنفِ طائفيِ الذي اكبر بكثيرُ خطورة. وهناك خطورة بان العراق سَيَكُونُ لبناننا القادمَ:حرب أهلية تدمي وعنيدة على ما يبدو وتَدُومُ لعقودَ، بسبب الخطاباتِ الخاطئةِ للمثاليةِ البعيدةِ جداً.

استعمال المحرمات ضد المقاومة السنية.  

إعترفتْ وزارة الدفاع الأمريكية بأنّها إستعملتْ الفوسفور ألابيضَ كسلاح كيميائي اضطراري  incendiary ضد هجماتُ المتمرّدين في الفلوجة تشرين الثاني 2004.  ,وشوهد استعمال هذا السلاحَ من قبل فريقِ وثائقيِ إيطاليِ.

وإدّعتْ بَعْض نشرات الأخبارِ بأنّ القوات الأمريكيةِ إستعملتْ قذائفَ فوسفوريةَ "غير شرعيةَ" في الفلوجة. والقذائف الفوسفورية لَمْ تُمْنَعُ. ولكن القوات الأمريكية إستعملتْها بشكل مقتصد جداً في الفلوجة، لأغراضِ الإضاءةِ. او لانهم أُطلقوا النار على الهواءِ لإنارة مواقعِ العدو في الليل، ولم يطلقوها تجاه مقاتلي العدو.

في تشرين الثّاني 10, 2005 لوحظ من خلال بعض المعلوماتِ بان القذائف الفوسفورية البيضاء، التي تُنتجُ الدخانَ، إستعملتْ في الفلوجة لَيستْ للإضاءةِ لكن لفحص الأغراضِ، وبمعنى آخر: حَجْب حركاتِ القوّاتِ، وطبقاً لمقالةِ , “معركة الفلوجة ,” في آذارِ 2005 في مجلةِ مدفعيةِ الميدان , ان استخدام هذا “ كسلاح نفسي فعّال ضدّ المتمرّدين في خطوطِ الخنادقِ وفتحاتِ التجسس …. ” وتُصرّحُ المقالةَ بأنّ القوات الأمريكيةِ إستعملتْ دوراتَ فوسفوريةَ بيضاءَ ((لتَنظيف مقاتلي العدو لكي يُمْكِنُهم قتلهم بدوراتِ المتفجر القوي).

غير ان تأريخِ الفوسفور الأبيضِ كسلاح كان قد حرم دوليا فقد وقّع ثمانون بلدُا البندً الثّالث مِنْ إتفاقيةِ 1980 على الأسلحةِ التقليديةِ، والتي تَمْنعُ إستعمالَها كسلاح اضطراري incendiary ضدّ السكانِ المدنيين. غير ان الولايات المتّحدة رَفضتْ على التوقيع على المعاهدةِ ذلك لان هذا السلاح هو عبارة عن مادة كيمياوية وهي كسلاح (يُحرقُ اللحمَ بشكل مرعب جداً)، وهو لَمْ يُعتَبرْ تقنياً “ كسلاح كيميائي. ”.

من جانب اخر خَرجتْ القصص مِنْ سجن ابو غريب وقد أعطتْ دفعا إلى التمرّدِ العراقيِ، فهو برهان على وحشيةِ المحتلين الأمريكانِ الذي يُمْكِنُ أَنْ يُستَعرضَ عبر شاشاتِ الجزيرة. وقد عرضت بشكل مفصل الى أغراض التعذيبِ الحقيقيةِ وألاساسية الكثيرة والتي تشير عادة الى: الإنتقام، ووَحْشيَّة القاعدةَ والإذلالَ.    

في كُلّ يوم تقريباً ، يموت عدد من جنود البحرية ألامريكية في العراق، وبدرجة أكبر اعداد من الجرحى وهذا يدعو في عدّة أشكالِ الى ممارسة انواع كثيرة من ممارسة التعذيب الوحشي ضد المدنيين او مما يعتقد من المشتبه بهم بتهمة الارهاب . ورغم ما اثارت تلك الممارسات من ردود افعال الا ان المؤسسات الامريكية  كالجيش والكونجرس يَعْرفانِ مدى الضجّةَ وحجم الذي يُحشّدَ الى ما يمكن من الإحتجاجاتَ التي قد تَنفجرُ. وتأثير ذلك في المدى القريبَ سَيَكُونُ إجراءاتَ أكثر إهمالاً على الأرضِ، كما وأيضاً قد يدفع بِضْعَة جنود الى ان  يُخفّفوا أيضاً من سلوكهم طرقاً مختصرة قد تؤدي إلى الوفيّاتِ الغير ضروريةِ والى أعمال وحشية أكثرِ في السجونِ.          

       نشرت الواشنطن بوستِ ، بان ادارة بوش تُواجهُ موجة من الإدعاءاتِ الجديدةِ التي تنحصر في سوءِ معاملة المحجوزين الأجانبِ في المؤسسة العسكريةِ الأمريكيةِ وانها كَانتْ واسعة الإنتشارَ باكثر كثير مما نشر لحد الان ، وقد تَفاوتتَ في السَنَوات الثلاث الماضية في وزارة الدّفاعِ حجم تلك الانتهاكات والتي بقيت لمدة طويلة. وقد فضح إلاتحاد ألامريكي للحقوق المدنيةِ المدى الذي وصل اليه التعذيبِ الأمريكيِ في العراق.

لقد راينا اليوم المدى الذي وصلت اليه تآكلِ القِيَمِ الأمريكيةِ على ساحاتِ معركة في ما يسمى “ الحرب على الإرهابِ. ” واصبح من السّهلِ جداً رُؤية كَمْ وصلت اليه الحريات الأمريكية  لِكي يكُونَوا قادرين على القيام بالأعمال الوحشية الإنسانيةِ التي تباها بها الغرب بعد احداث نيسان 2003.

وقد يعكس الرقم الهائل لعدد القتلى في العراق، منذ الاجتياح الاميركي البريطاني للبلاد، والذي قدمه تقرير مجلة «لانست» الطبية البريطانية، والذي يخفي عجزا كبيرا من جانب وسائل الاعلام المحلية والاجنبية على حد سواء، وعجزا مماثلا من جانب الهيئات الحكومية وتلك الانسانية الناشطة في البلاد في ما يشبه التواطؤ؟ وهو سؤال يطرحه  اي متتبع للاحداث في العراق بعدما فاق العدد الذي قدمته دراسة «لانست» (655 الف قتيل).

ويمكن ان نخلص في هذا التقرير الى استنتاجات عدة منها الى ان من المتوسط ان هناك الف عراقي قتلوا في اعمال عنف كل يوم خاصة في النصف الاول من عام 2006، وان اقل من عشرة من هؤلاء يتم الاخبار عن وفاتهم عبر آلية معروفة. وبناء على ذلك يقدر باحثوا الدراسة وجود 150 حالة وفاة باعمال عنف يوميا لم يتم الابلاغ عنها، او نقلها عبر أي آلية معترف بها. ذلك لانها عائدة الى اعمال قتل سرية، تتمثل بالخطف او الاعدامات الجماعية وفي المناطق البعيدة عن العاصمة او التي لا يمكن الوصول اليها, والتي من المرجح ان تبقى بهذا المستوى او بازدياد حاد في المستقبل المنظور.

كذلك تخلص الدراسة الى ان ثلث هذا العدد من القتلى جاء عن طريق القتل المباشر من قبل القوات الامريكية في العراق في اعمالها الحربية في المناطق الوسطى من العراق وهذا ما يدعونا الى الاستنتاج الى ان العدد الهائل من القتلى هو محصور في المناطق الوسطى من العراق وليس في المناطق الشمالية الكردية والتي تشهد استقرارا ملحوظا او بنسبة اقل في المناطق الجنوبية.

مما يعني ان نسبة القتلى واضعافهم من الجرحى ودونهم من المعتقلين في سجون الاحتلال او سجون الحكومة العراقية بالنسبة الى اعداد سكان المناطق الوسطى من العراق ربما يتجاوز اكثر من 20%  من عدد السكان وليس 2.5% كما اشيع وغالبيتهم من السنة العراقيين اذا اخذنا بنظر الاعتبار الى ان الغالبية المطلقة من المعتقلين هم من السنة وكذلك الى ان اغلب الاعمال الحربية جرت وتجري في مناطق المعادية للاحتلال.

كذلك، ان نتائج دراسة «لانست»، تعني ان نصف مليون شهادة وفاة تتلقاها عائلات عراقية لا يسجل اصدارها رسميا، في حين انه حتى (حزيران) 2006، بلغت ارقام الوفيات، التي قدمتها وزارة الصحة العراقية ومشرحة بغداد، ما يقارب الخمسين الف وفاة. مما يعني ان هناك جهدا للتغطية على هذه الوفيات الكثيرة والوثائق المرتبطة بها.

 وبحسب دراسة «لانست»، التي اعدها فريق من الباحثين العراقيين والاميركيين من جامعتي المستنصرية في بغداد وجون هوبكنز في الولايات المتحدة، فان قوات التحالف قتلت عددا اكبر من العراقيين في العام الاخير منها في الاعوام الاولى للغزو، وما شهده من هجمات ضخمة.

ولكن هذه الاستتناجات، التي توصلت اليها دراسة «لانست» الجدلية في حال تبين انها صحيحة فانها تكشف عدم كفاءة او تزوير على مستوى واسع من جانب الهيئات العراقية، من المستشفيات الى الوزارات، في جهد منسق منذ بداية من قبل الاحتلال .

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.