14 Jul
14Jul


د. مـحـمـد مـصـطـفـى

يجد المراقب للشأن العراقي ان متغيرات المشهد السياسي العراقي تقود الوضع العام في العراق الى مفترق طريق اما ان تؤسس العملية السياسية على اسس سليمة وتكون نقطة البداية منها او ان تقود الازمة الى ازمة جديدة تؤدي الى انفلات الوضع للفوضى السياسية العارمة وهذا الامر قد يقود الى الحرب الاهلية.

استهلال سياسي

اذا ما اردنا قراءة هذا المشهد سنجد ان العملية السياسية وما رافقها من مطبات ومن استأثار بالسلطة لدى البعض وممارسة سياسيات الاقصاء الفكري والسياسي والاجتماعي وحتى الجسدي وسارت هذه العملية على اجساد العديد من ابناء هذا الوطن الذين كانوا وقود لمحرقة الحكومة ، نقول ان هذه العملية السياسية شهدت مرحلة الانتخابات التي رأت كافة الاطراف السياسية ان خوضها والمشاركة في العمل السياسي هو يمثل بمثابة الفرصة الاخيرة التي يمكن ان تشهد اعادة لبناء الدولة على اسس اللحمة الوطنية وبما يعزز الوحدة ويقصى الفرقة الطائفية التي حصلت ، وجرت الانتخابات في ظروف انعدمت فيها نسبة كبيرة من النزاهة وتجسد الامر واضحاً مع اعلان نتائج الانتخابات وما رافق ذلك من ازمة ثقة وازمة سياسية تمثلت برفض نتائج الانتخابات لدى بعض الكتل السياسية ، ولخطورة المرحلة ومتطلباتها الوطنية كان لابد من تجاوز الامر والاندفاع مجدداً لتفعيل العملية السياسية.

ويمكن القول ان الخروج من ازمة التي رافقت اعلان نتائج الانتخابات تم تجاوزها على اساس تفاهمات سياسية اساسية بين اغلب الكتل المعترضة وكذلك القوى الاخرى ومنها كتلة التحالف الكردستاني وبايحاء امريكي واضح في الترويج للامر والدفع به الى الامام ، وفحوى هذه التفاهمات ان الوضع السياسي في العراق يشكل خطر كبير على مستقبل الدولة وان ما قامت به الحكومة الحالية ( حكومة د. الجعفري ) قد قادت البلاد الى حالة من الاحتقان والانفلات الامني والضعف ، وان بداية المرحلة القادمة يصعب تحقيقها على ارض الواقع الذي خلفته تلك الجكومة وبالتالي لابد اعادة النظر بمرتكزات الدولة والسعي الى اقامتها على اساس جديد يتمحور حول اهمية تحقيق قاعدة التوازن السياسي للقرار السياسي داخل صلب العملية السياسية وهذا الامر بالطبع يعني اشراك كافة القوى في بوتقة المعادلة السياسية الجديدة المفترضة.

وقد تم الترويج لمفهوم اصبح مفهوم مشترك لدى جميع القوى السياسية وهي حكومة الوحدة الوطنية التي تعني مشاركة وتقاسم للسلطة السياسية وفق قاعدة التوافق والتوازن السياسي بما يهيء ايجاد ارضية مستقرة للقرار السياسي الوطني وضمن الية تكون قادرة على تحقيق التوافق الوطني المطلوب.

وان النظر للحالة العراقية على وفق المنحى الذي تم التطرق له يقودنا الى البحث عن السبل التي يمكن ان تحقق اتفاق الاطراف وتضع الاليات لمعالجة الازمات التي قد تظهر مع قيام كل انتخابات او تشكيل كل حكومة وان يتم ايجاد تفاهمات تتحول الى اعراف دستورية واضحة لا يمكن تخطيها وهذا لا يتحقق الى من خلال اقرار عقد وطني متكامل من حيث المبادئ والصياغة والاليات وايجاد الهيئات التي تشرف على تطبيق الاتفاق والمراقبة والتحكيم لكل ما يتعلق بجوانب الاتفاق.

العقد الوطني ضرورة مرحلة 

فكرة العقد الوطني تفترض ان ادارة الدولة العراقية الجديدة تحتاج الى الاتفاق على مبادئ اساسية تحترم بين جميع الاطراف وان يتم تدعيم مثل هذا الاتفاق من خلال اطراف دولية كالامم المتحدة والجامعة العربية ويتم التوصل الى هذا العقد من خلال الاتفاق الحكومي المفترض بين الاطراف السياسية الداخلة في تشكيل الحكومة باعتبارها القوى الاساس الممثلة للشعب العراقي وان يقوم العقد على اساس الاستحقاق الوطني كون الامر لايتعلق بالانتخابات وما افرزته من نتائج بل يتعلق بالرؤيا التي تحكم ادارة الدولة بين الاطراف السياسين.

مبادئ ومنطلقات

ونعتقد ان ابرز المبادئ التي يجب ان يتضمنها العقد الوطني هي:

بناء القرار السياسي على قاعدة من التوازن الوطني وهذا يتحقق عبر قاعدة التوافق الوطني.

ادارة الدولة ادارة صحيحة وسليمة وهذا لا يتأتى الا من خلال اخضاع مؤسسات الدولة الى قاعدة التوازن الوطني.

لا يتحقق الاستقرار السياسي في البلاد الا من خلال قناعة الاطراف بعقم سياسية الاقصاء والتهميش والعمل على تجنب ذلك من خلال الوحدة الوطنية.

البحث عن اليات

ان ادارك وقناعة الاطراف بمثل هذه المبادئ يهيء الارضية الى فتح الحوارات الوطنية بين هذه الاطراف من خلال البحث عن الاليات التي يجب ان تُفعل بها هذه المبادئ بغية انزالها على ارض الواقع ويمكن الاشارة هنا الى ان الدستور الجديد قد جمع اغلب الصلاحيات بيد رئيس الوزارء اي جعل قاعدة اتخاذ القرار ضيقة ومحصورة ضمن شخص واحد او لنقل توجه واحد وهذا الامر يتطلب ايجاد هيئة تتخذ على عاتقها ان توسع دائرة صنع القرار السياسي الوطني، وكذلك فان الحاجة الوطنية تفترض ايجاد هيئة تتولى مهمة اعادة التوازن الوطني لكل مؤسسات الدولة وخاصة في الاجهزة الامنية والعسكرية.

ان المسعى الحالي لو تحقق فيه هذا الجانب وتم التوصل الى ايجاد مثل هذا الاتفاق على صعيد ادارة الدولة العراقية فانه قد يهيء الوضع العراقي الى ايجاد نقلة نوعية في الملف السياسي والملف الامني والسعي الى تحقيق حياة سياسية مستقرة ، غير ان هذا الامر يواجهه تحديات عديدة ابرزها ان الوضع في العراق وبرامج بعض الاطراف مرتبطة باجندة خارجية واقليمية وهي بالضرورة تعمل بالضد من مثل هذا السيناريو التوافقي الوطني.

ولكن تبقى تجاذبات المرحلة القادمة وما يرافقها من احداث سياسية محتملة الوقوع تلعب دور اساسي في تقرير رجحان كفة وجود مثل هذا العقد الوطني او ان يقود التدهور الامني وتمسك البعض من الاطراف في بوتقة الاطراف الخارجية الى ايجاد حالة من الفوضى قد لايحمد عقباها

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.